أدب الطف الجزء ٦

أدب الطف0%

أدب الطف مؤلف:
الناشر: دار المرتضى للنشر
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 336

أدب الطف

مؤلف: العلامة السيد جواد شبر
الناشر: دار المرتضى للنشر
تصنيف:

الصفحات: 336
المشاهدات: 96857
تحميل: 6309


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 336 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 96857 / تحميل: 6309
الحجم الحجم الحجم
أدب الطف

أدب الطف الجزء 6

مؤلف:
الناشر: دار المرتضى للنشر
العربية

اتهمل ثارها البيض المواضي

وتمنع فيئها الاسد الغضاب

اقول ولهذه القصيدة بقية. وقال يرثى الفقيه السيد محمد العطار الحسني البغداديقدس‌سره المتوفى سنة 1171 واولها

خطب تظل به النفوس تصعد

والناس من حرق تقوم وتقعد

وقالرحمه‌الله في الوعظ والمناجاة

ايا ربي ومعتمدي

ويا سندي ويا ذخري

عساك اذ تناهت بي

اموري وانقضى عمري

واسلمني احبائي

ومن يعنيهم امري

الى قفراء موحشة

تهيج بلابل الصدري

وحيدا ثاويا في الترب

للخدين والنحر

واوحش بين اصحابي

مقامي وانمحى ذكري

وقمت اليك من جدثي

على وجل بلا ستر

ذليلا حاملا ثقلي

واوزاري على ظهري

افكر ما عسى تجري

علي بها ولا ادري

ترى متجاوزاً عما

جنيت وراحما ضري

وتلطف بي لقىً قد

عيل من ألم الجوى صبري

ومغسولاً على حدباء

بلكافور والسيدر

ومحمولاً على الاعواد

يسعى بي الى القبر

وتؤنس وحشتي اذ لا

انيس سواك في قبري

وتنجيني من الأهوال

يوم الحشر والنشر

وتحميني من النيران

ذات الوقد والسجر

وتلحقني من أهوى

بأل المصطفى الغر

بساداتي ومن أعددتهم

للبؤس والضر

ملوك الحشر والنشر

وأهل النهي والأمر

١٨١

وتسقيني بكأسهم

زلالا مثلجا صدري

وتأمر بي إلى الجنات

بالنعماء والبشر

إلى حور وولدان

وانهار بها تجري

ولست ارى يقوم بحمل

ما استحقبت من وزري

سوى لقياك في صف

نعت ذويه في الذكر

فيسرني لذلك يا

رجاي ومالكا امري

وخذ في ثأر من اضحى

قتيل عصابة الكفر

حسين سبط احمد وابن

حيدرة الرضا الطهر

بجيش القائم المهدى

ذي الإقبال والنصر

وبحر العلم والجدوى

وفخر المجد والفخر

وظل الله منبسطاً

بلا قبض مدى الدهر

على اصناف خلق الله

في بحر وفي بر

وعين الله ترعى الناس

في سر وفي جهر

وترقبهم بما يأتون من

خير ومن شر

وأيدني ومن علي

في السراء بالشكر

وفي الضراء بالايمان

والتسليم والصبر

ولا تقطع رجائي منك

في عسر وفي يسر

وجملني بسترك إن

أخذت أميط من ستري

وجللني بعافية

تصاحبني مدى الدهر

وله في مدح جده أميرالمؤمنينعليه‌السلام :

هل الفضل إلا ما حوته مناقبه

أو الفخر إلا ما رقته مراتبه

أو الجود إلا ما أفادت يمينه

أو المجد إلا ما استفادت مكاسبه

شهاب هدى جلى دجى الغي نوره

وقد طبقت كل الفجاج غياهبه

وبحر ندى عذب الموارد زاخر

سوى انه لا يرهب الموت راكبه

١٨٢

وفرع طويل من لؤي بن غالب

وسيف صقيل لا تفل مضاربه

وربع خصيب بالمسرة آنس

وطود منيع قط ما ذل جانبه

وأنى له فيها مثيل وانما

ضربنا مثالا قد تمحل ضاربه

علي أميرالمؤمنين وسيد

الوصيين بل نفس النبي ونائبه

ومنها:

