2%

أقول: وهو يدلُّ - بوضوح - على مشاركة غير العرب بالإيمان العميق، عقيدة وتطبيقاً... إذا كان المراد جعل سلمان الفارسي (رض) مُمثِّلاً لهم، مع احتمال أن يكون المراد جعله مُمثِّلاً لمستوى معُيَّن في الإخلاص و التفكير، ويكون قوله (ص): ( رجال من هؤلاء... ). يعني مَن كان مُتَّصفاً بذلك المستوى.

وعلى أيِّ حال، فإنَّ المـُلاحّظ أنَّ هذا الخبر غير دالٍّ بالمرَّة على أنَّ سلمان الفارسي من الآخرين الذين لم يلحقوا بهم، المذكورين في الآية الكريمة، بل هو دالٌّ على العكس، كما هو واضح لمَن يُفكِّر، وأمَّا السؤال عن معنى الآية، فقد أعرض النبي (ص) عن جوابه.

وعلى أيِّ حال، فما دامت دولة النبي (ص) خالية من العنصرية، إذاً فستكون دولة المهدي (ع) كذلك؛ لأنَّه يستنُّ بسنَّته، ويسير بسيرته.

الجهة الرابعة: نظام الدولة المهدوية، هل هو مُشابه لبعض الأنظمة السابقة عليه، كالرأسمالية أو الاشتراكية أو غيرهما، أولا؟

والذي ينبغي الجزم به أساساً هو النفي المطلق، وأنَّ شيئاً من الأنظمة السابقة على الظهور، لا تصدق على نظام المهدي ولا تشمله.

والدليل الحسِّي التطبيقي، سوف لن يظهر، إلاَّ بعد الظهور، حين يتمُّ تطبيق نظام الإمام المهدي (ع) ودولته العالمية، ويكون في الإمكان مُقارنته بالأنظمة السابقة عليه مُقارنةً حسِّيَّة، وهذا لا يتمُّ في العصر الحاضر بطبيعة الحال.

ولكنَّنا نستطيع - طبقاً للأدلة التالية - الجزم بأنَّ نظام المهدي (ع) مُباين ومُغاير تماماً مع أيِّ نظام سابق عليه، وذلك باعتبار الأدلة التالية:

الدليل الأول: أنَّنا عرفنا أنَّ الإمام المهدي (ع ) سوف يُطبِّق الإسلام، بصفته الأطروحة العادلة الكاملة... وقد تمَّ البرهان في بحوث الفكر الإسلامي على مغايرة نظام الإسلام لسائر الأنظمة الأُخرى، وأنَّه أطروحة مُستقلَّة لحلِّ مشاكل البشرية لا تمتُّ إلى الحلول الأُخرى بصِلَةٍ.

ولا مجال لسرد تلك الأدلة في هذا التاريخ - بطبيعة الحال - إلاَّ أنَّها تُنتِج بعد التسليم بصحتها مُغايرة نظام الإمام المهدي (ع) للأنظمة السابقة عليه... لأنَّ نظامه هو الإسلام المـُغاير لتلك الأنظمة.