8%

وقال الحميري في قصيدة اخرى منها هذه الأبيات :

فقال لهم إنّي رسول إليكم

ولست أراني عندكم بكذوب

فأيّكم يقفو مقالي؟ فأمسكوا

فقال : ألا من ناطق فمجيبي؟

ففاز بها منهم عليّ وسادهم

وما ذاك من عاداته بغريب (1)

وعلى أي حال فقد انفضّ القوم ، ولم يفلح أي أحد منهم بإجابة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله وتصديقه سوى أخيه وابن عمّه الإمام عليه‌السلام .

فزع القرشيّين :

وفزعت قريش كأشدّ ما يكون الفزع من دعوة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله واضطربت حياتهم الاجتماعية والفردية ، وانتشرت الكراهة والبغضاء في أوساطهم ، فقد صبا إلى الإسلام فريق من شبابهم ، وبعض السيّدات من نسائهم ، والأرقّاء من عبيدهم ، والمستضعفون في ديارهم أمثال عمّار وياسر وسميّة ، فكان الولد ينفر من أبويه ، وأمّا المرأة فقد خلعت طاعة زوجها ، واحتقرته ولا تقرب منه ، وأمّا الأرقّاء والمستضعفون فقد فتح لهم الإسلام آفاقا كريمة من العزّة والكرامة وبشّرهم بمستقبل كريم ، إنّهم سيكونون سادة المجتمع ، وستكون جبابرة قريش وطغاتها أذلاّء صاغرين.

لقد عمّت الاضطرابات معظم بيوت مكّة ، وحدث زلزال عنيف في ذلك المجتمع ، واستحكم العداء بين الولد وأبويه ، والأخ مع أخيه والسادة مع أرقّائهم.

إجراءات قاسية :

وأجمعت قريش على مناجزة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ومناهضته بجميع ما تملك من

__________________

(1) ديوان الحميري : 118.