أدب الطف الجزء ٦

أدب الطف0%

أدب الطف مؤلف:
الناشر: دار المرتضى للنشر
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 336

أدب الطف

مؤلف: العلامة السيد جواد شبر
الناشر: دار المرتضى للنشر
تصنيف:

الصفحات: 336
المشاهدات: 96859
تحميل: 6309


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 336 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 96859 / تحميل: 6309
الحجم الحجم الحجم
أدب الطف

أدب الطف الجزء 6

مؤلف:
الناشر: دار المرتضى للنشر
العربية

مولى يتوق إلى الوعيظ وغيره

لسماع غانية وضرب قيان

قرن الإله ولاءه بنبوة

الهادي النبي المصطفى العدناني

هو خير خلق الله بعد نبيه

من ذا يقارب فضله ويداني

يكفيه مدح الله جاء منزلاً

ومفصلاً في محكم القرآن

سل سورة ( الأحزاب ) لما فرق

الأحزاب حين تراءت الجمعان

ولعمرها لما علي قده

بمهند صافي الحديد يماني

جبريل أعلن في السماوات العلى

طوعا لأمر مكون الأكوان

لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى

إلا علي فارس الفرسان

لو صاح في الأفلاك وهي دوائر

يوماً لعطلها عن الدوران

في الحرب بسام وفي محرابه

يبكي رجاً من خشية الرحمن

يا منكراً فضل الوصي جهالة

سل « هل أتى حين على الإنسان »

فيها هو الممدوح والمعني بلا

شك وذا قد نص في القرآن

وبمكة « إنا فتحنا » أنزلت

بمديحه في أوضح التبيان

سل عنه في « صفين » ما فعلت

يد الكرار حين تلاقت الفئتان

و ( النهروان ) وقد تخلق ماؤه

بنجيع كل معاند خوان

يرجى ويحذر في القراع وفي القرى

في يوم مسغبة ويوم طعان

إن أقلع الورق الملث فكفه

هطل كصوب العارض الهتان

أمخاطب الآساد في غاباتها

ومكلم الاموات في الأكفان

لو كان رب للبرية ثانيا

غاليت فيك وقلت رب ثاني

أعلي يا طود المفاخر والعلى

يا من بحبك ذو الجلال حباني

١٠١

إني بمدحك مغرم ومتيم

ما دمت في سري وفي إعلاني

وبمدح عترتك الكرام وآلك

الغر العظام غداً رجوت أماني

هم فلك نوح فاز راكبها ومن

عنها تخلف خاض في الميزان

إني بحبل ولائهم متمسك

حسبي به عن غيره وكفاني

صدق اعتقادي سوف أبديه ولم

أحفل بكل مكذب شيطان

إن النجاة بأحمد وبحيدر

وابنيه ثم بواحد وثمان

وبفاطم الزهراء بضعة أحمد

المختار صفوة ربنا الديان

فبهم إله العرش يغفر زلتي

وبهم يتوب الله عن عصياني

خذها أميرالمؤمنين قلائداً

نظمت وفيها من علاك معاني

منظومة في سلك فكر « محمد »

تزري بنظم الدر والمرجان

إن صادفت حسن القبول فحبذا

فهو المراد وكل شيء فاني

لا زلت أحكم في مديحك سيدي

إحكام منظمي وسحر بياني

حاشا يحيط بجود مجدك مادح

لكن على قدري أباح لساني

وعليكم صلى المهيمن ما شدت

ورق وما سجعت على الأغصان

وقال في اعتداء الوهابيين على حرم الحسين (ع) سنة 1216.

أبيت وطرفي ساهر ليس يهجع

وقلبي لفرط الوجد مضنى وموجع

وجذوة حزني لا يبوخ ضرامها

وعارض دمعي يستهل ويدمع

إذا ما خبث تالله في فلذة الحشا

يهيج لها ريح من الهم زعزع

فيا قاتل الله الليالي فكم لها

خطوب تنوب الخلق والجو أسفع

__________________

عن شعراء الحلة للخاقاني ج 5 ص 192.

١٠٢

دهتنا ولم نعلم بأعظم فادح

يكاد له صم للصفا يتصدع

رمتنا بقوس الغدر سهم رزية

سقى نصله سم من الحتف منقع

غداة بنو صخر بن حرب تألبوا

على قتل سبط المصطفى وتجمعوا

وقد حللوا في عشر شهر محرم

دماه وعهد الله خانوا وضيعو

له يممت زحفاً بوادر خيلها

كتيار بحر موجه يتدفع

فجادلها والنقع جون سحائب

وفيه بروق للصوارم لمع

إذا زمجرت للشوس فيه زماجر

تصوب سهاماً ودقها ليس يقلع

فجدل منها كل أرعن حازم

ببيض المواضي والقنا الخط شرع

إلى أن دنا الحتف الذي قط ماله

عن الخلق في الدنيا إياب ومرجع

رموه على الرمضاء عار وفي غد

بسندس جنات النعيم يلفع

فيا كربلا كم فيك كر من البلا

فما أنت إلا للحوادث مهيع

وما أنت إلا بقعة جاد رسمها

غمائم غم بالنوائب تهمع

فكم في رباك روعت لابن فاطم

حصان وبالصمصام جدل أورع

وأطفالها من قبل حين فصالها

عراها فطام وهي في الحين رضع

وكم فيك أكباد تلظت من الظما

وكأس المنايا من حشا السيف تكرع

لربعك قدماً قد قذفنا بفادح

له زج خطب من ذوي الضعن أشنع

وفي منتهى ألف وميتين حجة

وسبع تليها خمسة ثم أربع

بك الدهر أيم الله جدد وقعه

أجل من الأولى وأدهى وأفظع

أئن قتلت في تلك سبعون نسمة

فستة آلاف بذي الموت جرعوا

وأضحت أضاحي شهرذي الحج في منى

لها اليوم في واديك مغنى ومربع

١٠٣

وهل جاز نحر البهم من آل هاشم

لأهل الردى والبهم في البيد رتع

فسحقاً لهذا الدين بل ريب أهله

وتعساً لمن سنوا الضلال وأبدعوا

مسيلمة أوصى ابن سعد لنحسه

بإمضائه إذ سره فيه مودع

غشى_ نينوى_ والصبح جرد صارماً

بغربيه زنجي الظلام يجدع

بعيس كأمثال النعام إذا سرت

حثيثاً لحصباء البسيطة تقلع

تقل على الأكوار شعثاً كأنهم

جنادب نجد في المشارع وقع

ينادون بالإعلان يا أهل كربلا

أتيناكم عودوا عن الشرك وارجعوا

فكم في نداهم سب لله حرمة

وكم في مداهم جز للآل منزع

فطلوا دماء واستحلوا حرائراً

وغودر مال الله فيهم يوزع

فذي ثاكل خمصاء بطن من الطوى

ومن شلو هاتيك الجوارح شبع

وتلك لفرط الحزن تذري مدامعاً

وصيبها في واسع القفر ضيع

وقد شتتوا في الأرض شرقاً ومغرباً

فرادى ولم يجمع لهم قط مجمع

وأخرى تنادي لم يجبها سوى الصدى

كما رن فوق الأيك ورق مرجع

وكم كاعب بالكف تستر أبلجاً

أبا الله في غير الحيا لا يقنع

وفي حضرة القدس التي جل قدرها

بها الملأ الأعلى سجود وركع

تذبح خدام لها في عراصها

ويأمن فيها الخائف المتروع

أسف ولم أأسف على من تقوضت

بهم يعملات البين تخدي وتسرع

لئن حرموا الدنيا بأخراهم حظوا

وبالحور والولدان في الخلد متعوا

١٠٤

ولكن شجى الأحشاء هدر دمائهم

ولامستثير دابر القوم يقطع

سوى فرقة مثلي على الضيم سنها

بأنملها من لا عج الوجد تقرع

وأسيافها تشكوا الصدى وعتاقها

سوابق إلا أنها اليوم ضلع

فيا غيرة الله استفزي بما لقت

ثمود من التدمير منك وتبع

أتهدم للنور الإلهي قبة

على الفلك الدوار تسمو وترفع

ويقلع باب الله عن مستقره

وعن كل داع لا يرد ويردع

وتهتك حجب الله عن أوجه التقى

عتاة بغير الشرك لا تتبرقع

وتنهب من بغي خزائن من له

من العبد خزان النعيمة أطوع

وتطفى قناديل كشهب منيرة

تطوف قناديل بها وهي خضع

