7%

176 ـ ومن كلام له عليه السّلام

وقد أرسل رجلا من أصحابه يعلم له علم أحوال قوم من جند الكوفة قد هموا باللحاق بالخوارج ، وكانوا على خوف منه عليه السلام ، فلما عاد إليه الرجل قال له : أمنوا فقطنوا أم جبنوا فظعنوا(1) ؟؟ فقال الرجل : بل ظعنوا يا أمير المؤمنين. فقال :

بعدا لهم كما بعدت ثمود ، أما لو أشرعت الأسنّة إليهم(2) ، وصبّت السّيوف على هاماتهم! لقد ندموا على ما كان منهم ، إنّ الشّيطان اليوم قد استفلّهم(3) وهو غدا متبرّئ منهم ، ومتخلّ عنهم ، فحسبهم بخروجهم من الهدى(4) ، وارتكاسهم فى الضّلال والعمى ، وصدّهم(5) عن الحقّ ، وجماحهم فى التّيه.

__________________

عمرو بن العاص (وانظر ص 1 45 من الجزء الأول)

(1) أمنوا : اطمأنوا. وقطنوا : أقاموا ، وبابه نصر ، وظعنوا : رحلوا.

(2) أشرعت : سددت وصوبت نحوهم ، وقوله «صبت السيوف الخ» استعارة من «صببت الماء» شبه وقع السيوف وسرعة اعتوارها الرءوس بصب الماء ، والهامات : الرءوس

(3) استفلهم : دعاهم للتفلل : وهو الانهزام عن الجماعة.

(4) حسبهم : كافيهم من الشر خروجهم الخ والباء زائدة ، وإن جعل «حسب» اسم فعل بمعنى اكتف كانت الباء فى موضعها ، أى : فليكتفوا من الشر والخطيئة بذلك فهو كفيل لهم بكل شقاء ، والارتكاس : الانقلاب والانتكاس

(5) صدهم : إعراضهم ، والجماح والجموح : أن يغلب الفرس راكبه ، والمراد تناهيهم فى التيه ، أى : الضلال