أدب الطف الجزء ٦

أدب الطف17%

أدب الطف مؤلف:
الناشر: دار المرتضى للنشر
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 336

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠
  • البداية
  • السابق
  • 336 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 111335 / تحميل: 8322
الحجم الحجم الحجم
أدب الطف

أدب الطف الجزء ٦

مؤلف:
الناشر: دار المرتضى للنشر
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

ظهور(١) الفسخ في حياتهما ، وللعامل البيع هنا حيث كان له البيع هناك ، ولا يحتاج إلى إذن الوارث ؛ اكتفاءً بإذن مَنْ يتلقّى الوارث الملك منه ، بخلاف ما إذا مات العامل حيث لا يتمكّن وارثه من البيع دون إذن المالك ؛ لأنّه لم يرض بتصرّفه.

وللشافعيّة وجهٌ آخَر : إنّ العامل أيضاً لا يبيع إلّا بإذن وارث المالك(٢) .

والمشهور عندهم : الأوّل(٣) . ولا بأس بالثاني.

ويجري الخلاف في استيفائه الديون بغير إذن الوارث(٤) .

أمّا لو أراد العامل الشراء ، فإنّه ممنوع منه ؛ لأنّ القراض قد بطل بموت المالك.

مسألة ٢٩٠ : إذا مات المالك وأراد هو والوارث الاستمرار على العقد ، فإن كان المال ناضّاً ، لم يكن لهما ذلك إلّا بتجديد عقدٍ واستئناف شرطٍ بينهما ، سواء وقع العقد قبل القسمة أو بعدها ، وسواء كان هناك ربح أو لا ؛ لجواز القراض على المشاع ، ويكون رأس المال وحصّته من الربح رأس المال ، وحصّة العامل من الربح شركة له مشاع ، كما لو كان رأس المال مائةً والربح مائتين وجدّد الوارث العقد على النصف ، فرأس مال الوارث مائتان من ثلاثمائة ، والمائة الباقية للعامل ، فعند القسمة يأخذها وقسطها من الربح ، ويأخذ الوارث مائتين ، ويقتسمان ما بقي.

وهذه الإشاعة لا تمنع القراض عندنا وعند العامّة(٥) .

____________________

(١) الظاهر : « حصول » بدل « ظهور ».

(٢ - ٤) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٠.

(٥) المغني ٥ : ١٨١ ، الشرح الكبير ٥ : ١٧٢.

١٤١

أمّا عندنا : فلجواز القراض بالمشاع.

وأمّا عندهم : فلأنّ الشريك هو العامل ، وذلك لا يمنع التصرّف(١) .

وكذلك يجوز القراض مع الشريك بشرط أن لا يشاركه في اليد عندهم(٢) ، ويكون للعامل ربح نصيبه خاصّةً ، ويتضاربان في ربح نصيب الآخَر.

إذا ثبت هذا ، فإنّه لا بدّ فيه من عقدٍ صالحٍ للقراض بألفاظه المشترطة ؛ لأنّه عقد مبتدأ ، وليس هو تقريراً لعقدٍ ماضٍ ؛ لأنّ العقد الماضي قد ارتفع ، فلا بدّ من لفظٍ صالحٍ للابتداء ، والتقرير يشعر بالاستدامة ، فلا ينعقد بلفظ الترك والتقرير بأن يقول الوارث أو وليُّه : « تركتُك ، أو : أقررتُك على ما كنتَ عليه » - وهو أحد قولَي الشافعيّة(٣) - لأنّ هذه العقود لا تنعقد بالكنايات.

والثاني - وهو الأظهر عند الجويني - : إنّه ينعقد بالترك والتقرير ؛ لفهم المعنى ، وقد يستعمل التقرير لإنشاء عقدٍ على موجب العقد السابق(٤) .

وإن كان المال عروضاً ، لم يصح تقرير الوارث عليه ، وبطل القراض عندنا وارتفع - وهو أظهر وجهي الشافعيّة وإحدى الروايتين عن أحمد(٥) - لارتفاع القراض الأوّل بموت المالك ، فلو وُجد قراضٌ آخَر لكان عقداً

____________________

(١) المغني ٥ : ١٨١ ، الشرح الكبير ٥ : ١٧٢.

(٢) الوسيط ٤ : ١٣٠ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٠.

(٣ و ٤) الوسيط ٤ : ١٢٩ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٠.

(٥) الحاوي الكبير ٧ : ٣٣٠ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٩٥ ، بحر المذهب ٩ : ٢١٠ ، الوسيط ٤ : ١٢٩ ، حلية العلماء ٥ : ٣٤٨ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٩٧ ، البيان ٧ : ٢٠٠ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٠ ، المغني ٥ : ١٨١ و ١٨٢ ، الشرح الكبير ٥ : ١٧٢.

١٤٢

مستأنفاً فيرد على العروض ، وهو باطل.

والثاني : إنّه يجوز تقرير الوارث عليه ؛ لأنّه استصحاب قراضٍ ، فيظهر فيه جنس المال وقدره ، فيجريان على موجبه ، وهذا الوجه هو منصوص الشافعي(١) .

والرواية الثانية عن أحمد : إنّ القراض إنّما منع منه في العروض ؛ لأنّه يحتاج عند المفاصلة إلى ردّ مثلها أو قيمتها ، ويختلف ذلك باختلاف الأوقات ، وهذا غير موجودٍ هنا ؛ لأنّ رأس المال غير العروض ، وحكمه باقٍ ، فإنّ للعامل أن يبيعه ليسلّم رأس المال ويقسّم الباقي(٢) .

وهو غلط ؛ لأنّ المظنّة لا يناط الحكم بها ، بل بالوصف الضابط لها ، ولا ريب في أنّ هذا ابتداء قراضٍ ، ولهذا لو كان المال ناضّاً كان ابتداء قراضٍ إجماعاً ، وكانت حصّة العامل من الربح شركةً له يختصّ بربحها ، ويضارب في الباقي ، وليس لربّ المال في حصّة العامل شركة في ربحها ، ولو كان المال ناقصاً بخسارةٍ أو تلفٍ كان رأس المال الموجودَ منه حال ابتداء القراض ، فلو جاز ابتداء القراض هنا وبناؤها على القراض الأوّل لصارت حصّة العامل من الربح غير مختصّةٍ [ به ] وحصّتها من الربح مشتركة بينهما ، وحُسب عليه العروض بأكثر من قيمتها فيما إذا كان المال ناقصاً ، وهذا لا يجوز في القراض بلا خلافٍ ، ويلزم أيضاً أن يصير بعض رأس المال ربحاً ، وذهاب بعض الربح في رأس المال.

____________________

(١) الحاوي الكبير ٧ : ٣٣٠ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٩٥ ، بحر المذهب ٩ : ٢١٠ ، الوسيط ٤ : ١٢٩ ، حلية العلماء ٥ : ٣٤٨ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٩٧ ، البيان ٧ : ٢٠٠ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٠ ، المغني ٥ : ١٨١ و ١٨٢ ، الشرح الكبير ٥ : ١٧٢.

(٢) المغني ٥ : ١٨١ - ١٨٢ ، الشرح الكبير ٥ : ١٧٢.

١٤٣

مسألة ٢٩١ : لو مات العامل ، فإن كان المال ناضّاً ولا ربح أخذه المالك ، وإن كان فيه ربح أخذ المالك المالَ وحصّته من الربح ، ودفع إلى الوارث حصّته.

