شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية

أنَسُ بنُ الحارثِ الكاهليّ الأسديّ

2 المشاركات 05.0 / 5

اِنّه

أنَسُ بن الحارث بن نبيه بن كاهل بن عَمْرو بن صعب بن أسد بن خُزَيمة(1)، الأسديّ الكاهليّ(2)، وهو مِن عداد الكوفيّين، فقد ذكر ابنُ سعد أنّ منازل بني كاهل كانت في الكوفة(3).
وأنس هذا رضوان الله عليه، شيخٌ كبير السنّ ذو منزلةٍ اجتماعيّةٍ عالية، بحُكْم كونه صحابيّاً، رأى النبيَّ صلّى الله عليه وآله وسمع حديثَه، بل وكان ممّا حدّث به ما رواه عنه جَمٌّ غفير من العامّة والخاصّة، أنّه قال:
سمعتُ رسولَ الله صلّى الله عليه وآله يقول ـ والحسينُ بن عليٍّ في حِجْرِه ـ: إنّ آبني هذا يُقتَل بأرض العراق، ألاَ فَمَن شَهِده فَلْيَنصُره.
وكان أنس بن الحارث الكاهليّ ممّن صدّق ما روى، حيث شهد الإمامَ الحسين عليه السّلام في العراق فنصره.
وقبل ذلك.. شَهِد أنسُ بن الحارث بدراً وحُنيناً مع رسول الله صلّى الله عليه وآله، ثمّ بعده والى أهلَ بيته عليهم السّلام(4).

 

اللقاء.. والإذْن

عندما سمع أنسُ بن الحارث الأسديّ رضوان الله عليه بمَقْدَم الإمام الحسين إلى كربلاء.. خرج من الكوفة والتقى معه ليلاً، حيث أدركَتْه السعادة، فانضمّ إلى الركب الحسينيّ الذي استعدّ للنِّزال، بل للشهادة في درجاتها الرفيعة(5).
ويبدو أنّ أنس بن الحارث الكاهليّ الأسديّ كان مُتأهّباً للقتال، مُصطفّاً مع إخوانه أصحاب سيّد الشهداء عليه السّلام ينتظر الفرصة والإذن، حتّى إذا حان أوانه تَقَدّم.. فاستأذنَ الحسينَ عليه السّلام وهو شادٌّ وسَطَه بعمامةٍ له، وكان دعا بعصابةٍ فعَصّبَ بها حاجبَيه وقد تهدّلا على عينيه لِكبَر سِنّه، فرفع بالعصابة حاجبيه عن عينيه، فلمّا نظر الإمامُ الحسين عليه السّلام إلى أنس بهذه الهيئة وقد تقدّم يستأذنه، بكى عليه السّلام وقال له:
ـ شَكَرَ اللهُ لك يا شيخ(6).

 

البروز.. والشهادة

برز الشيخ المسنّ أنس بن الحارث الأسديّ رضوان الله عليه إلى ساحة كربلاء، وهو يرتجز ويقول:

قـد عَلِمتْ كاهِلُها ودُودانْ(7)   والخِنْدِفيّـونَ وقَيسُ عَيْـلانْ
بـأنّ قومـي آفـةٌ الأقـرانِ   لدى الوغى.. وسادةُ الفرسانِ
مبـاشِرو المـوتِ بطَعْنٍ آنِ   لسنا نَرى العَجْزَ عنِ الطِّعانِ
آلُ علـيٍّ شيعـةُ الـرحمانِ   وآلُ حَـرْبٍ شيعـةُ الشيطانِ

ثمّ حَمَلَ أنسُ بن الحارث الكاهليُّ الأسديّ رحمه الله على القوم يقاتلهم.. حتّى قتَل مَنهمَ على كِبرَ سنّه أربعة عشر شخصاً، وقيل: ثمانية عشر رجلاً، ثمّ قُتِل شهيداً رضوان الله عليه(8).

 

آهات

وفي الإمام الحسين عليه السّلام وأصحابه ـ ومنهم أنس ـ يقول الشاعر:

بأبي أبـيَّ الضّيْمِ حامي حوزةِ الـ   إسـلامِ.. والإسـلامُ يطلب حامِيَه
فـي عُصبةٍ كَرِهـوا الحيـاةَ بِذِلّةٍ   واستَبدلوا عنـها الحيـاةَ البـاقيَـةْ
بأبـي حُمـاةَ الدِّينِ آسـادَ الشَّـرى   في الحرب.. عن حرمِ النبيِّ مُحامِيَةْ
خاضُوا غِمارَ المـوتِ دونَ إمامِهم   وظُبا الصَّـوارمِ بـالمنيّـةِ هـامِيَةْ
فقَضَوا على حَـرِّ الظَّمـا بيد العِدى   والمـاءُ حَولَهـمُ بحـورٌ طامِيْة(9)


وفي حبيب بن مظاهر الأسديّ وأنس بن الحارث الكاهلي الأسديّ.. يقول الشاعر الغيور الكُميت بن زياد الأسديّ راثياً:

سـوى عصبةٍ فيهم « حبيبٌ » مُعَفَّـرٌ   قضى نَحْبَه و « الكاهليُّ » مُرَمَّلُ(10)

وفوق ذلك كلِّه.. يأتي سلامُ المولى الإمام المهديّ عجّل الله تعالى فَرَجَه الشريف، فيخصّ به هذا الشهيدَ السعيد، لدى زيارته المباركة عليه السّلام لشهداء الطفّ بكربلاء، حيث يقول:

السلامُ على أنَسِ بنِ كاهِلِ الأسديّ(11).

--------------
1 ـ وجاء اسمه في بعض المصادر: أنس بن كاهل الأسديّ، ومصحّفاً بـ: مالك بن أنس الكاهليّ أو المالكيّ، وهو خطأ.
2 ـ بنو كاهل من بني أسد بن خُزَيمة، من عدنا « عرب الشمال ».
3 ـ الطبقات الكبرى لابن سعد 58:6.
4 ـ الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر العسقلانيّ 68:1؛ الخصائص الكبرى للسيوطيّ 125:2، أُسد الغابة في معرفة الصحابة لابن الأثير الجزريّ 123:1؛ الجرح والتعديل لأبي حاتم الرازيّ 287:1. وذكره: ابن شهرآشوب في ( مناقب آل أبي طالب 102:4 )، والخوارزميّ في ( مقتل الحسين عليه السّلام 18:2 )، والشيخ الطوسيّ في ( رجاله 4 ، 71 )، والشيخ المجلسيّ في ( بحار الأنوار 24:45 و 25 )، والشيخ محمّد السماويّ في ( إبصار العين في أنصار الحسين عليه السّلام 55 ).
5 ـ ذخيرة الدارَين 208.
6 ـ إبصار العين 56؛ مقتل الحسين عليه السّلام للسيّد عبدالرزّاق المقرّم 253؛ العيون العبرى للسيّد إبراهيم الميانجيّ 145. وذكره ابن نما في ( مثير الأحزان )، وابن الأثير في ( أسد الغابة 123:1 ).
7 ـ بطن من أسد بن خُزَيمة.
8 ـ بحار الأنوار 24:45 ـ 25؛ العيون العبرى 145؛ إبصار العين 56. مقتل الحسين عليه السّلام للسيّد المقرّم 253.
9 ـ من قصيدةٍ للشيخ محمّد مطر العراقيّ ـ الدرّ النضيد في مراثي السبط الشهيد للسيّد محسن الأمين 359.
10 ـ إبصار العين 56.
11 ـ إقبال الأعمال للسيّد ابن طاووس 576.

أضف تعليقك

تعليقات القراء

ليس هناك تعليقات
*
*

شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية