سنّت إليه الرّحلتان كلاهما | سفر الشّتاء ورحلة الأصياف (1) |
من سادات بني هاشم ومن عيونهم ومن مفاخر قريش السيّد الجليل عبد المطّلب ، فقد كان في شبابه من أنبل فتيان قريش ، وفي شيخوخته كان من أوقر وأجلّ شيوخ عصره حتى لقّب بشيبة الحمد ، وذلك لكثرة حمد الناس وثنائهم عليه (2) ، وقد اسندت إليه رفادة الحجّاج وسقايتهم بعد وفاة عمّه ، وقد لاقى جهدا شاقّا وعسيرا في جمع الماء ، فكان يجمعه من المطر وغيره في أحواض من الأدم ويقدّمه لحجّاج بيت الله الحرام ، وهو الذي أخرج ماء زمزم بعد أن جهل القرشيّون موضعه ، ولمّا توفّي كان له صدى حزن وأسى في جميع أوساط القرشيّين ورثاه مطرود بن كعب الخزاعي بقوله :
يا أيّها الرجل المحوّل رحله | ألاّ نزلت بآل عبد مناف | |
هبلتك امّك لو نزلت عليهم | ضمنوك من جوع ومن إقراف | |
هبلتك امّك لو نزلت عليهم | والرّاحلون لرحلة الإيلاف | |
والمطعمون إذا الرياح تناوحت | ورجال مكّة مسنتون عجاف | |
والمفصلون إذا المحول ترادفت | والقائلون هلمّ للأضياف | |
والخالطون غنيّهم بفقيرهم | حتى يكون فقيرهم كالكافي | |
كانت قريش بيضة فتفلّقت | فالمخّ خالصة لعبد مناف (3) |
__________________
(1) تاريخ الطبري 2 : 180.
(2) قيل : إنّما لقّب بشيبة الحمد لأنّه كان في ذؤابته شعرة بيضاء حين ولد ، جاء ذلك في معرفة الصحابة 1 : 276.
(3) أمالي المرتضى 2 : 268 ، وذكرت هذه الأبيات باختلاف في أمالي القالي 1 : 241.