الجهاد
وهو حجر الزاوية من بناء هيكل الاسلام ، وعموده الذي قامت عليه سرادقه ، واتسعت مناطقه ، وامتدت طرائقه ، ولولا الجهاد لما كان الاسلام رحمة للعالمين ، وبركة على الخلق أجمعين .
والجهاد هو : مكافحة العدو ، ومقاومة الظلم والفساد في الأرض ، بالنفوس والأموال ، والتضحية والمفاداة للحق .
والجهاد عندنا على قسمين :
الجهاد الأكبر : بمقاومة العدو الداخلي وهو ( النفس ) ومكافحة صفاتها الذميمة ، وأخلاقها الرذيلة ، من الجهل ، والجبن ، والجور ، والظلم ، والكبر ، والغرور ، والحسد ، والشح ، إلى آخر ما هناك من نظائرها ( أعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك ) .
والجهاد الأصغر : هو مقاومة العدو الخارجي ، عدو الحق ، عدو العدل ، عدو الصلاح ، عدو الفضيلة ، عدو الدين.
ولصعوبة معالجة النفس ، وانتزاع صفاتها الذميمة ، وغرائزها المستحكمة فيها ، والمطبوعة عليها ، سمى النبي صلى الله عليه وآله هذا النوع في بعض كلماته ( بالجهاد الأكبر ) ولم يزل هو وأصحابه رضوان الله عليهم طول حياته وحياتهم مشغولين بالجهادين حتى بلغ الاسلام إلى أسمى مبالغ العز والمجد .
ولو أردنا أن نطلق عنان البيان للقلم في تصوير ما كان عليه الجهاد بالأمس عند المسلمين ، وما صار اليوم ، لتفجرت العيون دما ، ولتمزقت القلوب أسفا وندما ، ولتسابقت العبرات والعبارات ، والكلوم والكلمات ، ولكن ! أتراك فطنت لما حبس قلمي ، ولوى عناني ، وأجج لوعتي ، وأهاج أحزاني ، وسلبني حتى حرية القول ، ونفثة المصدور ، وبثة المجمور :
فدع عنك نهبا صيح في حجراته | ولكن حديثا ما حديث الرواحل |