وسل أحداً لما توازرت العدا

وضاقت على الجيش اللهام مهاربه

ترى أيهم واسى النبي بنفسه

وقد أسلمته للاعادي كتائبه

ويوم حنين إذ أباد جموعهم

وبدرا وما لاقى هناك محاربه

وخيبر لما أن تزلزل حصنها

ومرحب إذ وافته منه معاطبه

وقد نكصا خوفاً براية أحمد

دعاها فان الموت وعر مساربه

وتلك التي شدت عليه يحفها

الطغام ويحدوها من الغي ناعبه

وصفين إذ مدت به الحرب باعها

طويلا وما عانى ابن هندو صاحبه

وما لقيت أجنادهم من رماحه

وما فعلت ليل الهرير قواضبه

فمن ذا الذي لم يأل في النصح جهده

لأحمد فيها أو تقوم نوادبه

١٨٣

الشيخ نصر الله يحيى

المتوفى 1230

لله أية مقلة جفت الكرى

واستبدلت عن نومها بسهادها

هيهات لا كرب كوقعة كربلا

كلا ولا جهد كيوم جهادها

إذ طاف يوم الطف آل أمية

بالسبط في الأرجاس من أوغادها

دفعته عن دفع الفرات بمهجة

حرى ووحش البر من ورادها

بكت السماء دماً وأملاك السما

تبكي له من فوق سبع شدادها

وأغبرت الآفاق من حزن له

والأرض قد لبست ثياب حدادها

رزء يقل من العيون له البكا

بدمائها وبياضها وسوادها

من مبلغ المختار أن سليله

أمسى لقى بين الربى ووهادها

ومنابر الهادي تظل أمية

تنزو كلابهم على أعوادها

ابني النبي مصابكم لا تنقضي

حسراته أبداً مدى آبادها

وعليكم يا سادتي قد عولت

نفسي إذا حضرت إلى ميعادها

ألقن ( نصر الله ) يرجو نصركم

في معشره والفوز في اشهادها

لا اختشي نار الجحيم وحبكم

لي عدة أعددت في اخمادها

صلى الإله عليكم يا خير من

ترجوهم نفسي لنيل مرادها

١٨٤

الشيخ نصر الله بن ابراهيم بن يحيى العامل الطيبي:

ولد في جمادى الثانية سنة 1183 وتوفي في قرية عيثرون = قضاء بنت جبيل في حدود سنة 1230 ذكر السيد الأمين في الأعيان جملة من أشعاره. كان عالماً فاضلاً أديبا شاعراً جيد الخط. له شعر في الامام الحسين (ع) ومنه القصيدة التي أولها:

ذرني وشاني فلا أصغي إلى شاني

أذري الدموع على الخدين من شاني

وقال متوسلا بأهل البيتعليهم‌السلام :

