حقيقة الأدب على ضوء مذهب أهل البيت
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي علّم الإنسان ما لم يعلم .
والصلاة والسلام على أشرف الخلق سيّد الأنبياء والمرسلين محمّد المصطفى الأكرم ، وعلى آله الطاهرين ساسة العباد وأركان البلاد .
واللعن الدائم على أعدائهم ومنكري فضائلهم ومناقبهم ومخالفي مذهبهم ودينهم .
حقيقة الأدب على ضوء المذهب(۱) مذهب أهل البيت (عليهم السلام)
الأدب في القرآن والسنّة
لقد تشرّف الإنسان بحكمة الله البالغة على سائر مخلوقاته بعقله الدرّاك ، فإنّ العقل جوهرة ربانية أودعها الله سبحانه في الإنسان ، ليحلّق بها في سماء الفضائل وآفاق العلوم ، ويسمو بها قاب قوسين أو أدنى ، ويبلغ بها قمم الكمال والجلال ، حتّى ليكون مظهراً لأسماء الله الحسنى وصفاته العليا ، وإنّه كلّما ازداد كمالا وجمالا ، فإنّه يكون مظهراً للاسم أكثر شمولية ، حتّى يصل مقام الفناء في الله ، ويكون مظهراً لاسم الجلالة ، تتجلّى وتتبلور فيه جميع الأسماء والصفات الإلهية .
( وَما رَمَيْتَ إذْ رَمَيْتَ وَلـكِنَّ اللهَ رَمى )(۲) .
( وَما يَنْطِقُ عَنِ الهَوى إنْ هُوَ إلاّ وَحْيٌ يُوحى )(۳) .
( إنَّ الَّذينَ يُبايِعونَكَ إنَّما يُبايِعونَ اللهَ )(۴) .
( مَنْ يُطِعِ الرَّسولَ فَقَدْ أطاعَ اللهَ )(۵) .
فالرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) بلغ العلى بكماله ، وكشف الدجى بجماله ، فكان المظهر الأتمّ لربّه جلّ جلاله ، فرميته رمية الله ، وكلامه كلام الله ، وبيعته بيعة الله ، وإطاعته إطاعة الله عزّ وجلّ ، وليس ذلك إلاّ بلطف من الله ولكمال عقله .
فعظمة الإنسان وشموخه وعلوّ مرتبته وامتيازه عن العجماوات والمخلوقات وسعادته في الدارين إنّما هو بعقله ، والعقل ما عُبد به الرحمن واكتسب به الجنان وله جنود ، منها حسن الأدب ، كما أنّ للجهل جنوداً ومنها سوء الأدب ، فالعاقل يكون أديباً ومؤدّباً ومعلّماً للآداب في سلوكه وأقواله وحركاته وسكناته .
ويقول أمير المؤمنين علي (عليه السلام) : الأدب كمال الرجل .
وقال : الأدب أحسن السجيّة ، أفضل الشرف الأدب .
وقال (عليه السلام) : خير ما ورّث الآباء الأبناء الأدب ، حسن الأدب خير مؤازر وأفضل قرين .
وهذا يعني أنّ أفضل من يؤازرك ويعاضدك ويرافقك في صعوبات الحياة ومشاكلها ، وخير زاد في الحياة هو أدبك .
وقد قال الأمير (عليه السلام) : طالب الأدب أحزم من طالب الذهب ، ومن لم يكن أفضل خلاله أدبه كان أهون أحواله عطبه ، وإنّك مقوّم بأدبك فزيّنه بالحلم ، يا مؤمن إنّ هذا العلم والأدب ثمن نفسك فاجتهد في تعلّمها ، فما يزيد من علمك وأدبك يزيد في ثمنك وقدرك .
أجل ، قيمة كلّ امرئ ما يحسنه ، وثمنه أدبه ، بل قال الأمير (عليه السلام) : الأدب كمال الرجل . وقال : عقل المرء نظامه ، وأدبه قوامه ، وإنّ الناس إلى صالح الأدب أحوج منهم إلى الفضّة والذهب . وثلاث ليس عليهنّ مستزاد : حسن الأدب ومجانبة الريب والكفّ عن المحارم .
ولمّـا بعث النبيّ الأكرم معاذ إلى اليمن قال : يا معاذ ، علّمهم كتاب الله ، وأحسن أدبهم على الأخلاق الصالحة .
وربما يكون الإنسان شريفاً في حسبه ولكن لسوء أدبه يسقط من العيون وينحطّ في المجتمع ، وربما كان وضيعاً في نسبه إلاّ أ نّه يسمو ويسود الآخرين بحسن أدبه .
ويقول أمير المؤمنين علي (عليه السلام) : الأدب أحد الحسبين ، وأشرف حسب حسن أدب ، وأكرم حسب حسن أدب ، وحسن الأدب أفضل نسب وأشرف سبب ، وطلب الأدب جمال الحسب ، وعليكم بالأدب فإنّه زين الحسب ، وقليل الأدب خير من كثير النسب ، وحسن الأدب ينوب عن الحسب ، ولا حسب أنفع من الأدب ، وكلّ الحسب متناه إلاّ العقل والأدب ، وحسن الأدب يستر قبيح النسب ، وفسد حسب من ليس له أدب .
والأدب تاج يورث السموّ والسيادة .
قال الأمير (عليه السلام) : لا زينة كالآداب ، ولا حلل كالآداب ، والأدب حلل جُدَد ، والعلم وراثة كريمة ، والآداب حلل مجدّدة .
وممّـا يشهد به الوجدان أ نّه قد يفقد الإنسان شرفه وحسبه ونسبه بسوء أدبه .
قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام) : لا شرف مع سوء الأدب ، ومن قلّ أدبه كثرت مساويه ، ومن وضعه دنائة أدبه لم يرفعه شرف حسبه ، وبئس النسب سوء الأدب ، ولا أدب لسيء النطق .
فلا بدّ من المجاهدة والمثابرة من أجل كسب الآداب فإنّه ورد في الحديث العلوي الشريف : النفس مجبولة على سوء الأدب ، والعبد مأمور بملازمة حسن الأدب ، والنفس تجري في ميدان المخالفة ، والعبد يجهد بردّها عن سوء المطالبة ، فمتى أطلق عنانها فهو شريك في فسادها ، ومن أعان نفسه في هوى نفسه فقد أشرك نفسه في قتل نفسه .
فالعقل وإن كان موهبة من الله سبحانه ، إلاّ أ نّه لا يكتفى به في الحياة ، بل لا بدّ من مقارنته بالأدب .
إنّ أمير المؤمنين علي (عليه السلام) يقول : نِعمَ قرين العقل الأدب ، وإنّ صلاح العقل الأدب ، وكلّ شيء يحتاج إلى العقل ، والعقل يحتاج الأدب ، ولن ينجع الأدب حتّى يقارنه العقل ، والآداب تلقيح الأفهام ونتيجة الأذهان . وإنّ الأدب صورة العقل ، وإنّه في الإنسان كشجرة أصلها العقل ، وحسن الأدب زينة العقل ، ولا أدب لمن لا عقل له ، وإنّ الأدب والدين نتيجة العقل ، وأفضل العقل الأدب ، وآداب العلماء زيادة في العقل ، وإنّ بذوي العقول من الحاجة إلى الأدب كما يظمأ الزرع إلى المطر ، ومن زاد أدبه على عقله ، كان كالراعي بين غنم كثيرة .
من هو المؤدّب ؟
فالعاقل اللبيب يحتاج إلى الأدب ، والأدب إنّما هو من ثمار العقل ، فلا أدب بلا عقل ، ولا عقل بلا أدب .
المؤدّب الأوّل هو الله سبحانه ، وقد أدّب نبيّه الأكرم محمّد (صلى الله عليه وآله) ، ويقول الإمام الصادق (عليه السلام) : ( إنّ الله عزّ وجلّ أدّب نبيّه فأحسن أدبه ، فلمّـا أكمل له الأدب قال : ( وَإنَّكَ لَعَلى خُلُق عَظيم )(۶) ، ثمّ فوّض إليه أمر الناس والاُمّة ليسوس عباده )(۷) .
وهذه الرواية الشريفة تدلّ أوّلا : على أ نّه كلّ واحد يحتاج إلى مؤدّب يؤدّبه حتّى النبيّ الأكرم .
وثانياً : إنّما يؤدّبه بحسن الأدب .
وثالثاً : بعد أن اكتمل في الأدب يحقّ له أن يؤدّب الناس ويهديهم ويسوس العباد ، فالسياسي لا بدّ أن يؤدّب نفسه أوّلا بالآداب الحسنة حتّى يحقّ له أن يسايس ويسوس الناس ، كما أنّ تعلّم الآداب يحتاج إلى زمان ليس بقصير ولا بالأمر السهل .
قال الإمام الصادق (عليه السلام) أيضاً : ( إنّ الله عزّ وجلّ أدّب نبيّه حتّى إذا أقامه
على ما أراد قال له : ( وأمر بالعرف واعرض عن الجاهلين )(۸) فلمّـا فعل ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) زكّاه الله تعالى فقال : ( إنَّكَ لَعَلى خُلُق عَظيم )(۹) )(۱۰) . وقال النبيّ الأعظم : ( أدّبني ربّي فأحسن تأديبي ) . وقال : ( أنا أديب الله ، وعليّ أديبي ) . وقال أمير المؤمنين علي (عليه السلام) : ( إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) أدّبه الله عزّ وجلّ ، وهو أدّبني ، وأنا أؤدّب المؤمنين ، واُورّث الأدب المكرّمين ) .
فالمؤدّب الأوّل هو الله ، ثمّ الأنبياء ، ثمّ الأوصياء ، ثمّ العلماء الصالحين المتّقين الذين هم ورثة الأنبياء . الأمثل فالأمثل ، ثمّ المعلّم والآباء والاُمّهات في مقام التربية والتعليم وكسب الآداب .
وعلى كلّ واحد في مقام الأدب : أن يبدأ بتأديب نفسه أوّلا ، فيتأدّب بآداب الله ورسله وأوليائه الكرام البررة .
قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام) : ( تولّوا من أنفسكم تأديبها ، واعدلوا بها من ضرورات عادتها ) . وقال (عليه السلام) : ( زكِّ قلبك بالأدب كما يزكّى النار بالحطب ، ولا تكن كحاطب الليل وغُثاء السيل . وأفضل الأدب ما بدأت به نفسك ، ومعلّم نفسه ومؤدّبها أحقّ بالإجلال من معلّم الناس ومؤدّبهم )(۱۱) .
وقال (عليه السلام) : ( من تأدّب بآداب الله عزّ وجلّ أدّاه إلى الفلاح الدائم )(۱۲) .
ولمّـا نزلت الآية الشريفة : ( لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إلى ما مَتَّعْنا بِهِ أزْواجاً مِنْهُمْ )(۱۳)
أمر النبيّ (صلى الله عليه وآله) منادياً ينادي : مَن لم يتأدّب بآداب الله تقطّعت نفسه على الدنيا حسرات .
وقال (عليه السلام) : ( إنّ الله تعالى أدّب عباده المؤمنين أدباً حسناً ) ، فقال جلّ من قائل : ( يَحْسَبهُمُ الجاهِلُ أغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ )(۱۴) . وقال : ( من لم يُصلح على أدب الله لم يصلح على أدب نفسه ) .
فالأدب من نعم الله سبحانه على عبده ، وينبغي لكلّ إنسان أن يكسب الأدب ويكلّف نفسه على تحصيله ، فإنّ الإمام الرضا (عليه السلام) يقول : العقل حباء من الله ، والأدب كلفة ، فمن تكلّف الأدب قدر عليه ، ومن تكلّف العقل لم يزدد بذلك إلاّ جهداً .
وهذا يعني أنّ ميادين كسب الفضائل وتعلّم الآداب إنّما هي ميادين واسعة ، يحتاج الإنسان في جولانها إلى الجهد الجهيد والكلفة والمشقّة من أجل نيلها والتحلّي بها ، حتّى تكثر محاسنه وتقلّ مساويه ، فإنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول : من كلّف بالأدب قلّت مساويه .
ما هو الأدب ؟
وهنا من حقّ المطالع الكريم بعد أن عرف دور الأدب في الحياة الإنسانية ، ووقف على أهميّته البالغة ، وأنّه لا عقل لمن لا أدب له ، وإنّه لولا الأدب لكان الإنسان في صفّ الحيوانات ويضاهي الأنعام بل أضلّ سبيلا ، فله أن يسأل حينئذ ما هو الأدب ؟ وكيف نرثه ونصل إليه ؟
وكيف نؤدّب أنفسنا أوّلا ؟
وبأيّ شيء ؟
ثمّ نؤدّب الآخرين ، لا سيّما أولادنا فلذّات أكبادنا ؟ !
والجواب إنّما نتحرّاه ونذكره من خلال الأحاديث الشريفة الواردة عن أهل بيت العصمة والطهارة (عليهم السلام) ، فإنّهم معادن العلم والأدب ، وكلامهم نور ، وأمرهم رشد ، ووصيّتهم التقوى ، وفعلهم الخير ، فهم ساسة العباد وأركان البلاد ، وهم الاُسوة الحسنة والقدوة الصالحة .
ومعنى الأدب(۱۵) : هو الهيئة الحسنة التي ينبغي أن يقع عليه الفعل المشروع إمّا في الدين أو عند العقلاء في مجتمعهم ، كآداب الدعاء وآداب ملاقاة الأصدقاء ، وإن شئت قلت : الأدب ظرافة العمل .
فإذا كان العمل بعد لطافته ظريفاً بنظر الشرع المقدّس أي الوحي والحجّة الظاهريّة ، أو بنظر العقل السليم والحجّة الباطنيّة ، فإنّه يكون من الأدب ، فلا يكون إلاّ في الاُمور المشروعة غير الممنوعة ، ولا يتحقّق إلاّ في الأفعال الاختياريّة التي لها هيئات مختلفة ، حتّى يكون بعضها متحلّياً ومتلبّساً بالأدب دون بعض ، كأدب الأكل مثلا في الإسلام فمن آدابه أن يبدأ فيه بالبسملة ويختم بالحمد لله ويؤكل دون الشبع وأن لا ينظر إلى الآخرين وأن يغسل يديه قبل الأكل وبعده وغير ذلك ، ولكلّ شيء آدابه الخاصّة .
فالأدب يعني الهيئة الحسنة في الأفعال الاختياريّة ، والحُسن بحسب معناه هو الموافقة لغرض الحياة ، وهذا لا يختلف فيه العقلاء وأنظار الناس والمجتمعات فالحسن مفهومه ومعناه واحد ، إنّما الاختلاف بين الناس في المصاديق ، وما أكثر الخلاف والبون الشاسع بين المصاديق بحسب اختلاف الاُمم والشعوب والملل والنحل والمجتمعات والطبقات ، فالاختلاف بينهم في آداب الأفعال ، فربما آداب مستحسنة عند قوم مذمومة وقبيحة عند آخرين ، كتحيّة أوّل اللقاء فإنّه في الإسلام وبين المسلمين هو التحيّة والتسليم مباركاً طيّباً ، وعند قوم برفع القبّعات والقلانس وعند بعض برفع اليد حيال الاذن أو الرأس ، وعند آخرين بانحناء وخضوع .
والاختلاف إنّما هو في المصداقيّة لمعنى الأدب ، وأمّا أصل المعنى والمفهوم أي الهيئة الحسنة وظرافة العمل فهو ممّـا أجمع العقلاء عليه وعلى حسنه ولزومه .
فالأدب في كلّ مجتمع مرآة يحكي عن ثقافتهم وتمدّنهم واعتقاداتهم وأخلاقهم .
إلاّ أنّ الآداب غير الأخلاق التي تعني السجايا والملكات النفسانيّة الراسخة التي تتلبّس بها النفوس .
بل الآداب أفعال حسنة من منشآت الأخلاق ، والأخلاق من مقتضيات المجتمع بخصوصه بحسب غايته الخاصّة ، فالغاية المطلوبة للإنسان في حياته هي التي تشخّص أدبه في أعماله ، وترسم لنفسه خطّاً لا يتعدّاه إذا أتى بعمل في مسير حياته والتقرّب من غايته .
ثمّ الأدب الإلهي الذي أدّب أنبياءه ورسله وأولياءه وعباده المقرّبين ، هو الهيئة الحسنة في الأعمال الدينية التي تحاكي غرض الدين وغايته ، وهو العبودية على اختلاف الشرائع السماوية الحقّة بحسب كثرة موادّها وقلّتها ، وبحسب مراتبها في الكمال .
والإسلام دين الله الحنيف لم يغفل عن صغيرة وكبيرة ، بل تعرّض لجميع جهات الحياة الإنسانيّة ، فقد وسع الحياة أدباً ، ورسم في كلّ عمل هيئة حسنة تحاكي غايته ، وإطار الأدب الإلهي هو التوحيد والعبوديّة ، فليس للإسلام غاية إلاّ التوحيد في مرحلتي الاعتقاد والعمل ، فيعتقد بالمبدأ والمعاد ، وإنّه لا بدّ من الإطاعة والعبوديّة المحضة في أقواله وأفعاله وسائر أبعاد حياته .
فالأدب الإلهي والنبوي والولوي وكلّه حقيقة واحدة يعني هيئة التوحيد في الفعل .
وكلّ واحد يبدأ بتأديب نفسه أوّلا ثمّ بتأديب الآخرين ، فإنّ فاقد الشيء لا يعطيه : ( أفَمَنْ يَهْدِي إلَى الحَقِّ أحَقُّ أنْ يُتَّبَعَ أمَّنْ لا يَهِدِّي إلاَّ أنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ )(۱۶) .
ولكم في الأنبياء ورسول الله اُسوة حسنة وقدوة صالحة .
ثمّ لكلّ شيء اُصول وفروع ، وعلينا بإلقاء الاُصول وعليكم بالتفريع والتطبيق ومعرفة الجزئيّات .
أُصول الآداب :
لا بدّ من مراعاة الاُصول التالية في اكتساب الآداب وتحقيقها :
الأوّل : كفّ النفس عن الصفات الذميمة والأخلاق البذيئة والسجايا السيّئة ، ولو كان ذلك من الاتّعاظ بغيرك ، فإنّ أمير المؤمنين علي (عليه السلام) يقول : ( إذا رأيت في غيرك خلقاً ذميماً فتجنّب من نفسك أمثاله ) .
وهذا أصل مهمّ في عالم الأدب .
لا تنهَ عن خُلُق وتأتي مثله *** عارٌ عليكَ إذا فعلتَ عظيمُ
وكفى بالمرء سعادةً أن يتّعظ بغيره ، فإنّ العاقل من توعّى واتّعظ بغيره ، فإذا شاهد من غيره منكراً وعملا مذموماً عند الشرع المقدّس وعند العقلاء ، وأ نّه يحطّ من قيمة الإنسان وقدره ، فعليه أن يتجنّب ذلك ، ويكسب الأدب حينئذ ممّن لم يكن عنده الأدب ، وقد ورد هذا المعنى في الأمثال الفارسية : إنّي تعلّمت الأدب ممّن ليس له الأدب .
قيل لعيسى بن مريم (عليهما السلام) : مَن أدّبك ؟ قال : ما أدّبني أحد ، رأيت قبح الجهل فجانبته(۱۷) .
وقال أمير المؤمنين علي (عليه السلام) : ( كفاك أدباً بنفسك اجتناب ما تكرهه من غيرك )(۱۸) .
