16%

علما لامّته ورائدا لتبليغ رسالته.

لقد حفلت تربية النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله بجميع مقوّمات الارتقاء وسموّ الذات ، وكان من برامجها هذه الصور الرائعة.

1 ـ نكران الذات :

ربّى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أخاه على الواقعية ونبذ الأنانية ونكران الذات ، وكان من بين ذلك أنّ الإمام عليه‌السلام طرق باب النبيّ ، فقال الرسول :

« من هذا؟ ».

« أنا يا رسول الله ».

وكره النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله كلمة « أنا » من الإمام والتي تخلو من التعظيم لقائلها ، فجعل يقول له : « أنا ، أنا » وفهم الإمام كراهة النبيّ لهذه الكلمة ، فلم يفه بها بعد ذلك (1) .

وتكشف هذه البادرة عن سموّ التربية الإسلامية التي أمدّت الحياة بالاشراق والنهوض ، وظلّ الإمام متأثّرا بهذه التربية الرفيعة طيلة حياته ، ففي أيام حكومته وقيادته للامّة نبذ نبذا تامّا جميع مظاهر الحكم والسلطان التي تلازمها الابّهة والاستعلاء على الناس ، وعامل نفسه كبقيّة أفراد الشعب لا ميزة له عليهم ، وقد روى المؤرّخون أنّه اجتاز على أهل المدائن فأقاموا له مهرجانا شعبيا وذبحوا له الذبائح فنفر من ذلك وخاطبهم أنّه كأحدهم ، ومنع جيشه من أكل لحوم الذبائح حتى يعطي أهلها ثمنها (2) ، وهكذا كان عليّ صورة لا ثاني لها في تاريخ البشرية على الإطلاق سوى الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله .

__________________

(1) حياة الحيوان ـ الجاحظ 1 : 337.

(2) بحار الانوار 77 : 45.