ويحطم شباك النبوة بالظبا

جذاذاً وصندوق الامامة يقلع

كساه إله العرش أنوار قدسه

عجيب يماط السر عنه وينزع

ويحمل سيف الله عاتق مارق

ومن طبع ذاك السيف للشرك يطبع

ويؤخذ أعلام لاعلام دينه

ضحى ولها النصر الإلهي يتبع

وينبش قبراً لو تكون السما ثرى

لحط له في قنة العرش موضع

أيا بن الذي أنوار شرعته بدت

ولاح لنا لألاؤها يتشعشع

أيفعل ذا الباغي ولا منك دعوة

أبى الله عنها ما لها الحجب تمنع

تبيد بها نجد ولم حلقت بها

قوادم فتخاء إلى الجو تقلع

لناديك من صنعاء أمت ركابها

وفيه ترى ما يستباح ويصنع

وتوسعها حلماً وأنت ابن ضيغم

بغيطانها من سيفه الجن تفزع

أتعجز لا والله تطبق السما

عليهم فركن الشم بالغي ضعضعوا

وشقوا عصى الإسلام بالبيض والقنا

وبالسب والتثليب والقذف شنعوا

١٠٥

إلى م وهذا الصبر ان كنت صابراً

فلسنا بهذ الضيم ترضى وتقنع

بنا شمت الأعدا وقالوا إمامكم

كما قد علمنا لا يضر وينفع

فماذا جواب الكاشحين أبن لنا

لنبسط عذراً أن يصيخوا ويسمعوا

فإن قلت عفواً فليكن عفو قدرة

وإن قلت حلماً فهو من ذاك أوسع

أمولاي صفحاً فهت من نار حرقتي

بما فهته إذ أنت للمصفح منبع

خدعتك في ذا العتب كي تهلك العدى

بما فعلوا والندب بالعتب يخدع

متى يا إمام العصر تقدم ثائراً

تقوم بأمر الله بالحق تصدع

وتردي بمسنون الفرار عصائباً

مدى الدهر قد سنوا الضلال وأبدعوا

وتنظر أشياعاً عفاة جسومها

لفرط الأسى والقلب منها مشيع

فصلها وعجل حيث لم تر راحماً

وأرحامها بالمشرفية قطعوا

وفي كربلا عرج يريك مؤرخاً

الوفك يا لله بالترب صرعوا

عليك عزيز أن ترى ما أصابهم

ولكنما حكم القضا ليس يدفع

أيا ابن رسول الله وابن وصيه

إليك بجرمي في القيامة أفزع

فرد عبدك ( الحلي ) مولاي شربة

لأن لكم في الحشر حوض مدعدع

( محمد ) لا تحرمه من شفاعة

سواك فمن ذا للبرية يشفع

فخذها الفرط الحز خنساء ثا كلا

إذا انشدت يوماً بها الصخر يصدع

عليك سلام ما مغناك لعلعت

حداة ركاب ما زرود ولعلع

١٠٦

وله يرثي أبا الفضل العباس بن علي (ع) ويؤرخ عام نظمها وذلك في الخامس من المحرم 1215 هـ قوله:

احبس ركابك لي فهذا الأبرق

إني لغير رباه لا أتشوق

لي فيه سحب مدامع مرفضة

وبروق نار صبابة تتألق

شوقاً لما قضيت بين ظبائه

عصراً به غصن الشبيبة مورق

يا سعد دع لومي فأيام الصبا

بيض بها لذوي المحبة رونق

أيام لاغطني بمنعرج اللوى

حرج ولا عيشي لعمرك ضيق

ولت فبت أعض أنمل راحتي

وكصفقه المغبون وجداً أصفق

وهتفت هتف مرنة رأد الضحى

أسفاً وجيدي بالهموم مطوق

وحشاشتي كمداً تقيد مثلما

حزنا على ( العباس ) دمعي مطلق

الفارس البطل الذي يردي العدى

من كفه ماضي الغرار مذلق

فهو الذي بالمكرمات متوج

فخراً وبالمجد الأثيل ممنطق

صمصام حق ليس ينبو حده

وجواد سبق في الندى لا يلحق

لم أنس من خذل الأنام شقيقه

مذ شاهدوا ريب المنون وحققوا

في نفسه واسى الحسين فيالها

نفس على مرضاة رب تنفق

لما رأى في الغاضرية نسله

يبس الثغور من الظما لا تنطق

فاعتد شوقاً للمنايا وامتطى

طرفاً لأرياح العواصف يسبق

ومضى لشاطي العلقمي بقربة

كيما لها عذباً فراتاً يغبق

__________________

عن شعراء الحلة للخاقاني ج 5 ص 196.