الثاني : الصبر ، فإنّ أساس الأخلاق في مراحلها الثلاثة : التخلّي من الصفات الذميمة ، والتحلّي بالأخلاق الحميدة ، والتجلّي إنّما هو الصبر ، فهو العنصر الأوّل في علم الأخلاق ، ومن ثمّ كسب الآداب .
يقول أمير المؤمنين علي (عليه السلام) : ( ليس شيء أحمد عاقبةً ، ولا ألذّ مغبّةً ، ولا أدفع لسوء الأدب ، ولا أعون على درك المطلب من الصبر ) .
الثالث : البحث ، فإنّ من طلب شيئاً لا بدّ أن يبحث عنه بجدٍّ حتّى يجده ، وإنّ الآداب ممّـا يبحث عنها ويهتمّ بها .
قال الإمام علي (عليه السلام) : ( لا يستعان على الدهر إلاّ بالعقل ، ولا على الأدب إلاّ بالبحث ) .
وقال لقمان الحكيم : ( مَن عني بالأدب اهتمّ به ، ومن اهتمّ به تكلّف علمه ، ومن تكلّف علمه اشتدّ طلبه ، ومن اشتدّ له طلبه ، أدرك منفعته فاتّخذه عادة ، فإنّك تخلف في سلفك وتنفع به من خلفك )(۱۹) .
وهذا يعني أنّ الأدب في بدايته إنّما هو من الكلفة والتكلّف ، ولكن بعد ذلك يكون ملكة وعادة ينتفع الإنسان بها في حياته وبعد مماته ، فإنّه خير ميراث ينتفع به الأجيال .
الرابع : العلم ، وقد اهتمّ الإسلام بطلب العلم غاية الاهتمام ، فمن حيث الزمان لا بدّ أن تطلب العلم طيلة حياتك من اليوم الأوّل إلى آخر لحظة « اُطلب العلم من المهد إلى اللحد » . ومن حيث المكان فاطلبه في كلّ بقاع الأرض حتّى أقصى النقاط وأبعدها من جزيرة العرب « اُطلب العلم ولو بالصين » .
فإنّ « العلم فريضة على كلّ مسلم ومسلمة » ، و ( يَرْفَعِ اللهُ الَّذينَ آمَنوا منكُم وَالَّذينَ اُوتوا العِلْمَ دَرَجات )(۲۰) ، و ( هَلْ يَسْتَوي الَّذينَ يَعْلَمونَ وَالَّذينَ لا يَعْلَمونَ )(۲۱) . فالعاقل لا يسأم من طلب العلم ، ومنهومان لا يشبعان : طالب علم ، وطالب دنيا . فلا بدّ من طلب العلم ليل نهار ، فإنّ الله العالم العلاّم يحبّ العلم والعلماء والصلحاء بغاة العلم ، فإنّهم مظهر من مظاهر علمه الأزلي والسرمدي .
وإنّ العلم يعين الإنسان على كسب الأدب والخلق الحسن .
يقول أمير المؤمنين علي (عليه السلام) : ( إذا زاد علم الرجل زاد أدبه ، وتضاعفت خشيته لربّه ) .
قال الإمام الصادق (عليه السلام) : ( إنّ خير ما ورّث الآباء لأبنائهم الأدب لا المال ، فإنّ المال يذهب والأدب يبقى ) ، قال مسعدة : يعني بالأدب : العلم .
ومن ثمرة الأدب شحذ الذهن ، فيستعدّ الإنسان لطلب العلم أكثر من غيره ، قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : ( بالأدب تُشحذ الفِطَن ، فزد في فطانتك وذكائك لتستعين بهما على طلب العلم والعمل به بالأدب ) .
الخامس : الخشية ، فإنّ ثمرة العلم النافع الخشية والخوف من الله سبحانه ، فإنّ العالم بين الخوف والرجاء ، يخاف ذنبه ويرجو ربّه ، وكلّما ازداد علماً نافعاً مع العمل الصالح ازداد خشية من الله ( إنَّما يَخْشى اللهَ مِنْ عِبادِهِ العُلَماءُ )(۲۲) ، فالعلم يثمر الخشية .
وقد قال الله تعالى لعيسى : أدّب قلبك بالخشية .
وهذا يعني أنّ لكلّ جارحة وعضو في الإنسان آداب خاصّة ، فأدب العين أن لا تنظر إلى ما حرّم الله ، واللسان أن لا تكذب ولا تفحش ولا تستغيب ولا تكفر وغير ذلك ، وأدب الاُذن أن لا تستمع إلى الحرام ، وأدب اليدين والرجلين أن تسعى في طاعة الله ، كما إنّ للإنسان حسب حالاته آداب خاصّة ، فأدبه مع ربّه يختلف عن أدبه مع الناس ، وعليه أن يراعي آداب الاُسرة والمجتمع الصغير ثمّ الكبير ، كأدبه في موضع عمله كالمدرسة والإدارة والوزارة والرئاسة وغير ذلك ، فالمجلس العامّ له آدابه الخاصّة ، كما المجلس الخاصّ له آدابه المختصّة به ، ولكلّ قوم آدابهم وسننهم وحضارتهم وثقافتهم الخاصّة ، فمن أراد أن يعاشر طائفة أو صديق عليه أن يراعي الآداب ، كلّ شيء بحسب نفسه ، وأمّا أدب القلب ، والقلب هو سلطان البدن ، إذا صلح صلحت الجوارح ، وإذا فسد فسدت الجوارح ، وإذا فسد العالِم فسد العالَم ، ومعنى ذلك : إذا فسد القلب فسد العالم ، فصلاحه وأدبه هو الخشية من الله سبحانه ، فأدّب قلبك بالخشية .