ولو كان متاعاً واحتيج إلى البيع والتنضيض ، فإن أذن المالك لوارث العامل فيه جاز ، وإلّا تولّاه شخص ينصبه الحاكم.

ولا يجوز تقرير الوارث على القراض ؛ لأنّه لا يصحّ القراض على العروض ، والقراض الأوّل قد بطل بموت العامل أو جنونه ، وبه قال الشافعيّة(١) .

ولا يُخرّج على الوجهين المذكورين عندهم في موت المالك حيث قالوا هناك : إنّه يجوز - في أحد الوجهين - تقرير العامل على القراض ؛ لأنّ الفرق واقع بين موت المالك وموت العامل ؛ لأنّ ركن القراض من جانب العامل عمله وقد فات بوفاته ، ومن جانب المالك المال ، وهو باقٍ بعينه انتقل إلى الوارث ، ولأنّ العامل هو الذي اشترى العروض ، والظاهر أنّه لا يشتري إلّا ما يسهل عليه بيعه وترويجه ، وهذا المعنى لا يؤثّر فيه موت المالك ، وإذا مات العامل فربما كانت العروض كلاًّ على وارثه ؛ لأنّه لم يشترها ولم يخترها(٢) .

وعند أحمد : إنّه يجوز القراض بالعروض ، فيجوز هنا في كلّ موضعٍ يجوز ابتداء القراض فيه بالعروض بأن تُقوّم العروض ويجعل رأس المال‌

____________________

(١) بحر المذهب ٩ : ٢١٠ ، الوسيط ٤ : ١٣٠ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٩٧ ، البيان ٧ : ٢٠١ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٠.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٤ ، وراجع : الحاوي الكبير ٧ : ٣٣١ ، والبيان ٧ : ٢٠١.

١٤٤

قيمتها يوم العقد(١) .

ولو كان المال ناضّاً وقت موت العامل ، جاز أن يبتدئ المالك القراضَ مع وارثه بعقدٍ جديد ، ولا يصحّ بلفظ التقرير.

وللشافعيّة الوجهان السابقان(٢) .

فإن لم يرض ، لم يجز للوارث شراء ولا بيع.

إذا عرفت هذا ، فالوجهان المذكوران في التقرير للشافعيّة كالوجهين في أنّ الوصيّة بالزائد على الثلث إذا جعلناها ابتداء عطيّةٍ هل تنفذ بلفظ الإجازة؟ ويجريان أيضاً فيما إذا انفسخ البيع الجاري بينهما ثمّ أرادا إعادته ، فقال البائع : قرّرتُك على موجب العقد الأوّل ، وقَبِل صاحبه(٣) .

وفي مثله من النكاح لا يعتبر ذلك عندهم(٤) .

وللجويني احتمال فيه ؛ لجريان لفظ النكاح مع التقرير(٥) .

مسألة ٢٩٢ : إذا مات العامل وعنده مال مضاربةٍ لجماعةٍ متعدّدين ، فإن عُلم مال أحدهم بعينه كان أحقَّ به ، وإن جُهل كانوا فيه سواءً ، وإن جُهل كونه مضاربةً قضي به ميراثاً.

ولو سمّى الميّت واحداً بعينه قضي له به ، وإن لم يذكر كان أُسوة الغرماء ؛ لما رواه السكوني عن الصادقعليه‌السلام عن الباقر عن آبائه عن عليٍّعليهم‌السلام أنّه كان يقول : « مَنْ يموت وعنده مال مضاربةٍ - قال - إن سمّاه بعينه قبل موته فقال : هذا لفلانٍ ، فهو له ، وإن مات ولم يذكر فهو أُسوة الغرماء »(٦) .

____________________

(١) المغني ٥ : ١٨٢ ، الشرح الكبير ٥ : ١٧٣.

(٢) الوسيط ٤ : ١٢٩ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٠.

(٣ - ٥) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٤.

(٦) التهذيب ٧ : ١٩٢ / ٨٥١.

١٤٥

مسألة ٢٩٣ : إذا استردّ المالك بعضَ المال من العامل بعد دورانه في التجارة ولم يكن هناك ربح ولا خسران ، رجع رأس المال إلى القدر الباقي ، وارتفع القراض في القدر الذي أخذه المالك.

وإن كان بعد ظهور ربحٍ في المال ، فالمستردّ شائع ربحاً على النسبة الحاصلة من جملتي الربح ورأس المال ، ويستقرّ ملك العامل على ما يخصّه بحسب الشرط ممّا هو ربح منه ، فلا يسقط بالنقصان الحادث بعده.

وإن كان الاسترداد بعد ظهور الخسران ، كان الخسران موزَّعاً على المستردّ والباقي ، فلا يلزم جبر حصّة المستردّ من الخسران ، كما لو استردّ الكلّ بعد الخسران لم يلزم العامل شي‌ء ، ويصير رأس المال الباقي بعد المستردّ وحصّته من الخسران.

مثال الاسترداد بعد الربح : لو كان رأس المال مائةً وربح عشرين ، ثمّ استردّ المالك عشرين ، فالربح سدس المال ، فالمأخوذ يكون سدسه ربحاً : ثلاثة وثلث ، ويستقرّ ملك العامل على نصفه إذا كان الشرط المناصفةَ ، وهو واحد وثلثا واحدٍ ، ويبقى رأس المال ثلاثة وثمانين وثُلثاً ؛ لأنّ المأخوذ سدس المال ، فينقص سدس رأس المال ، وهو ستّة عشر وثلثان ، وحظّهما من الربح ثلاثة وثلث ، فيستقرّ ملك العامل على درهمٍ وثلثين ، حتى لو انخفضت السوق وعاد ما في يده إلى ثمانين لم يكن للمالك أن يأخذ الكلّ ويقول : كان رأس المال مائةً وقد أخذتُ عشرين أضمّ إليها هذه الثمانين لتتمّ لي المائة ، بل يأخذ العامل من الثمانين واحداً وثلثي واحدٍ ، ويردّ الباقي ، وهو ثمانية وسبعون وثلث واحدٍ.

ومثال الاسترداد بعد الخسران : كان رأس المال مائةً ، وخسر عشرين ، ثمّ استردّ المالك عشرين ، فالخسران موزَّع على المستردّ والباقي ،

١٤٦

تكون حصّة المستردّ خمسةً لا يلزمه جبرها ، حتى لو ربح بعد ذلك فبلغ المال ثمانين ، لم يكن للمالك أخذ الكلّ ، بل يكون رأس المال خمسةً وسبعين ، والخمسة الزائدة تُقسّم بينهما نصفين ، فيحصل للمالك من الثمانين سبعة وسبعون ونصف.

ولو كان رأس المال مائةً فخسر عشرةً ثمّ أخذ المالك عشرةً ثمّ عمل الساعي فربح ، فرأس المال ثمانية وثمانون وثمانية أتساع ؛ لأنّ المأخوذ محسوب من رأس المال ، فهو كالموجود ، والمال في تقدير تسعين ، فإذا بسط الخسران - وهو عشرة - على تسعين أصاب العشرة المأخوذة دينار وتُسْع دينار ، فيوضع ذلك من رأس المال ، وإن أخذ نصف التسعين الباقية بقي رأس المال خمسين ؛ لأنّه أخذ نصف المال ، فسقط نصف الخسران ، وإن أخذ خمسين بقي أربعة وأربعون وأربعة أتساع.