١٠٧

لما رأته علوج حرب مقبلا

لا طائشاً عقلا ولا هو مرهق

زحفت عليه كتائب ومواكب

كعباب بحر خيلها تتدفق

ملتفة الأطراف إلا شوسها

بظباه أي ممزق قد مزقوا

فكأن أسهمها له قد سددت

ورق الجنادب بالمشارع حدق

فسطا عليها ثم صاح فكادت

الأملاك من تلك الزماجر تصعق

شكت عوامله صدور صدورها

ورؤوسها بشبا الحسام تحلق

هذا عليه الزاغبية اخلفت

ضرباً وهذا بالنجيع مخلق

فاغتاله علج بحاسمة برت

منه اليمين وطار منها المرفق

فانصاع يحمل شنه بشماله

حذراً وخوفاً ماؤه لا يهرق

فبرى لها بري اليراع كأختها

في غرب منصلة وعدو مخنق

فغدا يكابد بالثنايا حمله

وله العدى بشبا الضغائن خرقوا

وأصاب مفرق رأسه

بعموده الشامي نسل العاهرات الأزرق

فهوى كبدر في المحاق ولم أخل

أن البدور بليل نقع تمحق

وغدا ينادي للحسين برنة

ثبت الجنان يكاد منها يقلق

فأتى لمصرعه كرجع الطرف لا

يثنيه جيش للطغاة وفيلق

فرآه ملقى فوق بوغاء الثرى

وعليه غربان المنية تنعق

فبكى وناجاه بأعظم حسرة

صبراً أخي فإنني بك ملحق

لله در من وفي ناصح

بالذب والأقوال عني تصدق

جاهدت دوني المارقين بعزمة

من وقعها صم الصلاد يفلق

أردوك ظام لأسقوا قطر الندى

في النشأتين ولا سحاب مغدق

الله أكبر من رزايا عمت

الدنيا فزلزل غربها والمشرق

١٠٨

الله اكبر يا له خطب له

ليس الجيوب بل القلوب تشقق

واكسرة في الدين ليس يقيمها

جبر وفتق في الهدى لا يرتق

أتجذ قبل القتل ايمان الندى

منا وفينا كل جيد يعتق

وتسد في الدنيا مذاهبنا

وأبواب السما بوجوهنا لا تغلق

وتبيت أبنائي فلا يحنو لها

من مشفق هيهات قل المشفق

أكبادهم حرى وآل أمية

ريانة ولها المدام يروق

ويزيد ترفع للسماك قبابه

فخراً وفسطاط النبوة يحرق

لفوا جميعاً حيث ما ثبتت لهم

فينا عهود للنبي وموثق

قد صاحبوا الدنيا الدنية حسين

للأخرى ثلاثاً بالغواية طلقوا

لا إن يقتلوا ابن أبي وأقتل بعده

وبأسرتي أسرى تسير الأنيق

فلسوف يدرك نارنا المهدي من

ولدي وداعي الحتف فيهم يزعق

ويبيدهم بحسامه ولو انهم

للجو مع عنقاء غرب حلقوا

يا ابن السوابق والسوابغ والظبا

اللائي لنصر الدين حقاً تمشق

خذها أبا الفضل العميم خريدة

لسوى مديحك والثنا لا تعشق

حسناً خدلجة كعوب غادة

بكر تشنف بالولا وتقرطق

( حلية ) الأعراق إلا أنها

بخلال زوراء العراق تمنطق

يرجو بها الجاني ( محمد ) منك

عرف الفوز في جنات عدن تنشق

صلى عليك الله ما أن ازخوا

( نجم أنير ولاح بدر يشرق )

قوله يرثي الإمام الحسين (ع):

عج بي برسم الدار من عرصاتها

ودع الجفون تجود في عبراتها

دار بشرقي الأثيل عهدتها

لا البان أين البان من أثلاتها

١٠٩

دار بها أودى بقلبي لوعة

تترقص الأحشاء من زفراتها

واحبس بمعهدها الركائب علما

نروي بعهد الدمع رمث نباتها

واسأل لعمرو أبي معالمها متى

ظعن الأحبة بان عن باناتها

يا صاح وقفة مغزل مذعورة

أو كارتداد الطرف في هضباتها

كيما أروح خاطري بشعابها

وفؤادي الملتاع في قلعاتها

أنى ومنعطف الحني على المطى

فهي الخدور تضيء في رباتها

ما إن ذكرت معالماً إلا وقد

كادت تذوب النفس من حسراتها

لتذكري داراً بعرصة كربلا

درست معالمها لفقد ماتها

دارت رحاة الحرب فيها فاغتدت

آل النبي تدور في لهواتها

جاءت تؤمل ارثها لكنها

تتقاعس الآمال عن غاياتها

فتكت به من آل حرب عصبة

غدرت وكان الغدر من حالاتها

هزت قناة محمد ظلماً وقد

طعنت بنيه الغر في لباتها

قد عاهدت فيه النبي وما وفت

فلبئسما ذخرت ليوم وفاتها

سيما ابن منجبة سليل محمد

أبدت به المخفي من ضغناتها

بعثت بزور الكتب سر واقدم إلى

نحو العراق بمكرها ودهاتها

هذي الخلافة لا ولي لها ولا

كفؤ وإنك من خيار كفاتها

فأتى يزج اليعملات بمعشر

كالأسد والأشطان من غاياتها

وحصان ذيل كالأهلة أوجهاً

بسنائها وبهائها وصفاتها

ما زال يخترق الفلا حتى أتى

أرض الطفوف وحل في عرصاتها

وإذا به وقف الجواد فقال يا

قوم أخبروني عن صدوق رواتها

ما الأرض؟ قالوا: ذي معالم كربلا

ما بال طرفك حاد عن طرقاتها

__________________

عن شعراء الحلة للخاقاني ج 5 ص 174.

١١٠

قال انزلوا: فالحكم في أجداثنا

أن لا تشق سوى على جنباتها

حط الرحال وقام يصلح عضبه

الماضي لقطع البيض في قماتها

بينا بجيل الطرف إذ دارت به

زمر يلوح الغدر من راياتها

ما خلت أن بدور تم بالعرا

تمسي بنو الزرقاء من هالاتها

قال الحسين: لصحبه مذ قوضت

أنوار شمس الكون عن ربواتها

قوموا بحفظ الله سيروا واغنموا

ليلاً نجاة النفس قبل فواتها

فالقوم لم يبغوا سواي فأسرعوا

ما دامت الأعداء في غفلاتها

قالوا عهدنا الله حاشا نتبع

أمارة بالسوء في شهواتها

نمضي وأنت تبيت ما بين العدى

فرداً وتطلب أنفس لنجاتها

تبغي حراكاً عنك وهي عليمة

أبداً عذاب النفس من حركاتها

ما العذر عند محمد وعلي

والزهراء في أبنائها وبناتها

لا بد أن نرد العدى بصوارم

بيض يدب الموت في شفراتها

ونذود عن آل النبي وهكذا

شأن العبيد تذود عن ساداتها

فتبادرت للحرب والتقت العدى

كالأسد في وثباتها وثباتها

جعلت صقيلات الترائب جنة

كيما تنال الفوز في جناتها

كم حلقت بالسيف صدر كتيبة

وشفت عليل الصدر في طعناتها

فتواتر النقط المضاعف خلته

حلق الدلاص به على صفحاتها

فتساقطت صرعى ببوغاء الثرى

كالشهب قد أفلت برحب فلاتها

ما خلت سرب قطا بقفر بلقع

إن التراث تكون من لقطاتها

رحلت إلى جنات عدن زخرفت

سكنت جوار الله في غرفاتها

وبقى الامام فريد يهتف في بني

حرب وقد خفتت ذرى أصواتها

ويل لكم هل تعرفوني من أنا

هل تنكر الأقمار عند وفاتها

١١١

انا نجل مكة والمشاعر والصفا

وبمن منى والخيف من عرفاتها

أنا نجل من فيه البراق سرى إلى

رب الطباق السبع وابن سراتها

قالوا بلى أنت أبن هادي الخلق

للنجل القويم وأنت نجل هداتها

لكن أبوك قضى على أشياخنا

واليوم نطلب منك في ثاراتها

وأتته أسهمها كما رسل القضا

بغيا فيا شلت أكف رماتها

أصمت فؤاد الدين ثم واطفأت

أنوار علم الله في مشكاتها

فسطا عليهم سطوة علوية

تتزلزل الأطواد من عزماتها

أبكى بعادلة سوابغها دما

مذ أضحك الصمصام من هاماتها

فكأن صارمه خطيب مصقع

وسنام منبره ذرى قاماتها

وكأنما سم الوشيج بكفه

أيم النقى والحتف في نفثاتها

كم فيلق أضحى مخافة بأسه

كالشاة مذ فجعت بفقد رعاتها

والخيل تعثر بالشكيم عوارايا

ممن تثير النقع في صهواتها

فكأنه يوم الطفوف أبوه في

ليل الهرير يبيد جمع عداتها

ما زال يقتحم العجاج ويصطلي

نار الوغى ويخوض في غمراتها

حتى أتاه الصك أن أنجز بوعدك

حيث نفسك حان حين مماتها

فهناك أحلم غب مقدرة فأردوه

على ظمأ بشط فراتها

تالله ما قضت العدى منه منى

لولا القضا لقضت دوين مناتها

فهوى فضعضعت السماوات العلى

وتعطل الأفلاك عن حركاتها

وهمت لمصرعه دماً والعالم العلوي

أبدى النوح في طبقاتها

والجن في غيطانها رنت أسى

وبكت عليه الطير في وكناتها

وعدا الجواد إلى معرس نسوة

نادى منادي جمعها بشتاتها

١١٢

فخرجن من خلل الستور صوارخا

كل تسح الدمع في وجناتها

فرأينه قاني الوريد وجسمه

عار ومنه الرأس فوق قناتها

وقبابها تعدو النهيب قبابها

الله كيف تقال من عثراتها

وسروابهن على المطي وقد علا

لتواتر المسرى رنين حداتها

يا للحمية من ذوابة هاشم

بل ياليوث الله في غاباتها

أتطل ما بين الطلول لكم دما

أموية والجبن من عاداتها

آل النبي تئن في أصفادها

كمداً ومال الله من صفداتها

قد أنزلتها عن مراتب جدها

ورقت طرائدها على مرقاتها

محرابها ينعى لفقد صلاتها

ووفودها تبكي لفقد صلاتها

حملت بأطراف الأسنة والقنا

من تعجب الأملاك من حملاتها

وبنات فاطمة البتولة حسراً

وبنات رملة في ذرى حجراتها

قد ألبست نقط الحجاز جسومها

وغرائب التيجان في جبهاتها

والعود يضرب في أكف قيانها

وتقهقه الراووق في كاساتها

لعنت على مر الدهور لأنها

باعت هداية رشدها بعماتها

فالى م يابن العسكري فطالت

الأيام وانفصمت عرى أوقاتها

فانهض لها مولاي نهضة ثائر

واشف غليل النفس من كرباتها

واقدم بشيعتك الكرام ومكن

العضب المهند من رقاب بغاتها

يا سادة جلت مزايا فضلهم

إن تدرك الأوهام كنه صفاتها

لي فيكم مدحاً أرق من الصبا

تهدي عبير الفوز من نفحاتها

فتقبلوا حسناء ترفل بالثنا

( حسان ) مفتقراً إلى فقراتها

( حلية ) حكت النضار نضارة

وحلت وقد فاقت على أخواتها

١١٣

يرجو بها الجاني ( محمد ) سادتي

منكم نجاة النفس غب وفاتها

إن قدم الأقوام براً وافراً

نفسي ولاكم قدمت لحياتها

صلى الإله عليكم ما أرخوا

( حفت حمام الأيك في وكناتها )

وله يرثي الإمام الحسين (ع) قوله:

ناهيك من ركب تقوض منهم

وحدا به الحادي دجى بترنم

أبدى الرنين فجاوبته حمامة

تنعى على طلل ودارس معلم

هتفت مرجعة لفقد قرينها

فاهتز في الأكوار كل متيم

ذكر المعاهد بين منعرج اللوى

سحراً وسالت عهدها المتقدم

فهمت لواحظه عهاد مدامع

مهراقة تحكي عصارة عندم

ناديته والوجد ملء فؤاده

وعن المحبة والهوى لم يسلم

مه صاحب الشوق المبرح ليس ذا

شأن المحب ولا سجية مغرم

لا تسكب الدمع الهتون ولا تبح

بالسر إن بان إلا حبة واكتم

واحبس ولا تدع المطايا في السرى

تخدي عقيب الظاعنين فترتمي

باتت كمنعطف الحني لطول ما

بخفافها تطوى الوهاد ومنسم

خفض عليك فلست تلقى بعض ما

ألقاه من برح وطول تتيم

قد كنت قبلك يا هذيم إذا دعا

داعي المحبة للصبابة أنتمي

حتى رميت بفادح فأساءني

عض البنان وصفقة المتندم

فلذا لما لاقيت من فرط الأسى

والوجد والبلوى ووشك تألم

__________________

عن شعراء الحلة للحاقاني ج 5 ص 198.

١١٤

لم يشجني ذكر العذيب وبارق

وغزيتين وسفح أم الغيلم

هل كيف تطربني ربوع قد مضى

عنها الخليط ولي لعمرك فاعلم

كل المنازل من همومي كربلا

وجميع أيامي كيوم محرم

يوم به كسفت ذكاء فأصبح

الثقلان في ليل بهيم مظلم

يوم به قمر الدجنة غاله

خسف عقيب نقيصة لم تتمم

يوم به حبس السحاب عن الحيا

ومن السماء نجيع دمع قد همي

يوم به الأملاك عن حركاتها

قد عطلت والكون لم يتقوم

يوم به جبريل أعلن في السما

قتل ابن مكة والحطيم وزمزم

يوم به الأملاك كل منهم

بدلاً عن التسبيح قام بمأتم

يوم به الأرضون والأطواد ذي

مادت وتلك لهوله لم تشمم

يوم به غاض البحار فبت في

عجب لزاخر موجها لم يلطم

يوم به قد بات آدم باكيا

كأبي العزيز غروب طرف قد عمي

يوم به نوح همت أجفانه

دمعاً يسيل كسيل دار مفعم

فكأنما لما طغت أمواجه

طوفانه بعباب طوفان طمي

يوم بقلب أبي الذبيح بدت لظى

بسوى يد النكباء لم تتضرم

إن كان قدما حرها برداً له

أضحى فمن ذي قلبه لم يسلم

يوم به شق الكليم لجيبه

وبغير عرصة كربلا لم يلحم

يوم به أمسى المسيح بمهده

بسوى فصيح النوح لم يتكلم

يوم به هجر الجنان محمد

وبغير عرصة كربلا لم يلحم

ينعى لهتف الجن في غيطانها

وهديل طير في الوقيعة حوم

يوم به الكرار ينفث نفثة

المصدور كالليث الكمي الضيغم

١١٥

يوم به الزهراء خضب شعرها

بدم وتشكو ربها بتظلم

يوم به قد أصبح الحسن الرضا

يبدي الكآبة عن حشاشة معدم

يوم بركن الدين أوقع ثلمة

أبداً على طول المدى لم تلحم

يوم به للمؤمنين رزية

وبه كعيد للطغاة وموسم

يوم أتى فيه الحسين لكربلا

كالبدر وأبناء الكرام كأنجم

يوم عليه تألبت عصب الخنا

من كل عبد أكوع ومزنم

لم أنس وهو يخوض أمواج الوغى

كالليث ممتطياً جزارة أدهم

فإذا خبت للشوس نار كريهة

بسوى الوشيج بكفه لم تضرم

كم فارس ألقاه يفحص في الثرى

وبفيه غير هضابها لم يكدم

ما زال يفني المارقين بمارق الحرب

العوان بغرب عضب مخذم

حتى دنا المقدور والأجل الذي

يأتي الفتى من حيث ما لم يعلم

زحفت عليه كتائب ومواكب

ورمته من قوس الفناء باسهم

شلت أناملها، رمته ولم تخل

قلب الهدى من قبل أن يرمي رمي

أصمت فؤاد الدين واعجباه من

ركن التقى لمصابه لم يهدم

فهوى كطود هد فارعه على

وجه الثرى من فوق ظهر مطهم

قسما ببيض ظباً رتعن بجسمه

مع كل مطرد الكعوب مقوم

لولا القضاء به لما ظفرت وهل

ظفر البغاث بصيد نسر قشعم

ساموه بعد العز خسفاً وامتطوا

لقتال خير الخلق كل مسوم

الفوه ظامي القلب يجرع علقما

والماء يلمع طامياً في العلقم

١١٦

حطمته خيل الظالمين وما سوى

صدر المعالي خيلها لم تحطم

عقرت بحد المشرفي فهل درت

وطأت سنابكها لأي معظم

وبقى الإمام على الصعيد مجدلا

عار ومنه الشيب خضب بالدم

ما أن بقي ملقى ثلاثاً في الثرى

لا ناقصاً قدراً ولا بمذمم

لكن ملائكة السماء عليه من

قبل الثلاث صلاتها لم تتمم

وعدا الجواد إلى معرس نسوة

ينعي الجواد برنة وتحمحم

فخرجن ربات البدور نوادبا

كل تشير بكفها والمعصم

ويقلن للمهر الكميت وسرجه

قد مال وهو لمعرك لم يلجم

يا مهر أين سليل من فوق البراق

رقى الطباق السبع ليس بسلم

يا مهر أين ابن الذي بصلاته

يعطي الصلات بعفة وتكرم

يا مهر أين ابن المبيد كماتها

يوم الهرير بصارم لم يثلم

يا مهر أين ابن الذي مهر أمه

ماء الفرات وقلبه منه ظمي

فبكى لندب الطاهرات على الفتى

الندب الكمي دماً وإن لم يفهم

ولهن دل على القتيل إشارة

وهو الصموت دلالة المتكلم

فرأينه في الترب يكرع بالقنا

بيد المنية مر كأس العلقم

وعليه للخرصان نسج سوابغ

حلق لها طول المدى لم تفصم

الله أكبر يا له من فادح

جلل عمر أبي وخطب مدهم