السادس : مجالسة العلماء ، فإنّ الإسلام أمرنا في مواطن عديدة أن نجالس العلماء ، وحتّى نزاحمهم في طلب العلم ـ زاحم العلماء بركبتيك ، كما قال لقمان ناصحاً ولده ـ فإنّ معاشرة العلماء ومجالستهم توجب النجاة والسعادة في الدارين ، وفي تحصيل الأدب يقول أمير المؤمنين علي (عليه السلام) : ( جالس العلماء يزدد علمك ويحسن أدبك ) . والمراد من العالم الذي النظر إليه كان من العبادة هو الذي صدّق قوله فعله ، وفعله قوله . فإذا أمر الناس بالمعروف فإنّه يعمل به أوّلا ويتأمّر به ثمّ يأمر ، وإذا نهى عن منكر فإنّه يتجنّبه أوّلا ثمّ ينهى عنه ، فالعالم الذي يزيد في علمك منطقه ، ويرغّبك في الآخرة عمله ، ويذكّر بالله منظره ورؤيته ، هو الذي اُمرنا أن نكتسب العلم منه ، وإلاّ فإذا رأيتم العالم مقبلا على دنياه ولم يعمل بعلمه فاتّهموه ، ولا تأخذوا دينكم منه ، فإنّه من قطّاع الطريق وسرّاق الدين ، ( فَلْيَنْظُرِ الإنْسانُ إلى طَعامِهِ )(۲۳) ، يقول الإمام الباقر (عليه السلام) : ( أي إلى علمه ممّن يأخذ ) ، فالعالم المتّقي الورع لو جالسته فإنّه يزيد في علمك ويحسن أدبك .
السابع : الفهم ، ربما الفهم أخصّ من العلم ، وربما يرادفه ، فإنّ الإنسان لا بدّ أن يتفهّم الحياة ويدرك أسرارها ليعرف قيمته ، وماذا اُريد منه ، ولِمَ خُلق ، وما المقصود من الخلقة ؟ ولا بدّ لنا أن نؤدّب أنفسنا بالفهم ، ونستعين بالله على ذلك وندعو الله كما دعا الإمام زين العابدين علي بن الحسين (عليه السلام) قائلا : ( اللّهم … اجعلنا من الذين تمسّكوا بعروة العلم وأدّبوا أنفسهم بالفهم )(۲۴) .
وهذا يعني أنّ الإنسان في كسب الأدب لا يكتفي بالبحث وطلب العلم والصبر ومجالسة العلماء ويعتمد على نفسه فقط ، بل لا بدّ من الدعاء والتوسّل بالله ، فمن العبد الحركة ومن الله البركة ، فلا بدّ من اليد الغيبية تعين الإنسان على حركته وسيره إلى الله سبحانه بالتحلّي بالفضائل والمكارم والآداب ، فنسأل الله سبحانه أن يجعلنا من الذين تمسّكوا بعروة العلم في كلّ أعمالهم وأقوالهم ، وأدّبوا أنفسهم بالفهم ودرك الحقائق والواقعيات ( اللهمّ أرني الحقائق كما هي ) .
الثامن : الصدق ، فإنّ من علامات المؤمن أن يكون صادقاً في قوله وعمله ، مع نفسه ومع غيره ، فإنّ الكذب علامة النفاق ، ومنشأه الشرك بالله ، ولهذا ربما المؤمن يسرق أو يزني ولكن لا يكذب أبداً ، وإنّ الله الصادق مع الصادقين ، وقد أمرنا أن نكون مع الصادقين ، وأن نكون من أهل الصدق والصفاء ، يقول أمير المؤمنين علي (عليه السلام) : ( تحرّى الصدق وتجنّب الكذب ، أجمل شيمة وأفضل أدب ) .
فعلينا أن نؤدّب أنفسنا بالصدق ، فإنّ المؤمن لا تخرج من فيه كذبة واحدة .
التاسع : ضبط النفس ، فإنّ النفس لأمّارة بالسوء ، وإنّ لها حالة النار كلّما يعطيها الإنسان رغباتها وشهواتها ، فإنّها تطلب المزيد وتقول : ( هَلْ مِنْ مَزيد )(۲۵) ، فالإنسان لا بدّ أن يؤدّب نفسه بضبطها وعقالها عند رغباتها وملاذّها ، ويوقفها عند حدّها ، قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام) : ( ضبط النفس عند الرغب والرهب من أفضل الأدب ) .
