بشارة المصطفى (صلى الله عليه وآله) لشيعة المرتضى (عليه السلام)

بشارة المصطفى (صلى الله عليه وآله) لشيعة المرتضى (عليه السلام)13%

بشارة المصطفى (صلى الله عليه وآله) لشيعة المرتضى (عليه السلام) مؤلف:
المحقق: جواد القيّومي الإصفهاني
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
الصفحات: 438

  • البداية
  • السابق
  • 438 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 32021 / تحميل: 9026
الحجم الحجم الحجم
بشارة المصطفى (صلى الله عليه وآله) لشيعة المرتضى (عليه السلام)

بشارة المصطفى (صلى الله عليه وآله) لشيعة المرتضى (عليه السلام)

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

وإن أراد البيع ولا حاكم هناك ، استقلّ به ، فإن كان فوجهان لهم ، أحدهما : جواز الاستقلال ؛ لأنّه نائب عن المالك في الحفظ ، فكذا في البيع(١) .

مسألة ٣٩٤ : لو وجد بعيراً في أيّام منى في الصحراء مقلَّداً كما يُقلَّد الهدي ، لم يجز أخذه ؛ لأنّه لا يجوز مع عدم التقليد فمعه أولى.

وقال الشافعي : يأخذه ويُعرّفه أيّام منى ، فإن خاف أن يفوته وقت النحر نحره ، والأولى عنده أن يرفع إلى الحاكم حتى يأمره بنحره(٢) .

ونقل بعضهم قولاً آخَر : إنّه لا يجوز أخذه(٣) ، كما ذهبنا إليه.

ثمّ بنوا القولين على القولين فيما إذا وجد بدنة منحورة غمس ما قُلّدت به في دمها وضرب صفحة سنامها ، هل يجوز الأكل منها؟ فإن منعنا الأكل ، منعنا الأخذ هنا ، وإن جوّزنا الأكل اعتماداً على العلامة ، فكذا التقليد علامة كون البعير هدياً ، والظاهر أنّ تخلّفه كان لضعفه عن المسير ، والأُضحية المعيّنة إذا ذُبحت في وقت النحر وقع في موقعه وإن لم يأذن صاحبها(٤) .

قال الجويني : لكن ذبح الضحيّة وإن وقع في موقعه لا يجوز الإقدام عليه من غير إذنٍ(٥) .

وجوّز بعض الشافعيّة الأخذ والنحر(٦) .

ولهذا الإشكال ذهب القفّال تفريعاً على هذا القول أنّه يجب رفع

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٥٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٦٦.

(٢) البيان ٧ : ٤٦٥ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨١.

(٣ - ٥) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨١.

(٦) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧٦.

٣٠١

الأمر إلى الحاكم لينحره(١) .

وهذا ليس بشي‌ءٍ ؛ لأنّ الأخذ الممنوع منه إنّما هو الأخذ للتملّك ، ولا شكّ أنّ هذا البعير لا يؤخذ للتملّك.

المطلب الثاني : في الملتقط.

مسألة ٣٩٥ : يصحّ أخذ الضالّة في موضع الجواز لكلّ بالغٍ عاقلٍ.

ولو أخذه في موضع المنع ، لم يجز ، وضمنه ، إماماً كان أو غيره ؛ لأنّه أخذ ملك غيره بغير إذنه ، ولا أذن الشارع له ، فهو كالغاصب.

وهذا الفرض في الإمام عندنا باطل ؛ لأنّه معصوم.

أمّا عند العامّة الذين لم يوجبوا عصمة إمامهم فإنّه قد يُفرض.

وكذا يُفرض عندنا في نائب الإمام.

وكذا يجوز للصبي والمجنون أخذ الضوالّ ؛ لأنّه اكتساب ، وينتزع الوليّ ذلك من يدهما ، ويتولّى التعريف عنهما سنةً ، فإن لم يأت له مالك تملّكاه وضمناه بتمليك الوليّ لهما وتضمينهما إيّاه إن رأى الغبطة في ذلك ، وإن لم يكن في تمليكهما غبطة ، أبقاها أمانةً.

مسألة ٣٩٦ : الأقرب : عدم اشتراط الحُرّيّة ، فيجوز للعبد القِنّ والمدبَّر والمكاتَب وأُمّ الولد والمعتق بعضه التقاطُ الضوالّ في موضع الجواز ؛ لأنّه اكتساب وهؤلاء من أهله وهُمْ أهلٌ للحفظ.

والأقرب : إنّه لا يشترط الإسلام ولا العدالة ، فيجوز للكافر أخذ الضالّة ، وكذا للفاسق ؛ لأنّه اكتساب وهُما من أهله.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨١.

٣٠٢

وقال الشافعي : لا يجوز لغير الإمام وغير نائبه أخذ الضوالّ للحفظ لصاحبها ، فإن أخذها غير الامام أو نائبه ليحفظها لصاحبها لزمه الضمان ؛ لأنّه لا ولاية له على صاحبها(١) .

ولأصحابه وجهٌ آخَر : إنّه يجوز أخذها لحفظها قياساً على الإمام(٢) .

واحتجّ بأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله مَنَع من أخذها من غير أن يفرّق بين قاصد الحفظ وقاصد الالتقاط ، والقياس على الإمام باطل ؛ لأنّ له ولايةً ، وهذا لا ولاية له(٣) .

ونحن نقول بموجبه في موضع المنع من أخذها.

أمّا لو وجدها في موضعٍ يخاف عليها فيه ، مثل أن يجدها في أرض مسبعة يغلب على الظنّ افتراس الأسد لها إن تركها فيه ، أو وجدها قريبةً من دار الحرب يخاف عليها من أهلها ، أو في موضعٍ يستحلّ أهله أخذ أموال المسلمين ، أو في برّيّة لا ماء بها ولا مرعى ، فالأولى جواز الأخذ للحفظ ، ولا ضمان على آخذها ؛ لما فيه من إنقاذها من الهلاك ، فأشبه تخليصها من غرقٍ أو حرقٍ ، وإذا حصلت في يده سلّمها إلى بيت المال ، وبرئ من ضمانها ، وله التملّك مع الضمان ؛ لأنّ الشارع نبّه على علّة عدم التملّك لها بأنّها محفوظة ، فإذا كانت في المهلكة انتفت‌

____________________

(١) الحاوي الكبير ٨ : ٦ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٤٣٨ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٥٥ - ٥٥٦ ، البيان ٧ : ٤٦٠ - ٤٦١ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٥٣ و ٣٥٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٦٥ ، المغني ٦ : ٣٩٩ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٥٣.

(٢) الحاوي الكبير ٨ : ٦ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٤٣٨ ، حلية العلماء ٥ : ٥٣٢ - ٥٣٣ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٥٦ ، البيان ٧ : ٤٦١ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٥٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٦٥ ، المغني ٦ : ٣٩٩ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٥٣.

(٣) راجع : المغني ٦ : ٣٩٩ ، والشرح الكبير ٦ : ٣٥٣.

٣٠٣

العلّة.

مسألة ٣٩٧ : لو ترك دابّة بمهلكةٍ فأخذها إنسان فأطعمها وسقاها وخلّصها ، تملّكها - وبه قال الليث والحسن بن صالح وأحمد وإسحاق(١) - إلّا أن يكون تركها بنيّة العود إليها فأخذها ، أو كانت قد ضلّت منه ؛ لما رواه العامّة عن الشعبي أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « مَنْ وجد دابّةً قد عجز عنها أهلها فسيّبوها فأخذها فأحياها فهي له »(٢) .

وفي لفظٍ آخَر عن الشعبي عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : « مَنْ ترك دابّةً بمهلكةٍ فأحياها رجل فهي لمَنْ أحياها »(٣) .

ومن طريق الخاصّة : ما رواه عبد الله بن سنان - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام قال : « مَنْ أصاب مالاً أو بعيراً في فلاةٍ من الأرض قد كلّت وقامت وسيّبها صاحبها لـمّا لم تتبعه فأخذها غيره فأقام عليها وأنفق نفقةً حتى أحياها من الكلال ومن الموت فهي له ، ولا سبيل له عليها ، وإنّما هي مثل الشي‌ء المباح »(٤) .

ولأنّ القول بملكها يتضمّن إحياءها وإنقاذها من الهلاك ، وحفظاً للمال عن الضياع ، ومحافظةً على حرمة الحيوان ، وفي القول بعدم الملك‌

____________________

(١) الإشراف على مذاهب أهل العلم ٢ : ١٦٠ - ١٦١ ، الحاوي الكبير ٨ : ٢٧ ، حلية العلماء ٥ : ٥٣٩ ، المغني ٦ : ٤٠٠ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٥٤.

(٢) سنن أبي داوُد ٣ : ٢٨٧ / ٣٥٢٤ ، سنن الدارقطني ٣ : ٦٨ / ٢٥٩ ، سنن البيهقي ٦ : ١٩٨ ، المغني ٦ : ٤٠٠ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٥٤ - ٣٥٥.

(٣) سنن أبي داوُد ٣ : ٢٨٨ / ٣٥٢٥ ، سنن البيهقي ٦ : ١٩٨ ، المغني ٦ : ٤٠٠ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٥٥.

(٤) تقدّم تخريجه في ص ٢٨٦ ، الهامش (٤)

٣٠٤

تضييع ذلك كلّه من غير مصلحةٍ تحصل ، ولأنّ مالكه نبذه رغبةً عنه وعجزاً عن أخذه ، فمَلَكه آخذه ، كالمتساقط من السنبل وسائر ما ينبذه الناس رغبةً عنه وزهداً فيه.

المطلب الثالث : في الأحكام.

مسألة ٣٩٨ : يجوز للإمام ونائبه أخذ الضالّة على وجه الحفظ لصاحبه ، ثمّ يرسله في الحمى الذي حماه الإمام لخيل المجاهدين والضوالّ ؛ لأنّ للإمام نظراً في حفظ مال الغائب ، وفي أخذ هذه حفظ لها عن الهلاك ، ثمّ يُعرّفها حولاً ، فإن جاء صاحبها ، وإلّا بقيت في الحمى.

وقال أحمد : لا يلزمه تعريفها ؛ لأنّ عمر لم يكن يُعرّف الضوالّ(١) .

وفعل عمر ليس حجّةً.

وإذا عرف إنسان دابّته ، أقام البيّنة عليها وأخذها ، ولا يكفي وصفها ؛ لأنّها ظاهرة بين الناس يعرف صفاتها غير أهلها ، فلا تكون الصفة(٢) لها دليلاً على ملكه لها ، ولأنّ الضالّة قد كانت ظاهرةً للناس حين كانت في يد مالكها ، فلا يختصّ هو بمعرفة صفاتها دون غيره ، ويمكنه إقامة البيّنة عليها ؛ لظهورها للناس ومعرفة خلطائه وجيرانه بملكه إيّاها.