إلهي بحق المصطفى ووصيه

علي وبالزهراء والحسنين

وبالتسعة الغر الذين ولاهم

وطاعتهم فرض على الثقلين

أنلني بهم قبل المماة وعنده

ومن بعده يا رب قرة عين

١٨٥

السيد ابراهيم العطار

المتوفى سنة 1230

لم أبك ذكر معالم وديار

قد أصبحت ممحوة الآثار

واستوحشت بعد الأنيس فما ترى

فيهن غير الوحش من ديار

كلا ولا وصل العذارى شاقني

فخلعت في حبي لهن عذاري

كلا ولا برق تألق من ربى

نجد فهيج مذ سرى تذكاري

لكن بكيت وحق أن أبكي دماً

لمصاب آل المصطفى الأطهار

وإذا تمثلت الحسين بكربلا

أصبحت ذا قلق ودمع جار

لم أنسه فرداً يجول بحومة الهيجاء

كالأسد الهزبر الضاري

لاغرو إن أضحى يكر على العدى

فهو ابن حيدرة الفتى الكرار

حتى أحيط به وغودر مفرداً

خلواًَ من الأعوان والأنصار

يا للحماة لمصعب تقتاده

أيدي الردى بأزمة الأقدار

يا للملا لدم يطل محللا

بمحرم لمحمد المختار

وبنوه صرعى كالأضاحي حوله

ما بين بدر دجى وشمس نهار

١٨٦

أين الخضارمة القماقم من بني

مضر وأين ليوث آل نزار

كم من مخدرة لآل محمد

قد أبرزت حسرى من الأستار

نحر له الهادى النبي مقبل

أضحت تقبله شفاه شفار

صدر يرضض بالخيول وإنه

كنز العلوم وعيبة الأسرار

يا جد هل خبرت أن حماتنا

قد أصبحوا خبراً من الأخبار

يا مدرك الأوتار أدركنا فقد

عظم البلا يا مدرك الأوتار

فاليك ياغوث العباد المشتكى

مما ألم بنا من الأشرار

والمؤمنون على شفا جرف الردى

فبدار يا ابن الأكرمين بدار

يا سيداً بكت الوحوش عليه في

الخلوات والأطيار في الأشجار

يا منية الكرار بل يا مهجة المختار

بل يا صفوة الجبار

أتزل بي قدم ومثلك آخذ

بيدي وأنت غداً مقيل عثاري

ويذوق حر النار من ينمى

إلى الكرار وهو غداً قسيم النار

أو يختشي منها ونار سمية(1)

بكم خبت في سالف الأعصار

ولقد بذلت الجهد في مدحي لكم

طمعاً بأن تمحى بكم أوزاري

صلى الإله عليكم وأحلكم

دار السلام فنعم عقبى الدار

وقال:

لهفي لتلك الرؤوس يرفعها

على رؤوس الرماح أوضعها

لهفي لتلك الجسوم عارية

وذاريات الصبى تلفعها

لهفي لتلك الصدور توطأ

بالخيل ومنها العلوم أجمعها

__________________

1 - يشير إلى عمار بن ياسر رضوان الله عليه لما جعلت كفار قريش تعذبه وأمه سمية وأباه ياسر بالنار والنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يمر عليهم فيقول: صبراً آل ياسر، يا نار كوني برداً وسلاماً على عمار كما كنت على ابراهيم.

١٨٧

لهفي لتلك الأسود قد ظفرت

بها كلاب الشقا وأضبعها

لهفي لتلك الأوصال تنهبها

السمر وبيض الظبا تقطعها

لهفي لتلك البدور تأفل في الترب

وأوج الجمال مطلعها

لهفي لتلك البحور قد نضبت

وكم طما دافقاً تدفعها

لهفي لتلك الجبال تنسفها

من عاصفات الضلال زعزعها

لهفي لتلك الغصون ذاوية

ومن أصول التقى تفرعها

لهفي لتلك الديار موحشة

تبكي لفقد الأنيس أربعها

١٨٨

السيد ابراهيم العطار

المتوفى سنة 1230

هو السيد ابراهيم بن محمد بن علي بن سيف الدين بن رضاء الدين بن سيف الدين ابن رميئة بن رضا الدين بن محمد علي بن عطيفة بن رضاء الدين بن علاء الدين بن مرتضى بن محمد بن حميضة بن أبي نمي محمد نجم الدين الشريف من أمراء مكة، ينتهي نسبه إلى الإمام الحسن من جهة الأب ومن الأم إلى الإمام الحسين (ع). من مشاهير الشعراء العلماء.

ولد ببغداد ونشأ بها على والده الذي كان من الأعلام، فعني بتربيته وغذاه بسيرته وبقي ملازماً له حتى توفي عام 1171 هـ، هاجر إلى النجف مقتفياً أثر سيرة آبائه وإخوانه فحضر على أعلام عصره وأختلف على حلقة السيد محمد مهدي بحر العلوم، واتصل بفريق مشاهير الشعراء أمال النحوي، والزيني، والفحام، والشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء، والشيخ محمد بن يوسف الجامعي، وبذلك بزغ نجمه بينهم، واحتل مكانة في صفوفهم، ورمقه الأخدان، واحترمه الأقران.

كف بصره في أواخر حياته، إذ أعرب عن ذلك في قصيدة له استنجد بها الأئمة (ع) وأظهر شكواه من مرض عينيه بقوله:

أيبريني السقام وحسن ظني

ببرئي فيكم لابل يقيني

وأخشى أن أضام وفي يقيني

وعلمي أن حبكم يقيني

١٨٩

ومنها:

على م صددتم عني وأنتم

على الإحسان قد عودتموني

لقد عجزت أطبائي ومالي

سواكم منقذ فاستنقذوني

ومنها:

أبيت وللأسى نار بقلبي

فهل من قائل يا نار كوني

متى يجلى قذى عيني وتحظى

عقيب الفحص بالفتح المبين

فدونكم بني الزهراء نظماً

يفوق قلائد الدر الثمين

أروم به جلاء العين منكم

بعين عناية الله المعين

عليكم أشرف الصلوات ما أن

شدت ورق على ورق الغصون

وما سارت مهجنة إليكم

وسار بذكر كم حادي الظعون

ذكره فريق من الأعلام منهم الشيخ النقدي في الروض النضير ص 346 فقال: كان من ذوي الفضيلة والكمال، أديباً جيد الشعر، حي الشعور له مطارحات كثيرة مع أهل عصره، وشعره الغالب عليه الحسن والرقة.

وذكره السيد الأمين في الأعيان ج 5 ص 437 وساق نسبه الكامل وقال توفي عام 1215 هـ وهو غير صحيح.

والمترجم له والد السيد باقر العطار وابن السيد محمد الذي كان أحد أعلام العراق في وقته، اشتهر بين فطاحل العلماء، ومشاهير الشعراء، وكان مهيباً عند آل عثمان.

وذكره السماوي في الطليعة فقال: كان فاضلاً فقيهاً مشاركاً، وتقياً زاهداً

١٩٠

ناسكاً، وله شعر إلى أدب ومعرفة باللغة، ومحاضرات لأدباء وقته كالسيد محمد زيني توفي عام 1240 هـ.

توفي في شهر شعبان من عام 1230 هـ.

خلف من الآثار الأدبية ديوان شعره الذي جمعه بعده ولده السيد حيدر الكاظمي جد الأسرة المعروفة، وفيه ما يقارب الأربعة آلاف بيت وهو اليوم موجود بمكتبة السيد هادي الحيدري.

نماذج من شعره:

والسيد العطار شاعر مجيد معروف، تجول في مختلف أغراض الشعر وأصاب منها الحظ الأوفر، وشعره يوقفك على علاقاته مع العلماء والأسر، ويطلعك على كثير من الصور التي قد لا تجدها عند غيره، وإليك نماذج متنوعة من شعره، منها ما قرظ وأرخ به عام تخميس الشاعر المعروف الشيخ محمد رضا النحوي لبردة البوصيري فقال:

