شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية

عمّار الدالانيّ

1 المشاركات 05.0 / 5

ذلك

هو عمّار بن أبي سلامة بن عبدالله بن عِمران بن راس بن دالان، أبو سلامة الهَمْدانيّ الدّالانيّ، وبنو دالان بطنٌ من هَمْدان من القحطانيّة عرب الجنوب في اليمن كانوا يسكنون الكوفة.
كان أبو سلامة عمّار صحابيّاً، له رؤية ـ كما ذكر الكلبيّ وابن حجر. قال أبو جعفر الطبريّ المؤرّخ: وكان عمّار من أصحاب عليّ عليه السّلام، ومن المجاهدين بين يديه في حروبه الثلاث: ( الجمَل وصِفّين والنَّهْرَوان ). وعمّار هذا هو الذي سأل أميرَ المؤمنين عليه السّلام عندما سار مِن ذي قار إلى البصرة، إذ قال له:
ـ يا أميرَ المؤمنين، إذا قَدِمتَ عليهم ( أي على جيش عائشة وطلحة والزبير ) فماذا تصنع ؟ فأجابه أمير المؤمنين عليٌّ عليه السّلام:
ـ أدْعُوهم إلى الله وطاعته، فإن أبَوا قاتَلْتُهم.
فقال أبو سلامة: إذَن لن يَغلِبُوا داعيَ الله(1).

 

إلى معالي الشرف

في ( الإصابة في تمييز الصحابة ) أورد ابن حجر العسقلانيّ اسم عمّار بن أبي سلامة الهَمْدانيّ الدّالانيّ؛ باعتباره صحابيّاً أدرك النبيَّ صلّى الله عليه وآله، ثمّ ختم تعريفَه به بقوله: إنّه أتى إلى الحسين عليه السّلام في الطفّ وقُتِل معه(2).
ولكن متى وكيف ؟
أرّخ حميد الشهيد بن أحمد بن محمّد المحلّيّ ( ت 652 هـ ) لواقعة كربلاء في كتابه ( الحدائق الورديّة ) فدوّن على الصفحة 212 ما هذا نصُّه:
وقُتِل مِن هَمْدان: أبو ثُمامة عمر بن عبدالله الصائديّ ـ وكان من أصحاب أمير المؤمنين عليه السّلام ـ قتَلَه قيس بن عبدالله، ويزيد بن حضير المشرفيّ، وحنظلة بن أسعد الشِّباميّ، وعبدالرحمان بن عبدالله الأرحَبيّ، وعمّار بن أبي سلامة الدّالانيّ، وعابس بن أبي شبيب الشاكريّ الدالانيّ ـ وهم يُسَمَّون « فِتْيانَ الصباح من وادعة ».
وكذلك ذكره ابنُ شهرآشوب المازندرانيّ السَّرَويّ في ( مناقب آل أبي طالب 113:4 ) وقال: إنّه قُتل في الحملة الأولى، حيثُ قُتِل جملةٌ مِن أصحاب الإمام الحسين عليه السّلام.

 

الحملة الأولى

كتب أبو مِخْنَف رحمه الله في كتابه الشهير ( مقتل الحسين عليه السّلام ومصرع أهل بيته وأصحابه في كربلاء ص 99 ):
ثمّ إنّ عمر بن سعد جمَعَ أصحابه للحرب مَيمَنةً ومَيسَرة، فجعَلَ في الميمنة شمرَ بن ذي الجَوشَن ومعه عشرونَ ألفَ فارس، وجعل في الميسرة خوليَّ بن يزيد الأصبَحيّ ومعه عشرون ألفَ فارس، ووقف هو بباقي الجيش في القلب.
وجمَعَ الحسينُ عليه السّلام أصحابَه، فجعل زهيرَ بن القين ( في الميمنة ) ومعه عشرون فارساً، وجعل في الميسرة هلالَ بن نافع البَجَليّ ومعه عشرون فارساً، ووقف هو سلام الله عليه بباقي أصحابه في القلب، وأدخل الأطفالَ والحرم في الخيمة، وحفروا خندقاً حول الخيمة وملأوه حَطَباً وأضرموه ناراً؛ لتكون الحرب مِن جهةٍ واحدة.
قال الراوي: وأقبل فارسٌ من عسكر ابن زيادٍ فوقف بإزاء الخندق ونادى: يا حسين، أتَعجَّلْتَ بالنار في الدنيا قبل نار الآخرة ؟!
فقال الحسين لأصحابه: مَن هذا الرجل ؟
قالوا: جُبيرة الكلبيّ.
فقال عليه السّلام: اَللّهمّ أحرِقْه بالدنيا قبل الآخرة.
فما استتمّ كلامُ الحسين عليه السّلام حتّى شَبَّ به جَوادُه، ورماه في الخندق على أُمّ رأسه فاحترق، فعند ذلك كبّر أصحابُ الحسين عليه السّلام وقالوا: يا لها مِن دعوة، ما أسرعَ استجابتَها!
قال مروان بن وائل: لَمّا رأيتُ ذلك من الحسين رجعتُ عن قتاله، فقال لي: عمر بن سعد: ما بالُك رَجَعت ؟! فقلتُ: واللهِ إنّي رأيت ما لا تَرَون مِن أهل هذا البيت، واللهِ لا قاتلتُ الحسينَ أبداً.
قال أبو مِخنَف: وحمل القوم بعضُهم على بعضٍ واشتدّ بينهمُ القتال، فصبر لهم الحسين عليه السّلام وأصحابه، حتّى انتصف النهار.
وقال الشمر لأصحابه: احملوا عليهم حملةَ رجلٍ واحد، وأفْنُوهم عن آخرهم. فتفرّقوا يميناً وشمالاً، وجعلوا يَرشُقونهم بالنَّبل والسِّهام، فصار أصحاب الحسين عليه السّلام بين: جريح، وطريح!
وكان من بين المطروحين الشهداء الطيّبين: عمّار بن أبي سلامة الدالانيّ في جملةٍ من الأصحاب الأوفياء رضوان الله عليه وعليهم.

فَوارسُ مِن عَليا قُـريشٍ وهـاشمٍ   لهم سالفٌ فـي المجدِ يُروى ويُنقَلُ
فَوارسُ إذ نادى الصـريخُ تَرى لهم   مكانـاً بمُستَنّ الـوغى ليس يُجهَلُ
يَؤُمُّهمُ للمطلبِ الصَّـعْبِ أصـعَبٌ   مُقَـبَّـلُ أطـرافِ البَنـانِ مُبَجَّـلُ
إلـى أن ثَوَوا تحتَ العَجـاجِ تَلفُّهُم   ثيـابُ عُلىً منـها قَنِـيٌّ وأنْصَـلُ
فظلَّ وحيداً واحدُ العصرِ في الوغى   نَصيراهُ فيها: سَمْهَريٌّ ومِنْصَلُ(3)

وأمّا الرثاء الأسمى.. فهو ما ورد في زيارة الإمام المهديّ المنتظر حجّة الله ووليّه صلوات الله عليه، حيث بعث فيها سلامُه المبارك إلى الأرواح الطيّبة السعيدة لشهداء طفّ كربلاء، بدأه بشهداء أهل بيت الإمام الحسين عليه السّلام: عليّ الأكبر، وعبدالله الرضيع، وأولاد أمير المؤمنين عبدالله وجعفر وعثمان وأبي الفضل العباس.. والبقيّة من شهداء البيت العلويّ وأبناء الحسن والحسين، وآل جعفر وعقيل ابنَي أبي طالب صلوات الله عليهم. ثمّ ثنّى بالأصحاب الأوفياء المخلصين، حتّى قال:

السلامُ على عمّارِ بنِ أبي سَلامةِ الهَمْدانيّ...

السلامُ عليكم يا خيرَ أنصار، السلام عليكم بما صَبَرتُم فنِعْمَ عُقبَى الدار، بَوّأَكُم اللهُ مُبَوّأَ الأبرار. أشهدُ لقد كشَفَ اللهُ لكمُ الغطاء، ومَهّدَ لكمُ الوِطاء، وأجزَلَ لكمُ العطاء، وكنتُم عنِ الحقِّ غيرَ بِطاء، وأنتُم لنا فُرَطاء، ونحنُ لكم خُلَطاءُ في دارِ البقاء.
والسلامُ عليكمُ ورحمةُ اللهِ وبركاتُه(4).

------------
1 ـ إبصار العين في أنصار الحسين عليه السّلام للشيخ محمّد السماويّ 79؛ العيون العبرى في مقتل سيّد الشهداء للسيّد إبراهيم الميانجيّ 108، وقد أورد اسمه هكذا: عمارة بن أبي سلامة الهَمْدانيّ.
2 ـ عنه: إبصار العين 79.
3 ـ من قصيدة للحاج هاشم الكعبيّ ـ الدرّ النضيد في مراثي السبط الشهيد للسيّد محس الأمين العامليّ 256.
4 ـ إقبال الأعمال للسيّد ابن طاووس 573 ـ 577.

أضف تعليقك

تعليقات القراء

ليس هناك تعليقات
*
*

شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية