14%

145 ـ ومن كلام له عليه السّلام

قبل موته

أيّها النّاس ، كلّ امرىء لاق ما يفرّ منه فى فراره ، والأجل مساق النّفس(1) والهرب منه موافاته. كم أطردت الأيّام أبحثها عن مكنون هذا الأمر فأبى اللّه إلاّ إخفاءه. هيهات! علم مخزون ، أمّا وصيّتى فاللّه لا تشركوا به شيئا ، ومحمّد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فلا تضيّعوا سنّته. أقيموا هذين العمودين ، وأوقدوا هذين المصباحين ، وخلاكم ذمّ ما لم تشردوا(2) . حمل كلّ امرىء منكم مجهوده(3) ، وخفّف عن الجهلة ربّ رحيم ، ودين قويم ، وإمام عليم.

أنا بالأمس صاحبكم ، وأنا اليوم عبرة لكم ، وغدا مفارقكم ، غفر اللّه لى ولكم.

إن ثبتت الوطأة فى هذه المزلّة فذاك ، وإن تدحض القدم(4) فإنّا كنّا فى

__________________

هذه تتكرر ، ثم لما ضاق بهم ذرعا قام فاستعد للقتال ولبس درع النبى صلّى اللّه عليه وآله وسلم ورفع إلى محمد ابنه رايته السوداء ، وتعرف بالعقاب ، وحمل وحمل معه الناس ، واستحر القتل من الفريقين ، لا حول ولا قوة إلا باللّه العلى العظيم ، وإنا للّه وإنا إليه راجعون

(1) مساق النفس تسوقها إليه أطوار الحياة حتى توافيه

(2) برئتم من الذم ما لم تشردوا ـ كتنصروا ـ أى : تنفروا وتميلوا عن الحق

(3) «حمل كل امرىء ـ الخ» : هذا وما بعده ماض قصد به الأمر

(4) قوله «إن ثبتت» : يريد بثبات الوطأة معافاته من جراحه ، والمزلة : محل الزلل ، و «دحضت القدم». زلت ، وزلقت ، وبابه منع