وحكى هذا الشعر كرم الاسرة الهاشميّة وقريها للضيف وسخاءها اللامحدود ، ومن الجدير بالذكر أنّ النبيّ كان عمره بعد وفاة عبد المطّلب ثمان سنين (1) .
أمّا أبو طالب فهو حامي الإسلام ، والرصيد الأعظم للدعوة الإسلامية منذ بزوغ نورها ، فهو القوّة الضاربة التي حمت الإسلام حينما هبّت طغاة قريش وعتاتهم لإطفاء نور الله وإخماد شعلة التوحيد ، ومن المؤكّد أنّه لو لا حماية أبي طالب للنبيّ صلىاللهعليهوآله لما استطاع أن يبلّغ رسالة ربّه ، ويقف بعزم وشموخ أمام تلك الوحوش الكاسرة مستهينا بها محتقرا لأصنامها ساخرا من تقاليدها وعاداتها ، ونعرض ـ بإيجاز ـ إلى بعض مواقفه البطولية في نصرة الإسلام ، والذبّ عن حمى الرسول صلىاللهعليهوآله التي سجّلت له بمداد من النور والفخر ، وفيما يلي ذلك :
وعنى أبو طالب عناية بالغة بالنبيّ صلىاللهعليهوآله ، وقام بجميع خدماته وشئونه ، وتولّى رعايته منذ نعومة أظفاره ، فكان المربّي والحارس له ، فقد علم بما سيكون في مستقبل حياته من السمو والعظمة ، وأنّه سيملأ الدنيا نورا ووعيا ، وأنّه رسول ربّ العالمين ، وخاتم المرسلين ، وسيّد النبيّين ، وقد أحاطه الكهّان علما بذلك ، وحذّروه من فتك اليهود واغتيالهم له ، يقول الرواة : إنّ أبا طالب سافر للتجارة إلى الشام مع النبيّ صلىاللهعليهوآله فسارع إليه الراهب فقال له : إنّي أنصحك أن ترجع بابن أخيك من مكانك هذا وإن أدّى ذلك إلى ذهاب أموالك وخسارتك في تجارتك ، فإنّي لا آمن
__________________
(1) الامتاع والمؤانسة 2 : 81.