شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية

عبدالرحمان بن عبدربّ الأنصاريّ

1 المشاركات 04.0 / 5

مَن هو عبدالرحمان هذا ؟

هو عبدالرحمان بن عبدربّ الأنصاريّ الخزرجي، مِن بني سالم بن الخزرج، من أهل الكوفة، وأصل خزرج من اليمن ( عرب الجنوب ). كان صحابيّاً، وله ترجمة ورواية، ويبدو أنّه إحدى الشخصيّات البارزة، وقد ذكره: الطبريّ في تاريخه(1)، والشيخ الطوسيّ في رجاله(2)، والسيّد ابن طاووس في ( اللهوف على قتلى الطفوف )(3)، والشيخ المجلسيّ في بحاره(4).. وترجم له الشيخ محمّد السماويّ في ( إبصار العين في أنصار الحسين عليه السّلام )(5).

 

مواقف هذا الشهيد

كتب حميد الشهيد بن أحمد بن محمّد المحليّ ( ت 652 ): وكان أمير المؤمنين عليُّ بن أبي طالب عليه السّلام ربّاه، وعلّمه القرآن(6).
وقد نشأ عبدالرحمان بن عبدربّ الأنصاريّ مُحبّاً من مخلصي أمير المؤمنين عليه السّلام.. قال ابن عُقدة:
حدّثنا محمّد بن إسماعيل بن إسحاق الراشديّ، عن محمّد بن جعفر النميريّ، عن عليّ بن الحسن العبديّ، عن الأصبغ بن نُباتة قال:
نشَدَ عليٌّ عليه السّلام الناسَ في الرَّحْبة مَن سَمِع النبيَّ صلّى الله عليه وآله أنّه قال يومَ غدير « خُمّ » ما قال، إلاّ قام، ولا يقوم إلاّ مَن سَمِع رسولَ الله صلّى الله عليه وآله يقول.. فقام بضعة عشر رجلاً، فيهم: أبو أيّوب الأنصاريّ، وأبو عَمرة بن عمرو بن محصن، وأبو زينب، وسهل بن حُنَيف، وخُزَيمة بن ثابت، وعبدالله بن ثابت، وحبشيّ بن جُنادة السَّلوني، وعبيد بن عازب، والنعمان بن عَجلان الأنصاريّ، وثابت بن وديعة الأنصاريّ، وأبو فضالة الأنصاريّ، وعبدالرحمان بن عبدربّ الأنصاريّ.. فقالوا: نشهد أنّا سمعنا رسولَ الله صلّى الله عليه وآله يقول:
ألا إنّ الله عزّوجلّ وليّي، وأنا وليُّ المؤمنين، ألا فَمَن كنتُ مَولاه فعليٌّ مولاه، اللّهمّ والِ مَن والاه، وعادِ مَن عاداه، وأحِبَّ مَن أحبَّه، وأبغِضْ مَن أبغَضَه، وأعِنْ مَن أعانه.
وقد ذكر ذلك ابنُ الأثير في ( أُسد الغابة في معرفة الصحابة )، وكرّره في مواضع الذين قاموا من الصحابة(7).
ويوم كان عبدالرحمان الأنصاريّ في الكوفة، كان أحدَ الذين أخذوا البيعةَ للإمام الحسين عليه السّلام من أهل الكوفة. ثمّ التحق بالركب الحسينيّ الشريف في مكّة المكرّمة، وواصَلَ معه سفره إلى أرض كربلاء، حيث معراج الشهادة.
وهناك، كان الإمام الحسين سلام الله عليه أمَرَ بِفُسطاط(8) فضُرِب له، فرُوي أنّ بُرَير بن خُضَير الهَمْدانيّ وعبدالرحمان بن عبدربّ الأنصاريّ، وقفا على باب الفُسطاط، فجعل بُرَير يضاحِك عبدالرحمان، فقال له عبدالرحمان: يا بُرير، أتضحك ؟! ما هذه ساعةَ ضَحِكٍ ولا باطل. فقال بُرير: لقد عَلِم قومي أنّني ما أحبَبتُ الباطلَ كهلاً ولا شابّاً، وإنّما أفعلُ ذلك استبشاراً بما نصير إليه، فوَاللهِ ما هو إلاّ أن نَلقى هؤلاء القومَ بأسيافنا، نعالجهم بها ساعةً.. ثمّ نُعانِق الحُورَ العِين(9).

