شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية

جندب بن حجر الخولانيّ

1 المشاركات 05.0 / 5

هكذا ذُكِر

ذكره الشيخ الطوسيّ(1)، وبعضُ الرجاليّين(2) باسم: جُنْدَب بن حُجَير الكِنْديّ الخَوْلانيّ ( وخَوْلان بطنٌ من كَهْلان، من القحطانيّة عرب الجنوب في اليمن ).
كان جُنْدَب من وجوه الشيعة، ومِن أصحاب أمير المؤمنين عليٍّ عليه السّلام. وقد خرج إلى الإمام الحسين عليه السّلام فوافاه في طريقه إلى كربلاء، ووافَقَه في مسيرة قبل التقاء أصحاب الإمام الحسين عليه السّلام بجيش الحرّ بن يزيد الرياحيّ.. فجاء جُنْدَبُ بن حُجْر مع أبي عبدالله الحسين سلام الله عليه إلى كربلاء، وحَطَّ رِحاله فيها معه(3).

 

يوم عاشوراء

إتماماً للحُجّة، وإكمالاً للنصيحة.. ركبَ الإمامُ الحسين عليه السّلام فَرَسَه وأخذ مُصحَفاً ونشَرَه على رأسه الشريف، ووقف بإزاء عسكر عمر بن سعد، ثمّ استشهدَهم عن نفسه المقدّسة وما عليه مِن سيف النبيّ صلّى الله عليه وآله ولامَتهِ وعمامته، فأجابوه بالتصديق، فسألَهم على ما أقْدَمهم على قتله، فقالوا: طاعةً للأمير عبيدِالله بن زياد! فقال عليه السّلام حينذاك:
تَبّاً لَكُم أيّتُها الجماعةُ وتَرَحاً! أحِينَ آستَصرَختُمونا والِهِين، فأصرَخناكُم مُوجِفين، سَلَلْتُم عليناً سيفاً لنا في أيمانكم، وحَشَشْتُم علينا ناراً آقتَدْحناها على عدوِّنا وعدوِّكم، فأصبحتُم إلْباً لأعدائكم على أوليائكم، بغيرِ عَدْلٍ أفْشَوه فيكم، ولا أملٍ أصبح لكم فيهم... وَيْحَكُم! أهؤلاءِ تَعْضُدون، وعنّا تتخاذلون ؟! أجَلْ واللهِ غَدْرٌ فيكم قديم، وَشِجَتْ عليه أصولُكُم، وتَأزّرتْ فروعُكُم، فكنتُم أخبثَ ثَمَرة، شَجىً للناظر، وأكْلَةً للغاصب!(4).
وكانت هذه هي الخُطبةَ الثانية للإمام الحسين عليه السّلام، تكلّم فأبلغ، وكان في أواخرها دعاؤه على الخاذلين ـ بعد أن رفع يديه نحو السماء: أللّهمَّ آحبِسْ عنهم قَطْرَ السماء، وابعَثْ عليهم سنين كَسِنِي يُوسُف، وسَلِّطْ عليهم غلامَ ثقيفٍ يَسقيهم كأساً مُصَبَّرة؛ فإنّهم كَذبونا وخَذَلونا، وأنت ربُّنا، عليك توكَّلْنا وإليك المصير(5).

 

