ومحنهم ومصائبهم التي قد تبلغ حدّ الكوارث.
الرابع : المدّ الإلهي غير المحدود، والكرامات الباهرة، والمعاجز القاهرة التي تأخذ بالأعناق؛ حيث يعطي ذلك حيوية ودفعاً للدعوة باستمرار.
وكانت نتيجة ذلك كلّه أن فرض هذا الكيان المتميّز نفسه على أرض الواقع - رغم المعوّقات الكثيرة، والصراع المرير على طول التاريخ حتى يومنا الحاضر - من دون أن يعتمد على سلطة ينسّق معها وتدعمه، وإن كان قد يستفيد من السلطة في بعض الفترات من دون أن يكون تابعاً لها منصهراً بها، أو تتحكّم فيه وفي توجهاته.
وقد حصل ذلك بفضل جهود الأئمّة من ذرية الإمام الحسين (صلوات الله عليهم) بعد أن أصحروا بإعراضهم عن السلطة، وتفرّغوا لشيعتهم؛ ليكملوا الشوط، ويستثمروا المكاسب العظيمة التي حقّقها الأئمّة الأوّلون (صلوات الله عليهم) والخاصة من شيعتهم في سلوكهم الحكيم، وتضحياتهم الجسيمة.
كلّ ذلك من أجل قيام طائفة في الأُمّة ظاهرة، تنطق بالحق، وتعمل به، وتدعو له، وتكبح جماح الانحراف، وتنكر عليه.
تحقيقاً للوعد الإلهي الذي يشير إليه قوله (عزّ وجلّ) في محكم كتابه المجيد:( وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ ) (١) .
وقوله تعالى:( وَإِن تَتَوَلَّوْا
____________________
١ - سورة الأعراف/١٨١.