4%

خاتمة الكتاب

وفيها أمران:

اتّضح من البحوث السابقة أنّ الأمّة الإسلاميّة أجمعتْ بأسرها على جلالة وعظمة أهل البيت ( عليهم السلام )، وقد عرفنا أنّ الآيات والروايات دلّت على وجوب اتّباعهم والتمسّك بمنهجهم والانتهال من معين نبْعهم الثَر، كما عرفنا أنّ كتب أهل السُنّة قد تناولتْهم بالمدح والثناء، بل قرأنا أنّ جملة من علماء أهل السُنّة - فضلاً عن عوامّهم - كانوا يزورون مراقد أئمّة أهل البيت ويتوسّلون بهم إلى الله في قضاء حوائجهم (1) ، ومن هنا يتبيّن أنّ لأهل هذا البيت عليهم السلام محوريّة مميّزة في حياة الأمّة الإسلاميّة، وأنّ لهم دوراً مركزيّاً في إحياء شرعة الحقّ التي جاء بها النبي محمّد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم )؛ ولذا يجدر بنا التنبيه إلى أمرين:

* الأمر الأوّل:

عند مراجعة ما تقدّم يتّضح جلياً أنّ لأهل البيت ( عليهم السلام ) تراثاً علميّاً ضخماً ملأ آفاق الدنيا، فقد عرفنا أنّ عليّاً ( عليه السلام ) كان باب مدينة علم رسول الله، ووارث علمه (2) .

ولا يخفى على القارئ مكانة علي ( عليه السلام ) العلميّة بين الصحابة:

قال ابن عبّاس: ( قال عمر: عليٌ أقضانا ).

وقال ابن مسعود: ( كنّا نتحدّث أنّ أقضى أهل المدينة علي ).

وقال ابن المسيّب: ( قال عمر: أعوذ بالله من معضلة ليس لها أبو حسن ).

وقال ابن عبّاس: ( إذا حدّثنا ثقة بفتيا عن علي لم نتجاوزه ) (3) .

____________________

(1) انظر مثلاً ما تقدّم من: قول الشافعي: ص271، وأبي علي الخلال: ص271، والسمعاني: ص273، وابن حِبَّان: ص293، والذهبي: ص299.

(2) انظر: آخر الفصل الأوّل.

(3) هذهِ الأقوال أرسلها الذهبي إرسال المسلّمات في ( تاريخ الإسلام ): وفيات: (11 - 40هـ)، ص 638.