شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية

زياد بن عريب الصائديّ

1 المشاركات 05.0 / 5

تعريف موجَز

هو أبو عَمْرة زياد بن عريب بن حنظلة بن دارم بن عبدالله بن كعب الصائد... بن هَمْدان، الهَمْدانيّ الصائديّ(1). كان أبوه ( عريب ) صحابيّاً، ذَكَره جملةٌ من أهل الطبقات، وأبو عَمرة هذا له إدراك بعهد النبيّ صلّى الله عليه وآله، وكان شجاعاً ناسكاً، معروفاً بالعبادة والتهجّد(2).

 

الحضور الشجاع

عن مهران الكاهليّ قال: شَهِدتُ كربلاء.. فرأيتُ رجلاً يقاتل قتالاً شديداً، لا يحمل على قومٍ إلاّ كشَفَهم، ثم يرجع إلى الحسين عليه السّلام فيقول له:

أبْشِرْ هُدِيتَ الرُّشْدَ يا ابنَ أحمدا   في جَنّةِ الفِـردَوسِ تَعلُو صُعُدا

 

فقلتُ: مَن هذا ؟! قالوا: أبو عَمْرة الحنظليّ(3).

وكان الإمام الحسين عليه السّلام قد اختبره مع جملة أصحابه، وأطلق لهم عنانَ الخروج من ساحة طفّ كربلاء، مسرِّحاً إيّاهم لينجوا مِن أعداءٍ في عشرات الآلاف، فيما هم قلّة قليلة، فقال عليه السّلام لهم:
ألاَ وإنّي أظنُّ يومَنا مِن هؤلاءِ الأعداء غداً، وإنّي قد أذِنتُ لكم، فانْطِلقُوا جميعاً في حِلٍّ ليس عليكم منّي ذِمام، وهذا الليلُ قد غَشِيَكم فآتَخِذُوه جمَلاً... فإنّ القومَ إنما يطلبونني، ولو أصابوني لَذُهِلوا عن طلب غيري.
فأبى بنو هاشم أن ينصرفوا، وأبدَوا عِزّةً ووفاءً واستعداداً للتضحية والشهادة، وكذلك الأصحاب أبَوا أن يتركوا إمامهم، بل أصرّوا ولو ذاقوا معه الموتَ مرّات، فجَزّاهمُ الإمامُ الحسين عليه السّلام خيراً(4).

جاء المَسا.. فَدَعاهمُ: قُوموا آذهَبوا   فالليـلُ سِتْـرٌ جَهْـرُه إخفـاتُ
لا يَطُلبُ الأعداءُ غيـري فاتركو   نـي ما بكم مِن بَيعـتي تَبِعـاتُ
فـأجابَـهُ الأنصـارُ: هذي مِنّةٌ   سَبقَتْ لنـا، قَلَّتْ لـها المِنّـاتُ
إنّـا نجـاهدُ دونكم، وتُقطَّعُ الـ   أعظاءُ منّـا فيـه والـرَّقَبـاتُ
ثمّ الرسـولُ شفيعُنـا يومَ الجَزا   ولنا بهـذا تُرفَـعُ الـدَّرَجـاتُ
أفَنَحنُ يومـاً تـاركوكَ وهـذهِ   بكَ قـد أحاطتْ أذْؤُبٌ وعِداةُ ؟!
لا كانَ مِنّا اليـومَ تركُك والـذي   قد أُحصيَتْ في علمهِ الذَّرّاتُ(5)

 

التطلّع نحو الآفاق

كان زياد بن عريب الهَمْدانيّ الصائديّ ممّن أبى أن يرجع، أو يتراجع.. فقد ثبت مع الإمام الحسين عليه السّلام حتّى حان القتال، فكان رسُلُ القوم سهاماً تتّجه نحو عسكر الحسين سلام الله عليه، وأُصيب الأصحاب ثمّ قاموا وهم ما بين طريح، وجريح.. فاستنهضهم سيّدُ الشهداء عليه السّلام إلى الشهادة مرّةً أخرى، فقاموا وحَمَلوا حملةً واحدة، واقتتلوا قتالاً شديداً، ففاضت أرواح خمسين منهم.
ثمّ أخذ أصحاب الإمام الحسين عليه السّلام ـ وقد بقيَ منهم قلّةٌ قليلة ـ يبرزون الواحدُ منهم والاثنان.. يقاتِلون، ويُستشهَدون. فقام عبدالله بن عمير الكلبيّ، والغِفاريّان سيف بن الحارث ومالك بن عبد ـ وهما ابنا عمّ، والغِفاريّان عبدُالرحمان وعبدالله ابنا عُروة، وخرج عمرو بن خالد الصيداويّ.. وهكذا تَقاطَرَ الأبطالُ على ساحة كربلاء، يواجهون المئات، فيبارِزون ويجاهدون، ثمّ يُستشهَدون رضوان الله تعالى عليهم أجمعين، فيأتي إليهم سيّدُ شباب أهل الجنّة يُؤبّنهم.
حتّى تقدّم زياد بن عريب أبو عَمرة، فذَبَّ عن حريم الإسلام وحِمى الإمامة، وقاتَل قتالاً شديداً بين يَدَي سيّده الإمام الحسين صلوات الله عليه، وما زال كذلك حتّى اعترضه عامرُ بن نَهْشَل أحدُ بني تَيْم اللاّت بن ثعلبة فقتله، واحتزّ رأسَه!(6)
فكان زياد بن عريب قد حظيَ بشرف الشهادة، وشرف زيارة الإمام المهديّ المنتظر عجّل الله تعالى فرَجَه الشريف له ولأصحابه، حيث خاطبهم قائلاً:
السلامُ عليكم يا خيرَ أنصار، السلام عليكم بما صَبرَتُم فنِعْم عُقبى الدار، بَوّأكمُ اللهُ مُبَوّأَ البرار. أشهد لقد كشَفَ اللهُ لكمُ الغِطاء، ومَهَّدَ لكمُ الوِطاء، وأجزَلَ لكمُ العطاء، وكنتُم عنِ الحقِّ غيرَ بِطاء، وأنتم لنا ُفرَطاء، ونحنُ لكم خُلَطاء، في دار البقاء. والسلام عليكم ورحمةُ الله وبركاته(7).

----------
1 ـ بنو الصائد بطن من هَمْدان.
2 ـ إبصار العين في أنصار الحسين عليه السّلام للشيخ محمّد السماويّ 80 ـ نقلاً عن الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر العسقلانيّ.
3 ـ إبصار العين 80 ـ عن مثير الأحزان لابن نما.
4 ـ تاريخ الطبريّ 238:6 ، 239 ؛ الكامل في التاريخ لابن الأثير 24:4 ؛ إعلام الورى للشيخ الطبرسيّ 141؛ سِيرَ أعلام النبلاء للذهبيّ 202:3 ؛ مثير الأحزان لابن نما 17؛ الإرشاد للشيخ المفيد 231.
5 ـ من قصيدة للسيّد محسن الأمين العامليّ في كتابه ( الدرّ النضيد في مراثي السِّبط الشهيد 71 ).
6 ـ إبصار العين 80.
7 ـ إقبال الأعمال للسيّد ابن طاووس 577.

أضف تعليقك

تعليقات القراء

ليس هناك تعليقات
*
*

شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية