وأهملتها مصادر العامة إلى حدٍّ كبير، على العكس من الدجَّال، كما أشرنا في التاريخ السابق(1) ، وقد سبق هناك أن ذكرنا العديد من تفاصيل أوصافه وأعماله، وأعطينا عنه فَهْماً خاصَّاً، وهو كونه يُمثِّل حركة الانحراف، أو حركةً مُنحرفةً واسعةَ النفوذ، في داخل المجتمع المسلم.
والمهمُّ في تاريخنا هذا، أن ننظر إلى أعمال السفياني، كشيءٍ سبق على الظهور بقليل، بحيث يتمُّ الظهور، ولا يزال السفياني يعمل عمله وينشر حُكمه ودعوته، كما عليه ظاهر الأخبار.
وينبغي أن نتكلَّم حول ذلك ضمن عدَّة نواحي.
الناحية الأُولى: في سرد الأخبار التي تُفيدنا في حدود الغرض الذي أشرنا إليه، بعد سردنا من أخبار السفياني في التاريخ السابق(2) الشيء الكثير، وعرفنا أنَّها متواترة لا مناص من الأخذ بها إجمالاً.
أخرج الصدوق(3) ، عن أبي منصور البجلي، قال: سألت أبا عبد الله (ع) عن اسم السُّفياني.
فقال: ( وما تصنع باسمه؟! إذا مَلَكَ كور الشام الخَمْس: دمشق، وحمص، وفلسطين، والأردن، وقنسرين، فتوقَّعوا الفَرَج ).
قلت: يملك تسعة أشهُر؟
قال: ( لا، ولكن يملك ثمانية أشهُر لا يزيد يوماً ).
وأخرج النعماني في الغيبة(4) ، عن أبي جعفر محمد بن علي (ع) في حديث طويل يقول فيه:
( لا بدَّ لبني فلان من أن يملكوا، فإذا ملكوا ثمَّ اختفوا تفرَّق مُلكهم أو تشتَّت أمرهم، حتى يخرج عليهم الخراساني والسُّفياني، هذا من المشرق وهذا من المغرب، يستبقان إلى الكوفة كفَرَسي رهان، هذا من هنا وهذا
____________________
(1) انظر ص621 وما بعدها.
(2) انظر ص622 وما بعدها.
(3) انظر إكمال الدين ( المخطوط ).
(4) ص135.