ماء الفرات على الحسين محرم

وعلى بني الطلقاء غير محرم

وابن الدعية في البلاد محكم

وابن النبي الطهر غير محكم

وبنات رملة في القصور وعترة

المختار لم تحجب بسجف مخيم

لعنت عتاة أمية لعناً على

مر الجديد لأنها لم تحلم

١١٧

قسما بمن لبى الحجيج ببيته

من كل ساع في الطواف ومحرم

ما سن قتل الآل يوم الطف في

سيف الضلال بكف علج مجرم

إلا الألى نقضوا الكتاب وأخروا

فصل الخطاب وغيرهم لم يقدم

هم أسسوا وبنت أمية بعدهم

ويل لهم من حر نار جهنم

فمتى أرى المهدي يظهر معلناً

للحق يوضح بالحسام وبالفم

ويسير في أم القرى في فيلق

لجب وجيش كالأسود عرمرم

ومواكب ترد المجرة خيلها

وسوى فواقع زهرها لم تطعم

يحملن آساداً كأن سيوفها

برق تلألأ في سحاب مظلم

ويطهر الآفاق من عقب غدا

الإيمان عندهم يباع بدرهم

يا سادة في الذكر جبريل لهم

من عالم الشهداء جاء بمحكم

فيكم « محمد » قد أجاد فرائداً

فلغير جيد مديحكم لم تنظم

قد ذاب أقصى القلب منه حين في

تأريخها « طير شدا بترنم »

١١٨

الشيخ حسين العصفوري

المتوفي 1216

هو ابن محمد بن أحمد بن ابراهيم البحراني المتوفي بشاخور 21 شوال 1216.

قال في أنوار البدرين: له ديوان في تسعة آلاف بيت كلها في مراثي الحسين وترجم له تلميذه الشويكي في الدرر البهية فقال: هذا الشيخ أجل من أن يذكر. انتهت اليه رئاسة الامامية حيث لم تسمع الآذان ولم تبصر الأعيان مماثلا له في عصره، بل عده البعض من المجددين للمذهب على رأس الألف والمائتين. وترجم له الشيخ الأميني في ( شهداء الفضيلة ) وهو ابن أخ الشيخ يوسف صاحب ( الحدائق ). ومن جملة الذين رثاهم الشيخ جعفر الخطي وأرخ بعضهم وفاته بقوله: قد كانت الجنة مثواه.

وبعضهم بقوله: شمس علم وجلال كسفت. وترجم له شيخنا البحاثة الشيخ آغا بزرك الطهراني في طبقات أعلام الشيعة وعدد مؤلفاته الكثيرة فقال: العلامة الأكبر الشيخ حسين ابن الشيخ محمد بن أحمد بن ابراهيم المتوفى سنة 1125 - بن الحاج أحمد المتوفى سنة 1075 - بن صالح بن أحمد بن عصفور بن أحمد بن عبد الحسين بن عطية بن شيبة.

١١٩

في أنوار البدرين: هو من العلماء الربانيين والفضلاء المتتبعين والحفاظ الماهرين، بل عده بعض العلماء الكبار من المجددين للمذهب على رأس ألف ومائتين، كان يضرب به المثل في قوة الحافظة ملازماً للتدريس والتصنيف والمطالعة والتأليف.

وفيه قال الشيخ محمد الشويكي الخطي من قصيدة:

حبذا نفحة قدس لا تضاهى

في صلاة أرضت الرب إلاها

بنت يومين ويوم برزت

في صدور الطرس تهدي من تلاها

تطرب الرائي والراوي ولا

عجب ممن رآها ورواها

يشير بهذه الأبيات إلى قوة حافظة الشيخ المترجم له حيث أنه أملى في ثلاثة أيام كتاب ( النفحة القدسية في الصلاة اليومية ) على تلامذته.

وبالجملة فهو من أكابر علماء عصره واساطين فضلاء دهره، علما وعملا وتقوى ونبلا، ونادي بحثه مملو من العلماء الكبار من البحرين والقطيف والاحساء وأطراف تلك الديار وفتاواه وأقواله منقولة ومشهورة، وله تصانيف كثيرة، ذكر هو بعضها في اجازته للشيخ مرزوق بن محمد الشويكي.

ثم قال: وهو يروي عن أبيه الشيخ محمد، وعميه الشيخ يوسف، والشيخ عبدالعلي، ويروي عنه جماعة: منهم الشيخ أحمد بن زين الدين الاحسائي.

توفي ليله الاحد الحادية والعشرين من شهر شوال سنة 1216 في بعض الوقائع الواقعة في البحرين وسمعت أنه ضربه ملعون من أعداء الدين بحربة في ظهر قدمه فمات شهيداً منها، وتاريخ شهادته ( طود الشريعة قد وهى وتهدما ) وقبره في قرية سكناه ( الشاخورة ) له مزار معروف، وقد رثاه الأديب الشاعر المبدع الحاج هاشم بن حردان الكعبي بقصيدتين طويلتين مطبوعتين في آخر الكشكول لصاحب الحدائق انتهى.

١٢٠