4%

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة التحقيق

الحمد لله الذي جعل الحمد مفتاحاً لذكره وسبباً للمزيد من فضله، ودليلاً على آلائه وعظمته، والصلاة والسلام على خير خلقه وأفضل بريّته محمّد وآله الطيّبين الطاهرين الأئمّة الهداة المهديين. وبعد: فإنّ الله سبحانه وتعالي من وفور كرمه علّم الدعاء وندب إليه، وألهم السؤال وحثّ عليه، ورغّب في معاملته والإقدام عليه، وجعل في مناجاته سبب النجاة، وفي سؤال مقاليد العطايا ومفاتيح الهبات، وجعل لإجابة الدعاء أسبابباً من خصوصيّات الدعوات، وأصناف الداعين والحالات، والأمكنة والأوقات.

تعريف الدعاء

الدعاء لغة: النداء والاستدعاء، تقول: دعوت فلاناً إذا ناديته وصحت به.

واصطلاحاً: طلب الأدني للفعل من الأعلي علي جهة الخضوع والإستكانة.

في الحثّ علي الدعاء

ويبعث عليه العقل والنقل؛ أمّا العقل:

فلأنّ دفع الضرر عن النفس مع القدرة عليه والتمكّن منه واجب، وحصول الضرر ضروريّ الوقوع لكلّ إنسان في دار الدنيا، كيف لا وهي في دار الجوادث التي لا تستقرّ علي حال، فضررها إمّا حاصل واقع أو متوقّع الحصول، وكلاهما يجب إزالته مع القدرة عليه، والدعاء محصّل لذلك وهو مقدور فيجب المصير إليه.

وقد نبّه أمير المؤمنين عليه‌السلام علي هذا المعني حيث قال: « ما مِن أحدٍ ابتلي وإن عظمت بلواه بأحقِّ بالدعاء من المعافي الذي لا يأمن البلاء » (1) .

فكلّ إنسان يحتاج إلي الدعاء معافيِّ ومبتليِّ، وفائدته دفع البلاء الحاصل ودفع السوء النازل، أو جلب نفع مقصود أو تقرير خير موجود، ودوامه ومنعه من الزوال، لأنهم عليهم‌السلام وصفوه بكونه سلاحاً، والسلاح ممّا يستجلب به لانفع ويستدفع به الضرر، وسمّوه أيضاً تُرساً، والترس جُنّة يتوقّي بها المكاره.

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « ألا أدلّكم علي سلاحٍ ينجيكم من أعدائكم ويدرّ أرزاقكم؟ قالوا: بلي، قال:

_________________

1 - من لا يحضره الفقيه 4/399 ح 5857؛ وعدّة الداعي: 23.