ولو كان رأس المال مائةً فربح عشرين ثمّ أخذ المالك ستّين ، بقي رأس المال خمسين ؛ لأنّه أخذ نصف المال ، فبقي نصفه ، وإن أخذ خمسين بقي رأس المال ثمانية وخمسين وثلثاً ؛ لأنّه أخذ ربع المال وسدسه ، فبقي ثلثه وربعه ، فإن أخذ منه ستّين ثمّ خسر فصار معه أربعون فردّها كان له على المالك خمسة ؛ لأنّ الذي أخذه المالك قد انفسخت فيه المضاربة ، فلا يجبر ربحه خسران الباقي ؛ لمفارقته إيّاه ، وقد أخذ من الربح عشرة ؛ لأنّ سدس ما أخذه ربح ، ولو ردّ منها عشرين لا غير بقي رأس المال خمسة وعشرين.

مسألة ٢٩٤ : حكم القراض الفاسد استحقاق المالك جميعَ الربح ؛ لأنّ المال له ، ونماؤه تابع ، والعامل إنّما يستحقّ شيئاً من الربح بالشرط ، فإذا بطل الشرط لم يستحق العامل شيئاً.

١٤٧

ويجب للعامل أُجرة المثل ، سواء كان في المال ربح أو لم يكن.

ولا يستحقّ العامل قراضَ المثل ، بل أُجرة المثل عندنا وعند الشافعي(١) ؛ لأنّ عمل العامل إنّما كان في مقابلة المسمّى ، فإذا لم تصح التسمية وجب ردّ عمله عليه ، وذلك يوجب له أُجرة المثل ، كما إذا اشترى شيئاً شراءً فاسداً وقبضه وتلف ، فإنّه يجب عليه قيمته.

وقال مالك : يجب للعامل قراض المثل ، يعني أنّه يجب ما يقارضه به مثله ؛ لأنّ شبهة كلّ عقدٍ وفاسده مردود إلى صحيحه ، وفي صحيحه لا يستحقّ شيئاً من الخسران ، وكذلك في الفاسد ، والصحيح يستحقّ فيه المسمّى ، سواء كانت أُجرته دونه أو أكثر(٢) .

والتسمية إنّما هي من الربح ، وفي مسألتنا بطلت التسمية ، وإنّما تجب له الأُجرة ، وذلك لا يختصّ بالربح ، فافترقا ، فبطل القياس.

إذا عرفت هذا ، فإنّ القراض الفاسد له حكمٌ آخَر ، وهو صحّة تصرّف العامل ونفوذه ؛ لأنّه أذن له فيه ، فوقع بمجرّد إذنه ، فإن كان العقد فاسداً - كما لو وكّله وكالةً فاسدة - وتصرّف فإنّه يصحّ تصرّفه.

لا يقال : أليس إذا باع بيعاً فاسداً وتصرّف المشتري لم ينفذ؟

____________________

(١) بحر المذهب ٩ : ١٩٨ ، حلية العلماء ٥ : ٣٤٨ - ٣٤٩ ، البيان ٧ : ١٧٤ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٢٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٥ ، المغني ٥ : ١٨٨ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٦٥ / ١٧٤٠ ، الاستذكار ٢١ : ١٥١ / ٣٠٨٥١ و ٣٠٨٥٢ ، عيون المجالس ٤ : ١٧٨٦ / ١٢٥٠.

(٢) الاستذكار ٢١ : ١٥١ / ٣٠٨٥٠ ، الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٦٤١ / ١١١٤ ، التفريع ٢ : ١٩٦ - ١٩٧ ، عيون المجالس ٤ : ١٧٨٥ / ١٢٥٠ ، المعونة ٢ : ١١٢٨ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٦٥ / ١٧٤٠ ، بحر المذهب ٩ : ١٩٩ ، حلية العلماء ٥ : ٣٤٩ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٢٠ ، المغني ٥ : ١٨٨ - ١٨٩.

١٤٨

لأنّا نقول : الفرق ظاهر ؛ لأنّ تصرّف المشتري إنّما لم ينفذ لأنّه يتصرّف من جهة الملك ولم يحصل له ، وكذلك إذا أذن له البائع أيضاً ؛ لأنّ إذنه كان على أنّه ملك المأذون فيه ، فإذا لم يملك لم يصح ، وهنا أذن له في التصرّف في ملك نفسه ، وما شرطه من الشروط الفاسدة ، فلم يكن مشروطاً في مقابلة الإذن ؛ لأنّه أذن في تصرّفٍ يقع له ، فما شرطه لا يكون في مقابلته.

مسألة ٢٩٥ : لو دفع إليه مالاً قراضاً وقال : اشتر به هرويّاً أو مرويّاً بالنصف ، قال الشافعي : يفسد القراض(١) . واختلف أصحابه في تعليله.

فمنهم مَنْ قال : إنّما فسد ؛ لأنّه قال بالنصف ، ولم يبيّن لمن النصف؟ فيحتمل أن يكون شرط النصف لربّ المال ، وإذا ذكر في القراض نصيب ربّ المال ولم يذكر نصيب العامل ، كان القراض فاسداً(٢) .

وليس بشي‌ءٍ ؛ لأنّ الشرط إذا أُطلق انصرف إلى نصيب العامل ؛ لأنّ ربّ المال يستحقّ الربح بالمال ، ولا يحتاج إلى شرطٍ ، كما لا يحتاج في شركة العنان إلى شرط الربح ، فإذا شرط كان الظاهر أنّه شرط ذلك للعامل.

وقال بعضهم : إنّما فسد ؛ لأنّه أذن له في الشراء ، دون البيع(٣) .

____________________

(١) مختصر المزني : ١٢٣ ، الحاوي الكبير ٧ : ٣٤٣ ، بحر المذهب ٩ : ٢١٦ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٢ ، البيان ٧ : ١٧٤ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٢٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٦.

(٢) الحاوي الكبير ٧ : ٣٤٤ ، بحر المذهب ٩ : ٢١٦ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٣ ، البيان ٧ : ١٧٤ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٢١ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٦.

(٣) الحاوي الكبير ٧ : ٣٤٤ ، بحر المذهب ٩ : ٢١٦ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٢ ، البيان ٧ : ١٧٤ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٢٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٦.

١٤٩

وفيه نظر ؛ لأنّ إطلاق المضاربة يقتضي تسويغ التصرّف للعامل بيعاً وشراءً ، والتنصيص على الإذن في شراء جنسٍ لا يقتضي عدم الإذن في البيع ، فيبقى على الإطلاق.

وقال بعضهم : إنّه يفسد ؛ للتعيين(١) .

وليس بشي‌ءٍ.

وقال آخَرون : إنّما يفسد ؛ لأنّه لم يعيّن أحد الجنسين(٢) .

وليس بشي‌ءٍ ؛ لأنّه يجوز أن يخيّره بما يشتريه.

والمعتمد : صحّة القراض.

مسألة ٢٩٦ : لا يجوز للعامل أن يبيع الخمر ولا يشتريه ، وكذا الخنزير وأُمّ الولد ، سواء كان العامل مسلماً أو نصرانيّاً إذا كان ربّ المال مسلماً أو كان العامل مسلماً ، ولو كانا ذمّيّين جاز - وبه قال الشافعي(٣) - لأنّه وكيل المالك ، ولا يدخل ذلك في ملك المالك ، فيكون منهيّاً عنه ؛ لما فيه من خروج الملك عن ملكه.

وقال أبو حنيفة : إذا كان العامل نصرانيّاً فباع الخمر أو اشتراها ، صحّ ذلك(٤) .

