153 ـ ومن خطبة له عليه السّلام
أرسله على حين فترة من الرسل ، وطول هجعة من الأمم(1) وانتقاض من المبرم ، فجاءهم بتصديق الّذى بين يديه ، والنّور المقتدى به : ذلك القرآن فاستنطقوه ولن ينطق ، ولكن أخبركم عنه ، ألا إنّ فيه علم ما يأتى ، والحديث عن الماضى ، ودواء دائكم ، ونظم ما بينكم
منها : فعند ذلك لا يبقى بيت مدر ولا وبر(2) إلاّ وأدخله الظّلمة ترحة ، وأولجوا فيه نقمة ، فيومئذ لا يبقى لكم فى السّماء [عاذر] ، ولا فى الأرض ناصر ، أصفيتم بالأمر غير أهله(3) ، وأوردتموه غير مورده ، وسينتقم اللّه ممّن ظلم : مأكلا بمأكل ، ومشربا بمشرب : من مطاعم العلقم ، ومشارب الصّبر والمقر(4) ، ولباس شعار الخوف ، ودثار السّيف(5) ، وإنّما هم
__________________
(1) الهجعة : المرة من الهجوع ، وهو النوم ليلا ، نوم الغفلة فى ظلمات الجهالة. وانتقاض الأحكام الألهية التى أبرمت على ألسنة الأنبياء السابقين ، نقضها الناس بمخالفتها
(2) الاشارة بذلك لحالة الاختلاف ومخالفة القرآن بالتأويل ، والترحة : ضد الفرحة
(3) أصفيته بالشىء : آثرته ، وخصصته
(4) الصبر ـ ككتف ـ : عصارة شجر مر ، والمقر ـ على وزانه ـ السم
(5) الدثار ـ ككتاب ـ : من اللباس أعلاه فوق الملابس ، والسيف يكون أشبه بالدثار ، إذا عمت إباحة الدم بأحكام الهوى فلا يكون لبدن ولا لعضو منه انفلات عنه