الإمام الحسين (عليه أفضل الصلاة والسّلام) قد واجه ذلك الخطر، ودفعه بنهضته المقدّسة، وما استتبعها من تضحيات جسام.
أهمية بقاء معالم الدين ووضوح حجّته
ومن الظاهر أنّ ذلك من أهمّ المقاصد الإلهية؛ فإنّ الله (عزّ وجلّ) لا بدّ أن يوضح الدين الحق، ويتم الحجّة عليه؛ ليتيسّر لطالب الحق الوصول إليه، والتمسّك به، و( لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ ) (١) .
وقد قال الله (عزّ وجلّ):( وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ ) (٢) ، وقال تعالى:( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُول ) (٣) ، وقال سبحانه:( لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ) (٤) ... إلى غير ذلك.
تميّز الإسلام بما أوجب إيضاح معالمه وبقاء حجّته
وحقيقة الأمر: إنّ ذلك لم يستند لنهضة الإمام الحسين (صلوات الله عليه) وحدها، بل هو نتيجة أمرين امتاز بهما دين الإسلام العظيم:
الأوّل: بقاء القرآن المجيد في متناول المسلمين جميعاً، واتّفاقهم عليه، وحفظ الله (عزّ وجلّ) له من الضياع على عامّة الناس، ومن التحريف كما حصل في الكتب السماوية الأخرى.
الثاني: جهود جميع الأئمّة من أهل البيت (صلوات الله عليهم)، فإنّهم لما أُقصوا عن مراتبهم التي رتّبهم الله تعالى فيها، نتيجة انحراف مسار السلطة في
____________________
١ - سورة الأنفال/٤٢.
٢ - سورة التوبة/١١٥.
٣ - سورة الإسراء/١٥.
٤ - سورة النساء/١٦٥.