وقال الحميري في قصيدة اخرى منها هذه الأبيات :
فقال لهم إنّي رسول إليكم | ولست أراني عندكم بكذوب | |
فأيّكم يقفو مقالي؟ فأمسكوا | فقال : ألا من ناطق فمجيبي؟ | |
ففاز بها منهم عليّ وسادهم | وما ذاك من عاداته بغريب (1) |
وعلى أي حال فقد انفضّ القوم ، ولم يفلح أي أحد منهم بإجابة الرسول صلىاللهعليهوآله وتصديقه سوى أخيه وابن عمّه الإمام عليهالسلام .
وفزعت قريش كأشدّ ما يكون الفزع من دعوة الرسول صلىاللهعليهوآله واضطربت حياتهم الاجتماعية والفردية ، وانتشرت الكراهة والبغضاء في أوساطهم ، فقد صبا إلى الإسلام فريق من شبابهم ، وبعض السيّدات من نسائهم ، والأرقّاء من عبيدهم ، والمستضعفون في ديارهم أمثال عمّار وياسر وسميّة ، فكان الولد ينفر من أبويه ، وأمّا المرأة فقد خلعت طاعة زوجها ، واحتقرته ولا تقرب منه ، وأمّا الأرقّاء والمستضعفون فقد فتح لهم الإسلام آفاقا كريمة من العزّة والكرامة وبشّرهم بمستقبل كريم ، إنّهم سيكونون سادة المجتمع ، وستكون جبابرة قريش وطغاتها أذلاّء صاغرين.
لقد عمّت الاضطرابات معظم بيوت مكّة ، وحدث زلزال عنيف في ذلك المجتمع ، واستحكم العداء بين الولد وأبويه ، والأخ مع أخيه والسادة مع أرقّائهم.
وأجمعت قريش على مناجزة الرسول صلىاللهعليهوآله ومناهضته بجميع ما تملك من
__________________
(1) ديوان الحميري : 118.