149 ـ [ومن خطبة له عليه السّلام]
وهو فى مهلة من اللّه يهوى مع الغافلين(1) ويغدو مع المذنبين ، بلا سبيل قاصد ، ولا إمام قائد :
منها : حتّى إذا كشف لهم عن جزاء معصيتهم ، واستخرجهم من جلابيب غفلتهم ، استقبلوا مدبرا ، واستدبروا مقبلا ، فلم ينتفعوا بما أدركوا من طلبتهم ، ولا بما قضوا من وطرهم! وإنّى أحذّركم ونفسى هذه(2) المنزلة ، فلينتفع امرؤ بنفسه ، فإنّما البصير من سمع فتفكّر ، ونظر فأبصر وانتفع بالعبر ، ثمّ سلك جددا واضحا يتجنّب فيه الصّرعة فى المهاوى ، والضّلال فى المغاوى(3) ولا يعين على نفسه الغواة بتعسّف فى حقّ ، أو تحريف فى
__________________
(1) قوله «وهو فى مهملة» كلام فى ضال غير معين ، فهذا الكلام كما تقول : رحم اللّه امرأ اتقى ربه ، وخاف ذنبه. أو كما تقول : بئس رجلا الرجل الذى قل حياؤه ، وغاض وفاؤه. ونحو ذلك ، أنت فى كل ذلك لا تقصد واحدا بعينه من الناس ، وإنما تعنى من كان فيه هذه الخلال. ويهوى : يسقط ، والسبيل القاصد : المؤدى للغرض
(2) فى بعض الروايات «أحذركم ونفسى هذه المزلة» وهى مفعلة من الزلل
(3) المهاوى : جمع مهواة ، وهى الهوة يتردى فيها. والمغاوى : جمع مغواة ، وهى الشبهة يذهب معها الانسان إلى ما يخالف الحق