وما أخذوه منها لغيرها قدموا عليه وأقاموا فيه ، فإنّها عند ذوى العقول كفىء الظّلّ(1) : بينا تراه سابغا حتّى قلص(2) ، وزائدا حتّى نقص.
62 ـ ومن خطبة له عليه السّلام
واتّقوا اللّه عباد اللّه ، وبادروا آجالكم بأعمالكم(3) ، وابتاعوا ما يبقى لكم بما يزول عنكم(4) وترحّلوا فقد جدّ بكم(5) ، واستعدّوا للموت فقد أظلّكم(6) وكونوا قوما صيح بهم فانتبهوا(7) وعلموا أنّ الدّنيا ليست لهم بدار فاستبدلوا
__________________
(1) إضافة «الفىء» إلى «الظل» إضافة الخاص للعام ، لأن الفىء لا يكون إلا بعد الزوال ، أما الظل فعام فى كل وقت ، وقيل : الظل بالغداة ، والفىء بالعشى ، وقيل : كل موضع تكون فيه الشمس ثم تزول عنه فهو ظل.
(2) سابغا : ممتدا ساترا للأرض ، وقلص : انقبض ، وحتى هنا لمجرد الغاية بلا تدريج ، أى : إن غاية سبوغه الانقباض ، وغاية زيادته النقص
(3) «بادروا الآجال بالأعمال» أى : سابقوها وعاجلوها بها ، أى : استكملوا اعمالكم قبل حلول آجالكم
(4)ابتاعوا : اشتروا ما يبقى من النعيم الأبدى ، بما يفنى من لذة الحياة الدنيا وشهواتها المنقضية
(5) «الترحل» الانتقال ، والمراد منه هنا لازمه ، وهو : إعداد الزاد الذى لا بد منه للراحل والزاد فى الانتقال عن الدنيا ليس إلا زاد التقوى وقوله «فقد جد بكم» أى : فقد حثثتم وأزعجتم إلى الرحيل ، أو فقد أسرع بكم مسترحلكم وأنتم لا تشعرون
(6)الاستعداد للموت : إعداد العدة له ، أو طلب العدة للقائه ، ولا عدة له إلا الأعمال الصالحة. وقوله «فقد أظلكم» أى : قرب منكم حتى كأن له ظلا قد ألقاه عليكم
(7) أى : كونوا قوما حذرين إذا استامتهم الغفلة وقتا ما ، ثم صاح بهم صائح الموعظة ، انتبهوا من نومهم ، وهبوا لمطلب نجاتهم وقوله «وعلموا ـ الخ» أى : عرفوا الدنيا ، وأنها ليست بدار بقاء وقرار ، فاستبدلوها