معاً، ونرفع اليد عن دلالة هذا الخبر بهذا المقدار، وهو المطابق مع الأُطروحة التي عرفناها قبل قليل.
الوجه الثاني: وجود الدلالات المعارضة من ناحية أُخرى.
وذلك: أنَّنا سنسمع الروايات الواردة لسرد حوادث ما بعد الظهور، وسنجدها جميعاً خالية من التعرُّض ليأجوج ومأجوج، وإنَّما سنجد العالم هو العالم الذي نعرفه خالياً من الغرائب التي نُسبت إلى هاتين القبيلتين... يظهر المهدي (ع) وينزل المسيح (ع)، فيحكمان فيه بالعدل، ومعه تكون تلك الأخبار ككل دلالة على عدم انتشار يأجوج ومأجوج يومئذ.
وحيث علمنا من القرآن الكريم والسنَّة الشريفة، أنَّهم لا بدَّ أن ينتشروا في يوم ما، إذاً؛ فهذا واقع قبل الظهور لا محالة.
وهنا لا بدَّ لنا أن نتنازل عمَّا دلًَّت عليه بعض الأخبار السابقة، عن تأخُّر انتشار هاتين القبيلتين عن نزول المسيح تماماً، كما قلنا في الجواب السابق.
وينبغي أن نُلاحِظ - أيضاً - أنَّه طبقاً للأُطروحة التي فهمناها لا تكون هناك أيَّة معارضة بين أخبار يأجوج ومأجوج وبين الروايات التي تذكر حوادث ما بعد الظهور؛ لأنَّ هذه الأطروحة كما تقول بتقدُّم انتشار يأجوج ومأجوج المادّية على الظهور، تنفي عن هاتين القبيلتين كل الغرائب، وإنَّما هما يُمثِّلان العالم نفسه كما نعرفه، فيما عرفناه من دلالة الأخبار على سيطرة المهدي (ع) على العالم كما نعرفه، يكون مُنسجماً مع الأُطروحة كل الانسجام.
نعم، طبقاً للأُطروحة يكون عمل المهدي (ع) مُكرَّساً في أول ظهوره للسيطرة على يأجوج ومأجوج، أو المادِّية السابقة على ظهوره، وهذا المفهوم لم يرد في أخبار ما بعد الظهور، وهذا يعني تحوُّل المفهوم في هذه الأخبار، وترك التعرُّض إلى عنوان يأجوج ومأجوج... ولا يعني وجود الأشكال في هذه الأُطروحة.
وهو من الحركات الاجتماعية التي أكَّدت عليها المصادر الإمامية تأكيداً كبيراً،