أدب الطف الجزء ٢

أدب الطف0%

أدب الطف مؤلف:
الناشر: دار المرتضى للنشر
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 335

أدب الطف

مؤلف: العلامة السيد جواد شبر
الناشر: دار المرتضى للنشر
تصنيف:

الصفحات: 335
المشاهدات: 54946
تحميل: 7564


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 335 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 54946 / تحميل: 7564
الحجم الحجم الحجم
أدب الطف

أدب الطف الجزء 2

مؤلف:
الناشر: دار المرتضى للنشر
العربية

ابو عثمان سعيد بن هاشم بن وعلة البصري العبدي ابو عثمان الخالدي الاصغر:

توفي سنة 371 الخالدي نسبة الى الخالدية قرية من قرى الموصل، والعبدي نسبة الى قبيلة عبد القيس المنتهى نسبه اليهم وكأنه ورث التشيع عنهم، وفي معجم الادباء اسماه سعد. والصحيح سعيد كان هو واخوه ابو بكر (1) اديبي البصرة وشاعريها في وقتهما، وكان بينهما وبين السري الرفاء الموصلي ما يكون بين المتعاصر من التغاير والتضاغن فكان يدعى عليهما بسرقة شعره وشعر غيره. في اليتيمة: كان يتشيع ويتمثل في شعره بما يدل على مذهبه كقوله:

انظر إلي بعين الصفح عن زللي

لا تتركنيّ من ذنبي على وجل

موتي وهجرك مقرونان في قرن

فكيف أهجر مَن في هجره أجلي

وليس لي أمل إلا وصالكم

فكيف أقطع مَن في وصله أملي

هذا فوادي لم يملكه غيركم

إلا الوصي أمير المؤمنين علي

  ومن شعره:

جحدت ولاء مولانا علي‌

وقدّمت الدعي على الوصي

متى ما قلّت إن السيف أمضى

من اللحظات في قلب الشجي

لقد فعلت جفونك في البرايا

كفعل يزيد في آل النبي (2)

__________________

1 - ابو بكر اسمه محمد بن هاشم بن وعلة بن عرام بن يزيد بن عبد الله منبّه بن يتربي بن عبد السلام بن خالد بن عبد منبّه من بني عبد القيس، وتأتي ترجمته في هذا الجزء.

2 - اعيان الشيعة عن اليتيمة للتعالبي.

١٢١

وله:

أنا ان رمت سُلوّاً

عنك يا قرّة عيني

كنت في الاثم كمن شا

رك في قتل الحسين

لك صولات على قلـ

ـبي بقدٍّ كالرديني

مثل صولات علي

يوم بدر وحنين (1)

  وله:

أنا في قبضة الغرام رهين‌‏

بين سيفين أرهفا ورديني

فكأن الهوى فتى علويّ

ظن أني وليت قتل الحسين

وكأني يزيد بين يديه

فهو يختار أوجع القتلتين

  وله:

تظن بأنني أهوى حبيبا

سواك على القطيعة والبعاد

جحدت اذاً موالاتي عليا

وقلت بأنني مولى زياد

  وترجمه السيد الأمين في الأعيان وذكر له شعرا كثيرا وكله من النوع العالي وذكر له النويري في نهاية الأدب قوله:

يا هذه إن رحتُ في‌‏

خَلَق فما في ذاك عار

هذي المَدام هي الحيا

ة قميصها خَرق وقار

  ومن شعره ما رواه الحموي في معجم الادباء:

هتف الصبح بالدجى فاسقنيها

قهوةً تترك الحليم سفيها

لست تدري لرقةٍ وصفاءٍ

هي في كاسها أم الكاس فيها

  وقال:

أما ترى الغيم يا من قلبه قاسيٍ‌‏

كأنه أنا مقياسا بمقياس

قطرُ كدمعي وبرقُ مثل نار جويً

في القلب مني وريحُ مثل أنفاسي

__________________

1 - أعيان الشيعة عن اليتيمة للثعالبي.

١٢٢

الأمير تميم بن الخليفة

الأمير ابو علي تميم بن الخليفة المعز لدين الله مسعد بن اسماعيل الفاطمي:

نأت بعد ما بان العزاء سعادُ

فحشو جفون المقلتين سهادُ

فليت فؤادي للظعائن مربع

وليت دموعي للخليط مزاد

نأوا بعدما القت مكائدها النوى

وقرّت بهم دار وصحّ وداد

وقد تؤمن الأحداث من حيث تتقى

ويبعد نجح الأمر حسين يُراد

أعاذل لي عن فسحة الصبر مذهب

وللهو غيري مألف ومصاد

ثوت لي أسلاف كرام بكربلا

همُ لثغور المسلمين سِداد

اصابتهم من عبد شمس عداوة

وعاجلهم بالناكثين حصاد

فكيف يلذّ العيش عفوا وقد سطا

وجار على آل النبي زياد (1)

وقتلهم بغيا عُبَيد وكادهم

يزيد بأنواع الشقاق فبادوا

بثارات بدر قاتلوهم ومكةٍ

وكادوهم والحق ليس يكاد

فحكمت الأسياف فيهم وسُلّطت

عليهم رماح للنفاق حداد

فكم كربةٍ في كربلاءَ شديدة

دهاهم بها للناكثين كياد (2)

__________________

1  يريد به زياد بن ابيه والد عبيد الله بن زياد الذي ارسل الجيوش لمحاربة الحسين عليه‌السلام .

2 - الكياد: المكايدة مصدر كايد.

١٢٣

تحكّم فيهم كل أنوك جاهل

ويُغزون غزواً ليس فيه محاد

كأنهم ارتدّوا ارتداد امية

وحادوا كما حادت ثمود وعاد

ألم تُعظِموا يا قوم رهط نبيكم

أما لكم يوم النشور معاد

تداس بأقدام العصاة جسومهم

وتدرسهم جُرد هناك جياد (1)

تضيمهم بالقتل أمة جدهم

سفاها وعن ماء الفرات تذاد

فماتوا عطاشى صابرين على الوغى

ولم يجبنوا بل جالدوا فأجادوا

ولم يقبلوا حكم الدعي (2) لأنهم

تساما وسادوا في المهود وقادوا

ولكنم ماتوا كراما أعزة

وعاش بهم قبل الممات عباد

وكم بأعالي كربلا من حفائر

بها جُثتُ الأبرار ليس تعاد

بها من بني الزهراء كل سَميدعٍ

جواد اذا أعيا الأنام جواد

معفرة في ذلك الترب منهم

وجوه بها كان النجاح يفاد

فلهفي على قتل الحسين ومسلم

وخزي لمن عاداهما وبعاد

ولهفي على زيد وبَثّاً مُرددا

إذا حان من بثّ الكئيب نفاد

الاكبد تفنى عليهم صبابة

فيقطر حزنا أو يذوب فؤاد

ألا مُقلة تهمي ألا أذن تعي

أكل قلوب العالمين جماد

تُقاد دماء المارقين ولا أرى

دماءَ بني بيت النبي تُقاد

أليس هم الهادون والعترة التي

بها انجاب شرك واضمحل فساد

تساق على الارغام قسراً نساؤهم

سبايا الى ارض الشام تقاد

يُسقنَ الى دار اللعين صوغرا

كما سيق في عصف الراح جراد

كأنهم فيء النصارى وإنهم

لأكرم من قد عزّ منه قياد

يعز على الزهراء ذلّة زينب

وقتلُ حسين والقلوب شداد

وقرع يزيد بالقضيب لسنّه

لقد مجسوا (3) أهل الشام وهادوا

__________________

1 - يعني بذلك رضّ جسد الحسين عليه‌السلام بحوافر الخيول.

2 - يعنى به ابن زياد الذي لا يعرف لابيه أب.

3 - مجسوا: دخلوا المجوسية. وهادوا: دخلوا اليهودية.

١٢٤

قتلتم بني الإيمان والوحي والهدى

متى صح منكم في الإله مراد

ولم تقتلوهم بل قتلتم هداكم

بهم ونقصتم عند ذاك وزادوا

أمية ما زلتم لأبناء هاشم

عِدى فاملأوا طرق النفاق وعادوا

إلى كم وقد لاحت براهين فضلهم

عليكم نِفار منهم وعناد

متى قط أضحى عبد شمس كهاشم

لقد قل انصاف وطال شِراد (1)

متى وُزنت صمّ الحجار بجوهر

متى شارفت شم الجبال هاد

متى بعث الرحمن منكم كجدهم

نبيا علت للحق منه زناد

متى كان يوما صخركم كعليهم

إذا عدّ إيمان وعدّ جهاد

متى أصبحت هند كفاطمة الرضى

متى قيس بالصبح المنير سواد

أآل رسول الله سؤتم وكدتم

ستجنى عليكم ذلة وكساد

أليس رسول الله فيهم خصيمكم

إذا اشتد إبعاد وأرمل (2) زاد

بكم أم بهم جاء القرآن مبشرا

بكم أم بهم دين الإله يشاد

سأبكيكم يا سادتي بمدامع

غزار وحزن ليس عنه رقاد

وإن لم أعاد عبد شمس عليكم

فلا اتسعت بي ما حييتُ بلاد

وأطلبهم حتى يروحوا ومالهم

على الأرض من طول القرار مهاد

سقى حُفرا وارتكم وحوتكم

من المستهلات العذاب عهاد

__________________

1 - الشراد: النفور.

2 - أرمل: نفد.

١٢٥

الأمير ابو علي تميم بن الخليفة المعز لدين الله معد بن اسماعيل الفاطمي:

قال السيد الأمين في الأعيان ج 14 ص 308:

اديب شاعر من بيت الملك في ابان عزه ومجده ذكره صاحب اليتيمة ولم يذكر من أحواله شيئا سوى أشعار له أوردها وقالت مجلة الرسالة المصرية عدد 331 من السنة السابعة هو كما يعرف الأدباء امير شعراء مصر في العصر الفاطمي ويمكننا القول بان تميما هذا كان مبدأ حياة خصيبة عامرة نشأ في وقت واحد مع القاهرة وكان الشعر في مصر بما تعلمه من الضعف والقلة والندرة أقوى وروى له بعض أشعاره التي نظمها سنة 374 هـ وشعره الذي يمدح به اخاه الخليفة العزيز بالله الفاطمي اكثره بل جلّه في ديوانه المطبوع بمطبعة دار الكتب المصرية بالقاهرة قال ابن خلكان: وكانت وفاته في ذي القعدة سنة اربع وسبعين وثلثمائة بمصر رحمه الله تعالى ودفن بالحجرة التي فيها قبر ابيه المعز.

وقال في الغزل:

لا والمضرّج ثوبُه

في كربلاء من الدماء

لا والوصي وزوجه

وبنيه اصحاب الكساء

أولا فإني للعُصا

ة الغاصبين الادعياء

ما حُلت ياذات اللَمى

عما عهدتِ من الوفاء

ها فانظريني سابحا

في الدمع من طول البكاء

١٢٦

وضعي يديك على فؤادٍ

قد تهيأ للفناء

قالت: تلطف شاعر

لسنٍ وخدعة ذي ذكاء

امسك عليك فقد تقنّع

منك وجهي بالحياء

واعبث بما في العقد مني،

لا بما تحت الردءا

إن الرجال اذا شكوا

لعبوا باخلاق النساء

  ومن شعره:

اما والذي لا يملك الامر غيره‌‏

ومن هو بالسر المكتم أعلم

لئن كان كتمان المصائب مؤلما

لأعلانها عندي اشدّ وآلم

وبي كل ما يبكي العيون أفلّه

وإن كنت منه دائما اتبسم

  وقال معارضا قصيدة عبد الله بن المعتز التي أولها:

ألا مَن لنفسي وأوصابها

ومن لدموعي وتسكابها

  أقول وقصيدة شاعرنا المترجم له طويلة فمنها:

ألا قل لمن ضل من هاشم

ورام اللحوق بأربابها

أأوساطها مثل أطرافها

أأرؤسها مثل أذنابها

أعباسها كأبي حربها

علي وقاتل نصّابها

وأولها مؤمنا بالإله

وأول هادم أنصابها

بني هاشم قد تعاميتم

فخلّوا المعالي لأصحابها

أعباسكم كان سيف النبي

إذا أبدت الحرب عن نابها

أعباسكم كان في بَدره

يذود الكتائب عن غابها

أعباسكم قاتل المشركين

جهارا ومالك أسلابها

أعباسكم كوصيّ النبي

ومُعطى الرغاب لطلابها

أعباسكم شرح المشكلات

وفَتّح مُقفَل أبوابها

عجبتُ لمرتكب بغيه

غوىً المقالة كذّابها

١٢٧

يقول فينظم زور الكلام

ويحكم تنميقَ إذهابا

( لكم حرمة يا بني بنته

ولكن بنو العم أولى بها )

وكيف يحوز سهامَ البنين

بنو العمّ أُفٍّ لغصّابها

بذا أنزل الله آي القرآن

أتعمَون عن نص إسهابها

لقد جار في القول عبد الإله

وقاس المطايا بركتابها

ونحن لبسنا ثياب النبي

وأنتم جذَبتم بهدّابها

ونحن بنوه ووُرّاثه

وأهل الوراثة اولى بها

وفينا الامامة لا فيكم

ونحن أحقّ بجلبابها

ومن لكم يا بني عمّه

بمثل البتول وأنجابها

وما لكم كوصيّ النبي

أبٌ فتراموا بنشّابها

ألسنا لُباب بني هاشم

وساداتكم عند نُسّابها

ألسنا سبقنا لغاياتها

ألسنا ذهبنا بأحسابها

بنا صُلتم وبنا طُللتم

وليس الولاة ككتّابها

ولا تَسفَهوا أنفساً بالكذاب

فذاك أشد لإتعابها

فأنتم كلحن قوافي الفَخار

ونحن غدونا كإعرابها

  وله قصيدة اخرى يردّ بها على ابن المعتز في تفضيله العباسيين على العلويين أولها:

جادك الغيث من محلّة دارِ

وثوى فيكِ كل غادٍ وسارِ

  ومنها:

يا بني هاشم ولسنا سواء

في صغار من العلا أو كبار

ان نكن ننتمي لجدٍ فإنا

قد سبقناكم لكل فخار

ليس عباسكم كمثل علي

هل تقاس النجوم بالاقمار

مَن له قال انت مني كهارون

وموسى اكرم به من نجار

١٢٨

ثم يوم الغدير ما قد علمتم

خصّة دون سائر الحضّار

مَن له قال: لا فتى كعلي

لا ولا منصل سوى ذي الفقار

وبمن باهل النبي أأنتم

جُهلاء بواضح الاخبار

يا بني عمنا ظلمتم وطرتم

عن سبيل الانصاف كل مطار

كيف تحوون بالاكف مكانا

لم تنالوا رؤياه بالابصار

مَن توطّا الفراش يخلف فيه

احمداً وهو نحوَ يثرب سار

واسألوا يوم خيبر واسألوا

مكة عن كرّه على الفجّار

واسألوا يوم بدرَ مَن فارس

الاسلام فيه وطالبُ الاوتار

اسألوا كل غزوة لرسول

الله عمن أغار كل مُغار

١٢٩

علي بن أحمد الجرجاني الجوهري (1)

وجدي بكوفان ما وجدي بكوفان

تهمي عليه ضلوعي قبل أجفاني

أرض اذا نفحت ريح العراق بها

أتت بشاشتها أقصى خراسان

ومن قتيل بأعلى كربلاء على

جهل الصدى فتراه غير صديان

وذي صفائح يستسقي البقيع به

ريّ الجوانح من روحٍ ورضوان

هذا قسيم رسول الله من آدم

قُدّا معاً مثلما قدّ الشرا كان

وذاك سبطا رسول الله جدهما

وجه الهدى وهما في الوجه عينان

وآخجلتا من أبيهم يوم يشهدهم

مضرجين نشاوى من دم قان

يقول يا أمة حف الضلال بها

فاستبدلت للعمى كفراً بايمان

ماذا جنيت عليكم إذ أتيتكم

بخير ما جاء من آي وفرقان

ألم أجركم وأنتم في ضلالتكم

على شفا حفرة من حر نيران

ألم أؤلف قلوبا منكم فرقا

مثارة بين أحقاد وأضغان

أما تركت كتاب الله بينكم

وآيه الغر في جمع وقرآن

ألم أكن فيكم غوثا لمضطهد

ألم أكن فيكم ماء لظمآن

قتلتم ولدي صبرا على ظمأ

هذا وترجون عند الحوض إحساني

سبيتم ثكلتكم أمهاتكم

بني البتول وهم لحمي وجثماني

__________________

1 - ترجمه صاحب ( رياض العلماء ) ووصف فضله وشعره.

١٣٠

يا رب خَذ لي منهم إذ هم ظلموا

كرام رهطي وراموا هدم بنياني

ماذا تجيبون والزهراء خصمكم

والحاكم الله للمظلوم والراني

أهل الكساء صلاة الله نازلة

عليكم الدهر من مثنى ووحدان

أنتم نجوم بني حواء ما طلعت

شمس النهار وما لاح السماكان

هذي حقائق لفظ كلما برقت

ردّت بلألائها أبصار عميان

هي الحُلى لبنى طه وعترتهم

هي الردى لبنى حرب ومروان

هي الجواهر جاء الجوهري بها

محبة لكم من أرض جرجان (1)

  وقال يرثي الحسين عليه‌السلام :

يا أهل عاشور يا لهفي على الدين

خذوا حدادكم يا آل ياسين

اليوم شقق جيب الدين وانتهبت

بنات أحمد نهب الروم والصين

اليوم قام بأعلى الطف نادبهم

يقول مَن ليتيم أو لمسكين

اليوم خضّب جيب المصطفى بدم

أمسى عبير نحور الحور والعين

اليوم خرّ نجوم الفخر من مصر

وطاح بالخيل ساحات الميادين

اليوم اطفئ نور الله متقدا

وبرقعت عزة الاسلام بالهون

اليوم نال بنو حرب طوائلهم

مما صلوه ببدر ثم صفين

يا أمة ولي الشيطان رايتها

ومكَن الغي منها كل تمكين

ما المرتضى وبنوه من معوبة

ولا الفواطم من هند وميسون

يا عين لا تدعي شيئا لغادية

تهمي ولا تدعي دمعا لمحزون

قومي على جدث بالطف فانتقضي

بكل لؤلؤ دمع فيك مكنون

يا آل أحمد إن الجوهري لكم

سيف يقطّع عنكم كل موصون

  ذكرها الخوارزمي في مقتله، وابن شهر اشوب في مناقبه، والعلامة المجلسي في العاشر من البحار.

__________________

1 - عن أعيان الشيعة ج 41 ص 41.

١٣١

أبو الحسن علي بن احمد الجرجاني المعروف بالجوهري:

توفي في حدود سنة 380. عن رياض العلماء إنه كان شاعراً اديبا مشهورا، وهو صاحب القصائد الفاخرة الكثيرة في مناقب أهل البيت ومصائب شهدائهم.

كان من صنايع الوزير الصاحب بن عباد وندمائه وشعرائه، تعاطى صناعة الشعر في ريعان من عمره جزاه الله خير جزاء المحسنين.

١٣٢

الصاحب اسماعيل بن عباد

عين جودي على الشهيد القتيل

واتركي الخد كالمحل المحيل

كيف يشفي البكاء في قتل مولا

ي امام التنزيل والتأويل

ولو انّ البحار صارت دموعي

ما كفتني لمسلم بن عقيل

قاتلوا الله والنبي ومولا

هم عليا إذ قاتلوا ابن الرسول

صرعوا حوله كواكب دجن

قتلوا حوله ضراغمَ غيل

اخوة كل واحد منهم ليـ

ـث عرين وحدّ سيفٍ صقيل

أو سمعوهم طعنا وضربا ونحرا

وانتهابا ياضلًة متن سبيل

والحسين الممنوع شربة ماء

بين حر الظبى وحر الغليل

مثكل بابنه وقد ضمّه وهـ

ـو غريق من الدماء الهمول

فجمعوه من بعده برضيعٍ

هل سمعتم بمرضعٍ مقتول

ثم لم يشفهم سوى قتل نفس

هي نفس التكبير والتهليل

هي نفس الحسين نفس رسول الـ

ـله نفس الوصي نفس البتول

ذبحوه ذبحَ الأضاحي فيا قلـ

ـب تصدّع على العزيز الذليل

وطأوا جسمه وقد قطّعوه

ويلهم من عقاب يوم وبيل

أخذوا رأسه وقد بضّعوه

إن سميَ الكفار في تضليل

نصبوه على القنا فدمائي

لا دموعي تسيل كلّ مسيل

١٣٣

واستباحوا بنات فاطمة الزهـ

ـراء لمّا صرخن حول القتيل

حملوهن قد كشفن على الاقـ

ـتاب سبياً بالعنف والتهويل

يا لكربٍ بكربلاء عظيم

ولرزء على النبي ثقيل

كم بكى جبرئيل ممّا دهاه

في بنيه صلّوا على جبرئيل

سوف تأتي الزهراء تلتمس الحكـ

ـم اذا حان محشر التعديل

وأبوها وبعلها وبنوها

حولها والخصام غير قليل

وتنادي يا رب ذبّح أولا

دي لماذا وأنت خير مديل

فينادى بمالك ألهب النا

ر وأجّج وخذ بأهل الغلول

( ويجازى كل بما كان منه

من عقاب التخليد والتنكيل )

يا بني المصطفى بكيت وابكيـ

ـت ونفسي لم تأت بعد بسولي

ليت روحي ذابت دموعا فأبكي

للذي نالكم من التذليل

فولائي لكم عتادي وزادي

يوم القاكم على سلسبيل

لي فيكم مدائح ومراث

حفظت حفظ محكم التنزيل

قد كفاني في الشرق والغرب فخرا

أن يقولوا: من قيل اسماعيل

ومتى كادني النواصب فيكم

حسبي الله وهو خير وكيل (1)

  الصاحب بن عباد:

حدق الحسان (2) رمينني بتململ

وأخذن قلبي في الرعيل الأول

غادرنني والى التفزع مفزعي

وتركنني وعلى العوبل معوّلي

لو أن ما ألقاه حمّل يذبلا

قد كان يذبل منه ركنا يذبل

مازلت أرعى الليل رعي موكل

حتى رأيت نجمه يبكين لي

فحسبتها زهرات روض ضاحك

[ مبتسم ] قد القيت في جدول

__________________

1 - عن ديوان الصاحب بن عباد ص 261.