العاشر : الكفّ عن المحارم ، فإنّ النفس لا تكتفي بالحلال ، وإنّ الشيطان وأصدقاء السوء والدنيا المغرية كلّهم يجذبون الإنسان إلى المهالك وارتكاب المحارم ، فالمؤمن العاقل عليه أن يؤدّب نفسه ، بكفّها عن المحارم والمآثم والذنوب والمعاصي ، فإنّ أمير المؤمنين علي (عليه السلام) يقول : ( أحسن الآداب ما كفّك عن المحارم ) ، أي كلّ ما حرّم الله سبحانه فإنّ فيه المفسدة التامّة التي توجب الشقاء والهلاك في الدنيا والآخرة ، فأفضل الآداب وأحسنها أن يتجنّب الإنسان كلّ ما حرّمه الله سبحانه ليدخل الجنّة ويكون من السعداء : ( وَأمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهى النَّفْسَ عَنِ الهَوى فَإنَّ الجَنَّةَ هِيَ المَأوى )(۲۶) .
( وَأمَّا الَّذينَ سعدوا فَفي الجَنَّةِ خالدين فيها )(۲۷) .
فالأدب يوجب سعادة الدارين ، فتدبّر .
الحادي عشر : الوقوف عند الحدّ ، ومن الأمثال المشهورة : كلّ شيء إذا تجاوز حدّه انقلب إلى ضدّه ، وأنّ العاقل الذي يضع الأشياء في مواضعها من دون إفراط ولا تفريط ، وكنتم اُمّةً وسطاً ، وأنّ خير الاُمور أوسطها ، فكلّ واحد لا بدّ أن يؤدّب نفسه أن يقف عند حدّه فلا يتجاوز ولا يتعدَّ حدود الله فيظلم نفسه ويظلم الآخرين ، وطوبى لمن عرف قدر نفسه ولا يتعدّى قدره . يقول أمير المؤمنين علي (عليه السلام) : ( أفضل الأدب أن يقف الإنسان عند حدّه ولا يتعدّى قدره ) .
الثاني عشر : ترك مصاحبة السوء ، فإنّ الإنسان سرعان ما يتطبّع بأطباع غيره ، فإذا عاشر أهل الصلاح والفلاح فإنّه يكسب منهم الخير وحسن السمعة ويصلح حاله ، وأمّا إذا عاشر أهل السوء فإنّه يتأثّر بهم أوّلا ، ويتّهم ثانياً ، إيّاك ومواضع التهم . وإنّ المرء يعرف بقرينه ، وقل لي من تصاحب ؟ حتّى أقول من أنت ، ومن هذا المنطلق يقول الإمام الصادق (عليه السلام) : ( أدّبني أبي بثلاث . قال لي : يا بني ، من يصحب صاحب السوء لا يسلم ، ومن لا يقيّد ألفاظه يندم ، ومن يدخل مداخل السوء يتّهم )(۲۸) .
وما أروع ما قاله الإمام الباقر (عليه السلام) ، فإنّ المؤمن ملجم لا يتكلّم إلاّ بما يرضي الله سبحانه من الذكر وقول الحقّ والنصيحة والموعظة وإرشاد الناس إلى الخير والصلاح والفلاح ، ومن الطبيعي أنّ مَن يدخل مواضع التهم ومداخل السوء أن يتّهمه الناس ، كما إنّ مَن عاشر أهل السوء والمنكر والفحشاء لا يسلم على نفسه ودينه وأهله وسمعته ، فلا بدّ أن نؤدّب أنفسنا بمثل هذه الآداب الإسلامية ونتجنّب مداخل السوء ، ونقيّد ألفاظنا ، ونجترّ الكلمات ولا نسرع ، فكثيراً ما يندم الإنسان على كلامه ، ولا يندم على سكوته ، فإنّه إن كان الكلام من فضّة فالسكوت من ذهب ، وقد أفلح التقيّ الصموت . يقول أمير المؤمنين علي (عليه السلام) : ( إذا فاتك الأدب فالزم الصمت )(۲۹) .
الثالث عشر : الاهتمام بالواجبات ، فكما أنّ من الأدب ترك المحرّمات ، فكذلك من الأدب إتيان الواجبات مطلقاً ، سواء الشرعية أو العرفية ، فحياة الإنسان بين الرفض والإيجاب في كلمة التوحيد ، أي ( لا إله إلاّ الله ) فإنّها رفض لكلّ الآلهة وإيجاب للواحد القهّار ، فمن أدب الإنسان أن يراعي ويهتمّ بالواجبات ولا يتهاون بما هو من الضروري ولا بدّ منه ، كما قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام) : ( ومن أدبه ـ أي أدب الإنسان ـ أن لا يترك ما لا بدّ منه )(۳۰) .
الرابع عشر : تزكية الأخلاق ، فإنّ من العلم النافع ما يوجب تهذيب النفس وتزكية الأخلاق ، ومن الأسباب الموجبة لتزكية الأخلاق هو الأدب ، كما قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام) : ( سبب تزكية الأخلاق حسن الأدب ) .
فهناك ملازمة وعلاقة وثيقة ربما تصل إلى حدّ العلّية التامّة أو الاقتضائيّة بين تزكية الخلق وحسن الأدب ، فمن لم يحسن أدبه كيف يزكّي أخلاقه ؟ وإنّما ينجو الإنسان ويحلّق في آفاق المكارم والعلى بجناحين : تزكية الأخلاق وحسن الآداب ، وربما يكونا وجهين لحقيقة واحدة ، كوجهي السكّة والعُملة ، فتأمّل .
الخامس عشر : حسن المعاشرة ، فإنّ المعاشرة لها آدابها الخاصّة ، والجامع فيها هو حسن الآداب وطيب المعاشرة من انبساط الوجه وحلاوة الكلام وحرارة اللقاء وحسن المجالسة وغير ذلك من مجالات المصادقة والمودّة والمرافقة .
والواقع أنّ لكلّ واحد من هذه الاُمور آدابها الخاصّة ، ولكن إنّما ذكرنا اُمّهات الآداب واُصولها الأوّلية وقواعدها الكلية ، وأمّا الموارد الخاصّة والجزئيات والمصاديق فنحيل أحكامها ودساتيرها ومواردها إلى المطالع النبيل اللبيب ، فيمكنه أن يستخرج من الاُصول التي ذكرناها اُصولا وفروعاً اُخرى تتلائم مع بيئته ومحيطه ومجتمعه ومع من يعاشرهم ، فمن اُمّهات آداب المعاشرة ما قاله أمير المؤمنين علي (عليه السلام) :
عن الشعبي قال : تكلّم أمير المؤمنين (عليه السلام) بتسع كلمات ارتجلهنّ ارتجالا ، فقأنَ عيون البلاغة وأيتمن جواهر الحكمة وقطعن جميع الأنام عن اللحاق بواحدة منهنّ ، ثلاث منها في المناجاة ، وثلاث منها في الحكمة ، وثلاث منها في الأدب :
فأمّا اللاتي في المناجاة ، فقال : ( إلهي كفى بي عزّاً أن أكون لك عبداً ، وكفى بي فخراً أن تكون لي ربّاً ، أنت كما اُحبّ فاجعلني كما تحبّ ) .
وأمّا اللاتي في الحكمة ، فقال : ( قيمة كل امرئ ما يحسنه ، وما هلك امرؤ عرف قدره ، والمرء مخبوء تحت لسانه ) .
واللاتي في الأدب ، فقال : ( اُمنن على من شئت تكن أميره ، واحتج إلى من شئت تكن أسيره ، واستغنِ عمّن شئت تكن نظيره )(۳۱) .
قيل : الأدب أدبان : أدب النفس وأدب الدرس ، فأدب النفس أشرف من أدب الدرس ، كشرف النفس على الجسد ، لأنّ أدب الدرس ينفع ولا يضرّ ، وأدب الدرس بلا أدب النفس فليس يكون عن عقل لكن عن تأديب يجري مجرى تأديب القرد والدبّ والفيل وما يجري مجراها من البهائم .
وجهاد النفس من الجهاد الأكبر .
( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَـنَا )(۳۲) .
ـــــــــــ
([۱]) طبع في مجلّة ( الكوثر ) العدد الرابع سنة ۱۴۱۷ هـ .
(۲) الأنفال : ۱۷ .
(۳) النجم : ۳ .
(۴) الفتح : ۱۰ .
(۵) النساء : ۸۰ .
(۶) القلم : ۴ .
(۷) بحار الأنوار ۱۷ : ۴ .
(۸) الأعراف : ۱۹۹ .
(۹) القلم : ۴ .
(۰[۱]) بحار الأنوار ۱۷ : ۸ .
(۱[۱]) المصدر ۲ : ۵۶ .
(۲[۱]) المصدر ۹۲ : ۲۱۴ .
(۳[۱]) الحجر : ۸۸ .
(۴[۱]) البقرة : ۲۷۳ .
(۵[۱]) مقتبس من تفسير الميزان للعلاّمة الطباطبائي (قدس سره) ۶ : ۲۵۵ ـ ۳۰۵ .
(۶[۱]) يونس : ۳۵ .
(۷[۱]) البحار ۱۴ : ۳۲۶ .
(۸[۱]) المصدر ۷۰ : ۵۷۳ .
(۹[۱]) البحار ۱۳ : ۴۱۱ .
(۲۰) المجادلة : ۱۱ .
([۱]۲) الزمر : ۹ .
(۲۲) فاطر : ۲۸ .
(۲۳) عبس : ۲۴ .
(۲۴) البحار ۹۴ : ۱۲۷ .
(۲۵) سورة ق : ۳۰ .
(۲۶) النازعات : ۴۰ .
(۲۷) هود : ۱۰۸ .
(۲۸) البحار ۷۸ : ۲۶۱ .
(۲۹) البحار ۷۱ : ۲۹۳ .
(۳۰) البحار ۷۸ : ۴۰۰ .
(۳۱) البحار ۷۷ : ۴۰۰ .
(۳۲) العنكبوت : ۶۹ .