ولم يزل القوم يقرّون لأمير المؤمنين
عليهالسلام
بالفضائل، ويسلّمون له المناقب، وقد كانوا أنصاره وبعض أعوانه، وإنما دخلت الشبهة عليهم بعد الحكمين، فزعموا أنّه خرج عن جميع ما كان يستحقّه من الفضائل بالتحكيم، وقد قال شاعرهم:
كان علي قبل تحكيمه
|
|
جلدة بين العين والحاجب
|
ولو لم يكن الخبر كالشمس وضوحاً لم يحتج به أمير المؤمنين
عليهالسلام
يوم الشورى، حيث قال للقوم في ذلك المقام: «أنشدكم الله هل فيكم أحد أخذ رسول الله
صلىاللهعليهوآلهوسلم
بيده فقال: من كنت مولاه فهذا مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، غيري؟ ».
قالوا: اللهم لا، فأقر القوم به ولم ينكروه، واعترفوا بصحته ولم يجحدوه
.
فان قال قائل: فما باله لم يذكر في حال احتجاجه به تقرير رسول الله
صلىاللهعليهوآلهوسلم
للناس على أنّه أولى بهم منهم بأنفسهم؟ ولم اقتصر على ما ذكر، وهو لا ينفع في الاستدلال عندكم ما لم يثبت التقرير المتقدّم؟؟
وما جوابكم لم قال: إنّ المقدّمة لم تصحّ، وليس لها أصل، وقد سمعنا هذا الخبر ورد في بعض الروايات وهو عار منها، فما قولكم فيها؟؟
قيل له:
إنّ خلوّ انشاد أمير المؤمنين
عليهالسلام
من ذكر المقدمة لا يدلّ على نفيها أو الشكّ في صحّتها، لأنّه قرّرهم من بعض الخبر على ما يقتضي الإقرار، بجميعه، اختصاراً في كلامه، وغنىً معرفتهم بالحال عن إيراده على كماله، وهذه عادة الناس فيما يقرّرون به.
وقد قرّرهم
عليهالسلام
في ذلك المقام بخبر الطائر
فقال: « أفيكم رجل قال
__________________