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٢١ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٦.

(٢) الحاوي الكبير ٧ : ٣٤٣ - ٣٤٤ ، بحر المذهب ٩ : ٢١٦ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٣ ، البيان ٧ : ١٧٤ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٢١ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٦.

(٣) الحاوي الكبير ٧ : ٣٥٤ ، بحر المذهب ٩ : ٢٢٥ ، حلية العلماء ٥ : ٣٥٢ ، البيان ٧ : ١٧٥ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٣ ، المغني ٥ : ١٦٢ ، الشرح الكبير ٥ : ١٥٥.

(٤) الحاوي الكبير ٧ : ٣٥٤ ، بحر المذهب ٩ : ٢٢٥ ، حلية العلماء ٥ : ٣٥٢ ، البيان ٧ : ١٧٥ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٨ ، المغني ٥ : ١٦٢ ، الشرح الكبير ٥ : ١٥٥.

١٥٠

وقال أبو يوسف ومحمّد : يصحّ منه الشراء ، ولا يصحّ منه البيع ، وفرّقوا بينهما بأنّ الوكيل يدخل ما يشتريه أوّلاً في ملكه ، فإذا باع ملك غيره لم يدخل في ملكه ، وكان العامل كأنّ في يده عصيراً فصار خمراً ، فيكون ذلك لربّ المال ، ولا يكون بيعه إلّا من جهته ، ولا يصحّ من المسلم بيع الخمر(١) .

إذا عرفت هذا ، فلو خالف العامل واشترى خمراً أو خنزيراً أو أُمَّ ولدٍ ودفع المال في ثمنه ، فإن كان عالماً كان ضامناً ؛ لأنّ ربّ المال لا يملك ذلك ، فكأنّه قد دفع ثمنه بغير عوضٍ ، فكان ضامناً.

وإن كان جاهلاً ، فكذلك - وهو الأشهر للشافعيّة(٢) - لأنّ حكم الضمان لا يختلف بالعلم والجهل.

وقال القفّال من الشافعيّة : يضمن في الخمر ، دون أُمّ الولد ؛ لأنّه ليس لها أمارة تُعرف بها(٣) .

وقال بعضهم : لا يضمن فيهما(٤) .

وقال آخَرون : لا يضمن في العلم أيضاً ؛ لأنّه اشترى ما طلب فيه الفضل بحسب رأيه(٥) .

وهو خطأ ؛ لأنّ ربّ المال لا يملك ذلك ، فلا يجوز له دفع المال في عوضه.

____________________

(١) بحر المذهب ٩ : ٢٢٥ ، حلية العلماء ٥ : ٣٥٢ ، المغني ٥ : ١٦٢ ، الشرح الكبير ٥ : ١٥٥.

(٢) البيان ٧ : ١٧٥ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٤.

(٣) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٩ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٨.

(٤) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٨ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٨.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٨.

١٥١

مسألة ٢٩٧ : قد بيّنّا أنّه إذا قال للعامل : قارضتك على أن يكون لك شركة في الربح ، أو شركة ، فإنّه لا يصح ؛ لأنّه لم يعيّن مقدار حصّة العامل ، وبه قال الشافعي(١) .

وقال محمّد بن الحسن : إنّه إذا قال : شركة ، صحّ ، وإذا قال : شرك ، لم يصح(٢) .

وقال أصحاب مالك : يصحّ ، ويكون له مضاربة المثل(٣) .

وقد بيّنّا غلطهم.

ولو قال : خُذْه قراضاً على النصف أو الثلث أو غير ذلك ، صحّ ، وكان ذلك تقديراً لنصيب العامل ؛ قضيّةً للظاهر من أنّ الشرط للعامل ؛ لأنّ المالك يستحقّه بماله ، والعامل يستحقّه بالعمل ، والعمل يكثر ويقلّ ، وإنّما تتقدّر حصّته بالشرط فكان الشرط له.

فإن اختلفا فقال العامل : شرطتَه لي ، وقال المالك : شرطتُ ذلك لنفسي ، قُدّم قول العامل ؛ لأنّ الظاهر معه.

مسألة ٢٩٨ : لو دفع إليه ألفين قراضاً فتلف أحدهما قبل التصرّف ، فقد قلنا : إنّ الأقرب : احتساب التالف من الربح.

____________________

(١) بحر المذهب ٩ : ٢٢١ ، حلية العلماء ٥ : ٣٣٣ ، البيان ٧ : ١٦٥ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٣.

(٢) بدائع الصنائع ٦ : ٨٥ ، بحر المذهب ٩ : ٢٢١ ، حلية العلماء ٥ : ٣٣٣ ، البيان ٧ : ١٦٥ ، الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٦٤٢ / ١١١٥ ، المنتقى - للباجي - ٥ : ١٥٢.

(٣) الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٦٤٢ / ١١١٥ ، المنتقى - للباجي - ٥ : ١٥٢ ، بحر المذهب ٩ : ٢٢١ ، حلية العلماء ٥ : ٣٣٤ ، البيان ٧ : ١٦٥.

١٥٢

وقال الشافعي : يكون من رأس المال(١) .

فإن كان التلف بعد أن باع واشترى ، فالتلف من الربح قولاً واحداً.

ولو اشترى بالألفين عبدين فتلف أحدهما ، فللشافعيّة وجهان :

أحدهما : إنّه يكون من الربح ؛ لأنّه تلف بعد أن ردّ المال في التجارة.

والثاني : يكون من رأس المال ؛ لأنّ العبد التالف بدل أحد الألفين ، فكان تلفه كتلفها(٢) .

قال أبو حامد : هذا خلاف مذهب الشافعي ؛ لأنّ المزني نقل عنه أنّه إذا ذهب بعض المال قبل أن يعمل ثمّ عمل فربح وأراد(٣) أن يجعل البقيّة رأس المال بعد الذي هلك ، فلا يُقبل قوله ، ويوفى رأس المال من ربحه حتى إذا وفاه اقتسما الربح على شرطهما ؛ لأنّ المال إنّما يصير قراضاً في يد العامل بالقبض ، فلا فرق بين أن يهلك قبل التصرّف أو بعده ، فيجب أن يحتسب من الربح(٤) .

وهذا كما اخترناه نحن.

مسألة ٢٩٩ : لو دفع المالك إلى العامل مالاً قراضاً ثمّ دفع إليه مالاً آخَر قراضا ، فإن كان بعد تصرّف العامل في الأوّل بالبيع والشراء كانا قراضين ، وإلّا كانا واحداً ، فلو دفع إليه ألفاً قراضاً فأدارها العامل في التجارة بيعاً‌

____________________

(١) الحاوي الكبير ٧ : ٣٣٣ ، بحر المذهب ٩ : ٢٣١ ، الوسيط ٤ : ١٢٤ ، البيان ٧ : ١٩٢ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٧.

(٢) بحر المذهب ٩ : ٢٣١ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٩٥ ، حلية العلماء ٥ : ٣٤٣ ، البيان ٧ : ١٩٢ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧ - ٣٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٧.

(٣) في « ث ، خ ، ر » : « فأراد ».

(٤) راجع : بحر المذهب ٩ : ٢٣١.

١٥٣

وشراءً ثمّ دفع إليه ألفاً أُخرى قراضاً ، تعدّد القراضان على معنى أنّ ربح كلّ واحدةٍ منهما لا يجبر خسران الأُخرى ، بل تختصّ كلٌّ منهما بربحها وخسرانها ، وجبر خسرانها من ربحها خاصّةً.

