5%

وأمَّا عند الشيعة الإمامية الاثني عشرية، فهذا من الضروريات القطعيَّات، التي لا يمكن أن يرقى إليها الشكُّ، وتدلُّ عليه أعداد غفيرة من أخبارهم في المهدي، ممَّا لا حاجة إلى الإفاضة فيه، يكفي في ذلك أن نعرف أنَّهم يرون أنَّ المهدي إمامهم الثاني عشر، وأنَّهم يرون وجوب طاعته ولزوم انتظاره.

وفي أخبار المصادر العامة ما يدلُّ على ذلك، وقد سمعنا قبل قليل بعضها، وفيها تعبير الأئمة المعصومين عنه (ع) بقائمنا ومهديّنا، ونحو ذلك، فليرجع القارئ إليها.

الجهة الثالثة: موقف الإمام المهدي (ع) من العنصريَّة وأمثالها.

وهي عدَّة مفاهيم ذات مدلول أناني ضيِّق، يتضمَّن تفضيل عنصر على عنصر من البشر، على أساس الدم، أو اللغة، أو اللون، أو الوطن، أو القبيلة، أو نحو ذلك، ولنصطلح عليها جميعاً بالعنصرية، من أجل تخفيف التعبير.

والرأي الذي لا بدَّ من الجزم به - باعتبار الأدلَّة الآتية - هو أنَّ موقف الإمام المهدي (ع) من العنصرية دائماً موقف سلبي ومُعارض... بل دعوته ودولته عالمية، تصل إلى كل البشر على حدٍّ سواء، بدون تفضيل لجماعة على أُخرى.

ويُمكن إقامة الدليل على ذلك على عِدَّة مُستويات:

المـُستوى الأول: أنَّ دعوة المهدي (ع) قائمة على الإسلام، كما برهنَّا، فإنَّه إنَّما يُطبِّق الإسلام على وجه الأرض، ويرفض أيَّ عنصر غريب عنه أو أجنبي.

ونحن نعرف أنَّ الإسلام نصَّ - بكل صراحة - على إلغاء العنصرية، بمثل قوله تعالى:

( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) (1) .

وقول النبي (ص) المشهور عنه: ( لا فضل لعربيٍّ على أعجميٍّ إلاَّ بالتقوى ).

والإسلام دين الناس أجمعين، وليس خاصاً بأحد، قال الله تعالى:( قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا... ) (2) .

وقال عزوجل:( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا

____________________

(1) الحجرات: 49/ 13. (2) الأعراف: 7/ 158.