ر سولَ الله، لم أخْرُج لأنّني لم احِب أن أسأل عنك الركْبَ. فقال النبيصلىاللهعليهوآله : « فانفذُوا جَيْشَ أُسامة فانفذوا جَيْشَ اُسامة » يُكَررها ثلاث مرات. ثمّ أُغمِيَ عليه من التَعَب الذي لَحِقه والأسَف، فمكث هنَيْهَة مُغمىً عليه، وبكى المسلمون وارتفع النَحيبُ من أزواجه وولده والنساء المسلمات ومن حَضرَ من المسلمين(١) .
فأفاق عليه واله السلام فنظر إليهم، ثمّ قال: « اِيتوني بدواة وكَتِف، أكتُبْ لكم كتاباً لا تَضِلّوا بعده أبداً » ثمّ اغمِيَ عليه، فقام بعضُ من حضر يلتمس دَواةً وكَتِفاً فقال له عمر: اِرجع، فإنّه يَهْجُر!!! فرجع. ونَدِم من حَضَره على ماكان منهم من التضجيع(٢) في إحضار الدَواة والكَتِف، فتلاوموا بينهم فقالوا: إنّا للّه وإنّا إليه راجعون، لقد أشفَقْنا من خلاف رسول اللّه.
فلمّا أفاقصلىاللهعليهوآله قال بعضُهم: ألا نأتيك بكَتِفٍ يا رسول اللّه ودَواةٍ؟ فقال: « أبعدَ الذي قلتم!! لا، ولكنَّني أُوصيكم باهلِ بيتي خيراً » ثمّ أعْرَضَ بوجهه عن القوم فنَهَضوا، وبقي عنده العبّاس والفضل وعليّ بن أبي طالب وأهل بيته خاصّة.
فقال له العبّاس: يا رسولَ اللّه، إن يكن هذا الأمرُ فينا مستقِرّاً بعدَك فَبشِّرنا، وإن كنتَ تَعلم أنّا نُغْلَبَ عليه فأوْصِ بنا، فقال: « أنتم المُستضعَفون من بعدي » وأصْمْتَ، فنَهَض القومُ وهم يَبكون قد
____________________
(١) في هامش « ش » و « م »: من اهل بيته.
(٢) التضجيع في الأمر: التقصيرفيه. « الصحاح - ضجع - ٣: ١٢٤٨ ».