شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية

زهير بن بِشر الخَثْعَميّ

2 المشاركات 04.5 / 5

هكذا

اسمه في ( بحار الأنوار 72:45 ) للشيخ المجلسيّ، وفي بعض النُّسَخ: زهير بن سليم الأزديّ، ويُرجّح اتّحاد الاسمين في الشخص ذاته، حيث تختلف النُّسَخ الخطيّة فيكون اسم أبيه بِشْراً مرّة ـ كما في معظم المصادر ـ وبشيراً مرّةً أخرى ـ كما في الزيار الرجبيّة ـ والظاهر هو نفسه هذا الشهيد الملقّب بـ ( الخَثْعَميّ ): من خَثْعَم بن أنمار بن أراش، قبيلة من القحطانية من عرب الجنوب في اليمن.

 

قصّة هذا الشهيد

كان زهير ممّن جاء إلى الإمام الحسين عليه السّلام في الليلة العاشرة، أي ليلة عاشوراء، عندما رأى تصميم القوم على قتال سيّد شباب أهل الجنّة.. كيف ؟
أقبَلَ الحُرّ بن يزيد الرياحيّ على عمر بن سعد وقال له:
ـ أمُقاتِلٌ أنت هذا الرجلَ ؟ ( أي الحسينَ سلام الله عليه ).
ـ إي واللهِ، قتالاً أيسَرُه أن تَسقُطَ فيه الرؤوس، وتَطيحَ فيه الأيدي!
ـ ما لكم فيما عَرَضه عليكم من الخصال ؟
ـ لو كان الأمر إليَّ لَقَبِلتُ، ولكنّ أميرَك أبى ذلك.
فتركه الحرُّ ووقف مع الناس.. حتّى حانت فرصته فانحاز إلى معسكر الإمام الحسين عليه السّلام(1).
كان ذلك يوم عاشوراء.. أمّا يوم تاسوعاء، فقد نهض عمر بن سعد عشيّةَ الخميس لتسعٍ خَلَوْن من المحرّم، ونادى في عسكره نحو الحسين عليه السّلام، وكان الإمام الحسين سلام الله عليه جالساً أمام خيمته مُحتَبياً بسيفه، وخَفَق برأسه الشريف فرأى رسولَ الله صلّى الله عليه وآله يقول له: إنّك صائرٌ إلينا عن قريب. فقال لأخيه العباس: اركَبْ بنفسي أنت، حتّى تلقاهم، واسألْهم عمّا جاءهم وما الذي يريدون ؟ فركبَ العبّاس في عشرين فارساً، وسألهم عن ذلك، فقالوا: جاء أمرُ الأمير أن نعرضَ عليكم النزولَ على حُكمه، أو نُنازلكم الحرب!
وأعلَمَ العبّاسُ أخاه أبا عبدالله الحسينَ عليه السّلام بما عليه القوم، فقال: ارجِعْ إليهم واستَمهلْهم هذه العشيّةَ إلى غدٍ، لعلّنا نصلّي لربّنا الليلةَ وندعوه ونستغفره؛ فهو يعلم أنّي أُحبّ الصلاةَ له وتلاوةَ كتابه وكثرةَ الدعاء والاستغفار. فرجع العباسُ عليه السّلام واسمهَلَهمُ العشيّة، فتوقّف عمرُ بن سعد عن الزحف، وسأل الناسَ.. فقال عمرو بن الحجّاج: سبحانَ الله! لو كانوا من الدَّيلم وسألوك هذا لكانَ ينبغي لك أن تُجيبهم إليه. وقال قيس بن الأشعث: أجِبْهم إلى ما سألوك، فلَعَمري ليستقبلك بالقتال غَدْوة! فقال ابن سعد: واللهِ لو أعلم أنّه يفعل ما أخّرتُهم العشيّة. ثمّ بعث عمر بن سعد إلى الحسين عليه السّلام: إنّا أجَّلْناكم إلى غد، فإنِ استسلمتُم سرّحنا بكم إلى الأمير ابن زياد، وإن أبيتُم فلَسْنا تاركيكم(2).
وكانت تلك الليلة فرصةً غنيمةً أن تنتقل جماعةٌ متحيّرة من معسكر الضّلال والضالّ عمر بن سعد إلى معسكر الهداية والهادي أبي عبدالله الحسين بن عليّ صلوات الله عليهما، وكانت تلك الجماعة لا تتصوّر من قبل أنّ قتالاً سيقع، فلمّا أيقنت حكّمتْ ضمائرَها، واستَهدَتْ بصائرَها، فاختارت السعادة الأبديّة. وكان من تلك الجماعة التي زحفت في ليلة عاشوراء.. زهير بن بِشْر الخَثعميّ رضوان الله عليه، الذي انضمّ إلى الركب الحسينيّ، واصطفّ إلى جند الإمام الحسين عليه السّلام مستقبلاً الشهادة، ومستبشراً بالسعادة.