فرائد در ليس تحصى عجائبه

وقد بهرت منا العقول غرائبه

وآيات نظم يهتدي المهتدي بها

كما يهتدي بالنجم في الليل ساربه

ويهتز من إنشادها كل ساطع

سروراً كما يهتز للخمر شاربه

ترى كل قطر من شذا طيب نشرها

معطرة أرجاؤه وجوانبه

عرائس أفكار برزن مرقة

عليهن أثواب البها وجلابيه

شوارق مذ ذرت على الدهر أشرقت

مشارقه من نورها ومغاربه

فلو أن ياقوتاً يشاهد درها النظيم

لأضحى وهو بالتبر كاتبه

مزايا أبي تمام يقصر دونها

وتغدو مزاياه وهن مثالبه

وما السحر لو فكرت في كنه وصفها

يشاكل معنى لفظها ويقاربه

١٩١

أزاهير لفظ زدتهن نضارة

فأضحت كروض باكرته سحائبه

وألبستها برداً من الفضل فاخراً

به يمتطي هام المجرة ساحبه

وقلدتها أسنى فرائد لو بها

يقاس نفيس الدر بانت معايبه

ووفيتها - لله درك - حقها

وذلك حق قد تأكد واجبه

بذلت لها لمجهود للأجر طالباً

فأدركت منه فوق ما أنت طالبه

ومن لرسول الله كان مديحه

فآثاره محمودة وعواقبه

ليسم بما أثنى محمد الرضا

محلاً تسامى النيرات مراتبه

ويعجز عمن قد أتاه مفاخراً

به وليغالب من أتاه يغالبه

ويحمد إله العرش جل فإنها

مواهب من ذى العز جلت مواهبه

جواد رهان ليس يدرك شأوه

وصارم عزم لا تفل مضاربه

وبدرد جي لو هدى حالك الدجى

بأنواره كانت نهاراً غياهبه

تعود كسب الفضل مذ كان يافعاً

ألا هكذا فليطلب الفضل كاسبه

وجلى بمضمار السباق مبرزاً

فقصر عن إدراكه من يغالبه

وأقسم لو لا منشئآت كماله

لقامت على أهل الكمال نوادبه

فيا واحد الآحاد يا من بذكره

الجميل حدا الحادي وسارت ركائبه

ومن كرمت أخلافه وفعاله

وجلت مزاياه وجلت مناقبه

رويدك هل أبقيت في الفضل مطلباً

ينال به أقصى المطالب طالبه

أجدك هل ألقى النظام قياده

بكفك فانقادت إليك مصاحبه

فحسب ولاة الفضل أنك منهم

فخاراً وحسب الفضل أنك صاحبه

لأنت بمضمار السباق كميته

وقد أحجمت فرسانه وسلاهبه

نظمت عقوداً أنت ثاقب درها

وما كل من قد نظم الدر ثاقبه

١٩٢

وكم ظهرت في الشعر منك معاجز

بها منهج الآداب أوضح لاحبه

فإن يك بحر الفضل ساغ مشارباً

ففيك لعمر الله ساغت مشاربه

كذا فليكن نظم القريض قلائداً

كذا فليزن أفق الكمال كواكبه

ولله تخميس به نلت رتبة

كما نالها بالأصل من قبل صاحبه

تحلى به جيد الزمان فأرخوا

( فرائد در ليس تحصى عجائبه )

أقول: ديوان المترجم له مخطوط بخط صديقنا الوجيه السيد عبدالعزيز ابن السيد عباس ابن السيد ابراهيم ابن السيد حيدر ابن الناظم، ومن جملة مراثيه التي رثى بها الإمام الحسين قوله في مطلع قصيدة:

بكت عيني وقل لها بكاها

ولو مزجت بأدمعها دماها

وقال في مطلع قصيدة أخرى:

هي كربلاء فقف بأربعها معي

نبك الشهيد بأعين لم تهجع

١٩٣

الشيخ محمد علي الاعسم

المتوفى 1233

ديار تذكرت نزالها

فرويت بالدمع أطلالها

وكانت رجاء لمن أمها

بها تبلغ الوفد آمالها

وكم منزل قد سمى بالنزيل

ولو طاولته السما طالها

بنفسي كراماً سخت بالنفوس

بيوم سمت فيه أمثالها

وصالوا كصولة أسد العرين

رأت في يد القوم أشبالها

ترى أن في الموت طول الحياة

فكادت تسابق آجالها

إلى أن أبيدوا بسيف العدى

ونال السعادة من نالها

ولم يبق للسبط من ناصر

يلاقي من الحرب أهوالها

بنفسي فريداً أحاطت به

عداه فجاهد أبطالها

ويرعى الوغى وخيام النسا

فعين لهن وأخرى لها

إلى أن هوى فوق وجه الثرى

وزلزلت الأرض زلزالها

وشيلت رؤوسهم في الرماح

فشلت يدا كل من شالها

١٩٤

وما أنس لا أنس زين العباد

عليلا يكابد أغلالها

وما للنساء ولي سواه

يليها ويكفل أطفالها

ونادى منادي اللئام الرحيل

يريدون للشام إرسالها

بكين وأعولن كل العويل

فلم يرحم القوم إعوالها

قد استأصلوا عترة المصطفى

ولم يخلق الكون إلا لها

وكم آية أنزلت في الولاء

لهم شاهد القوم إنزالها

ولو أهمل الأمة المصطفى

لكان قد اختار إضلالها

إليكم بني أحمد غادة

أتت من ولي لكم قالها

رجا في القيامة أن تؤمنوه

إذا خافت النفس أهوالها

وقال:

ذكر الطفوف ويوم عاشوراء

منعا جفوني لذة الإغفاء

لم أنسه لما سرى من يثرب

بعصابة من رهطه النجباء

حتى أتوا أرض الطفوف بنينوى

أرض الكروب أرض كل بلاء

حطوا الرحال فذا محط خيامنا

وهنا تكون مصارع الشهداء

وبهذه يغدو جوادي صاهلا

مرخي العنان يجول في البيداء

وبهذه أغدو لطفلي حاملاً

في الكف أطلب جرعة من ماء

أمجدل الأبطال في يوم الوغى

ومنكس الرايات في الهيجاء

هذا حبيبك بالطفوف مجدل

عار تكفنه يد النكباء

١٩٥

الشيخ محمد علي الاعسم

الشيخ محمد علي الأعسم المتولد في النجف عام 1154 هـ تقريباً وهو ابن الشيخ حسين ابن الشيخ محمد الزبيدي النجفي.

توفي سنة 1233 في النجف الأشرف ودفن في المقبرة التي تنسب إليهم في الصحن الشريف المرتضوي.

وآل الأعسم أسره نجفية كبيرة عريقة في العلم والفضل والأدب، أصلها من الحجاز من نواحي المدينة المنورة وجاء جدهم الأعلى إلى النجف الأشرف وتوطنها، وقيل له الأعسم لكونه من العسمان فخذ من حرب إحدى قبائل الحجاز المعروفة.

كان صاحب الترجمة عالماً فاضلاً فقيهاً ناسكاً أديباً شاعراً له ديوان شعر وله مراث كثيرة في الحسينعليه‌السلام ومدائح في أهل البيت وبعضه في أستاذه بحر العلوم. له منظومة في الرضاع وأخرى في المواريث وثالثة في العدد ورابعة في تقدير دية القتل وخامسة في آداب الطعام والشراب المستفادة من الأخبار، وقد شرح المنظومات الثلاث الأولى ولده الشيخ عبدالحسين وله ينظم حديث: إذا رأيتم الملوك على أبواب العلماء فقولوا نعم الملوك ونعم العلماء، وإذا رأيتم العلماء على أبواب الملوك فقولوا بئس العلماء وبئس الملوك.

ملك يعاتب عالماً في تركه

لزيارة فأجابت العرفاء

يخشى مقال الناس حين يرونه

بئس الملوك وبئست العلماء

١٩٦

جاء في معارف الرجال أنه تتلمذ على الشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء النجفي وكان من أخلص أصحابه ومدح الشيخ أستاذه بعدة قصائد ومدح أنجاله الأعلام أيضاً، حج مكة المكرمة سنة 1199 هـ مع أستاذه كاشف الغطاء بركابه مع العلماء الأعلام، وحضر الفقه على السيد مهدي بحر العلوم النجفي كما أجازه أن يروي. وقد عرضت على المترجم له منظومة بحر العلوم المسماة بـ ( الدرة ) وقد قرضها بقوله:

درة علم هي ما بين الدرر

فاتحة الكتاب ما بين السور

ترى على أبياتها طلاوة

كأنما استقت من التلاوة

لذاك فاقت كل نظم جيد

وسيد الأقوال قول السيد

وقال في الطليعة: أخبرني السيد محسن الكاظمي الصائغ عن أبيه السيد هاشم الحسينيرحمه‌الله قال: نظم المرحوم الشيخ محمد علي الأعسم قصيدته في الحسين (ع) التي مطلعها:

قد أوهنت جلدي الديار الخالية

من أهلها ما للديار وما ليه

ثم عرضها على ولده الشيخ عبدالحسين فقال: أنظرها فنظرها ثم قال: هذه قافيه قاسية فتركها ناظمها تحت مصلاه فما كان إلا أن طرق الباب سحراً وإذا بالخطيب الشيخ محمد علي القاري الشهير(1) وكان ممتازاً بإنشاد الشعر الحسيني في محافل الحسينعليه‌السلام قال: إني رأيت البارحة كأني دخلت الروضة الحيدرية فرأيت أمير المؤمنين جالساً فسلمت عليه فأعطاني ورقة فيها قصيدة وقال: أقرأ لي هذه القصيدة في رثاء ولدي الحسين، فقرأتها وهو يبكي،

__________________

1 - وهو من الجوابر وأسرته في النجف يعرفون بآل الجابري وأكثرهم من خدام المنبر الحسيني.

١٩٧

فانتبهت وأنا أحفظ منها:

قست القلوب فلم تلن لهداية

تباً لهاتيك القلوب القاسية

فبهت الشيخ وأخرج له الورقة التي تحت مصلاه فدهش الشيخ محمد علي القاري وقال: والله إنها نفس الورقة بل هي هي التي أعطانيها أمير المؤمنين انتهى أقول والمشهور أن هذه القصيدة لولده.

وللشيخ محمد علي الأعسم يد طولى في الرجز فقد نظم عدة منظومات في مختلف العلوم، فواحدة في الفقه والأصول وطبع قسم منها مشروحاً في مطابع النجف الأشرف سنة 1349 ثم سبق وأن نظم في المواريث منظومة أولها:

نحمدك اللهم يا من شرعا

ديناً به النبي طاها صدعا

أما منظومته في المطاعم والمشارب فهي خير ما قيل وقد ضمنها نصوص الأخبار والأحاديث الواردة عن أهل البيتعليهم‌السلام ، وإليك بعض فصولها:

الحمد لله وصلى الباري

على النبي أحمد المختار

وآله الأطهار أرباب الكرم

ومن بهم تمت على الخلق النعم

وبعد فالعبد الفقير المحتمي

بظل آل المصطفى ابن الأعسم

قال نظرت في كتاب الأطعمة

من الدروس ما اقتضى أن أنظمه

مما به روي من الآداب

عند حضور الأكل والشراب

مكتفياً بذاك أو أذكر ما

رواه في ذلك بعض العلما

مقتصراً فيه على متن الخبر

أو نص من لم يفت إلا عن أثر

١٩٨

فضل الخبز وآدابه

الفضل للخبز الذي لولاه

ما كان يوماً يعبد الإله

أفضله الخبز من الشعير

فهو طعام القانع الفقير

ما حل جوفا قط إلا أخليا

من كل داء وهو قوت الأنبياء

له على الحنطة فضل سامي

كفضل أهل البيت في الأنام

ما من نبي لا عتناء فيه

إلا وقد دعى لآكليه

فأكرم الخبز ومن إكرامه

ترك انتظار الغير من أدامه

والحفر للرغيف والابانه

بمدية فهي له إهانة

وصغر الرغفان دع أن تتركه

فإن في كل رغيف بركه

- آداب الأكل ـ

إبدأ بأكل الملح قبل المائدة

وأختم به فكم به من فائدة

فإنه شفاء كل داء

يدفع سبعين من البلاء

سم على المأكول في ابتداء

وفي الأخير أحمد وفي الاثناء

ويستحب الغسل لليدين

قبلا وبعداً تغسل الثنتين

فإن فيه مع دفع الغمر

زيادة العمر ونفي الفقر

وامسح أخيراً بنداوة اليد

عينيك والوجه لدفع الرمد

والجلب للرزق وإذهاب الكلف

وامسح بمنديل إذا لم يك جف

فإن هذا بخلاف الاول

أتى به النهي عن التمندل

والأكل والشراب باليسار

يكره إلا عند الاضطرار

واستثني الرمان منها والعنب

فالأكل باليدين فيهما أحب

١٩٩

ويكره الاكل على الشبع إذا

لم يؤذ والمحظور ما فيه الأذى

والأكل مشياً ومعارض نقل

على البيان للجواز قد حمل

فعل النبي مرة في الزمن

في كسرة مغموسة باللبن

والأتكاء حالة الأكل اترك

ما أكل النبي وهو متكي

وأبن اليسار وهو بعض العمد

روى جواز الاتكا على اليد

وبعده استلق على قفاكا

ضع رجلك اليمنى على يسراكا

والأكل مما لا يليك اجتنب

فيما عدا الثمار مثل الرطب

والترك للعشاء يفسد البدن

لا سيما لو كان شيخاً قد أسن

وليلة السبت وليلة الأحد

إذا تتابعا فمن ضر الجسد

يذهب بالقوة كلها ولا

تعود أربعين يوماً كملا

وليترك النفخ ولا ينظر إلى

أكل ( رقيق ) معه قد أكلا

ولا يقرب رأسه إليه

وليتجنب نفضه يديه

دع السكوت فهي سيرة العجم

وجود المضغ وصغر اللقم

لا تحتمي في صحة بلا غرض

فهو كترك الاحتما حال المرض

- خواص بعض المأكولات من الفاكهة ـ

الاكل للبطيخ فيه أجر

لمن نواه وخصال عشر

أكل شراب يغسل المثانة

فاكهة باهية ريحانة

مدر بول وأدام حلوى

إن يأكل العطشان منه يروى

وقد أتانا في علاج العلل

ما استشفت الناس بمثل العسل

وسيد الفواكه الرمان

يأكله الجائع والشبعان

٢٠٠