مسألة ٣٩٩ : الأقرب عندي : إنّه يجوز لكلّ أحدٍ أخذ الضالّة ، صغيرةً كانت أو كبيرةً ، ممتنعةً عن السباع أو غير ممتنعةٍ ، بقصد الحفظ لمالكها ، والأحاديث(٣) الواردة في النهي عن ذلك محمولة على ما إذا نوى بالالتقاط‌

____________________

(١) المغني ٦ : ٣٩٨ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٥٣.

(٢) في « ث ، خ ، ر » : « الصفات ».

(٣) منها : ما تقدّم تخريجه في الهامش (١) من ص ١٦٦.

٣٠٥

التملّك إمّا قبل التعريف أو بعده ، أمّا مع نيّة الاحتفاظ فالأولى الجواز ، كما أنّه لا يجوز للإمام ولا لنائبه أخذ ما لا يجوز أخذه على وجه التملّك.

مسألة ٤٠٠ : ما يحصل عند الإمام من الضوالّ فإنّه يُشهد عليها ويَسِمها بوَسْم أنّها ضالّة.

ثمّ إن كان له حمى ، تركها فيه إن رأى المصلحة في ذلك ، وإن رأى المصلحة في بيعها أو لم يكن له حمى ، باعها بعد أن يصفها ويحفظ صفاتها ، ويحفظ ثمنها لصاحبها ، فإنّ ذلك أحفظ لها ؛ لأنّ في تركها ضرراً على مالكها ؛ لإفضائه إلى أن تأكل جميع ثمنها.

وأمّا غير الإمام ونائبه إذا التقط الضالّة ولم يجد سلطاناً يُنفق عليها ، أنفق من نفسه ، ويرجع مع نيّة الرجوع.

وقيل : لا يرجع ؛ لأنّ عليه الحفظَ ، ولا يتمّ إلّا بالإنفاق(١) .

والأوّل أقرب ؛ دفعاً لتوجّه الضرر بالالتقاط.

ولا يبعد من الصواب التفصيلُ ، فإن كان قد نوى التملّك قبل التعريف أو بعده ، أنفق من ماله ، ولا رجوع ؛ لأنّه فَعَل ذلك لنفعه ، وإن نوى الحفظ دائماً ، رجع مع الإشهاد إن تمكّن ، وإلّا فمع نيّته.

ولو كان للّقطة نفعٌ كالظهر للركوب ، أو الحمل أو اللبن أو الخدمة ، قال الشيخرحمه‌الله : يكون ذلك بإزاء ما أنفق(٢) .

والأقرب : أن ينظر في قدر النفقة وقيمة المنفعة ، ويتقاصّان.

مسألة ٤٠١ : لا يضمن الضالّة بعد الحول إلّا مع قصد التملّك.

ولو قصد حفظها دائماً ، لم يضمن ، كما في لقطة الأموال ، إلّا مع‌

____________________

(١) كما في شرائع الإسلام ٣ : ٢٩٠.

(٢) النهاية : ٣٢٤.

٣٠٦

التفريط أو التعدّي.

ولو قصد التملّك ، ضمن ، فإن نوى الحفظ بعد ذلك ، لم يبرأ من الضمان ؛ لأنّه قد تعلّق الضمان بذمّته ، كما لو تعدّى في الوديعة ثمّ نوى الحفظ.

ولو قصد الحفظ ثمّ نوى التملّك ، لزمه الضمان من حين نيّة التملّك.

مسألة ٤٠٢ : لو وجد مملوكاً بالغاً أو مراهقاً ، لم يجز له أخذه ؛ لأنّه كالضالّة الممتنعة يتمكّن من دفع المؤذيات عنه.

ولو كان صغيراً ، كان له أخذه ؛ لأنّه في معرض التلف ، والمال إذا كان بهذه الحال جاز أخذه ، وهو نوع منه.

وإذا أخذ عبداً صغيراً للحفظ ، لم يدفع إلى مدّعيه إلّا بالبيّنة ، ولا تكفي الشهادة على شهود الأصل بالوصف ؛ لاحتمال الشركة في الأوصاف ، بل يجب إحضار شهود الأصل ليشهدوا بالعين ، فإن تعذّر إحضارهم لم يجب نقل العبد إلى بلدهم ولا بيعه على مَنْ يحمله ، ولو رأى الحاكم ذلك صلاحاً جاز ، ولو تلف قبل الوصول أو بعده ولم يثبت دعواه ، ضمن المدّعي قيمة العبد وأجره.

مسألة ٤٠٣ : لو ترك متاعاً في مهلكةٍ فخلّصه إنسان ، لم يملكه ؛ لأنّه لا حرمة له في نفسه ولا يخشى عليه التلف كالخشية على الحيوان ، فإنّ الحيوان يموت إذا لم يطعم ويسقى وتأكله السباع ، والمتاع يبقى إلى أن يعود مالكه إليه.

ولو كان المتروك عبداً ، لم يملكه آخذه ؛ لأنّ العبد في العادة يمكنه التخلّص إلى الأماكن التي يعيش فيها ، بخلاف البهيمة.

وله أخذ العبد والمتاع ليخلّصه لصاحبه.

وهل يستحقّ الأُجرة عن تخليص العبد أو المتاع؟ الوجه : إنّه لا يستحقّ إلّا مع الجُعْل ؛ لأنّه عمل في مال غيره بغير جُعْلٍ ، فلم يستحق شيئاً ، كالملتقط.

٣٠٧

وقال أحمد : يستحقّ الجُعْل(١) . وليس بجيّدٍ.

مسألة ٤٠٤ : ما يلقيه رُكْبان البحر فيه من السفينة خوفاً من الغرق إذا أخرجه غير مالكه ، فالأقرب : إنّه للمُخرج ، وبه قال الليث بن سعد والحسن البصري [ قال : ](٢) وما نضب عنه الماء فهو لأهله(٣) .

وقال ابن المنذر : يردّه على أربابه ، ولا جُعْل له(٤) ، وهو مقتضى قول الشافعي(٥) .

ويتخرّج على قول أحمد : إنّ لمن أنقذه أُجرة مثله(٦) .

والأقرب : ما قدّمناه ؛ لأنّه مال ألقاه أربابه فيما يتلف بتركه فيه اختياراً منهم ، فمَلَكه مَنْ أخرجه ، كالمنبوذ بنيّة الإعراض عن تملّكه.

ولو انكسرت السفينة في البحر فأُخرج بعض المتاع الذي فيها بالغوص وأخرج البحر بعض ما غرق فيها ، روى الشعيري فيه أنّ الصادقعليه‌السلام سئل عن ذلك ، فقال : « أمّا ما أخرجه البحر فهو لأهله ، الله أخرجه ، وأمّا ما أُخرج بالغوص فهو لهم وهُمْ أحقّ به »(٧) .

____________________

(١) المغني ٦ : ٤٠٠ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٥٥.

(٢) ما بين المعقوفين أثبتناه من المغني والشرح الكبير ، وهو مقتضى ما في الإشراف على مذاهب أهل العلم.

(٣ و ٤) الإشراف على مذاهب أهل العلم ٢ : ١٦١ ، المغني ٦ : ٤٠١ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٥٦.

(٥) كما في المغني ٦ : ٤٠١ ، والشرح الكبير ٦ : ٣٥٦.

(٦) المغني ٦ : ٤٠١ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٥٦.

(٧) تقدّم تخريجه في ص ٢٧٧ ، الهامش (٣)

٣٠٨

وقال الشافعي وابن المنذر : إذا انكسرت السفينة فأخرجه قوم ، يأخذ أصحاب المتاع متاعهم ، ولا شي‌ء للّذين أصابوه(١) .

وعلى قياس قول أحمد يكون لمستخرجه أُجرة المثل ؛ لأنّ ذلك وسيلة إلى تحصيله(٢) وحفظه لصاحبه وصيانته عن الغرق ، فإنّ الغوّاص إذا علم أنّه يُدفع إليه الأجر بادر إلى التخليص ، وإن علم أنّه يؤخذ منه بغير شي‌ءٍ لم يخاطر بنفسه في استخراجه(٣) .

مسألة ٤٠٥ : قد بيّنّا أنّه يجوز للإنسان أن يلتقط العبد الصغير وكذا الجارية الصغيرة ، ويُملك كلٌّ منهما بعد التعريف.

وقياس مذهب أحمد : إنّه لا يُملكان بالتعريف(٤) .

وقال الشافعي : يملك العبد دون الجارية ؛ لأنّ التملّك بالتعريف - عنده - كالقرض ، والجارية - عنده - لا تُملك بالقرض(٥) .

واستشكل بعض العامّة ذلك ؛ فإنّ الملقوط محكوم بحُرّيّته ، وإن كان ممّن يعبّر عن نفسه فأقرّ بأنّه مملوك لم يُقبل إقراره ؛ لأنّ الطفل لا قول له ، ولو اعتبر قوله في ذلك لاعتبر في تعريف سيّده(٦) .

____________________

(١) المغني ٦ : ٤٠١ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٥٦ - ٣٥٧.

(٢) الظاهر : « تخليصه ».

(٣) كما في المغني ٦ : ٤٠١ ، والشرح الكبير ٦ : ٣٥٧.

(٤) كما في المغني ٦ : ٤٠٢ ، والشرح الكبير ٦ : ٣٥٧.

(٥) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٤٣٩ ، حلية العلماء ٥ : ٥٣٩ ، البيان ٧ : ٤٦٦ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٥٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٦٧ ، المغني ٦ : ٤٠٢ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٥٧.

(٦) المغني ٦ : ٤٠٢ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٥٧.

٣٠٩

الفصل الثالث : في اللقيط‌

وفيه مطالب :

الأوّل : الأركان.

اللقيط كلّ صبي ضائع لا كافل له ، ويُسمّى منبوذاً باعتبار أنّه يُنبذ ، أي يرمى ، ويُسمّى لقيطاً ، أي ملقوطاً ، واللقيط فعيل بمعنى مفعول ، كما يقال : دهين وخضيب وجريح وطريح ، وإنّما هو مدهون ومخضوب ومجروح ومطروح ، ويُسمّى ملقوطاً باعتبار أنّه يُلقط.

إذا عرفت هذا ، فالأركان ثلاثة :

الأوّل : الالتقاط.

وهو واجب على الكفاية ؛ لاشتماله على صيانة النفس عن الهلاك ، وفي تركه إتلاف النفس المحترمة ، وقد قال الله تعالى :( وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ ) (١) .

ولأنّ فيه إحياء النفس فكان واجباً ، كإطعام المضطرّ وإنجائه من الغرق ، وقد قال الله تعالى :( وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النّاسَ جَمِيعاً ) (٢) وقال تعالى :( وَافْعَلُوا الْخَيْرَ ) (٣) .

ووجد سُنَين أبو جميلة منبوذاً فجاء به إلى عمر بن الخطّاب ، فقال :

____________________

(١) سورة المائدة : ٢.

(٢) سورة المائدة : ٣٢.

(٣) سورة الحجّ : ٧٧.

٣١٠

ما حملك على أخذ هذه النسمة؟ فقال : وجدتُها ضائعةً فأخذتُها ، فقال عريفه : إنّه رجل صالح ، فقال : كذلك؟ قال : نعم ، قال : اذهب فهو حُرٌّ ، ولك ولاؤه ، وعلينا نفقته(١) .

وهذا الخبر عندنا لا يُعوّل عليه ، والولاء عندنا لمن يتولّاه الملتقط ، فإن لم يتوال أحداً ، كان ميراثه للإمام.

وليس أخذ اللقيط واجباً على الأعيان بالإجماع وأصالة البراءة ، ولئلّا تتضادّ الأحكام ، ولأنّ الغرض الحفظ والتربية ، وذلك يحصل بأيّ واحدٍ اتّفق ، بل هو من فروض الكفايات إذا قام به البعض سقط عن الباقين ، ولو تركه الجماعة بأسرهم أثموا بأجمعهم إذا علموا به وتركوه مع إمكان أخذه.

مسألة ٤٠٦ : ويستحبّ الإشهاد على أخذه ؛ لأنّه أصون وأحفظ ، لأنّه يحتاج إلى حفظ الحُرّيّة والنسب ، ولأنّ اللّقطة يشيع أمرها بالتعريف ، ولا تعريف في اللقيط.

وللشافعيّة طريقان ، أحدهما : إنّه على وجهين أو قولين كما قدّمنا في اللّقطة ، والأصح : القطع بالوجوب ، بخلاف اللّقطة ، فإنّ الأصحّ فيها الاستحباب ؛ لأنّ اللقيط يحتاج إلى حفظ الحُرّيّة والنسب ، فجاز أن يجب الإشهاد عليه كما في النكاح(٢) .

والأصل عندنا ممنوع.

وحكى الجويني وجهاً ثالثاً هو : الفرق ، فإن كان الملتقط على ظاهر العدالة لم يكلّف الإشهاد ، وإن كان مستور العدالة كُلّف ليصير الإشهاد قرينةً‌

____________________

(١) الموطّأ ٢ : ٧٣٨ / ١٩ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧٧.

(٢) الحاوي الكبير ٨ : ٣٧ ، الوجيز ١ : ٢٥٤ ، البيان ٨ : ٩ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٣.

٣١١

تغلب على الظنّ الثقة(١) .

وإذا أوجبنا الإشهاد فلو تركه لم تسقط ولاية الحضانة.

وقال الشافعي : تسقط ولاية الحضانة ، ويجوز الانتزاع(٢) .

وإذا أشهد فليشهد على الملتقط وما معه من ثيابٍ وغيرها إن كان معه شي‌ء.

الركن الثاني : اللقيط.

وقد ذكرنا أنّه كلّ صبي ضائع لا كافل له ، والتقاطه من فروض الكفايات ، فيخرج بقيد الصبي البالغ ، فإنّه مستغنٍ عن الحضانة والتعهّد ، فلا معنى لالتقاطه.

نعم ، لو وقع في معرض هلاكٍ ، أُعين ليتخلّص.

أمّا الصبي الذي بلغ سنّ التمييز فالأقرب : جواز التقاطه ؛ لحاجته إلى التعهّد والتربية ، وهو أحد قولَي الشافعيّة ، والثاني : إنّه لا يلتقط ؛ لأنّه مستقلٌّ ممتنع ، كضالّة الإبل ، فلا يتولّى أمره إلّا الحاكم(٣) .

وقولنا : « ضائع » نريد به المنبوذ ؛ لأنّ غير المنبوذ يحفظه أبوه أو جدّه لأبيه أو الوصي لأحدهما ، فإن لم يكن أحد هؤلاء ، نصب القاضي له مَنْ يراعيه ويحفظه ويتسلّمه ؛ لأنّه كان له كافل معلوم ، وهو أبوه أو جدّه أو وصيّهما ، فإذا فقد قام القاضي مقامه ، كما أنّه يقوم لحفظ مال الغائبين والمفقودين ، أمّا المنبوذ فإنّه يشبه اللّقطة ولهذا يُسمّى لقيطاً فلم يختصّ‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧٩.

(٢) الوسيط ٤ : ٣٠٣ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧٩ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٣.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧٩ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٤.

٣١٢

حفظه بالقاضي.

وقولنا : « لا كافل له » نريد به مَنْ لا أب له ولا جدّ للأب ومَنْ يقوم مقامهما ، والملتَقَط ممّن هو في حضانة أحد هؤلاء لا معنى لالتقاطه.

نعم ، لو وُجد في مضيعةٍ أُخذ ليُردّ إلى حاضنه.

الركن الثالث : الملتقِط.

مسألة ٤٠٧ : يعتبر في الملتقِط التكليف والحُرّيّة والإسلام والعدالة ، فلا يصحّ التقاط الصبي ولا المجنون.

ولو كان الجنون يعتوره أدواراً ، أخذه الحاكم من عنده ، كما يأخذه لو التقطه المجنون المطبق أو الصبي.

وأمّا العبد فليس له الالتقاط ؛ لأنّ منافعه ملك سيّده ، فليس له صَرفها إلى غيره إلّا بإذنه ، ولأنّ الالتقاط تبرّعٌ والعبد ليس من أهله ؛ إذ أوقاته مشغولة بخدمة مولاه.

ولو أذن له السيّد أو علم به فأقرّه في يده ، جاز ، وكان السيّد في الحقيقة هو الملتقِط ، والعبد نائبه قد استعان به عليه في الأخذ والتربية والحضانة ، فصار كما لو التقطه سيّده وسلّمه إليه.

وإذا أذن له السيّد ، لم يكن له الرجوع في ذلك.

أمّا لو كان الطفل في موضعٍ لا ملتِقط له سوى العبد ، فإنّه يجوز له التقاطه ؛ لأنّه تخليصٌ له من الهلاك ، فجاز ، كما لو أراد التخليص من الغرق.

ولو التقط العبد مع وجود ملتقطٍ غيره ، لم يُقر في يده ، وينتزعه الحاكم ؛ لأنّه المنصوب للمصالح ، إلّا أن يرضى مولاه ويأذن بتقريره في‌

٣١٣

يده ، فيقدَّم على الحاكم.

ولا فرق بين القِنّ والمدبَّر وأُمّ الولد والمكاتَب والمحرَّر بعضه في ذلك كلّه ؛ لأنّه ليس لأحد هؤلاء التبرّعُ بماله ولا بمنافعه إلّا بإذن السيّد.

وقال الشافعي : المكاتَب إذا التقط بغير إذن السيّد انتُزع من يده ، كالقِنّ ، وإن التقط بإذن السيّد جاء فيه الخلاف في تبرّعاته بالإذن ، لكنّ الظاهر عندهم المنع ؛ لأنّ حقّ الحضانة ولاية ، وليس المكاتَب أهلاً لها(١) .

وليس بجيّدٍ ؛ لأنّ الحقّ لا يعدوهما.

وللشافعيّة وجهان في الـمُعتَق نصفه إذا التقط في يوم نفسه هل يستحقّ الكفالة؟(٢) .

مسألة ٤٠٨ : لا يجوز للكافر أن يلتقط الصبي المسلم ، سواء كان الكافر ذمّيّاً أو معاهداً أو حربيّاً ؛ لأنّه لا ولاية للكافر على المسلم ، قال الله تعالى :( وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً ) (٣) ولأنّه لا يؤمن أن يفتنه عن دينه ويُعلّمه الكفر ، بل الظاهر أنّه يُربّيه على دينه وينشأ على ذلك كولده ، فإن التقطه لم يُقرّ في يده.

أمّا لو كان الطفل محكوماً بكفره ، فإنّه يجوز للكافر التقاطه ؛ لقوله تعالى :( وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ ) (٤) .

وللمسلم التقاط الطفل الكافر.

مسألة ٤٠٩ : الأقرب : اعتبار العدالة في الملتقِط ، فلو التقطه الفاسق‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٨١ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٥.

(٢) حلية العلماء ٥ : ٥٥٥ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٨١ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٥.

(٣) سورة النساء : ١٤١.

(٤) سورة الأنفال : ٧٣.

٣١٤

لم يُقر في يده ، وينتزعه الحاكم ؛ لأنّ الفاسق غير مؤتمنٍ شرعاً ، وهو ظالم ، فلا يجوز الركون إليه ؛ لقوله تعالى :( وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النّارُ ) (١) ولا يؤمن أن يبيع الطفل أو يسترقّه ويدّعيه مملوكاً له بعد مدّةٍ ، ولا يؤمن سوء تربيته له ولا يوثق عليه ويخشى الفساد به ، وهو قول الشافعي(٢) أيضاً.

ويفارق اللّقطة - حيث أُقرّت في يد الفاسق عندنا وفي أحد قولَي الشافعي(٣) - من ثلاثة أوجُه :

الأوّل : إنّ في اللّقطة معنى التكسّب ، والفاسق من أهل التكسّب ، وهاهنا لا كسب ، بل هو مجرّد الولاية.

الثاني : إنّ في اللّقطة وجوب ردّها إليه لو انتزعناها منه بعد التعريف حولاً ونيّة التملّك ليتملّكها ، فلم ننتزعها منه واستظهرنا عليه في حفظها وإن كان الانتزاع أحوط ، وهنا لا يردّ اللقيط إليه ، فكان الانتزاع أحوط وأسهل.

الثالث : المقصود في اللّقطة حفظ المال ، ويمكن الاحتياط عليه بالاستظهار في التعريف ، أو بنصب الحاكم مَنْ يُعرّفها ، فيزول خوف الخيانة ، ولا يحتاج إلى أن ينتزعها الحاكم ، وهنا المقصود حفظ الحُرّيّة والنسب ، ولا سبيل إلى الاستظهار عليه ؛ لأنّه قد يدّعي رقّه في بعض البلدان وبعض الأحوال.

____________________

(١) سورة هود : ١١٣.

(٢) الحاوي الكبير ٨ : ٣٦ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٤٤٢ ، الوجيز ١ : ٢٥٤ ، الوسيط ٤ : ٣٠٤ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٧٠ ، البيان ٨ : ١٤ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٨١ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٥ ، المغني ٦ : ٤١٣ ، الشرح الكبير ٦ : ٤٠٩.

(٣) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٦٣ ، البيان ٧ : ٤٧٧ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٤٢ و ٣٨١ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٥٥.

٣١٥

وقيل : لا يشترط العدالة ، ولا ينتزع اللقيط من يد الفاسق ؛ لإمكان حفظه في يده بالإشهاد عليه ، ويأمر الحاكم أميناً يشارفه عليه كلّ وقتٍ ويتعهّده في كلّ زمانٍ ، ويشيع أمره فيعرف أنّه [ لقيط ](١) فينحفظ بذلك من غير زوال ولايته ؛ جمعاً بين الحقّين ، كما في اللّقطة(٢) .

مسألة ٤١٠ : مَنْ ظاهر حاله الأمانة إلّا أنّه لم يختبر حاله ، لا ينتزع من يده ؛ لأنّ ظاهر المسلم العدالة ، ولم يوجد ما يعارض هذا الظاهر ، ولأنّ حكمه حكم العَدْل في لقطة المال والولاية في النكاح وأكثر الأحكام ، لكن يوكل الإمام مَنْ يراقبه من حيث لا يدري لئلّا يتأذّى ، فإذا حصلت للحاكم الثقة به صار كمعلوم العدالة.

وقبل ذلك لو أراد السفر به ، مُنع وانتُزع منه ؛ لأنّه لا يؤمن أن يسترقّه وأن يكون إظهاره العدالة لمثل هذا الغرض الفاسد ، وهو أحد قولَي الشافعي ، والثاني له : إنّه يُقرّ في يده ويسافر به ؛ لأنّه يُقرّ في يده في الحضر من غير مشرفٍ يُضمّ إليه ، فكذا في السفر ، كالعَدْل ، ولأنّ الظاهر الستر والصيانة(٣) .

فأمّا مَنْ عُرفت عدالته وظهرت أمانته فيُقرّ اللقيط في يده في سفرٍ وحضرٍ ؛ لأنّه مأمون عليه إذا كان سفره لغير النقلة ، ولها وجهان.

مسألة ٤١١ : يعتبر في الملتقِط الرشد ، فلا يصحّ التقاط المبذِّر‌

____________________

(١) بدل ما بين المعقوفين في النُّسَخ الخطّيّة والحجريّة : « لقطة ». والمثبت كما في المصدر.

(٢) المغني ٦ : ٤١٣ - ٤١٤ ، الشرح الكبير ٦ : ٤٠٩ - ٤١٠.

(٣) الوسيط ٤ : ٣٠٤ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٧٠ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٨١ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٦ ، المغني ٦ : ٤١٤ ، الشرح الكبير ٦ : ٤١١ ، وفيها القول الأوّل فقط.

٣١٦

المحجور عليه ، فلو التقط لم يُقر في يده وانتُزع منه ؛ لأنّه ليس مؤتمناً عليه شرعاً وإن كان عَدْلاً.

ولا يشترط في الملتقِط الذكورة ، فإنّ الحضانة أليق بالإناث.

ولا يشترط كونه غنيّاً ؛ إذ ليست النفقة على الملتقط.

والفقير يساوي الغني في الحضانة.

وللشافعيّة وجهٌ آخَر ، وهو : إنّه لا يُقرّ في يد الفقير ؛ لأنّه لا يتفرّغ للحضانة ؛ لاشتغاله بطلب القوت(١) .

مسألة ٤١٢ : لو ازدحم على لقيطٍ اثنان ، فإن كان ازدحامهما عليه قبل أخذه وقال كلّ واحدٍ منهما : أنا آخذه وأحضنه ، جعله الحاكم في يد مَنْ رآه منهما أو من غيرهما ؛ لأنّه لا حقّ لهما قبل الأخذ.

وإن ازدحما بعد الأخذ بأن تناولاه تناولاً واحداً دفعةً واحدة ، فإن لم يكن أحدهما أهلاً للالتقاط مُنع منه ، وسلّم اللقيط إلى الآخَر ، كما لو كان أحدهما مسلماً حُرّاً عَدْلاً والآخَر يكون كافراً أو فاسقاً أو عبداً لم يأذن له مولاه ، أو مكاتَباً كذلك ، فإنّ المسلم العَدْل الحُرّ يُقرّ في يده ، ولا يشاركه الآخَر ، ولا اعتبار بمشاركته إيّاه في الالتقاط ؛ لأنّه لو التقطه وحده لم يُقرّ في يده ، فإذا شاركه مَنْ هو من أهل الالتقاط كان أولى.

وأمّا إن كان كلّ واحدٍ منهما أهلاً للالتقاط ، فإن سبق أحدهما إلى الالتقاط ، مُنع الآخَر من مزاحمته.

ولا يثبت السبق بالوقوف على رأسه من غير أخذٍ ، وهو أظهر وجهي‌

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٤٤٣ ، الوسيط ٤ : ٣٠٤ ، البيان ٨ : ١٤ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٨٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٦.

٣١٧

الشافعيّة ، والثاني : إنّه يثبت(١) .

وإن لم يسبق أحدهما ، فإن اختصّ أحدهما بوصفٍ يوجب تقدّمه قُدّم ، وكان أولى من الآخَر.

وإن تساويا من كلّ وجهٍ ، فإن سلّم أحدهما لصاحبه ورضي بإسقاط حقّه جاز ؛ لأنّ الحقّ له ، فلا يُمنع من الإيثار به ، وإن تشاحّا أُقرع بينهما - وبه قال الشافعي(٢) - لقوله تعالى :( وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ ) (٣) .

ولأنّه أمر مشكل ؛ لعدم إمكان الجمع بينهما ، وعدم أولويّة أحدهما ، وكلّ مشكلٍ ففيه القرعة بالنصّ عن أهل البيتعليهم‌السلام (٤) .

ولأنّه لا يمكن أن يُخرج عن أيديهما ؛ لاشتماله على إبطال حقّهما الثابت لهما بالالتقاط ، أو يُترك في أيديهما إمّا جمعاً ، والاجتماع على الحضانة مشقٌّ أو متعذّر ، ولا يمكن أن يكون عندهما في حالةٍ واحدة ، وإمّا بالمهايأة ، وهو يشتمل على الإضرار باللقيط ؛ لما في تبدّل الأيدي من قطع الأُلفة واختلاف الأغذية والأخلاق ، أو يختصّ به أحدهما لا بالقرعة ، ولا سبيل إليه ؛ لتساويهما ، فلم يبق مخلص إلّا القرعة ، كالزوج يسافر بإحدى زوجاته بالقرعة.

____________________

(١) الوسيط ٤ : ٣٠٥ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٨٢ - ٣٨٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٦.

(٢) الحاوي الكبير ٨ : ٣٩ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٤٤٣ ، الوجيز ١ : ٢٥٤ ، الوسيط ٤ : ٣٠٥ ، حلية العلماء ٥ : ٥٥٥ ، البيان ٨ : ١٦ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٨٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٧.

(٣) سورة آل عمران : ٤٤.

(٤) الفقيه ٣ : ٥٢ / ١٧٤ ، التهذيب ٦ : ٢٤٠ / ٥٩٣.

٣١٨

وقال بعض الشافعيّة : يرجّح أحدهما باجتهاد القاضي ، فمَن رآه خيراً للّقيط أقرّه في يده(١) .

وهو غلط ؛ لأنّه قد يستوي الشخصان في اجتهاد القاضي ولا سبيل إلى التوقّف ، فلا بدّ من مرجوعٍ إليه ، وليس سوى القرعة.

وقال بعض الشافعيّة : يخيّر الصبي في الانضمام إلى مَنْ شاء منهما(٢) .

وهو غلط ؛ لأنّه قد لا يكون مميّزاً بحيث يفوّض إليه التخيير ، ولو كان مميّزاً فإنّه لا يخيّر ، كما يخيّر الصبي بين الأبوين عند بلوغه سنّ التمييز - عندهم(٣) - لأنّه هناك يعوّل على الميل الناشئ من الولادة ، وهذا المعنى معدوم في اللقيط.

مسألة ٤١٣ : هذا إذا تساويا في الصفات ، فإن ترجّح أحد الملتقطين بوصفٍ يوجب تخصيصه به دون الآخَر وكانا معاً ممّن يثبت لهما جواز الالتقاط ، أُقرّ في يده ، وانتُزع من يد الآخَر.

والصفات المرجّحة أربعة :

أ : الغنى ، فلو كان أحدهما غنيّاً والآخَر فقيراً ، فللشافعيّة وجهان :

أحدهما : إنّهما يتساويان - وهو قول بعض علمائنا(٤) - لأنّ الفقير أهل للالتقاط ، كالغني.

وأظهرهما عند الشافعيّة : أولويّة الغني ؛ لأنّه ربما يواسيه بمالٍ وينفعه في كثيرٍ من الأوقات ويؤاكله أحياناً ، ولأنّ الفقير قد يشتغل بطلب القوت‌

____________________

(١) الحاوي الكبير ٨ : ٤٠ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٤٤٣ ، حلية العلماء ٥ : ٥٥٦ ، البيان ٨ : ١٦ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٨٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٧.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٨٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٧.

(٣) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٧٢ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٨٤.

(٤) لم نتحقّقه.

٣١٩

عن الحضانة(١) .

فإن رجّحنا الغني على الفقير وكانا معاً غنيّين إلّا أنّ أحدهما أكثر غنىً من الآخَر ، فللشافعيّة وجهان في تقديم أكثرهما مالاً(٢) .

ب : أن يكون أحدهما بلديّاً والآخَر قرويّاً ، أو كان أحدهما بلديّاً أو قرويّاً والآخَر بدويّاً ، تساويا عند بعض علمائنا(٣) ، ورجّح البلديّ على القرويّ ، والقرويّ على البدويّ ؛ لما فيه من حفظ نسبه وإمكان وصول قريبه إليه.

وللشافعيّة وجهان(٤) .

ج : مَنْ ظهرت عدالته بالاختبار يُقدّم على المستور على خلافٍ بين علمائنا.

وللشافعيّة وجهان :

أحسنهما : إنّه يقدّم احتياطاً للصبي.

والثاني : يستويان ؛ لأنّ المستور لا يسلّم ثبوت المزيّة للآخَر ويقول : لا أترك حقّي بجهلكم بحالي(٥) .

د : الحُرّ أولى من العبد والمكاتَب وإن كان التقاطه بإذن السيّد ؛ لأنّه في نفسه ناقص ، وليست يدُ المكاتَب يدَ السيّد.

مسألة ٤١٤ : لا تُقدّم المرأة على الرجل ؛ لأنّ المرأة وإن كانت

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٧٢ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٨٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٦.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٨٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٦.

(٣) لم نتحقّقه.

(٤) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٧٢ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٨٧ - ٣٨٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٧ - ٤٨٨.

(٥) الوسيط ٤ : ٣٠٥ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٨٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٦.

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

١٨ - قال: حدّثنا هارون بن إسحاق الهمداني، قال: حدّثنا عبده، عن عبدالملك بن أبي سليمان قال:

« قلت لعطا: أكان في أصحاب رسول الله أعلم بكتاب الله من علي؟ قال: لا والله ».

١٩ - قال: حدّثنا أبو عبدالله جعفر بن عبدالله بن جعفر العلوي، قال: حدّثني يحيى بن هاشم الغساني(١) ، قال: حدّثني محمّد بن مروان، قال: حدّثني جويبر بن سعيد(٢) ، عن الضحاك بن مزاحم قال:

« سمعت علي بن أبي طالبعليه‌السلام يقول: أتاني أبو بكر وعمر فقالا: لو أتيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فذكرت له فاطمةعليها‌السلام ، قال: فأتيته، فلمّا رآني رسول الله ضحك، ثم قال: ما جاء بك ياأبا الحسن [ وما ](٣) حاجتك؟ قال: فذكرت له قرابتي وقدمي في الإسلام ونصرتي له وجهادي.

فقال: ياعلي صدقت فأنت أفضل ممّا ذكرت(٤) ، فقلت: يارسول الله فاطمة فزوّجنيها، فقال: يا علي انّه قد ذكرها قبلك رجال فذكرت ذلك لها فرأيت الكراهة في وجهها، ولكن على رسلك(٥) حتّى أخرج إليك، فدخل عليها فقامت إليه، فأخذت رداءه ونزعت نعليه وأتته بالوضوء، فوضّته بيدها وغسلت رجليه ثمّ قعدت.

فقال [ لها ](٦) : يافاطمة! قالت: لبيك حاجتك يارسول الله، قال: انّ علي بن أبي طالب ممّن عرفت قرابته وفضله في إسلامه(٧) وإنّي قد سألت ربّي أن يزوّجكِ بخير خلقه وأحبّهم إليه، وقد ذكر من أمرك شيئاً فما ترين؟ فسكتت ولم تولّ وجهاً ولم يرَ فيه رسول الله كراهة، فخرج وهو يقول: الله أكبر، سكوتها إقرارها،

__________________

(١) في الأمالي: الغناني.

(٢) في الأمالي: جوير بن سعد.

(٣) من الامالي.

(٤) في الأمالي: ممّا تذكر.

(٥) الرسل - بالكسر - التأني والرفق.

(٦) من الأمالي.

(٧) في الأمالي: فضله وإسلامه.

٤٠١

وأتاه جبرئيل فقال: يامحمد زوّجها علي بن أبي طالب، فانّ الله قد رضيها له ورضيه لها، قال عليعليه‌السلام : فزوجني رسول الله، ثمّ أتاني فأخذ بيدي فقال: قمْ باسم الله وقل: على بركة الله، ما شاء الله لا قوّة إلاّ بالله توكّلت على الله، ثم جاءني حتّى(١) أقعدني عندها.

ثم قال: اللهم انّهما أحبّ خلقك إليّ فاحبّهما وبارك في ذرّيتهما واجعل عليهما منك حافظاً وإنّي اعيذهما بك وذرّيتهما من الشيطان الرجيم »(٢) .

٢٠ - عن أبي هريرة انّه قال: « من صام يوم ثمانية عشر من ذي الحجّة كتب الله له صيام ستّين شهراً، وذلك يوم غدير خم لمّا أخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيد علي بن أبي طالب فقال: من كنت مولاه فعليٌّ مولاه، فقال [ له ](٣) عمر: بَخٍّ بَخٍّ أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة »(٤) .

٢١ - عن ابن عباس قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« من أراد أن يحيى حياتي وان يموت مماتي وأن يسكن جنّة الخلد التي وعدني ربي فليتول علي بن أبي طالب ويتول ذريته من بعده فانهم خلقوا من طينتي ورزقوا فهمي وعلمي، فويل للمكذبين بفضلهم من اُمّتي القاطعين فيهم صلتي، لا أنالهم الله شفاعتي »(٥) .

٢٢ - قال: حدّثنا محمّد بن سيرين، قال: سمعت غير واحد من مشيخة أهل البصرة، يقولون:

« لمّا فرغ علي بن أبي طالبعليه‌السلام من الجمل عرض له مرض وحضرت الجمعة فتأخر عنها، وقال لإبنه الحسنعليه‌السلام : انطلق يابنيّ فجمع بالناس، فأقبل

__________________

(١) في الأمالي: حين.

(٢) رواه الشيخ في أماليه ١: ٣٧، عنه البحار ٤٣: ٩٣.

(٣) من البحار.

(٤) رواه السيّد في الطرائف: ١٤٧، عن ابن المغازلي في مناقبه: ١٩، عنه البحار ٣٧: ١٠٨،أقول: مرّ مثله تحت الرقم: ١٧٢.

(٥) رواه الشيخ في أماليه ٢: ١٩١، والصدوق في أماليه: ٣٩.

٤٠٢

الحسن إلى المسجد فلمّا استقرّ على المنبر حمدَ الله وأثنى عليه وتشهد وصلّى على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثم قال:

أيّها النّاس انّ الله إختارنا بالنبوة واصطفانا على خلقه وأنزل علينا كتابه ووحيه، وايم الله لا ينقصنا أحد من حقّنا شيئاً إلاّ ينقصه [ الله ](١) في عاجل دنياه وآجل آخرته، ولا تكون علينا دولة إلاّ كانت لنا العاقبة،( وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ ) (٢) ، ثم جمع بالناس وبلغ أباهعليه‌السلام كلامه، فلمّا انصرف إلى أبيه نظر إليه، فما ملك عبرته أن سالت على خدّيه ثمّ استدناه إليه فقبّل بين عينيه وقال: بأبي أنت واُمّي( ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) (٣) »(٤) .

٢٣ - عن قيس بن سعد بن عبادة قال: سمعت علي بن أبي طالبعليه‌السلام يقول: « أنا أوّل من يجثو بين يدي الله عزّ وجلّ يوم القيامة للخصومة »(٥) .

٢٤ - عن حكيم بن حسن(٦) عن عقبة الهجري، عن عمّه قال:

« سمعت علياًعليه‌السلام على المنبر وهو يقول: لأقولنّ اليوم قولاً لم يقله أحد قبلي ولا يقوله [ أحد ](٧) بعدي إلاّ كاذباً: أنا عبدالله وأخو رسول الله وتزوّجت سيّدة نساء الاُمّة »(٨) .

٢٥ - قال: حدّثنا عمرو بن ثابت، عن جبلة بن سحيم، عن أبيه قال:

« لمّا بويع أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام بلغه أن معاوية قد توقّف عن إظهار البيعة له، وقال: إن أقرّني على الشام وأعمالي التي ولانيها عثمان بايعته، فجاء المغيرة إلى أمير المؤمنين، فقال له: ياأمير المؤمنين انّ معاوية مَنْ قد علمت(٩) وقد ولاّه الشام من كان قبلك فولّه أنت كيما تتسق الاُمور، ثمّ إعزله إن بدا لك، فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : أتضمن لي عمري يامغيرة فيما تولّيته إلى خلعه؟ قال: لا.

__________________

(١) من الأمالي.

(٢) ص: ٨٨.

(٣) آل عمران: ٣٤.

(٤) رواه الشيخ في أماليه ١: ٨١.

(٥) رواه الشيخ في أماليه ١: ٨٣.

(٦) في الأمالي: جبير.

(٧) من الأمالي.

(٨) رواه الشيخ في أماليه ١: ٨٣.

(٩) في الأمالي: عرفت.

٤٠٣

قال: فلا يسألني الله عزّ وجلّ عن توليته على رجلين من المسلمين ليلة سوداء أبداً( وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ المُضِلِّينَ عَضُدًا ) (١) ، لكنّي ابعث إليه فأدعوه إلى ما في يدي من الحق فان أجاب فرجل من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم، وان أبى حاكمته الىٰ الله، فولّى المغيرة وهو يقول: [ فحاكمه إذاً، فأنشأ يقول ](٢) :

نصحت علياً في ابن حربٍ نصيحةً

فردّ فما منّي له الدّهر ثانية

ولم يقبل النصح الذي جئته به

وكانت له تلك النصيحة كافية(٣)

وقالوا له ما أخلص النصح كلّه

فقلت له ان(٤) النصيحة غالية

فقام قيس بن سعد فقال: ياأمير المؤمنين انّ المغيرة أشار عليك بأمر لم يرد الله به، فقدّم فيه رجلاً وأخّر فيه اُخرى، فان [ كان لك ](٥) الغلبة تقرّب إليك بالنصيحة، وان كانت لمعاوية تقرّب إليه بالمشورة، ثم أنشأ يقول:

كاد ومن أرسى ثبيراً مكانه

مغيرة ان يقوى عليك معاوية

كنت بحمد الله فينا موفقاً

وتلك التي أراكها غير كافية

فسبحان من علا السماء مكانها

والأرض دحاها كما هي هيه »(٦)

٢٦ - عن أبي إسحاق، عن الحرث، عن عليعليه‌السلام قال:

« كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يأتينا كلّ غداة فيقول: الصلاة رحمكم الله الصلاة( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) (٧) »(٨) .

٢٧ - قال: حدّثنا أبو نعيم قال: قلت لقطر:

« كم كان بين قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعليعليه‌السلام : من كنت مولاه فعلي مولاه، إلى وفاته؟ قال: مائة يوم ».

٢٨ - قال: حدّثنا الحسين بن إبراهيم المعروف بأبي علية قال:

__________________

(١) الكهف: ٥١.

(٢) من الأمالي.

(٣) في الأمالي: عافية.

(٤) في الأمالي: ذات.

(٥) من الأمالي.

(٦) رواه الشيخ في أماليه ١: ٨٥.

(٧) الاحزاب: ٣٣.

(٨) رواه الشيخ في أماليه ١: ٨٨.

٤٠٤

« سمعت عبدالسلام بن صالح قال: قلت لوكيع بن الجراح: ما معنى قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه، فعليّ مولاه؟ قال: من كنت نبيه فعلي وليه ».

٢٩ - قال: حدّثنا أبو علي بن أبي ياسر، قال: حدّثنا عيسى بن فاشي قال:

« قدمت من المدائن في بعض الأوقات إلى بغداد فدخلت سكّة من السكك التي لم يكن لي عهد بسلوكها فوجدت جمعاً كثيراً من أصحاب الحديث مع المحدّث، فنزلت عن دابتي وقعدت في آخر الناس، فلمّا تمّ المجلس وتفرقوا تقدمت إلى المحدّث لأسأله عن أشياء وكان أحمد بن حنبل، فقلت: أنا أعزّك الله رجل من السواد ومذهبنا موالاة أهل البيتعليهم‌السلام وتَردُ علينا أحاديث يجب أن نعرف صحتها فاسألك عن بعضها فقال: سلّ.

فقلت: الحديث يروى في علي بن أبي طالبعليه‌السلام : أنت قسيم النار، قال: - وكان على يمينه أحمد بن نصر بن مالك - فذهب أحمد بن نصر ينكر الحديث، فسكّته أحمد، وقال: إنه يسأل، ثم قال: هذا حديث في إسناده، ولكن في الحديث الآخر: اللهم وال من والاه وعادِ من عاداه ما يغني عنه، وهو حديث صحيح، ويجوز أن يكون من والاه في الجنّة ومن عاداه في النار، فمعنى هذا الحديث في هذا الحديث ».

٣٠ - حدّثنا شعبة قال: سمعت سيّد الهاشميين زين العابدين علي بن الحسينعليه‌السلام بالمدينة يقول: حدثني عمّي محمّد بن عليعليهما‌السلام انه سمع جابر بن عبدالله يقول: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« سدّوا الأبواب كلّها إلاّ باب علي، وأومأ بيده إلى بابه »(١) .

٣١ - أخبرنا عمرو بن أبي المقداد، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي الحمراء خادم رسول الله قال:

« قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لما اُسري بي إلى السماء رأيت على ساق العرش

__________________

(١) رواه الصدوق في أماليه: ٢٧٤.

٤٠٥

الأيمن: لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله أيدته بعلي ونصرته به »(١) .

٣٢ - عن سلمة بن كهيل، عن عياض بن عياض، عن أبيه قال:

« مرَّ عليُ بن أبي طالب بملأ فيهم سلمان فقال لهم سلمانرضي‌الله‌عنه : قوموا فخذوا بحجزة هذا فوالله لا يخبركم بسر نبيكمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم [ أحد ](٢) غيره »(٣) .

٣٣ - عن علي بن عقبة عن سالم بن أبي حفصة قال:

« لما هلك أبو جعفر محمّد بن عليعليهما‌السلام قلت لأصحابي: انتظروني حتى أدخل على أبي عبدالله جعفر بن محمّد فاعزيه به، فدخلت عليه فعزيته ثم قلت: إنا لله وإنا إليه راجعون ذهب والله من كان يقول: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فلا يُسألْ عمّن بينه وبين رسول الله، فلا والله ولا نرى مثله أبداً، قال: فسكت أبو عبداللهعليه‌السلام ساعة ثم قال:

قال الله تعالى: [ انّ ](٤) من عبادي من يتصدّق بشقّ [ من ](٥) تمرة فاُربيها(٦) له كما يُربي أحدكم فلوه(٧) حتّى اجعلها له مثل [ جبل ](٨) اُحد، فخرجت إلى أصحابي فقلت: ما رأيت أعجب من هذا كنا نستعظم قول أبي جعفر: قال رسول الله بلا واسطة، فقال لي أبو عبدالله: قال الله تعالى بلا واسطة »(٩) .

__________________

(١) رواه الصدوق في أماليه: ١٧٩، والخوارزمي في مناقبه: ٢٢٩، وابن المغازلي في مناقبه: ٣٩، والشيخ منتجب الدين في أربعينه: ٦٦، للحديث مصادر كثيرة أخرجها في إحقاق الحق ٦: ١٣٩ - ١٥١، فراجع.

(٢) من الأمالي.

(٣) رواه الشيخ في أماليه ١: ١٢٥،أقول: مرّ مثله في ج ٣: الرقم ٢١.

(٤) من الأمالي.

(٥) من الأمالي.

(٦) ربى المال: زاد ونما.

(٧) الفلو: الجحش.

(٨) من الأمالي.

(٩) رواه الشيخ في أماليه ١: ١٢٥.

٤٠٦

٤٠٧

٤٠٨

بِسْمِ الله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

١ - قال: حدّثنا أبو محمّد القاسم بن عبدالله بن المغيرة الجوهري، قال: حدّثنا أبو غسان يعني مالك بن اسماعيل النهدي، أخبرنا المطلب بن زياد، أخبرنا ليث، عن الحكم، عن عائشة بنت سعد، عن سعدان، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لعلي بن أبي طالب يوم غزوة تبوك:

« أنت منّي بمنزلة هارون من موسى ولكن لا نبي بعدي »(١) .

٢ - قال: حدّثنا محمّد بن الأسود، عن محمّد بن مروان، عن محمّد بن السايب، عن أبي صالح، عن ابن عباسرضي‌الله‌عنه قال:

« أقبل عبدالله بن سلام ومعه نفر من قومه ممن قد آمن بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقالوا: يارسول الله ان منازلنا بعيدة لا نجد أحداً يجالسنا ويخالطنا دون هذا المسجد، وان قومنا لمّا رأونا صدقنا الله ورسوله وتركنا دينهم اظهروا العداوة وأقسموا أن لا يخالطونا ولا يواكلونا فشق علينا، فبينا هم يشكون إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ نزلت هذه الآية على رسول الله:( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) (٢) ، ويؤذن بالصلاة صلاة الظهر.

__________________

(١) رواه الشيخ في أماليه ٢: ٢١١، عنه البحار ٣٧: ٢٥٥، رواه ابن شاذان في مائة منقبة: ٩١، عنه غاية المرام: ١١٩، والكراجكي في كنز الفوائد: ٢٨٢ أخرجه السيوطي في بغية الوعاة: ٤٥٢، والخطيب في تاريخ بغداد ٣: ٢٨٨، وابن عساكر في تاريخ دمشق ١: ٣٤٦.

(٢) المائدة: ٥٥.

٤٠٩

وخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى المسجد والناس يصلون بين راكع وساجد وقائم وقاعد، فإذا مسكين يسأل، فدخل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: أعطاك أحد شيئاً؟ قال: نعم، قال: ذاك الرجل القائم، قال: على أيّ حال أعطاكه؟ قال: وهو راكع، قال: وذلك علي بن أبي طالبعليه‌السلام قال: فكبّر رسول الله عند ذلك ثم قرأ( وَمَن يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ) (١) الآية، فأنشأ حسان بن ثابت يقول في ذلك:

أبا حسن تفديك نفسي ومهجتي

وكل بطيء في الهدى ومسارع

أيذهب سعي في مديحك ضائعاً

وما المدح في جنب الإله بضايع

فأنت الذي أعطيت إذ كنت راكعاً

فدتك نفوس القوم يا خير راكع

فأنزل فيك الله خير ولاية

فثبتها في محكمات الشرائع »(٢)

٣ - عن يونس بن ظبيان، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: سمعته يقول:

« لولا ان الله خلق أمير المؤمنينعليه‌السلام لفاطمة ما كان لها كفؤ على الأرض »(٣) .

٤ - وروي: « أن أمير المؤمنينعليه‌السلام دخل بفاطمة بعد وفاة اختها زوجة عثمان بستة عشر يوماً بعد رجوعه من بدر وذلك لأيام خلت من شوال.

وروى انه دخل بها يوم الثلاثاء لست خلون من ذي الحجّة »(٤) .

٥ - قال: حدّثنا علي بن هاشم، عن أبيه، عن بكير بن عبدالله الطويل وعمّار بن أبي معاوية، قالا: حدثنا أبو عثمان البجلي مؤذن بني أقصى، قال بكير: أذن لنا أربعين سنّة قال:

« سمعت علياً يقول يوم الجمل:( وَإِن نَّكَثُوا أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ ) (٥) ، ثم حلف حين قرأها انّه ما قوتل أهلها منذ نزلت حتى اليوم، قال بكير: فسألت عنها أبا جعفرعليه‌السلام

__________________

(١) المائدة: ٥٦.

(٢) رواه البحراني في البرهان ١: ٤٨٢ عنه الطبرسي، وفي البرهان ١: ٤٨٤ عن الخوارزمي، روى صدره في تفسير فرات: ٣٩.

(٣) رواه الشيخ في أماليه ١: ٤٢، عن البحار ٤٣: ٩٧ و ١٤١.

(٤) رواه الشيخ في أماليه ١: ٤٢.

(٥) التوبة: ١٢.

٤١٠

فقال: صدق الشيخ، هكذا قال عليعليه‌السلام : هكذا كان »(١) .

٦ - عن محمّد بن يوسف، عن منصور بن برزج، قال:

« قلت لأبي عبدالله الصادقعليه‌السلام : ما أكثر منك سيّدي ذكر سلمان الفارسي؟ فقال: لا تقل: سلمان الفارسي، ولكن قل: سلمان المحمدي، أتدري ما كثرة ذكري له؟ قلت: لا، قال: لثلاث [ خلاله خلال ](٢) : أحدهما ايثاره هوى أمير المؤمنينعليه‌السلام على هوى نفسه، والثانية حبّه للفقراء واختياره لهم(٣) على أهل الثروة والعدد، والثالثة: حبّه للعلم والعلماء، انّ سلمان كان عبداً صالحاً حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين »(٤) .

قال محمّد بن أبي القاسم: فقه الحديث ان سلمان الفارسي أدرك هذه المنزلة العظيمة بولايته لأهل البيتعليهم‌السلام وخدمتهم.

٧ - قال: حدّثنا إبراهيم بن حيان، عن اُم جعفر بنت جعفر امرأة محمّد بن الحنفية، عن أسماء بنت عميس انها حدثتها انّها كانت تغزو مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قالت: قلت: ياجدة ما كنت تصنعين؟ قالت:

« كنت اخرز السقا واُداوي الجرحى وأكحل العين، وان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلّىٰ بنا العصر وأنتبه قبل ان سلم، فأوحى الله إليه واخبر علياًعليه‌السلام وقد كان دخل ولم يكن أدرك أولها فلمّا أبصر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقد طال ذلك منه حتّى غربت الشمس فقال له: ياعلي ما صليت، قال: لا، كرهت اطراحك في التراب، فقال النبي: اللهم ارددها عليه، فرجعت الشمس بعدما غربت حتى صلّى عليٌعليه‌السلام »(٥) .

__________________

(١) رواه الشيخ في أماليه ١: ١٣١.

(٢) من الأمالي.

(٣) في الأمالي: اياهم.

(٤) رواه الشيخ في أماليه ١: ١٣٣.

(٥) حديث ردّ الشمس من الأحاديث المتواترة والمشهورة، وقد ورد بأسانيد ومتون مختلفة، إليك بعضها:

رواه في الكافي ٤: ٥٦١ عنه، البحار ٤١: ١٨٢ و ١٠٠: ٢١٦، وغاية المرام: ٦٢٩.

أورده ابن المغازلي في مناقبه: ٩٦، والخوارزمي في مناقبه: ٢١٧، وابن الجوزي في التذكرة: ٥٣، والكنجي في كفاية الطالب: ٣٨٥.

٤١١

٨ - قال: انشدني القاضي أبو عبدالله الحسين بن هارون بن محمّدرحمه‌الله سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة:

« بأبي واُمّي خمسة احببتهم

في الله لا لعطية أعطاها

بأبي النبي محمّد ووصيه

الطيبان وبنته وأبناها

بأبي الذين بحبّهم وبذكرهم

أرجو النجاة من التي أخشاها

قوم إذا ولاهم متديّن

والىٰ ولي الطيّبين الله »

٩ - الحسين بن أبي القاسم التميمي، قال: أخبرنا أبو سعيد السجستاني، وقال: أنبأني القاضي ابن القاضي أبو القاسم علي بن المحسن بن علي التنوخي ببغداد، قال: أنشدني أبي أبو علي المحسن، قال: أنشدني أبي أبو القاسم علي بن محمّد بن أبي الفهم التنوخي لنفسه من قصيدة:

ومن قال في يوم الغدير محمداً

وقد خاف من غدر العداة النواصب

أما أنا أولى بكم من نفوسكم

فقالوا: بلى قول المريب الموارب

فقال لهم: من كنت مولاه منكم

فهذا أخي مولاه فيكم وصاحب

أطيعوه طراً فهو منّي كمنزل

لهارون من موسى الكليم المخاطب

فقولا له إن كنت من آل هاشم

فما كلّ نجم في السماء بثاقب »(١)

١٠ - أخبرنا ثابت بن عمارة: حدّثني ربيعة بن شيبان انه قال للحسن بن عليعليه‌السلام :

« ما تذكر من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ قال: أدخلني غرفة الصدقة فأخذت منها تمرة فألقيتها في فمي، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : القها، فانه لا تحل لرسول الله ولا لأحد من أهل بيته ».

١١ - عن أبي سعيد الخدري قال:

« كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذات يوم جالساً وعنده نفر من أصحابه، فيهم علي بن

__________________

وأخرجه عن المصادر في إحقاق الحق ٥: ٥٢٢ - ٥٣٦، ١٦: ٣١٥ - ٣٣١، فضائل الخمسة ٢: ١١٩ - ١٢٢.

(١) عنه الأميني في الغدير ٣: ٣٧٩.

٤١٢

أبي طالبعليه‌السلام إذ قال: من قال لا إله إلاّ الله دخل الجنّة، فقال رجلان من أصحابه: فنحن نقول: ان لا إله إلاّ الله، فقال رسول الله: إنما تقبل شهادة ان لا إله إلا الله من هذا ومن شيعته الذين أخذ ربنا ميثاقهم، فقال الرجال: فنحن نقول ان لا إله إلاّ الله، فوضع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يده على رأس علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، ثم قال: علامة ذلك إلاّ تحلا عقدة ولا تجلسا مجلسه ولا تكذبان حديثه ».

١٢ - عن إسحاق بن راهويه قال: لمّا وافى أبو الحسن الرضاعليه‌السلام بنيسابور وأراد أن يرحل منها إلى المأمون اجتمع إليه أصحاب الحديث فقالوا له: يابن رسول الله ترحل عنا ولا تحدّثنا بحديث فنستفيده منك، وكان قد قعد في العمارية فاطلع رأسه وقال: سمعت أبي موسى بن جعفر يقول: سمعت أبي جعفر بن محمّد يقول: سمعت أبي محمّد بن علي يقول: سمعت أبي علي بن الحسين يقول: سمعت أبي الحسين بن علي يقول: سمعت أبي أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام يقول: سمعت رسول الله يقول: سمعت جبرئيل يقول: سمعت الله عزّ وجلّ يقول: « لا إله إلاّ الله حصني، فمن دخل حصني أمن من عذابي، فلمّا مرت الراحلة نادى: بشروطها وأنا من شروطها »(١) .

١٣ - عن الفضل بن يسار، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال:

« عشر من لقى الله بهنّ دخل الجنّة: شهادة ان لا إله إلاّ الله وأن محمداً رسول الله، والإقرار بما جاء من عند الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم شهر رمضان، وحج البيت، والولاية لأولياء الله، والبراءة من أعداء الله، واجتناب كل مسكر ».

١٤ - قال: حدّثنا عيسى بن عبدالله، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن عليعليه‌السلام : قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

حقّ عليّ على المسلمين كحق الوالد على ولده »(١) .

__________________

(١) رواه الصدوق في العيون ٢: ١٣٤، التوحيد: ٢٤، الأمالي: ١٩٥، أخرجه في صحيفة الرضاعليه‌السلام : ٧٩، عنه البحار ٣: ١٣، رواه الزمخشري في ربيع الأبرار ٢: ٢٤٩، والمتقي الهندي في كنز العمال ١: ٥٢، والرافعي في التدوين ٢: ٢١٤.

(٢) رواه الشيخ في أماليه ١: ٣٤٤ و ٢٧٧.

٤١٣

١٥ - عن أبي إسحاق، عن سعيد بن وهب:

« ان علياًعليه‌السلام قال في الرحبة: أنشد الله كل أمرئ مسلم سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - يعني يوم غدير خم - يقول ما قال إلاّ قام، فقام إليه ثلاثة عشر رجلاً ستة من جانب وسبعة من جانب، وقال هارون: اثنا عشر رجلا فشهدوا ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: من كنت مولاه فعليٌ مولاه، اللّهمّ والِ من والاه وعاد من عاداه، وأحب من أحبه، وأبغض من أبغضه، وانصر من نصره »(٢) .

١٦ - حدّثنا علي بن عابس، عن أبيه، عن أبي جعفر، عن عليعليه‌السلام :

« انّه لما فتح خيبر حمل الباب على ظهره فجعله جسراً يعبر الناس عليه وانه خرب بعد ذلك، فلم يحمله إلاّ أربعين رجلاً ».

١٧ - عن أبي حمزة الضبعي، عن ابن عباس قال:

« لمّا كانت الليلة التي زفّت فيها فاطمة بنت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، كان رسول الله قدّامها وجبرئيل عن يمينها وميكائيل عن شمالها، وسبعون ألف ملك من خلفها، يسبّحون الله ويقدسونه حتى طلع الفجر »(٣) .

١٨ - عن أبي إسحاق، عن الحرث، عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« ان في الجنّة درجة تدعى الوسيلة لكل نبي رسول وأنا هو فسلوها لي، قالوا: من يسكن معك؟ قال: فاطمة وبعلها والحسن والحسين ».

١٩ - بحذف الاسناد، عن اُم شرحبيل، عن اُم عطية:

« انّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعث علياًعليه‌السلام في سرية فرأيته رافعاً يده وهو يقول: اللهم لا تمتني حتّى تريني علياً(٤) »(٥) .

__________________

(١) مرّ مثله في ج ٣: الرقم ٢٢ و ٣٠ و ج ٥: الرقم ٢٣.

(٢) رواه العلامة في كشف الحق: ٢٥٤، عنه البحار ٤٣: ١١٥، أورده السيّد في الإقبال عن تاريخ بغداد، عنه البحار ٤٣: ٩٢.

(٣) في إرشاد القلوب: وجه علي.

(٤) رواه الديلمي في أرشاد القلوب ١: ٢٣٤.

٤١٤

٢٠ - بحذف الاسناد قال: « استأذن عمرو بن العاص على معاوية بن أبي سفيان، فلمّا دخل عليه استضحك معاوية، فقال له عمرو: وما يضحكك ياأمير المؤمنين أدام الله سرورك؟ قال: ذكرت علي بن أبي طالب وقد غشيك بسيفه فاتقيته وولّيت، فقال: أتشمت بي يامعاوية، فاعجب من هذا يوم دعاك إلى البراز، فالتمع لونك وأطت ضلاعك وانتفخ منخرك، والله لو بارزته لأوجع قذالك وأيتم عيالك وبزك سلطانك، وأنشأ عمرو [ يقول ](١) :

معاوي لا تشمت بفارس بهمة(٢)

لقى فارساً لا تعتليه الفوارس

معاوي لو أبصرت في الحرب مقبلاً

أبا حسن يهوي عليك الوساوس

لأيقنت ان الموت حقّ وانه(٣)

لنفسك إن لم تمعن الركض خالس(٤)

دعاك فصمت دونه الاذن إذ دعا

ونفسك قد ضاقت عليها الأبالس

أتشمت بي إذ نالني حدّ رمحه

وعضّضني(٥) ناب من الحرب ناهس(٦)

وأيّ امرء لاقاه لم يلق شلوه(٧)

بمعترك تسفي عليه الروامس(٨)

أبى الله إلاّ انّه ليث غابة(٩)

أبو اشبل تهذي إليه الفرايس

فان كنت في شك فارهق عجاجة(١٠)

وإلاّ فتلك الترهات البسابس(١١)

فقال معاوية: مهلاً ياأبا عبدالله ولا كل هذا، قال: أنت استدعيته »(١٢) .

٢١ - عن بكر بن محمّد الأزدي قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام :

__________________

(١) عن الأمالي.

(٢) في الأمالي: بهمته.

(٣) في الأمالي: وايقنت.

(٤) ركض ركضاً: عدا، خلس الشئ: سلبه بمخاتلته وعاجلاً.

(٥) عض الشيء: لزمه واستمسك به.

(٦) نهس اللحم: أخذه بمقدم أسنانه ونتفه.

(٧) الشلو: العضو من اعضاء اللحم، الجسد.

(٨) الروامس: كل دابة تخرج بالليل، الطير التي تطير في الليل.

(٩) الغابة: الاجمة من القصب وذات الشجر المتكاثف، لأنها تغيب ما فيها.

(١٠) ارهق: حمله على ما لا يطيق، العجاجة: الأحمق.

(١١) البسبس جمع بسابس: القفر، ترهات البسابس: الأباطيل والكذب.

(١٢) رواه الشيخ في الأمالي ١: ١٣٥.

٤١٥

« ان حبّنا أهل البيت ليحط الذنوب عن العباد، كما يحط الريح الشديدة الورق عن الشجر »(١) .

٢٢ - عن عبدالوهاب بن مجاهد، عن أبيه قال:

« كان لعليّعليه‌السلام أربعة دراهم فأنفق درهماً ليلاً ودرهماً نهاراً ودرهماً سراً ودرهماً علانية، فنزلت الآية:( الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) (٢) »(٣) .

٢٣ - أخبرنا ياسين بن محمّد بن أعين، عن أبي حازم مولى ابن عباس، عن عمر بن الخطاب، قال:

« كفو عن علي بن أبي طالب فانّي سمعت رسول الله يقول: فيه خصالاً لئن تكون خصلة منها في جميع آل الخطاب أحبّ إليّ مما طلعت عليه الشمس: إنّي كنت ذات يوم ماش وأبو بكر وعبدالرحمان بن عوف وعثمان بن عفان وأبو عبيدة بن الجراح ونفر من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فانتهينا إلى باب اُم سلمة، فإذا نحن بعلي بن أبي طالب متك على كف الباب، فقلنا له: اردنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: هو في البيت يخرج عليكم الآن.

قال: فخرج علينا فجلسنا حوله فأتى علي بن أبي طالب ثم ضرب بيده على منكبه، فقال: إنك مخاصم فتخصم بسبع خصال ليس لأحد بعدهنّ إلاّ فضلك: إنك أول المؤمنين إيماناً، وأعلمهم بأمر الله، وأوفاهم بعهد الله، وأرأفهم بالرعية، وأقسمهم بالسوية وأعظمهم عند الله مزية »(٤) .

٢٤ - قال: حدّثنا الحسن بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي

__________________

(١) رواه الشيخ مع اختلاف في الأمالي ١: ١٦٦.

(٢) البقرة: ٢٧٤.

(٣) رواه الطبرسي في المجمع ٢: ٣٨٨، عنه البرهان ١: ٢٥٨، البحار ٦٤: ١٧٤، أورده في كشف الغمة ١: ٣١٠، عنه البحار ٣٦: ٦١، رواه في تفسير فرات: ٢، العمدة: ١٨٣، الطرائف: ٩٩، مناقب ابن المغازلي: ٢٨٠، مناقب الخوارزمي: ١٩٨، تأويل الآيات ١: ٩٨.

(٤) روى ذيله في الخصال ٢: ١٣٠، عنه البحار ٤١: ١٠٧،أقول: مرّ ما يشابهه في ج ٢: الرقم ١٠٤.

٤١٦

طالبعليه‌السلام ، قال: حدّثني محمّد بن سلام الكوفي، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد الواسطي، قال: حدّثني محمّد بن صالح ومحمد بن الصلت، قال: حدّثنا عمر بن يونس اليماني، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ان عباس قال: « دخل الحسين بن علي على أخيه الحسن بن عليعليهم‌السلام في مرضه الذي توفي فيه، فقال له: كيف تجدك ياأخي؟ قال: أجدني [ في ](١) أوّل يوم من أيام الآخرة وآخر يوم من أيام الدنيا، وأعلم إنّي لا أسبق أجلي، وانّي وارد على أبي وجدّيعليهما‌السلام على كره مني لفراقك وفراق إخوتك وفراق الأحبة، واستغفر الله من مقالتي وأتوب إليه، بل على محبة مني للقاء رسول الله وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهما الصلاة والسلام واُمّي فاطمة وحمزة وجعفر، وفي الله عزّ وجلّ خلف من كل هالك وعزاء من كل مصيبة ودرك من كل ما فات، رأيت ياأخي كبدي آنفاً في الطشت، ولقد عرفت من دهاني ومن أين أتيت، فما أنت صانع به ياأخي؟ قال الحسينعليه‌السلام ، أقتله والله، قال: فوالله لا أخبرك به أبداً حتّى ألقى(٢) رسول الله ولكن اكتب ياأخي: هذا ما أوصىٰ به الحسن بن علي بن أبي طالب إلى أخيه الحسين بن علي، أوصى إليه انّه:

يشهد أن لا إله إلاّ وحده لا شريك له، وانه يعبده حقّ عبادته لا شريك له في الملك ولا وليّ له من الذل، وانّه خلق كلّ شيء فقدّره تقديراً، وانّه أولى من عُبد وأحقّ من حمد، من أطاعه رشد ومن عصاه غوى ومن تاب إليه اهتدى، فإني أوصيك ياحسين بمن خلّفت من أهلي وولدي وأهل بيتك أن تصفح عن مسيئهم وتقبل من محسنهم، وتكون لهم خلفاً ووالداً، وان تدفني مع رسول الله، فاني أحقّ به وببيته ممّن اُدخل بيته بغير إذنه ولا كتاب جاءهم من بعده، قال الله تعالى فيما أنزله على نبيه في كتابه:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ ) (٣) .

__________________

(١) من الأمالي.

(٢) في الأمالي: تلقى.

(٣) الأحزاب: ٥٣.

٤١٧

فوالله ما أذن [ لهم ](١) في الدخول عليه في حياته ولا جاءهم الاذن في ذلك من بعد وفاته، ونحن مأذونون(٢) في التصرف فيما ورثناه من بعده، فان أبت عليك المرأة فأنشدك بالقرابة التي قرّب الله عزّ وجلّ منا(٣) والرحم الماسة من رسول الله أن لا تريق(٤) في محجمة [ من ](٥) دم حتى تلقى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فنختصم إليه ونخبره(٦) بما كان من الناس إلينا بعده، ثم قبضعليه‌السلام .

قال ابن عباس: فدعاني الحسينعليه‌السلام وعبدالله بن جعفر وعلي بن عبدالله بن العباس، فقال: أغسلوا ابن عمكم، فغسّلناه وحنّطناه وألبسناه وأكفناه(٧) ، ثم خرجنا به حتى صلينا عليه في المسجد وانّ الحسين أمر أن يفتح البيت، فحال دون ذلك مروان بن الحكم وآل أبي سفيان ومن حضر هناك من ولد عثمان بن عفان، وقالوا [ أ ](٨) يدفن أمير المؤمنين عثمان الشهيد [ القتيل ] ظلماً بالبقيع بشرِّ مكان، ويدفن الحسن مع رسول الله [ والله ](٩) ، لا يكون ذلك أبداً حتّى تكسر السيوف بيننا وتنقصف الرماح وينفذ النبل.

فقال الحسينعليه‌السلام : [ أم ](١٠) والله الذي حرّم مكّة لَلحَسن بن علي بن فاطمة أحقّ برسول الله وببيته ممّن اُدخل بيته بغير إذنه، وهو والله أحقّ به من حمّال الخطايا مسيّر أبي ذر، الفاعل بعمار ما فعل، بعبدالله ما صنع، الحامي الحمى المؤوي طريد(١١) طريد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لكنكم صرتم بعده الاُمراء وتابعكم(١٢) على ذلك الأعداء وأبناء الأعداء، قال: فحملناه فأتينا به قبر اُمّه فاطمةعليها‌السلام فدفناه إلى جنبها.

قال ابن عباس: فكنت أوّل من انصرف فسمعت اللغط وخفت أن يعجل

__________________

(١) من الأمالي.

(٢) في الأمالي: مأذون لنا.

(٣) في الأمالي: منك.

(٤) في الامالي: تهرق.

(٥) من الأمالي.

(٦) في الامالي: تلقى، تختصم، تخبره.

(٧) في الأمالي: البسناه الفاقه.

(٨ و ٩ و ١٠) من الأمالي.

(١١) في الأمالي: الطريد.

(١٢) في الأمالي: بايعكم.

٤١٨

الحسين على من قد أقبل، فرأيت شخصاً فعلمت الشرّ فيه، فأقبلت مبادراً فإذا أنا بعائشة في أربعين راكباً على بغل مرحّل تقدمهم وتأمرهم بالقتال، فلمّا رأتني قالت لي: يابن(١) عباس لقد اجترأتم عليّ في الدنيا تؤذونني مرّة بعد اُخرى، تريدون أن تدخلوا بيتي من لا أهوى ولا اُحبّ، فقلت: واسوأتاه يوم على بغلٍ ويوم على جمل تريدين أن تطفئي [ فيه ](٢) نور الله وتقاتلي أولياء الله وتحولي بين رسول الله وبين حبيبه أن يدفن معه، ارجعي فقد كفى الله عزّ وجلّ المؤونة ودفن الحسنعليه‌السلام إلى جانب(٣) اُمّه، فلم يزدد من الله تعالى إلاّ قرباً وما ازددتم والله منه إلاّ بُعداً، ياسوأتاه انصرفي فقد رأيت ما سرّك، قال: فقطبت(٤) في وجهي ونادت بأعلى صوتها، أو ما نسيتم الجمل؟ يابن عباس إنكم لذووا أحقاد، فقلتُ: أم والله ما نسيته أهل السماء فكيف ينساه أهل الأرض؟ فانصرفت وهي تقول:

فألقت عصاها واستقرّ بها النوى

كما قرّ عيناً بالإياب المسافر »(٥) .

٢٥ - قال: حدّثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدّثنا يعقوب بن عبدالرحمان، عن أبي حازم، انه سمع سهل بن سعد وهو يسأَل عن جرح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال:

« والله إني لأعرف من كان يغسل رسول الله ومن كان يسكب الماء ثم قال: كانت بنت رسول الله تغسله، وعلي يسكب الماء بالمجن، قال: فلمّا رأت فاطمة ان الماء لا يزيل الدم إلاّ كثرة أخذت قطعة من حصير فأحرقتها وألصقتها فاستمسك الدم وكسرت رباعية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يومئذٍ وجرح وجهه وكسرت البيضة(٦) على رأسه ».

٢٦ - عن ابن عباس قال:

« لما ماتت زينب بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقف - يعني رسول الله - على شفير

__________________

(١) في الأمالي: قالت: إليّ إليّ يابن.

(٢) من الأمالي.

(٣) في الأمالي: جنب.

(٤) قطب الرجل: زوى بين عينيه وكلح.

(٥) رواه الشيخ في أماليه ١: ٢ و ١٦٠.

(٦) البيضة: الخوذة من الحديد.

٤١٩

القبر وفاطمة تبكي، فجعل يأخذ ثوبه فيمسح عينيها فبكين النساء، فضربهنّ عمر بسوطه فقال: ياعمر دعهنّ فانّ العين دامعة والنفس مصابة ابكين وإياكن وبقيعة الشيطان، فانه ما يكن من القلب والعين فمن الله وما يكن من اليد واللسان فمن الشيطان ».

قال محمّد بن أبي القاسم الطبري: البشارة فيه مسح دموع فاطمة من كرامتها على الله وعليهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجواز البكاء أيضاً والتوجع بشارة إذا لم يتكلم باللسان القبيح ولم يضرب باليد، وشيء آخر فيه للشيعة تمسك به وحجّة قوية وهو المعروف الذي أنكره عمر وانكار رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يدخل بذلك في جملة من قال الله تعالى فيهم:( يَأْمُرُونَ بِالمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المَعْرُوفِ - الآية) (١) الآية، فافهم.

٢٧ - حدّثنا ذو النون المصري عن مالك بن أنس، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« إذا كان يوم القيامة نصب الصراط على شفير جهنّم فلا يجاوز إلاّ من كان معه براءة بولاية علي بن أبي طالبعليه‌السلام »(٢) .

٢٨ - قال: حدّثنا عمر بن عبدالله بن يعلى بن مرّة الثقفي، عن أبيه، عن جدّه يعلى بن مرّة قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول:

« ياعلي أنت خير الناس بعدي، وأنت أوّل النّاس تصدّراً، من أطاعك فقد أطاعني ومن أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاك فقد عصاني ومن عصاني فقد عصى الله، ومن أحبك فقد أحبني ومن أحبني فقد أحبّ الله، ومن أبغضك فقد أبغضني ومن أبغضني فقد أبغض الله، ياعلي لا يحبك إلاّ مؤمن ولا يبغضك إلاّ منافق أو كافر ».

__________________

(١) التوبة: ٦٧.

(٢) رواه في تأويل الآيات ١: ٤٩٤، مصباح الأنوار: ١٠٦، أمالي ١: ٢٩٦، عنه البحار ٨: ٦٧أقول: مرّ ما يشابهه في ج ٣: الرقم ١٣ و ج ٤: الرقم ١ و ج ٦: الرقم ٩ و ١٨.

٤٢٠

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438