 

الحملة الأولى

بعد أن رمى عمرُ بنُ سعد سهمَه المشؤوم نحو عسكر الإمام الحسين عليه السّلام، رمى جلاوزته بعده، فكان أن أُصيب أصحابُ سيّد الشهداء عليه السّلام، فحملوا حملةً واحدة، واقتَتَلوا ساعة، فما انجَلَت الغُبرةُ إلاّ عن خمسين شهيداً(10).
وحمل شمرُ بن ذي الجَوشَن في الميسرة على أهل الميسرة، فثبتوا له وطاعَنوه وأصحابَه، وحمل نحو الإمام الحسين عليه السّلام وأصحابهِ مِن كلّ جانب.. فاستُشهد عِدّةٌ من أصحاب أبي عبدالله الحسين صلوات الله عليه، بعد أن تفرّق أصحابُ شمرٍ يميناً وشمالاً، وجعلوا يَرشُقون بالنَّبل والسِّهام، فصار أصحابُ الإمام الحسين عليه السّلام بين جريح وطريح(11).. فكان مِن بين قتلى الحملة الأولى: عبدالرحمان بن عبدربّ الأنصاريّ الخزرجيّ رضوان الله عليه بعد أن قاتل قتالَ الغَيارى(12).

أُسْـدٌ تُدافِـعُ عـن حقـائقِ أحمـدٍ   والحـربُ فـي لُجـجِ الدِّمـا تَتَدفّعُ
حَفِـظوا وصيّـةَ أحمـدٍ فـي آلِـهِ   طُوبـى لهم حَفِظوا بها ما استُودِعوا
واستَقبَلوا بِيضَ الصِّفـاحِ، وعـانَقوا   سُمْرَ الرِّمـاحِ، وبالقـلوبِ تَدرَّعـوا
فكـأنّمـا لَهُـمُ الـرمـاحُ عَـرائسٌ   تُهـدى.. وهـم فيـها هيـامٌ وُلَّـعُ
يَمشُـون فـي ظُلَلِ القَنـا لم يُثْنِـهِم   وَقْعُ القَنا والبِيضِ حتّى صُرِّعوا(13)

 

وفي الزيارة نخاطب أولئك الشهداءَ الأبرار، فنقول لهم نناديهم:

السلام عليكم أيُّها الصِّدِّيقون، السلام عليكم أيُّها الشهداءُ الصابرون. أشهدُ أنّكم جاهَدتُم في سبيل الله، وصَبَرتُم على الأذى في جَنْبِ الله، ونَصَحتُم للهِ ولرسولهِ، حتّى أتاكمُ اليقين. أشهدُ أنّكم أحياءٌ عندَ ربِّكم تُرزَقون، فجزاكُمُ اللهُ عنِ الإسلامِ وأهلهِ أفضلَ جزاءِ المحسنين، وجَمَع بينَنا وبينكم في مَحَلِّ النعيم(14).

--------------
1 ـ تاريخ الطبريّ 423:5.
2 ـ رجال الطوسيّ 77.
3 ـ ص 41.
4 ـ بحار الأنوار 1:45.
5 ـ ص 93 ـ المقصد الخامس، في الأنصار.
6 ـ الحدائق الورديّة 211 ـ تحقيق الدكتور المرتضى بن زيد المحطوريّ الحسنيّ.
7 ـ إبصار العين في أنصار الحسين عليه السّلام 93.
8 ـ أي خيمة.
9 ـ اللهوف 41؛ تاريخ الطبريّ 241:6. وروى الكشّيّ في ( رجاله 53 ) أنّ حبيب بن مظاهر خرج يضحك، فقال له يزيد بن الحُصَين الهَمْدانيّ: ما هذه ساعةَ ضَحِك! فقال حبيب: وأيُّ موضعٍ أحقُّ بالسرور مِن هذا ؟! ما هو إلاّ أن يميل علينا هؤلاءِ بأسيافهم فنعانقَ الحور.
10 ـ بحار الأنوار 12:45 ـ عن الراوي محمّد بن أبي طالب الموسويّ.
11 ـ مقتل الحسين عليه السّلام لأبي مخنف 101 ـ 102؛ العيون العبرى في مقتل سيّد الشهداء للسيّد إبراهيم الميانجيّ 104.
12 ـ يراجع: مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب السَّرويّ ـ عنه: إبصار العين 93.
13 ـ الدرّ النضيد في مراثي الشهيد للسيّد محسن الأمين، والقصيدة للسيّد صالح القزوينيّ.
14 ـ من زيارة الإمام الحسين عليه السّلام في ليالي القدر من شهر رمضان ـ مفاتيح الجِنان للشيخ عبّاس القمّي، ضمن الزيارات المخصوصة للإمام الحسين عليه السّلام، نقلاً عن الشيخ محمّد المشهديّ في كتابه ( المزار الكبير ) بروايةٍ مسندةٍ إلى الإمام جعفر الصادق عليه السّلام.

أضف تعليقك

تعليقات القراء

ليس هناك تعليقات
*
*

شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية