وأخرج المجلسي في البحار(1) ، قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه - في حديث -: (... ولو قد قام قائمنا لأنزلت السماء قطرها، ولأخرجت الأرض نباتها، ولذهبت الشحناء من قلوب العباد، واصطلحت السباع والبهائم، حتى تمشي المرأة بين العراق إلى الشام لا تضع قدميها إلاَّ على النبات وعلى رأسها زينتها، لا يُهيجها سبع ولا تخافه ).
فهذه نُخبة من الأحاديث الكثيرة الواردة في هذا الصدد.
وكثرة الأخبار بهذا الصدد تُنتِج لنا أمرين:
الأمر الأول: اتِّضاح مدى اهتمام قادة الإسلام - النبي (ص) فمن بعده - إيضاح خصائص دولة المهدي وما يقوم به من أعمال، وما يُنتجه من خيرات، كيف لا؟ وهو يُمثِّل القمَّة لجهودهم والثمرة الطيِّبة لأعمالهم، والنتيجة الكبرى للتخطيط الإلهي الطويل.
الأمر الثاني: إنَّنا نستطيع بهذا السرد أن نؤدِّي حساب كل حادثة من الحوادث المنقولة بشكل أكثر وأدقّ، ونوفِّر لها المـُثبتات بشكل أكثر؛ لوضوح أنَّ الروايات كلَّما زادت على الحادثة الواحدة، كانت آكد وأوضح في الذهن، وأقوى ثبوتاً من الناحية التاريخية.
والآن، لابدَّ أن نأخذ كل رواية من الروايات العامة المنقولة من هذه الأخبار، لنرى مقدار ثبوتها وموافقتها للقواعد العامة والقرائن المـُثبتة، وذلك ضمن الجهات الآتية:
الجهة الثانية (*) : المسلك الشخصي للإمام المهدي بصفته رئيساً للدولة العالمية العادلة، وهو ما صرَّحت به بعض هذه الأخبار، من أنَّ لباسه الخشن الغليظ، وطعامه الشعير
____________________
(1) ج13 ص182.
* هكذا وردت في الكتاب من غير ذكر الجهة الأُولى. [ الشبكة ]