فإن قال المالك : ضمّ الثانية إلى الأُولى ، بعد أن اشتغل العامل بالتجارة ، لم يصح القراض الثاني ؛ لأنّ ربح الأوّل قد استقرّ ، فكان ربحه وخسرانه مختصّاً به ، فإذا شرط ضمّ الثانية إليه ، اقتضى أن يجبر به خسران الأُولى إن كان فيه خسران ، ويجبر خسران الثانية بربح الأوّلة ، وهو غير جائزٍ ؛ لأنّ لكلّ واحدٍ من العقدين حكماً منفرداً ، فإذا شرط في الثاني ما لا يصحّ ، فسد.

وإن كان قبل أن يتصرّف في الأُولى(١) وقال له : ضمّ الثانية إلى الأُولى ، جاز ، وكان قراضاً واحداً.

ولو كان المال الأوّل قد نضّ وقال له المالك : ضمّ الثانية إليه ، جاز - وبه قال الشافعي(٢) - لأنّه قد أمن فيه المعنى الذي ذكرناه ، وصار كأنّه لم يتصرّف.

ولما رواه محمّد بن عذافر عن أبيه قال : أعطى الصادقعليه‌السلام أبي ألفاً وسبعمائة دينار فقال له : « اتّجر لي بها » ثمّ قال : « أما إنّه ليس لي رغبة في ربحها وإن كان الربح مرغوباً فيه ، ولكن أحببتُ أن يراني الله تعالى متعرّضاً لفوائده » قال : فربحتُ فيها مائة دينار ثمّ لقيته فقلت له : قد ربحتُ لك فيها مائة دينار ، قال : ففرح الصادقعليه‌السلام بذلك فرحاً شديداً ثمّ قال لي : « أثبتها‌

____________________

(١) في « ث » ، خ ، ر » : « الأوّلة » بدل « الأُولى ».

(٢) بحر المذهب ٩ : ٢٢٧.

١٥٤

لي في رأس مالي »(١) .

إذا عرفت هذا ، فإنّه إذا دفع إليه ألفاً قراضاً ثمّ دفع إليه ألفاً أُخرى قراضاً ولم يأمره بضمّ إحداهما إلى الأُخرى ، بل جعل الألف الأُولى قراضاً بعقدٍ ثمّ دفع إليه الثانية قراضاً بعقدٍ آخَر ، لم يجز له ضمّ الثانية إلى الأُولى ومزجها به ؛ لأنّهما قراضان بعقدين على مالين ، فلا يجوز مزجهما إلّا بإذن المالك ، كما لو قارضه اثنان بمالين منفردين ، فإن ضمّ إحداهما إلى الأُخرى ومزجهما ضمن ، وبه قال الشافعي(٢) ، خلافاً لأبي حنيفة(٣) .

وقال إسحاق : يجوز ضمّ الثانية إلى الأُولى إذا لم يتصرّف في الأُولى(٤) .

وكذا لو ضمّ مال أحد المالكين إلى مال الآخَر ومزجه به ضمن ، إلّا أن يأذن كلّ واحدٍ منهما ، ولا يكفي إذن الواحد في عدم ضمان مال الآخَر ، بل في مال الآذن خاصّةً.

مسألة ٣٠٠ : إذا دفع إليه ألفاً قراضاً وقال له : أضف إليها ألفاً أُخرى من عندك ويكون الربح لك منه الثلثان ولي الثلث ، أو قال : لك الثلث ولي الثلثان ، فالأقرب عندنا : الصحّة ؛ للأصل.

وقال الشافعي : لا يصحّ ؛ لأنّه إن شرط لنفسه الأكثر فقد فسد ؛ لتساويهما في المال ، وذلك يقتضي تساويهما في الربح ، فإذا شرط عليه‌

____________________

(١) الكافي ٥ : ٧٦ / ١٢ ، التهذيب ٦ : ٣٢٦ - ٣٢٧ / ٨٩٨.

(٢) بحر المذهب ٩ : ٢٣٢ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٩٥ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٩ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٤.

(٣) بحر المذهب ٩ : ٢٣٢ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٩٥ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٩.

(٤) المغني ٥ : ١٧٥ ، الشرح الكبير ٥ : ١٦٨.

١٥٥

العمل ونصيبه من الربح كان باطلاً ، وإن شرط للعامل الأكثر فسد أيضاً ؛ لأنّ الشركة إذا وقعت على مالٍ كان الربح تابعاً له دون العمل ، فتكون الشركة فاسدةً ، ويكون هذا قراضاً فاسداً ؛ لأنّه عقد بلفظ القراض(١) .

ولو كان قد دفع إليه ألفين وقال له : أضف إليهما ألفاً من عندك فتكون الألف بيننا شركةً والألف الأُخرى قارضتك عليها بالنصف ، جاز عنده(٢) أيضاً ؛ لأنّ أكثر ما فيه أنّ مال القراض مشاع ، والإشاعة إذا لم تمنع التصرّف لم تمنع الصحّة.

وقال أصحاب مالك : لا يجوز أن يضمّ إلى القراض الشركة(٣) ؛ لأنّه لا يجوز أن يضمّ إليه عقد إجارةٍ ، فلا يجوز أن يضمّ إليه عقد شركةٍ(٤) .

والأصل ممنوع ، ولأنّ أحد العقدين إذا لم يجعلاه شرطاً في الآخَر لم يمنع من جمعهما ، كما لو كان المال متميّزاً ، والإجارة إن كانت متعلّقةً بزمانٍ نافت القراض ؛ لأنّه يمنعه من التصرّف ، وإن كانت متعلّقةً بالذمّة جاز.

ولو دفع إليه ألفاً قراضاً فخلطها بألف له بحيث لا تتميّز ، فقد تعدّى بذلك ، فصار ضامناً ، كالمودع إذا مزج الوديعة بغيرها من ماله أو غير ماله.

ولأنّه صيّره بمنزلة التالف.

____________________

(١) بحر المذهب ٩ : ٢٢٧ ، البيان ٧ : ١٦٦ - ١٦٧ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٩ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٤ ، المغني ٥ : ١٣٧ ، الشرح الكبير ٥ : ١٤٣.

(٢) بحر المذهب ٩ : ٢٢٧ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١١ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٠ ، الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٦٤٥ / ١١٢٣ ، المغني ٥ : ١٣٦ - ١٣٧ ، الشرح الكبير ٥ : ١٤٢ - ١٤٣.

(٣) في « ث ، خ ، ر » : « شركة ».

(٤) الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٦٤٥ / ١١٢٣ ، التفريع ٢ : ١٩٥ ، المعونة ٢ : ١١٢٤ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ٣٨٦ ، بحر المذهب ٩ : ٢٢٧ ، المغني ٥ : ١٣٧ ، الشرح الكبير ٥ : ١٤٣.

١٥٦

مسألة ٣٠١ : إذا دفع إليه مالاً قراضاً وشرط عليه أن ينقل المال إلى موضع كذا ويشتري من أمتعته ثمّ يبيعها هناك أو يردّها إلى موضع القراض ، جاز ذلك ؛ للأصل ، بل لو خالف ضمن ؛ لما رواه الكناني عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن المضاربة يعطى الرجل المال يخرج به إلى الأرض ونهي(١) أن يخرج به إلى أرض غيرها فعصى فخرج به إلى أرض أُخرى فعطب المال ، فقال : « هو ضامن ، فإن سلم فربح فالربح بينهما »(٢) .

وقال أكثر الشافعيّة : يفسد القراض ؛ لأنّ نقل المال من قُطْرٍ إلى قُطْرٍ عمل زائد على التجارة ، فأشبه شرط الطحن والخبز ، ويخالف ما إذا أذن له في السفر ؛ فإنّ الغرض منه رفع الحرج(٣) .

وقال جماعة من محقّقيهم : إنّ شرط المسافرة لا يضرّ ، فإنّها الركن الأعظم في الأموال والبضائع الخطيرة(٤) .

والأصل عندنا ممنوع.

ولو قال : خُذْ هذه الدراهم قراضاً وصارِف بها مع الصيارفة ، لم يجز له أن يصارف مع غيرهم ؛ لأنّه قد خالف ما عيّنه له ، وهو أحد وجهي الشافعيّة ، والثاني : إنّه يصحّ ؛ لأنّ الغرض من مثله أن يصرفه صرفاً لا قوام بأعيانهم(٥) .

مسألة ٣٠٢ : لو دفع إليه زيد مالاً قراضاً ودفع إليه عمرو كذلك ، فاشترى بكلّ واحدٍ من المالين عبداً ثمّ اشتبها عليه ، بِيع العبدان ، وبسط الثمن بينهما على النسبة - ولو ربح فعلى ما شرطاه له ، فإن اتّفق خسران ،

____________________

(١) في الفقيه و « ر » : « وينهى ».

(٢) الفقيه ٣ : ١٤٣ - ١٤٤ / ٦٣١ ، التهذيب ٧ : ١٨٩ - ١٩٠ / ٨٣٧.

(٣ - ٥) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٤.

١٥٧

فإن كان لتقصيره ضمن ، وإن كان لانخفاض السوق لم يضمن ؛ لأنّ غايته أن يكون كالغاصب ، والغاصب لا يضمن نقصان السوق - وهو أحد قولَي الشافعيّة(١) ؛ لأنّ قضيّة المال الممتزج هذا.

ولما رواه إسحاق بن عمّار عن الصادقعليه‌السلام أنّه قال في الرجل يبضعه الرجل ثلاثين درهماً في ثوبٍ وآخَر عشرين درهماً في ثوبٍ ، فبعث الثوبين فلم يعرف هذا ثوبه ولا هذا ثوبه ، قال : « يباع الثوبان ، فيعطى صاحب الثلاثين ثلاثة أخماس الثمن ، والآخَر خُمسي الثمن » قال : قلت : فإنّ صاحب العشرين قال لصاحب الثلاثين : اختر أيّهما شئت ، قال : « قد أنصفه »(٢) .

وللشافعيّة قولٌ بأنّ شراء العبدين ينقلب إلى العامل ، ويغرم لهما ؛ للتفريط حيث لم يفردهما حتى تولّد الاشتباه(٣) .

ثمّ المغروم عند الأكثرين الألفان(٤) .

وقال بعضهم : يغرم قيمة العبدين وقد تزيد على الألفين(٥) .

ولهم قولٌ غريب ثالث : إنّه يبقى العبدان على الإشكال إلى أن‌

____________________

(١) بحر المذهب ٩ : ٢٣٢ ، الوسيط ٤ : ١٣١ ، حلية العلماء ٥ : ٣٤٤ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٩٥ ، البيان ٧ : ١٩٦ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٩ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٥.

(٢) الكافي ٧ : ٤٢١ - ٤٢٢ / ٢ ، الفقيه ٣ : ٢٣ / ٦٢ ، التهذيب ٦ : ٢٠٨ / ٤٨٢ و ٣٠٣ - ٣٠٤ / ٨٤٧.

(٣) بحر المذهب ٩ : ٢٣٢ ، الوسيط ٤ : ١٣١ ، حلية العلماء ٥ : ٣٤٤ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٩٥ ، البيان ٧ : ١٩٥ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٩ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٤.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٩ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٤.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٩ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٤ - ٢٢٥.

١٥٨

يصطلحا(١) .

مسألة ٣٠٣ : إذا تعدّى المضارب وفَعَل ما ليس له فعله أو اشترى شيئاً نهاه المالك عن شرائه ، ضمن المال في قول أكثر أهل العلم(٢) ، وروي ذلك عن أهل البيتعليهم‌السلام (٣) ، وبه قال أبو هريرة وحكيم بن حزام وأبو قلابة ونافع وأياس والشعبي والنخعي والحكم ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق وأصحاب الرأي(٤) .

وروى العامّة عن عليٍّعليه‌السلام أنّه قال : « لا ضمان على مَنْ شُورك في الربح »(٥) ونحوه عن الحسن والزهري(٦) .

والمعتمد : الأوّل ، والرواية عن أمير المؤمنينعليه‌السلام نحن نقول بموجبها ؛ فإنّه لا ضمان بدون التفريط.

والأصل فيه أنّه قد تصرّف في مال غيره بدون إذنه ، فلزمه الضمان ، كالغاصب. وقد تقدّم أنّه يشارك في الربح.

إذا عرفت هذا ، فلو اشترى شيئاً نهاه المالك عن شرائه فربح ، فالربح على الشرط ، وبه قال مالك(٧) ؛ لما تقدّم(٨) من الرواية عن أهل البيتعليهم‌السلام ، ولأنّه تعدٍّ ، فلا يمنع كون الربح لهما على ما شرطاه ، كما لو لبس الثوب وركب دابّةً ليس له ركوبها.

وقال أحمد : الربح بأسره لربّ المال - وعن أحمد رواية أُخرى :

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٩ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٥.

(٢) كما في المغني ٥ : ١٦٥ ، والشرح الكبير ٥ : ١٥٨.

(٣) التهذيب ٧ : ١٩٣ / ٨٥٣.

(٤ - ٦) المغني ٥ : ١٦٥ ، الشرح الكبير ٥ : ١٥٨.

(٧) المنتقى - للباجي - ٥ : ١٧٠ ، المغني ٥ : ١٦٥ ، الشرح الكبير ٥ : ١٥٨.

(٨) آنفاً.

١٥٩

إنّهما يتصدّقان بالربح على سبيل الورع ، وهو لربّ المال في القضاء - لأنّ عروة بن [ الجعد ](١) البارقي قال : عرض للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله جلب فأعطاني ديناراً فقال : « يا عروة ائت الجلب فاشتر لنا شاةً » فأتيتُ الجلب فساومتُ صاحبه فاشتريتُ شاتين بدينارٍ ، فجئتُ أسوقهما - أو أقودهما - فلقيني رجل بالطريق فساومني ، فبعتُ منه شاةً بدينار ، فجئتُ بالدينار والشاة فقلت : يا رسول الله هذا ديناركم وهذه شاتكم ، فقال : « وكيف صنعتَ؟ » فحدّثته الحديث ، فقال : « اللّهمّ بارك له في صفقة يمينه »(٢) .

ولأنّه نماء عينه بغير إذن مالكه ، فكان لمالكه ، كما لو غصب حنطةً فزرعها(٣) .

والخبر لا يدلّ على المتنازع ، والفرق ظاهر بين الغاصب والمضارب المأذون له.

إذا عرفت هذا ، فهل يستحقّ العامل الأُجرة ، أم لا؟ عن أحمد روايتان :

إحداهما : إنّه لا يستحقّ ، كالغاصب.

والثانية : إنّه يستحقّ ؛ لأنّ ربّ المال رضي بالبيع وأخذ الربح ، فاستحقّ العامل عوضاً ، كما لو عقده بإذنٍ(٤) .

وفي قدر الأُجرة عنه روايتان :

إحداهما : أُجرة مثله ما لم يحط بالربح ؛ لأنّه عمل ما يستحقّ به‌

____________________

(١) بدل ما بين المعقوفين في النُّسَخ الخطّيّة والحجريّة : « لبيد ». والصحيح ما أثبتناه.

(٢) تقدّم تخريجه في ص ٨٦ ، الهامش (٢)

(٣) المغني ٥ : ١٦٥ - ١٦٦ ، الشرح الكبير ٥ : ١٥٨ - ١٥٩.

(٤) المغني ٥ : ١٦٦ ، الشرح الكبير ٥ : ١٥٩.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

منور قلوب أهل الدين

ومذهب وسوسة اللعين

فكله كيما أن تصح بعده

بشحمه فهو دباغ المعده

لا يشرك الإنسان في الرمان

لحبة فيه من الجنان

وتؤكل الأعناب مثنى مثنى

وورد الأفراد فيه أهنى

والرازقي منه صنف يحمد

ويذهب الغموم منه الأسود

والتين مما جاء فيه أنه

أشبه شيء بنبات الجنة

ينفي البواسير وكل الداء

ومعه لم تحتج إلى دواء

وفي السفرجل الحديث قد ورد

تأكله الحبلى فيحسن الولد

وقد أتانا عن ولاة الامر

وعن أبيهم حبهم للتمر

فأصبحت شيعتهم كذلك

تحبه في سائر الممالك

وجاء في الحديث أن البرني

يشبع من يأكله ويهني

وأنه يذهب للعياء

وهو دواء سالم من داء

وجاء عنهم في حديث قد ورد

كثرة أكل البيض تكثر الولد

وينفع التفاح في الرعاف

مبرد حرارة الأجواف

وفيه نفع للسقام العارض

ويورث النسيان أكل الحامض

- فصل في اللحوم ـ

قد ورد المدح للحم الضان

لكن أتى النهي عن الإدمان

وهو يزيد في السماع والبصر

لأكله بالبيض في الباه أثر

أطيبه لحم الذراع والقبج

والفرخ أن ينهض أو كان درج

شكا نبي قلة الجماع

والضعف عند الملك المطاع

٢٠١

أمره بالأكل للهريسة

وفيه ايضاً خلة نفيسة

تنشيطها الأنسان للعبادة

شهراً عليه عشرة زيادة

والسمك اتركه لما قد وردا

من ان اكله يذيب الجسدا

ما بات في جوف امرئ الا اضطرب

عليه عرق فالج فيجتنب

لكن من يأكل تمراً او عسل

عليه عند ذلك الفالج زل

والنهك للعظام مكروه فلا

تفعله فالناهك عظماً يبتلى

تأخذ منه الجن فوق ما اخذ

فهو طعام الجن(١) حين ينتبذ

- الادام والبقول ـ

نعم الادام الخل ما فيه ضرر

وكل بيت حل فيه ما افتقر

يزيد في العقل، ودود البطن

يهلكه، محدد للذهن

وينبت اللحم الشراب للبن

كذا يشد العضد الذي وهن

والقرع وهو ما يسمى بالدبا

قد كان يعجب النبي المجتبى

فانه قد جاء في المنقول

يزيد في الدماغ والعقول

وجاء عمن كلما قالوه حق

أن طبيخ الماش يذهب البهق

وعن أمير المؤمنين في العدس

بين وصفاكاد فيه أن يحس

في سرعة الدمعة في البكاء

ورقة في القلب والأحشاء

مما يزيد في الجماع البصل

وفيه نفع غير هذا نقلوا

__________________

١ - ربما يراد بها القطط والكلاب التي تنتظر فضلة المائدة.

٢٠٢

من دفعه الحمى وشده العصب

والطرد للوبا وإذهاب النصب

ويذهب البلغم، والزوجين

يزيد حضوتيهما في البين

ومن يكن في جمعة أو قد دخل

في مسجد فليجتنب أكل البصل

كذاك أكل الثوم والكراث

دعه ونحو هذه الثلاث

وجاء في رواية أن الجزر

يزيد في الباه مقيما للذكر

مسخن للكليتين ينجي

من البواسير ومن قولنج

والأكل للكرفس ممدوح بنص

ينفي الجذام والجنون البرص

طعام الياس نبي الله مع

وصي موسى يوشع من اليسع

وجاء في الكراث فيما قد ورد

قطع البواسير وللريح طرد

يؤكل للطحال في أيام

ثلاثة والأمن من جذام

والسلق جاء فيه نعم البقلة

وفيه نفع قد أردنا نقلة

تأثيره التغليظ للعظام

والدفع للجذام والبرسام

في شاطئ الفردوس منه وجدا

فيه شفاء نافع لكل دا

والأكل للخس مصف للدم

ويذهب الجذام أكل الشلجم

والأكل من سواقط الخوان

يغدو مهور الخرد الحسان

فيه شفاء كل داء قد ورد

مع صحة العيش وصحة الولد

إلا إذا ما كان في الصحراء

فأبقه فالفضل في الابقاء

وهو دواء للذي له أكل

من مرض وللعموم يحتمل

- التخليل ـ

وجاء في تخلل الأسنان

نهي عن الريحان والرمان

٢٠٣

والخوص والآس وعود القصب

ولا تدعه فهو شرعاً مستحب

ما أخرج اللسان فابتلعه

وبالخلال أقذف ولا تدعه

تربة الحسين (ع)

وللحسين تربة فيها الشفا

تشفي الذي على الحمام أشرفا

لها دعاءان فيدعو الداعي

في وقتي الأخذ والابتلاع

حد لها الشارع حداً خصصه

تحريم ما قد زاد فوق الحمصه

القول في الماء وآدابه

سيد كل المائعات الماء

ما عنه في جميعها غناء

أما ترى الوحي إلى النبي

منه جعلنا كل شيء حي

ويكره الاكثار منه للنص

وعبه - أي شربه - بلا مص

يروى به التوريث للكباد

بالضم أعني وجع الأكباد

ومن ينحيه ويشتهيه

ويحمد الله ثلاثاً فيه

ثلاث مرات فيروى أنه

يوجب للمرء دخول الجنه

وفي ابتداء هذه المرات

جميعها بسمل لنص آت

وان شربت الماء فاشرب بنفس

ان كان ساقي الماء حراً يلتمس

أو كان عبداً ثلث الأنفاسا

كذاك ان أنت أخذت الكاسا

والماء أن تفرغ من الشراب له

صل على الحسين والعن قاتله

تؤجر بالآف عدادها مئة

من عتق مملوك وحط سيئة

ودرج وحسنات ترفع

فهي اذن مئات الف أربع

وليجتنب موضع كسر الآنية

وموضع العروة للكراهية

تشربه في الليل قاعداً لما

رووه واشرب في النهار قائماً

٢٠٤

والفضل للفرات ( ميزابان )