2 - ذكر العلامة المجلسي في المجلد العاشر من ( بحار الأنوار ) بعضها وقال: هي من قصيدة طويلة.

١٣٤

ينقض لامعها فتحسب كاتباً

قد مد سطراً مذهباً بتعجّل

ويغيب طالعها كدر قد وهى

من سلك غانية مشت بتدلل

حتى إذا ما الصبح أنفذ رسله

أبدت شجون تفرّق وترحّل

والفجر من رأد الضياء كأنه

سعدى وقد برزت لنا بتبذل

ومضى الظلام يجر ذيل عبوسه

فأتى الضياء بوجهه المتهلل

وبدا لنا ترس من الذهب الذي

لم ينتزع من معدنٍ بتعمل

مرآة نور لم تُشَن بصياغة

كلا ولا جليت بكف الصيقل

تسمو الى كبد السماء كأنها

تبغي هناك دفاع كرب معضل

حتى اذا بلغت الى حيث انتهت

وقفت كوقفة سائل عن منزلِ

ثم انثنت تبغي الحدورَ كأنها

طير أسفّ مخافةً من أجدلِ

حتى اذا ما الليل كرّ ببأسه

في جحفل قد أتبعوه بجحفل

طرب الصديق الى الصديق وأبرزت

كأس الرحيق ولم يخف من عذّل

فالعود يُصلح والحناجر تجتلى

والدر يُخرز من صراح المبزل

والعين تومئ والحواجب تنتجي

والعتب يظهر عطنه في أنمل

والأذن تقضي ماتريد وتشتهي

من طفلة مع عودها كالمطفل

إن شئت مرّت في طريقة معبدٍ

أو شئت مرت في طريقة زلزل

تغنيك عن إبداع بدعة حسن ما

وصلت طرائقه بفنّ الموصلي

فالروض بين مسهّم ومدبّج

ومفوّفٍ ومجزّعٍ ومهلّل

والطير ألسنة الغصون وقد شدت

ليطيب لي شرب المدام السلسل

من حُمّرٍ أو عندليب مطربٍ

أو زُرزرٍ أو تدرجٍ أو بلبل

فأخذتها عاديّةً غيليّةً

تجلى علَيّ كمثل عين الأشهل

قد كان ذاك وفي الصبا متنفّس

والدهر أعمى ليس يعرف معقلي

حتى اذا خط المشيب بعارضي

خط الانابة رمتها بتبتل

وجعلت تكفير الذنوب مدائحي

في سادة آل النبي المرسل

في سادةٍ حازوا المفاخر قادةٍ

ورقوا الفخار بمقولٍ وبمنصُل

١٣٥

وتشدّد يوم الوغى وتشرُّرٍ

وتفضل يوم الندى وتسهل

وتقدّم في العلم غير محلأٍ

وتحقق بالعلم غير محلحل

وعبادة ما نال عبد مثلها

لأداءِ - فرضٍ أو أداء تنفّل

هل كالوصيّ مقارع في مجمع

هل كالوصي منازع في محفل

شَهَرَ الحسامَ لحسم داءٍ معضل

وحمى الجيوش كمثل ليل أليل

لمّا أتوا بدراً أتاه مبادرا

يسخو بمهجة محربٍ متأصل

كم باسل قدردّه وعليه من

دمه رداء أحمر لم يصقل

كم ضربة من كفّه في قرنه

قد خيل جري دمائها من جدول

كم حملة وآلى على أعدائه

ترمي الجبال بوقعها بتزلزل

هذا الجهاد وما يطيق بجهده

خصم دفاع وضوحه بتأوّل

يا مرحبا اذ ظل يردي مرحباً

والجيش بين مكبّر ومهلّل

واذا انثنيت الى العلوم رأيته

قرم القروم يفوق كل البزّل

ويقوم بالتنزيل والتأويل لا

تعدوه نكتة واضح أو مشكل

لولا فتاويه التي نجّتهم

لتهالكوا بتعسّف وتجهّل

لم يسأل الأقوام عن أمرٍ وكم

سألوه مدرّعين ثوب تذلّل

كان الرسول مدينةً هو بابها

لو أثبت النصّاب قول المرسل

[ قد كان كرّارا فسُمّي غيره

في الوقت فرّارا فهل من معدل ]

هذي صدورهم لبغض المصطفى

تغلي على الأهلين غلي المرجل

نصبت حقودهم حروبا أدرجت

آل النبي على الخطوب النزّل

حلّوا وقد عقدوا كما نكثوا وقد

عهدوا فقل في نكث باغ مبطل

وافوا يخبرنا بضعف عقولهم

أن المدبر ثَمّ ربةُ محملِ

هل صيّر الله النساء أئمة

يا أمة مثل النّعام المهمل

دبت عقاربهم لصنو نبيهم

فاغتاله أشقى الورى بتختّل

أجروا دماء أخي النبي محمد

فلتجرِ غرب دموعها ولتهمِل

ولتصدر اللعنات غير مزالةٍ

لعداه من ماض ومن مستقبل

١٣٦

لم تشفهم من أحمد أفعالهم

بوصيّه الطهر الزكي المفضل

فتجرّدوا لبنيه ثم بناته

بعظائم فاسمع حديث المقتل

منعوا حسينَ الماء وهو مجاهد

في كربلاء فنح كنوح المعولِ

منعوه أعذب منهل وكذا غداً

يردون في النيران أوخم منهل

يسقون غسليناً ويحشر جمعهم

حشراً متيناً في العقاب المجمل

أيحزّ رأس ابن الرسول وفي الورى

حيّ أمام ركابه لم يقتل

تسبى بنات محمد حتى كأنّ

محمدا وافى بملّة هرقلِ

وبنوا السفاح تحكموا في أهل حيّ

على الفلاح بفرصة وتعجّل

نكت الدعيّ ابن البغي ضواحكا

هي للنبيّ الخير خيرُ مقبّل

تمضي بنو هند سيوف الهند في

أوداج أولاد النبيّ وتعتلي

ناحت ملائكة السماء عليهم

وبكوا وقد سقّوا كؤوس الذبّل

فأرى البكاء مدى الزمان محللا

والضحك بعد السبط غير محلّل

قد قلت للأحزان: دومي هكذا

وتنزّلي بالقلب لا تترحّلي

يا شيعة الهادينَ لا تتأسّفي

وثقي بحبل الله لا تتعجلي

فعداً ترون الناصبين ودارهم

قعر الجحيم من الطباق الأسفل

وتنعمون مع النبي وآله

في جنة الفردوس أكرم موئل

هذي القلائد كالخرائد تجتلى

في وصف علياء النبي وفي علي

لقريحةٍ عدليّةٍ شيعيةٍ

أزرت بشعر مزرّد ومهلهل

ما شاقها لما أقمت وزانها

أن لم تكن للأعشيين وجرول

رام ابن عبادٍ بها قربًي الى

ساداته فأتت بحسن مكمل

ما ينكر المعنى الذي قصدت له

إلا الذي وافى لعدة أفحل

وعليك يا مكيّ حسنُ نشيدها

حتى تحوزَ كمالَ عيش مقبل (1)

__________________

1 - عن ديوان الصاحب بن عباد ص 85.

١٣٧

وقال رحمه‌الله :

ما بال عَلوى لا ترد جوابي

هذا وما ودعت شرخ شبابي

أتظن أثواب الشباب بلمتي

دَورَ الخضابِ فما عرفت خضابي

أوَ لَمّ ترَ الدنيا تطيع أوامري

والدهر يلزمُ - كيف شئت - جنابي

والعيش غَض والمسارح جمّة

والهمّ اقسم لا يَطور ببابي

وولاء آل محمد قد خيرَ لي

والعدل والتوحيد قد سعدا بي

من بعد ما استدّت مطالب طالب

باب الرشاد الى هدىً وصواب

عاودت عرصة أصبهان وجهلُها

ثبت القواعد محكمُ الأطناب

والجبر والتشبيه قد جثما بها

والدين فيها مذهب النصّاب

فكففتهم دهراً وقد فقّهتهم

الا أراذل من ذوي الأذناب

ورويتُ من فضل النبيّ وآله

ما لا يبقي شبهة المرتاب

وذكرت ما خصّ النبي بفضله

من مفخر الاعمال والانساب

وذر الذي كانت تعرف داءه

انّ الشفاء له استماع خطابي

يا آل احمد انتم حرزي الذي

أمِنَت به نفسي من الأوصاب

أُسعدت بالدنيا وقد واليتكم

وكذا يكون مع السعود مأبي

انتم سراج الله في ظلم الدجى

وحسامه في كل يوم ضراب

ونجومه الزهر التي تهدي الورى

وليوثه إن غابَ ليثُ الغابِ

لا يرتجى دين خلا من حبّكم

هل يرتجى مَطُر بغير سحاب

أنتم يمين الله في أمصاره

لو يعرف النصّاب رجع جواب

تركوا الشراب وقد شكوا غلل الصدى

وتعلّلوا جهلا بلمع سراب

لم يعلموا أن الهوى يهوي بمن

ترك العقيدة ربة الانساب

لم يعلموا أن الوصيّ هو الذي

غَلَبَ الخضارم كلّ يوم غلاب

لم يعلموا أن الوصيّ هو الذي

آخى النبي اخوّة الانجاب

لم يعلموا أن الوصي هو الذي

سبق الجميع بسنّةٍ وكتاب

١٣٨

لم يعلموا أنَّ الوصيَّ هو الذي

لم يرضَ بالاصنام والانصاب

لم يعلموا أن الوصي هو الذي

آتى الزكاة وكان في المحراب

لم يعلموا أن الوصي هو الذي

حَكمَ الغدير له على الأصحاب

لم يعلموا أن الوصي هو الذي

قد سام أهل الشرك سوم عذاب

لم يعلموا أن الوصي هو الذي

أزرى ببدر كل أصيد آبي

لم يعلموا أن الوصي هو الذي

ترك الضلال مغلّل الأنياب

ما لي أقصّ فضائل البحر الذي

علياه تسبقُ عدّ كلّ حساب

لكنّني متروّح بيسير ما

أُبديه أرجو أن يزيدَ ثوابي

وأريد اكمادَ النواصب كلّما

سمعوا كلامي وهو صوت رباب

يحلو اذا الشيعيّ ردّد ذكره

لكن على النصّاب مثل الصاب

مدح كأيام الشباب جعلتها

دأبي وهُنّ عقائد الآداب

حُبّي أمير المؤمنين ديانة

ظهرت عليه سرائري وثيابي

أدّت اليه بصائر أعملتها

اعمال مرضيّ اليقين عقابي

لم يعبث التقليد بي ومحبتي

لعمارة الأسلاف والأحساب

يا كفؤ بنت محمد لولاك ما

زفّت الى بشرٍ مدى الأحقاب

يا أصل عترة احمدٍ لولاك لم

يك أحمد المبعوث ذا أعقاب

وأفئت بالحسنين خير ولادة

قد ضمنت بحقائق الأنجاب

كان النبي مدينة العلم التي

حوت الكمال وكنت أفضل باب

ردّت عليك الشمس وهي فضيلة

بَهَرت فلم تستر بلفّ نقاب

لم أحك إلا ما روته نواصب

عادتك وهي مباحة الأسلاب

عوملتَ يا صنو النبي وتلوه

بأوابد جاءت بكل عجاب

عوهدتَ ثم نكثت وانفرد الألى

نكصوا بحربهم على الأعقاب

حوربتَ ثم قتلتَ ثم لعنت يا

بعداً لأجمعهم وطول تَباب

أيشك في لعني أمية إنها

نفرت على الاصرار والاضباب (1)

__________________

1 - وفي نسخة: جارت على الاحرار والاطياب.

١٣٩

قد لقبوكَ يا أبا ترابٍ بعدما

باعوا شريعتهم بكفّ تراب

قتلوا الحسين فيا لعولي بعده

ولطول نوحي أو أصير لما بي

وهم الألى منعوه بلّة غُلةٍ

والحتف يخطبه مع الخطّاب

أودى به وباخوةٍ غُرّ غدت

أرواحهم شَوراً بكفّ نهاب

وسبوا بنات محمد فكأنهم

طلبوا دخول الفتح والأحزاب

رفقا ففي يوم القيامة غنية

والنار باطشة بسوط عقاب

ومحمد ووصيّه وابناه قد

نهضوا بحكمِ القاهر الغلاب

فهناك عضّ الظالمون أكفّهم

والنار تلقاهم بغير حجاب

ما كفّ طبعي عن إطالة هذه

مَلَل ولا عجز عن الاسهاب

كلا ولا لقصور علياكم عن الا

كثارِ والتطويل والاطناب

لكن خشيت على الرواة سأمةً

فقصدت ايجازاً على اهذاب

كم سامع هذا سليم عقيدة

صدق التشيع من ذوي الألباب

يدعو لقائلها بأخلص نيّة

متخشّعا للواحد الوهّاب

ومناصب فارت مراجل غيظه

حنقاً عليّ ولا يطيق معابي

ومقابل ليَ بالجميل تصنّعا

وفؤاده كره على ظَبظاب

انّ ابن عبّادٍ بآل محمد

يرجو (1) برغم الناصب الكذّاب

فاليك يا كوفيّ أنشِد هذه

مثلَ الشباب وجودَةِ الأحباب (2)

  وقال:

بلغت نفسي مناها‌‏

بالموالي آل طه

برسول الله من حا

ز المعالي وحواها

وأخيه خير نفس

شرّف الله بناها

__________________

1 - لعله: يزجو او ينجو.

2 - عن الديوان.

١٤٠