2%

التي عرضناها في التاريخ السابق، والتي تقول: إنَّ المهدي (ع) خلال غيبته يرى الناس ويرونه ولا يعرفونه. وإنَّما تكون غيبته باعتبار غفلة الناس مُطلقة عن حقيقته... ويعرفونه بعنوان مُستعار وشخصيّة (ثانوية) يتّخذها المهدي (ع) في المجتمع.

ومعه؛ فمن الممكن أنَّ السفياني يعرف تلك (الشخصية الثانوية)، أعني ما اتَّخذه المهدي من عنوان مُستعار في ذلك العصر، ويُتابع أخباره بتلك الصفة، ويُرسل جيشاً لقتله بتلك الصفة أيضاً، وإنَّما عبَّر عنه في الأخبار بالمهدي باعتبار حقيقته، وإنَّما يُخسف بالجيش المـُعادي له باعتبار ذلك أيضاً، إلاَّ أنَّ السفياني لن يشعر أنَّه قاصد لقتل المهدي (ع) نفسه، ولن يشعر الناس بذلك أيضاً؛ لأنَّه، والناس إنَّما يعرفونه بشخصيَّته الثانوية دون الحقيقية.

النقطة الثالثة: أنَّه تبقى عدَّة فجوات في تسلسل الحوادث لم تنطق بها الأخبار بوضوح... ومن الصعب استدراكها بطبيعة الحال، نذكر لها بعض الأمثلة.

منها: دور الجماعة المـُقبلة من خراسان، وفيها بعض أصحاب القائم (ع) بقيادة الخراساني، ما هو دورها في العراق هل هو عسكري أو فكري أو ليس لها دور؟ ما هو موقف السفياني منها حين يُسيطر على البلاد؟

ومنها: دور اليماني عسكرياً وفكرياً وعقائدياً، وإن كان المظنون أنَّه هو المـُشار إليه في بعض الأخبار، بأنَّ رايته راية هُدى، كما سمعنا في التاريخ السابق(1) ، والسفياني سيُجْهِز عليه وسيُخلِّي الساحة العراقية منه، إلاَّ أنَّ فجوات أُخرى سوف تبقى غير قابلة للجواب.

ومنها: عدد أفراد الجيش الذين يتَّجهون إلى مكَّة المـُكَّرمة للقبض على المهدي (ع)، فهل هو جماعة كبيرة أو صغيرة، فبينما يُعبِّر عنه في عدد من الأخبار بالجيش، وهو يوحي بالعدد، ويؤيِّده ما في بعض الأخبار من أنَّهم ثمانون ألفاً(2) .

إلاَّ أنَّ بعض الأخبار تقول: فيُبعث إليه بعثٌ(3) ، وهو يوحي بالإرسالية الصغيرة نسبيَّاً، إلاَّ أنَّ الأغلب على التعبير بالجيش على أيِّ حال.

الناحية الرابعة: أنَّنا فهمنا في التاريخ السابق(4) ، من الأخبار التي تذكر خروج

____________________

(1) انظر تاريخ الغيبة الكبرى ص632.

(2) المصدر ص602. غير أنَّ الخبر مروي عن ابن عباس لا عن أحد المعصومين (ع).

(3) المصدر ص 599.

(4) المصدر ص 547.