2%

المهدي (ع) من السفياني سوف لن يكون إلاَّ الشجب والاستنكار، في حدود المقدار الممكن له حال غيبته... الأمر الذي يولِّد ردَّ الفعل لدى السفياني، بإرسال الجيش وتهديده بالقتل، وأمَّا موقف النفس الزكية فواضح من خُطبته، وإن هو إلاَّ صورة أُخرى من صور الشجب والاستنكار، وسيكون ردُّ الفعل هو قتله من داخل بيت الله الحرام.

وستكون ردود الفعل هذه مُتطرِّفة إلى درجة إهدارها للأحكام الضرورية في الدين، الأمر الذي يكشف عن تمخُّض التخطيط والتمحيص الإلهيَّين عن نتائجهما المطلوبة... فيكون موعد اليوم الموعود قد تحقَّق.

الاعتراض الرابع: أنَّه قد يخطر في الذهن، أنَّ المـُستفاد من سباق الأخبار، أنَّ سبب الظهور هو إثارة غضب المهدي (ع) من الحادثتين المـُشار إليهما، وهذا غير صحيح، بعد أن قامت الضرورة القطعية لدى كل مؤمن بالمهدي كونه مذخوراً لإصلاح العالم برمَّته، وأنَّه ممَّن لا تُهمُّه مصالحه الشخصية على الإطلاق، فكيف يصحُّ أن يكون ظهوره ثأراً لهاتين الحادثتين؟!

والجواب على ذلك واضح ممَّا سبق، وواضح في ضمير كل مؤمن بعد وجود الضرورة القطعية المـُشار إليها:

إنَّ هاتين الحادثتين ستُغضبان الله تعالى، لا المهدي وحده... بما يستبطنان من إهدار لضروريات الدين، ولكنَّ الظهور سوف لن يكون ثأراً لأيٍّ منهما... فإنَّ مُهمَّة المهدي (ع) الموعود أوسع وأعمق من هذا المجال الضيِّق، بالرغم من أهمِّيَّته، كلَّما في الأمر أنَّ ظهوره سيكون قريباً منهما زماناً، باعتبار تحقُّق شرائط الظهور، وليس لهاتين الحادثتين من صلة بالظهور، إلاَّ ما قلناه من الكشف عن تحقُّق الشرائط، إلى جانب جعلها علامة عليه في الأخبار... الأمر الذي يُنبِّه المـُخلصين المـُمحَّصين إلى قُرب الظهور.

وهذا - في واقعه - يُمثِّل إحدى الفروق الجوهرية بين شرائط الظهور وعلاماته، تلك الفروق التي أنهيناها في التاريخ السابق(1) إلى سبعة.

الناحية الرابعة: في مُحاولة تمحيص تلك الأخبار التي ذكرناها في الناحية الأُولى، من حيث قابليّتها للإثبات التاريخي وعدمه.

وفي هذا الصدد نواجه عدَّة نقاط:

النقطة الأُولى: أنَّها روايات قليلة وغير مُستفيضة، بخلاف ما جاء في السفياني

____________________

(1) انظر ص470 وما بعدها إلى عدَّة صفحات