2%

( سيبعث الله ثلاثمئة وثلاثة عشر إلى مسجد مكَّة، يعلم أهل مكَّة أنَّهم لم يولَدوا من آبائهم ولا أجدادهم ).

وظاهره أنَّهم جميعاً ليسوا من أهل مكَّة، غير أنَّ التنزُّل عن هذا الظاهر في أربعة فقط، غير عسير.

مضافاً إلى ما سنسمعه - غير بعيد - من أنَّ وجود هؤلاء في مكَّة سيُشكِّل ( مشكلة قانونية ) بصفتهم غُرباء لم يدخلوا بترخيص من الجهات الحاكمة، كما دلَّت عليه الأخبار، فلو كانوا من أهل مكَّة، لم يكن لهذه المشكلة أيُّ موضوع.

الاستفهام الثالث: هل أنَّ وجود بعض هؤلاء الخاصة في مدينة ما، يُعتبر شرفاً وفضيلة لتلك المدينة، أم لا؟

وجوابه: أنَّه لا شكَّ أنَّ هذه جهة مُعيَّنة مُهمَّة جدَّاً بالنسبة إلى أيِّ مدينة، غير أنَّه لا ينبغي المـُبالغة في ذلك... لأنَّ السبب الرئيسي لتكامل الفرد في المدن الاعتيادية، ما لم تحتوِ المدينة على زخم علمي وعقائدي خاص موجب للتكامل، كالذي يوجد في القاهرة، والنجف، وقم، وجامعة القرويِّين، وأمثالها في العالم الإسلامي، وإلاَّ فسيكون المـُسبِّب الرئيسي للتكامل هو زيادة الظلم والانحراف الساري المفعول ضدَّ المؤمنين في كل الأجيال، وكلَّما تطرَّف أهل المدينة إلى جانب الباطل تطرَّف هؤلاء إلى جانب الحق، كما برهنَّا عليه في التاريخ السابق؛ ومن هنا يكون سبب التكامل العالي، حتى يكون الفرد بدلاً من الأبدال، وهو تطرُّف الأفراد الآخرين إلى جهة الباطل واضطهادهم الأفراد المؤمنين إلى أقصى حدٍّ.

وهذا هو الذي يجعل إنتاج المدينة الاعتيادية لبعض الأفراد المـُتكاملين الخاصِّين، لا يُمثِّل شرفاً ولا فضيلةً بالنسبة إلى الأفراد الآخرين في الأعمِّ الأغلب.

الجهة السادسة - من هذا الفصل -: في المشكلة القانونية التي يُحدثها بقاء هؤلاء الثلاثمئة والثلاثة عشر في مكَّة المـُكرَّمة، ما بين ورودهم إلى حين تحقُّق الظهور.

ونتحدَّث عن ذلك، ضمن عدَّة نقاط:

النقطة الأُولى: في مُحاولة فَهْم هذه المـُشكلة أساساً:

إنَّ المنطلق الأساسي الذي يُثير المشكلة هو وجود هؤلاء الغرباء فترةً من الزمن،

____________________

(1) ص244 وما بعدها.