2%

لأنَّ أعداءه - من المـُنحرفين والكافرين والمادِّيين - فارغوا الذهن تماماً عن قضية ثورته، وعن احتمال حصولها تماماً؛ فيكون حدوثها مُباغتةً (مطلقة)، وسيؤخذون على حين غرَّة وعلى غير استعداد، وقد أكَّدت الأخبار على هذا ا لعنصر من ضمانات الانتصار:

أخرج الصدوق(1) ، بإسناده المـُتَّصل بالإمام الرضا (ع)، عن آبائه، أنَّ النبي (ص) قيل له: يا رسول الله، متى يخرج القائم من ذُرِّيتك؟

فقال: ( مَثَلُه مَثَلُ الساعة، لا يُجلِّيها لوقتها إلاَّ الله عزَّ وجلَّ، ثقلت في السماوات والأرض، لا تأتيكم إلاَّ بغتة )(2) .

وأخرج الطبرسي في الاحتجاج(3) رسالة المهدي (ع) إلى الشيخ المفيد ( عليه الرحمة )، وقد سبق أن ذكرناها في تاريخ الغيبة الكبرى(4) ، وقد جاء في آخرها: ( فليعمل كل امرئٍ منكم بما يُقرِّب به من محبَّتنا، ويتجنَّب ما يُدنيه من كراهتنا وسخطنا؛ فإنَّ أمرنا بغتة فجأة، حين لا ينفعه توبة، ولا يُنجيه من عقابنا ندم على حوبة... ) الحديث.

إلى غير ذلك من الأخبار...

وينبغي أن نتحدَّث عن عنصر المفاجأة ضمن جهتين:

الجهة الأُولى: أنَّ للمفاجأة بظهور المهدي (ع) تخطيطاً خاصاً بها، مربوطاً بالتخطيط العام السابق على الظهور.

ويمكن إرجاع هذا التخطيط إلى عدَّة فقرات:

الفقرة الأُولى: تعاهد قادة الإسلام الأوائل على عدم التصريح بموعد الظهور، وإبقائه غيباً مكتوباً عن كل أحد، لا يعلم به حتى المـُخلصون من أصحابه - فضلاً عن الآخرين - ويختصُّ علمه بالله عزَّ وجلَّ والقادة الإسلاميين المعصومين أنفسهم.

ولذا سمعنا النبي (ص) في الرواية الأُولى رفض أن يُصرِّح بالوقت، ويُشبِّه خفاء

____________________

(1) انظر كمال الدين، نسخة مخطوطة.

(2) الأعراف: 7/178.

(3) ج2 ص 324.

(4) ص168.