 

التقدّم

بعد أن انضمّ زهير بن بشر إلى أصحابه الأزْديّين الذين كانوا مع سيّد الشهداء أبي عبدالله الحسين عليه السّلام، تقدّم يومَ الطفّ للقتال، حتّى إذا كانت الحملة الأولى مِن معركة كربلاء، نهض زهير فيمَن نهض بعد رَشْق القوم إيّاهم بوابلٍ من السِّهام، فحمَلَ مع الأصحاب حملةً واحدة، واقتتل ساعةً حتّى قامت غُبرةٌ عاليةٌ كثيفة.. ما انجَلَتْ إلاّ عن خمسين شهيداً(3)، ومِن بين هؤلاء الشهداء السعداء.. كان زهير بن بشر رحمه الله(4).
وفيه يقول الفضل بن العبّاس بن ربيعة بن الحرث بن عبدالمطّلب مِن قصيدته التي ينعى بها على بني أُميّة أفعالَهم:

أَرجِعُوا عامـراً ورُدُّوا زهيراً   ثمّ عثمـانَ فآرجِعوا غـارمينا
وآرجِعوا الحُرَّ وابنَ قَينٍ وقوماً   قُتِلوا حين جـاوَروا صِفِّـينـا
أين عَمْـروٌ وأين بِشْـرٌ وقَتلى   منهمُ بالعـراءِ ما يُدفَنُـونا ؟!

عنى بعامر: العبديّ، وبزهير: هذا ابنَ بِشْر، وبعثمان: أخا الحسين عليه السّلام ابن أمّ البنين عليها السّلام، وبالحرّ: ابنَ يزيدٍ الرياحيّ، وبابن القَين: زهير البَجَليّ، وبعَمْرو: ابنَ خالد الصَّيداويّ، وبِبِشْر: ابنَ عَمْروٍ الحضرميّ(5).

وفي زيارته لشهداء طفّ كربلاء، يوم عاشوراء، يقول خاتَمُ الأوصياء، الحجّةُ المهديّ أرواحناه له الفداء: السّلامُ عَلى زُهَيرِ بنِ بِشْرِ الخَثْعَميّ(6).

--------------
1 ـ تاريخ الطبريّ 244:6 ؛ اللهوف في قتلى الطفوف للسيّد ابن طاووس 44 ـ 45؛ أمالي الصدوق / المجلس 30 ص 93 ، 97 ؛ روضة الواعظين للفتّال النيسابوريّ 159؛ مثير الأحزان لابن نما 31؛ مقتل الحسين عليه السّلام للخوارزميّ 9:2.
2 ـ تاريخ الطبريّ 237:6 ؛ روضة الواعظين 157؛ البداية والنهاية لابن كثير 176:8 ؛ الإرشاد للشيخ المفيد 230 ـ 231.
3 ـ بحار الأنوار 12:45 ـ عن الراوي محمّد بن أبي طالب، واللهوف 43 ـ 44.
4 ـ مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب 113:4 ؛ إبصار العين في أنصار الحسين عليه السّلام للشيخ محمّد السماويّ 109؛ العيون العبرى للسيّد إبراهيم الميانجيّ 109 ـ 110.
5 ـ إبصار العين 109.
6 ـ إقبال الأعمال للسيّد ابن طاووس 576.

أضف تعليقك

تعليقات القراء

ليس هناك تعليقات
*
*

شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية