2%

العبادة بمعناها الكامل الشامل الدقيق، وهو تطبيق العدل الكامل على الفرد والمجموع، المـُتمثِّل بتفاصيل أوامر الله ونواهيه وإرشاداته بدقائقها على كل الخليقة: الإنس والجن.

وقد عرفنا - فيما يخصُّ الإنس أو البشرية - أنَّها عاشت حقباً طويلاً من الدهر في التخطيط التربوي العام لها؛ لأجل تحقيق شرائط هذا الهدف وإيجاد المستوى اللائق به في المجتمع البشري.

وكان القائد الكبير المذخور لتحقيق هذا الهدف الكبير، هو الإمام المهدي الموعود عليه السلام، وهو الذي بشَّرت به الأديان ونادى به الإسلام، باعتبار أنَّ كلَّ الأديان السماوية - بما فيها الإسلام - إنَّما كانت واقعة في طريق ذلك الهدف الكبير، ومن ثمَّ لتحقيق شرائط قيادة المهدي (ع) ووجود دولته العالمية.

ومن ثَمَّ يتَّضح - بجلاء - أنَّ عمل المهدي (ع) وقيادته وأهدافه في البشرية هي الأهداف التي أرادها الله تعالى لخليقته من حين وجودها، وهي نتيجة جهود الأنبياء والأولياء والصالحين جميعاً، وهي تطبيق العدل الكامل والعبادة المحضة في ربوع المجتمع الإنساني (الإنس) كلهم، على ما نطقت به الآية الكريمة.

ولا يمكن أن يكون هذا الهدف ضيِّقاً أو مُقتصراً على قوم دون قوم، أو مجتمع أو دولة دون دولة... فإنَّ نسبة البشرية إلى الخالق الحكيم وإلى الأهداف التي توخَّاها في خليقته، نسبة واحدة متساوية.

إذن؛ فالهدف يجب أن يكون عامَّاً شاملاً، وبشرياً بكل ما في هذه الكلمة من سعة وشمول.

إذن؛ فمن الطبيعي أن نفهم من الآية الكريمة نفسها: أنَّ دولة الإمام المهدي (ع) ستكون شاملة للإنس كلِّهم وللمـُجتمع والبشرية كلِّها.

ولسنا الآن في حاجة إلى إعطاء التفاصيل لهذا التخطيط العام، بعد الذي عرفه قارئ الموسوعة، وما سوف يأتي في الكتاب الآتي تفصيل عميق لهذا التخطيط.

الجهة الثالثة: في إعطاء بعض الملحوظات التي تُساعد على فَهْم الروايات السابقة.

الملحوظة الأُولى: روايات القسم الأول التي سمعنا، صريحة في عالمية الدولة المهدوية، كقوله: ( وليُبلِغنَّ دين محمد (ص) ما بلغ الليل والنهار، حتى لا يكون شرك على ظهر الأرض،