2%

تمهيد

قد يكون من الطريف أن يتصدَّى الباحث للنظر إلى ما وراء الغيب، ليخطّ تاريخ المستقبل بسطور، وقد لا يعدو هذا التاريخ في نظر الكثيرين، عن كونه سرداً لمجموعة من التنبُّؤات التي قد لا يقع شيء منها في مستقبل الدهر، وأيّ فشل لتنبُّؤات الفرد، أكثر رَكاكة من أن يثبت كَذِب هذه التنبُّؤات وسقوط هذه الإخبارات.

إذن؛ فقد يبدو أنّه من الأفضل أن يعرض الفرد صفحاً مثل هذا التاريخ ويُهمله إهمالاً، ويدع تسلسل الحوادث على مقاديرها، بدون أن يزعم لنفسه القدرة على اسْتِكْنَاه المـُستقبل أو النظر إلى ما وراء الغيوب.

إلا أنّ هذه الفكرة يمكن أن تزول عن الذهن تماماً، وتوجد الهِمَّة في النفس نحو هذه البحوث … حين نعرف أنّ هذه المـُحاولة، وإن كانت في حقيقتها سرداً لحوادث لم تقع في الزمان، وإنّما المـُستقبَل وحده هو الكفيل بمُعاصرتها وعرضها للعيان، إلا أنّها لن تكون مُحاولة لادّعاء معرفة ما وراء الغيب، كما أنّها ليست تنبُّؤاً محضاً غير منطلق من قاعدة أو قائم على أساس، ويتمّ إيضاح ذلك فيما سنذكره من جهات الكلام، كما يلي:

الجهة الأُولى: في أهمّيّة الموضوع في نفسه:

الجهة الثانية: في طُرق الاستدلال التي سوف تكون مُتّبعة خلال هذا البحث.

الجهة الثالثة: في الصعوبات التي تواجه البحث.

الجهة الرابعة: في أُسلوب الخروج عن هذه الصعوبات ومُحاولة تذليلها جهد الإمكان.

الجهة الخامسة: في ترتيب أبواب وفصول هذا الكتاب.