بكارة الهلالية
بكارة الهلالية
(أشعار نت)
من نساء العرب الموصوفات بالشجاعة والإقدام، والفصاحة والشعر والنثر والخطابة ، كانت من أنصار الإمام علي بن أبي طالب ( سلام الله عليه) في حرب صفين ، فخطبت بها خطباً حماسية حضّت بها القوم على أن يخوضوا غمارات الحرب بدون خوف ولا تردد .
قال ابن طيفور في بلاغات النساء : حدّثني عبد الله بن عمر ، وقراءة من كتابه عليّ قال : حدّثنا إبراهيم بن عبد الله بن محمد المفضل ، قال حدّثنا إبراهيم بن محمد الشافعي ، عن محمد بن إبراهيم ، عن خالد بن الوليد ، عمن سمعه من حذافة الجمحي قال :
دخلت بكارة الهلالية على معاوية بن أبي سفيان بعد أن كبرت سنها ، ودقّ عظمها ، ومعها خادمان لها وهي متكئة عليهما وبيدها عكاز ، فسلمت على معاوية بالخلافة ، فأحسن عليها الرد وأذن لها في الجلوس ، وكان عنده مروان بن الحكم وعمرو بن العاص .
فابتدأ مروان فقال : أما تعرف هذه يا أمير المؤمنين ؟ .
قال : ومن هي ؟ .
قال : هي التي تعين علينا في صفين ، وهي القائلة :
يا زيد دونك فاستشر من درانا سـيفاً حساماً في التراب iiدفينا
قـد كان مذخوراً لكل iiعظيمة فـاليوم أبرزه الزمان iiمصونا
وقال عمرو بن العاص : وهي القائلة يا أمير المؤمنين :
أتـرى ابن هند للخلافة iiمالكاً هـيهات ذلـك وما أراد iiبعيد
منّتك نفسك في الخلاء ضلالة أغـراك عمرو للشقا iiوسعيد
فـارجع بأنكد طائرٍ iiبنحوسها لاقـت عـلياً أسـعد iiوسعود
فقال سعيد : يا أمير المؤمنين وهي القائلة :
قد كنت آمل أن أموت ولا أرى فـوق الـمنابر من أمية iiخاطبا
فالله أخـر مـدتي iiفـتطاولت حتى رأيت من الزمان iiعجائبا
فـي كُلّ يوم لا يزال iiخطيبهم وسـط الجموع لآل أحمد iiعائبا
ثم سكت القوم ، فقالت بكارة : نبحتني كلابك يا أمير المؤمنين ، واعتورتني محجني وكثر عجي ، وعشى بصري ، وأنا والله قائلة ما قالوا ، لا أدفع ذلك بتكذيب ، فأمض لشأنك فلا خير في العيش بعد أمير المؤمنين .
فقال معاوية : إنّه لا يضعك شيء فاذكري حاجتك تقضى، فقضى حوائجها .
وروى ذلك ابن طيفور أيضاً من طريق آخر حيث قال : وحدّثني عيسى بن مروان ، قال : حدّثني محمد بن عبد الله الخزامي ، عن الشعبي قال : استأذنت بكارة الهلالية على معاوية فأذن لها ، فدخلت وكانت امرأة قد أسنت وعشى بصرها وضعفت قوتها ، فهي ترتعش بين خادمين لها ، فسلمت ثم جلست .
فقال معاوية : كيف أنت يا خالة ؟ .
قالت : بخير يا أمير المؤمنين .
قال : غيرك الدهر .
قالت : كذلك هو ذو غير ، من عاش كبر ومن مات قبر . . . .