الشرارة.. اللهب

بدل أن يتّعظ القوم.. جَرَّتْهم أهواؤهم وأطماعهم إلى هاوية الحضيض، فاختاروا أن يقاتلوا وليَّ الله وحجّتَه، وإمام زمانهم، شاهرين في وجهه سيوفَهم ورِماحَهُم، ومُسدّدين نحوَه سِهامَهُم.. بدأ ذلك عمر بن سعد، حيث وضع سهمَه ذا الفتنة في كبد قوسه، فرمى ليشهدوا له عند أميره إلى جهنّم عبيدالله بن زياد أنّه أوّلُ مَن رمى، ثمّ رمى القومُ بَعدَه، فأصيب أصحاب الإمام الحسين عليه السّلام كلُّهم، إلاّ أنّهم قاموا وقد نادى عليهم سيّدُهم سيّدُ شباب أهل الجنّة، وسيّد الشهداء إلى الجنّة أبو عبدالله الحسين صلوات الله عليه بصوتٍ من قلبه الرحيم: قُوموا ـ رَحِمَكُم الله ـ إلى الموت الذي لابدَّ منه؛ فإنّ هذه السِّهامَ رُسُلُ القوم إليكم.
فما أسرَع أن قاموا، لا ليقفوا أو يتراجعوا، بل ليحملوا حملةَ رجلٍ واحد، ويقتتلوا وجُلُّ أمانيِّهم نَوالُ مرضاة ربّهم، والفداء بأرواحهم دون إمامهم.. فما انجَلَت غُبرةُ المعركة إلاّ عن خمسين شهيداً منهم(6).

ونادَيتُ مِن حولِ الحسينِ عَصائباً   أطافت به مِن جـانبَيهِ قبـورُها
سلامٌ على أهـل القبورِ بكـربلا   وقَلّ لها منّـي سـلامٌ يَـزُورُها
سلامٌ بآصالِ العَشيِّ وبـالضحى   تُؤدّيهِ نَكْبـاءُ الريـاحِ ومُـورُها
ولا بَرِحَ الـوُفّـادُ زُوّارُ قبـرِهِ   يَفوحُ عليهم مِسْكُها وعبيرُها(7)

 

أمّا جُنْدَب

فقد ذكَرَه أهلُ السِّيرَ أنّه قاتَلَ في الحملة الأولى هذه، فقُتِل في أوّل القتال(8). فيما ذكر اليمانيّ في ( الحدائق الورديّة ) أنّ جُنْدَبَ بن حُجَير قد قُتِل هو وولده حُجَيرُ بنُ جُنْدَب في أوّل القتال(9)، أي في بداية الحملة الأُولى.
فسلامٌ من الله تعالى على جُنْدَب في الشهداء السعداء،
وسلامٌ عليه من خاتِم الأوصياء، الإمام المهديّ أرواحنا
لمَقْدَمه الفداء، حيث يقول في زيارته لشهداء كربلاء، يوم عاشوراء:

السلامُ على جُنْدَبِ بنِ حُجْرِ الخَوْلانيّ(10)

-------------------
1 ـ في رجاله ص 72.
2 ـ منهم: السيّد محسن الأمين في ( أعيان الشيعة )، والسيّد الخوئيّ في ( معجم رجال الحديث 173:4 )، وغيرهما ـ كما في الزيارة الرجبيّة.
3 ـ إبصار العين في أنصار الحسين عليه السّلام للشيخ محمّد السماويّ 104، العيون العبرى في مقتل سيّد الشهداء للسيّد إبراهيم الميانجيّ 111.
4 ـ اللهوف في قتلى الطفوف للسيّد ابن طاووس 42؛ تاريخ دمشق لابن عساكر 333:4 ؛ مقتل الحسين عليه السّلام للخوارزميّ 6:2.
5 ـ اللهوف 43؛ تاريخ دمشق 334:4 ؛ مقتل الحسين عليه السّلام للخوارزميّ 7:2.
6 ـ الخطط المقريزيّة للمقريزيّ 287:2 ؛ اللهوف 43؛ بحار الأنوار للشيخ المجلسيّ 12:45.
7 ـ من قصيدةٍ لعُقبة بن عمرو السَّهميّ، وهو أوّل مَن رثى الحسينَ عليه السّلام ـ فيما حكاه سِبطُ ابن الجوزيّ عن السدّيّ، ورواه الشيخ المفيد في المجالس. الدرّ النضيد في مراثي السبط الشهيد للسيّد محسن الأمين العامليّ 148.
8 ـ إبصار العين 104؛ العيون العبرى 111.
9 ـ نقلاً عن إبصار العين 104.
10 ـ إقبال الأعمال للسيّد ابن طاووس 576 ـ 577.

أضف تعليقك

تعليقات القراء

ليس هناك تعليقات
*
*

شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية