شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية

سَوّار النَّهْميّ الهَمْدانيّ

1 المشاركات 05.0 / 5

مَن هو سَوّار ؟

هو سَوّار بن منعم بن حابس بن أبي عُمَير بن نَهْم الهَمْدانيّ النَّهْميّ(1)، والنَّهْميّ من نَهْم بن عَمْرو، بطنٌ من هَمْدان، من القحطانيّة ( عرب الجنوب في اليمن )(2).

 

الالتحاق

وكان سَوّار النَّهْميّ رضوان الله تعالى عليه ممّن استطاع أن يلتحق بالركب الحسينيّ الشريف أيّام الهُدنة، وهي الأيّام المنحصرة بين التقاء جيش الحرّ بن يزيد الرياحيّ رضوان الله عليه في ألف فارس وجيش الإمام الحسين سلام الله عليه في بضع عشرة فارساً.. إلى اليوم العاشر من محرّم عام 61 هجريّة في ساحة طفّ كربلاء.
وكان الإمام أبو عبدالله الحسين عليه السّلام قد سار من ( بطن العقبة ) حتّى نزل ( شَرافاً )(3)، وعند السَّحَر أمَرَ فِتْيانَه أن يَسْتَقوا من الماء ويُكثِروا، وفي نصف النهار سمع رجلاً من أصحابه يكبّر، فسأله الإمام الحسين عليه السّلام: لِمَ كَبّرت ؟ قال: رأيتُ النخل. فأنكر مَن معه أن يكون بهذا الموضع نخل، وإنّما هو أسِنّة الرماح وآذان الخيل تلوح من بعيد. فقال الإمام الحسين: وأنا أراه ذلك. ثمّ سألهم عليه السّلام عن ملجأٍ يلجأون إليه، فقالوا: هذا ( ذو حُسَم )(4) عن يسارك فهو كما تريد. فسَبَق إليه الإمامُ الحسين عليه السّلام وضرَبَ خيامه هناك.
وطلَعَ الحرُّ الرياحيّ مع ألف فارس بعَثَه عبيدُالله بن زياد؛ ليحبس الحسينَ صلوات الله عليه عن الرجوع إلى المدينة، أو يَقْدِمَ به الكوفة، فوقف الحُرُّ وأصحابه مقابل الإمام الحسين عليه السّلام في حَرّ الظهيرة. فلمّا رأى سيّدُ شباب أهل الجنّة عليه السّلام ما بالقوم ( الحُرِّ وأصحابهِ ) مِن العطش، أمر أصحابَه أن يَسْقوهم ويرشّفوا الخيل. فسَقَوهم وخيولَهم عن آخِرِهم(5).
وتَسايَر الجيشان.. ولم يكن في نيّة الحرّ الرياحيّ أن يُحرجَ جيشَ الإمام الحسين عليه السّلام، كما لم يكن في قلبه لسيّد الشهداء عليه السّلام إلاّ المحبّة والإجلال.. حتّى نزلا كربلاء في الثاني من المحرّم، وكان الإمام الحسين صلوات الله عليه يخطب في جيش الحرّ، حتّى قال لهم: أيُّها الناس، إنّكم إن تتّقوا اللهَ وتَعرفوا الحقَّ لأهله، يكُنْ أرضى لله. ونحن أهلَ بيت محمّدٍ صلّى الله عليه وآله أَولى بولاية هذا الأمر من هؤلاء المدَّعين ما ليس لهم، والسائرين بالجور والعدوان، وإن أبَيتُم إلاّ الكراهيةَ لنا والجهلَ بحقّنا، وكان رأيُكمُ الآن على غير ما أتَتْني به كتبكُم، انصرفتُ عنكم.
فقال الحرّ: ما أدري ما هذه الكتبُ التي تذكرها ؟
فأمر الحسين سلام الله عليه عُقبةَ بن سمعان، فأخرج خُرجَينِ مملوءَين كتباً. فقال الحُرّ: إنّي لستُ مِن هؤلاء، وإنّي أُمِرتُ ألاّ أُفارقَك إذا لقيتُك حتّى أقْدِمَك الكوفةَ على ابن زياد.
فأجابه الحسين عليه السّلام: الموتُ أدنى إليك مِن ذلك. وأمر عليه السّلام أصحابه بالركوب، فحالَ الحرُّ بينهم وبين الانصراف إلى المدينة، فقال له الإمام الحسين عليه السّلام: ثَكَلَتْك أُمُّك، ما تُريد منّا ؟!
قال الحرّ: أمَا لو غيرُك من العرب يقولها لي، وهو على مِثْل هذا الحال، ما تركتُ ذِكْرَ أُمّه بالثُّكْل، كائناً مَن كان! واللهِ ما لي إلى ذِكْر أُمِّك مِن سبيلٍ إلاّ بأحسنِ ما نَقْدر عليه. ولكنْ خُذْ طريقاً نَصَفاً بيننا، لا يُدخلك الكوفة، ولا يَردُّك إلى المدينة.. حتّى أكتب إلى ابن زياد؛ فلعلّ اللهَ أن يرزقني العافية، ولا يبتليَني بشيءٍ مِن أمرك(6).
وتلك هي أيّام الهدنة، حتّى كان القتال يومَ عاشوراء، وفي تلك كان سَوّار النَّهْميّ قد التحق بإمامه الحسين عليه السّلام وانضمّ إلى أصحابه الميامين.

 

النِّزال.. القِتال

ذكر المؤرّخون وأصحاب السِّيَر.. أنّ سَوّار بن مُنعم الهَمْدانيّ رضوان الله عليه قد قاتل في الحملة الأولى قتالاً شديداً حتّى ارتُثّ بالجراح(7)، فصُرِع على الأرض ولم يُستَشْهد، فأُخذ أسيراً وجيء به إلى عمر بن سعد، فأراد ابنُ سعد قَتْلَه في ساحة المعركة، إلاّ أنّ قومَ سَوّار من الهَمْدانيّين تشفّعوا فيه فشفَّعَهم؛ فبقيَ عند جيش ابن سعدٍ أسيراً جريحاً يعاني من آلامه، حتّى تُوفّيَ شهيداً رضوان الله تعالى عليه(8).
قال بعض المؤرّخين: إنّ سَوّار بن مُنْعم النّهمْيّ رحمه الله بقيَ أسيراً حتّى تُوفّي، أي لم يُطْلَق سراحه جريحاً، وإنّما كانت شفاعةُ قومه فيه هي الدفعَ عن قتله، فبقي أسيراً جريحاً حتّى فاضت روحه الطاهرة بعد ستّة أشهر ـ كما قيل(9).
ويُستَدَلّ على ذلك ويشهد له.. ما جاء في زيارة الإمام المهديّ المنتظَر ( عجّل الله تعالى فَرَحَه الشريف ) لشهداء كربلاء يوم عاشوراء، قوله:
اَلسّلامُ على الجَريحِ المأسورِ سَوّارِ بن أبي حُمَير(10) النَّهْميّ الهَمْدانيّ، اَلسّلامُ على المَرتَثِّ مَعَه عَمْرِو بنِ عبدِاللهِ الجُنْدَعيّ(11).

----------------
1 ـ ذكره الشيخ الطوسيّ في ( رجاله 74 )؛ وابن شهرآشوب في ( مناقب آل أبي طالب 113:4 ) بهذا الاسم: سَوّار بن أبي عُمَير الفهميّ، والشيخ المجلسيّ في ( بحار الأنوار 73:45 ) باسم: سَوّار بن أبي حُمَير، والسيّد الخوئيّ في ( معجم رجال الحديث 322:8 ) مرّةً باسم: سَوّار بن أبي عمير، ومرّة باسم: سوّار بن المنعم، وعدّهما رجلين، والظاهر هو نفسه مع تعدّد الاسم تصحيفاً. فيما ذكره السيّد المقرّم في ( مقتل الحسين عليه السّلام 254 ) هكذا: قاتَل سَوّار بن أبي حُمَير مِن ولْد فَهْم بن جابر بن عبدالله بن قادم الفَهْميّ الهَمْدانيّ قتالاً شديداً..
2 ـ إبصار العين في أنصار الحسين عليه السّلام للشيخ محمّد السماويّ 80. العيون العبرى في مقتل سيّد الشهداء للسيّد إبراهيم الميانجيّ 149. والفَهْميّ تصحيف واضح.
3 ـ سُمّي المكان هذا باسم رجل يُقال له شَراف، استخرج عيناً ثمّ حدثت آبارٌ كثيرة ماؤه عذب ـ معجم البلدان لياقوت الحمويّ.
4 ـ جبل كان النعمان بن المنذر يصطاد به.
5 ـ مقتل الحسين عليه السّلام للخوارزميّ 230:1 ـ الفصل 11 ؛ تاريخ الطبريّ 226:6.
6 ـ الإرشاد للشيخ المفيد 224 ـ 225؛ مناقب آل أبي طالب 193:2 ؛ مقتل الحسين عليه السّلام للخوارزميّ 230:1.
7 ـ رجال الشيخ الطوسيّ 74؛ مناقب آل أبي طالب 113:4 ؛ الإكليل للهَمدانيّ 103:10. وارتُثّ: أي حُمِل من ساحة المعركة جريحاً وبه رَمَق.
8 ـ الحدائق الورديّة لليمانيّ ـ مخطوط؛ الإكليل 103:10 ؛ إبصار العين 80.
9 ـ يراجع: إبصار العين 80؛ العيون العبرى 149؛ الحدائق الورديّة.
10 ـ لعلّه هو منعم.
11 ـ إقبال الأعمال للسيّد ابن طاووس 577.

أضف تعليقك

تعليقات القراء

ليس هناك تعليقات
*
*

شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية