إنّك متى تسر إلى هذا العدوّ بنفسك فتلقهم فتنكب لا تكن للمسلمين كانفة دون أقصى بلادهم(1) ليس بعدك مرجع يرجعون إليه ، فابعث إليهم رجلا مجرّبا ، واحفز معه أهل البلاء والنّصيحة(2) فإن أظهر اللّه فذاك ما تحبّ ، وإن تكن الأخرى كنت ردءا للنّاس(3) ومثابة للمسلمين.
131 ـ ومن كلام له عليه السّلام(4)
يا ابن اللّعين الأبتر ، والشّجرة الّتى لا أصل لها ، ولا فرع ، أنت تكفينى! واللّه ما أعزّ اللّه من أنت ناصره ، ولا قام من أنت منهضه ، اخرج عنّا أبعد اللّه
__________________
(1) كانفة : عاصمة يلجأون إليها ، من «كنفه» إذا صانه وستره ، والأصل فى هذا الاستعمال أنهم يقولون «كنفت الابل» أى : جعلت لها كنيفا ، وهو الحظيرة من الشجر تستتر بها وتلجأ إليها ، وبها تعتصم
(2) «رجلا مجربا» يروى بالجيم ، ومعناه الذى أحكمته التجربة ودله الاختبار على عواقب الأمور ، ويروى «محربا» بالحاء المهملة ، أى : صاحب حروب ، وقوله «احفز». من «حفزته» ـ كضربته ـ إذا دفعته وسقته سوقا شديدا ، وأهل البلاء : أهل المهارة فى الحرب مع الصدق فى القصد والجراءة فى الاقدام ، والبلاء : هو الاجادة فى العمل وإحسانه
(3) الردء ـ بالكسر ـ : الملجأ ، والمثابة : المرجع
(4) قالوا : كان نزاع بين أمير المؤمنين وبين عثمان ، فقال المغيرة بن الأخنس ابن شريق لعثمان : أنا أكفيكه! قال على : يا ابن اللعين الخ ، وإنما قال ذلك لأن لأن أباه كان من رءووس المنافقين ، ووصفه بالأبتر ـ وهو من لا عقب له ـ لأن ولده هذا كلا ولد وكان للمغيرة هذا أخ اسمه أبو الحكم بن الأخنس ، وكان قد شهد مع كفار مكة غزاة أحد ، وفيها قتله أمير المؤمنين على بن أبى طالب رضى اللّه عنه