فيه من الجنة يجريان

حنك به الطفل ففي الرواية

يحبب المولود للولاية

ونيل مصر ليس بالمحبوب

فانه المميت للقلوب

والغسل للرأس بطين النيل

والأكل في فخاره المعمول

يذهب كل منهما بالغيرة

ويورث الدياثة المشهورة

في ماء زمزم حديث وردا

أمن من الخوف شفاء كل دا

ويندب الشرب لسؤر المؤمن

وان ادير يبتدا بالأيمن

لا تعرضن شربه على أحد

لكن متى يعرض عليك لا يرد

في زاد السفر وآدابه

من شرف الانسان في الأسفار

تطييبه الزاد مع الاكثار

وليحسن الانسان في حال السفر

أخلاقه زيادة على الحضر

وليدع عند الوضع للخوان

من كان حاضراً من الاخوان

وليكثر المزح مع الصحب إذا

لم يسخط الله ولم يجلب أذى

من جاء بلدة فذا ضيف على

إخوانه فيها إلى أن يرحلا

يبر ليلتين ثم يأكل

من أكل أهل البيت في المستقبل

والضيف يأتي معه برزقه

فلا يقصر أحد في حقه

يلقاه بالبشر وبالطلاقه

ويحسن القرى بما أطاقه

يدنى اليه كل شيء يجده

ولا يرم ما لا تناله يده

وليكن الضيف بذاك راضي

ولا يكلفه بالاستقراض

وأكرم الضيف ولا تستخدم

وما اشتهاه من طعم قدم

وبالذي عندك للأخ اكتف

لكن إذا دعوته تكلف

٢٠٥

فان تنوقت له فلا يضر

فخيره ما طاب منه وكثر

ويندب الأكل مع الضيف ولا

يرفع قبله يداً لو أكلا

وان يعين ضيفه إذ ينزل

ولا يعينه إذا ما يرحل

وينبغي تشييعه للباب

وفي الركوب الأخذ للركاب

وصاحب الطعام يغسل اليدا

بعد الضيوف عكس غسل الا تبدا

ثم بمن على يمين الباب

كما هو المشهور في الأصحاب

أو أفضل القوم رفيع الشأن

كما قد استحبه ( الكاشاني )

يجمع ماء الكل طشت واحد

لأجل جمع الشمل فهو الوارد

هذا وصلى الله ذو الجلال

على النبي المصطفى والآل

ومن شعره يرثي الامام الحسن السبطعليه‌السلام

ما كان أعظم لوعة الزهراء

فيما به فجعت من الارزاء

كم جرعت بعد النبي بولدها

غصصاً لما نالوا من الأعداء

ما بين مقتول بأسياف العدا

دامي الوريد مرضض الأعضاء

ظمآن ما بل الغليل وشارب

سماً يقطع منه في الأمعاء

بأبي الذي أمسى يكابد علة

ما أن يعالج داءها بدواء

ما ان ذكرت مصابه إلا جرت

عيني وشب النار في أحشائي

ولأن بكت عيني ببيض مدامع

فيحق أن تبكي بحمر دماء

لم أنسه في النعش محمولاً وقد

بدت الشماتة من بني الطلقاء

وأتوابه كيما يجدد عهده

بأبيه أحمد أشرف الآباء

ولرب قائلة الا نحو ابنكم

لا تدخلوا بيتي بغير رضائي

شكوا بأسهم حقدهم أكفانه

وأبوه أن يدنى أشد إباء

٢٠٦

أو كان يرضى المصطفى أن ابنه

يقصى وأن يدنى البعيد النائي

لهفي على الحسن الزكي المجتبى

سبط النبي سلالة النجباء

قاسى شدائد لا أراها دون ما

قاسى أخوه سيد الشهداء

ما بين أعداء يرون قتاله

وبشيعة ليسوا بأهل وفاء

خذلوه وقت الاحتياج اليهم

وقد التقى الفئتان في الهيجاء

صاروا عليه بعد ما كانوا له

ولقوه بعد الرد بالبغضاء

حتى أصيب بخنجر في فخذه

وجراحة بلغت إلى الأحشاء

فشكا لعائشة بضمن الوكة

أحواله فبكت أشد بكاء

حال تكدر قلب عائشة فما

حال الشفيقة أمه الزهراء

لا نجدة يلقى العدو بها ولا

منجى يقيه من أذى الأعداء

ضاقت بها رحب البلاد فاصبحوا

نائين في الدنيا بغير غناء

يتباعدون عن القريب كأنهم

لم يعرفوه خيفة الرقباء

أوصى النبي بودهم فكأنه

أوصى لهم باهانة وجفاء

تبعت أمية في القلا رؤساءها

فالويل للأتباع الرؤساء

جعلوا النبي خصيمهم تعساً لمن

جعل النبي له من الخصماء

فتكوا بسادتهم وهم أبناؤها

لم ترع فيهم حرمة الآباء

فمتى تعود لآل أحمد دولة

تشفى القلوب بها من الأدواء

بظهور مهدي يقر عيوننا

بظهور تلك الطلعة الغراء

صلى الإله عليهم ما اشرقت

شمس النهار واعقبت بمساء

وقال يمدح الشيخ موسى ابن الشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء ويهنئه بداره الكبيرة عام ١٢٢٥ في عهد أبيه. منها

٢٠٧

يا أيها الساعي لكل حميدة

تلك المكارم جئتها من بابها

ما وفق الله امرءاً لفضيلة

إلا وكنت الأصل في أسبابها

بوركت في العلياء يا من بوركت

هي فيه فافتخرت على أترابها

فلبستها تحت الثياب تواضعاً

وتفاخراً لبستك فوق ثيابها

ولكم أناس غير اكفاء لها

خطبت فردتها على أعقابها

فرأوه مهراً غالياً فتأخروا

والعيب كان بخاطبيها لا بها

وأتته خاطبة اليه بنفسها

من بعد ما امتنعت على خطابها

موسى بن جعفر الذي لجنابه

صلحت كما هو صالح لجنابها

ومنها يقول:

دار يفوح اريجها فيشمه الـ

ـنائي ويغمر من يمر ببابها

يلج الملوك الرعب إذ يلجونها

فتحلها والرعب ملء اهابها

حتى ترى من أهلها لو سلمت

حسن ابتسام عند رد جوابها

دار العبادة لم يطق متعبد

ترجيح محراب على محرابها

هم أهل مكتها التي إن يسألوا

عنها فهم أدرى الورى بشعابها

خطباء أعواد أئمة جمعة

أمرا كلام يوم فصل خطابها

وبراعة فعلت باسماع الألى

يصفون فعل الخمر في البابها

ان أوجزت يعجبك حسن وجيزها

أو أسهبت فالفضل في اسهابها

ومنها يقول:

يا ابن الذي يقضي الحقوق جلالة

لله لاطمعا بنيل ثوابها

طلبوا الثواب بها ومطلبه الرضا

شتان بين طلابه وطلابها

٢٠٨

ألقيت نفسك في الحفاظ من العدا

وقصدت وجه الله في اتعابها

علمت أرباب الجهات طرايقاً

للدفع عن اعراضها ورقابها

لولاك ما اعتدوا ولم يك عندهم

لاولئك الاعداء غير سبابها

رابطت اعداءاً ملأت قلوبهم

رهباً جزيت الخير عن إرهابها

وقصيدة زانت بصدق ثنائها

وجزالة الألفاظ باستعذابها

جاءتك تعرب عن صفاء ودادها

ولديك ما يغنيك عن إعرابها

جاءت مهنية بدار سعادة

تتزاحم التيجان في ابوابها

بلغت بأقصى المجد تاريخاً ( الا

دار مباركة على اربابها )

٢٠٩

مسلم بن عقيل الجصاني

لو ان للدهر في حالاته ورعا

حمى حقيقة نجل المصطفى ورعى

درى الردى من بسهم النائبات رمى

فاصبح الدين في مرماه متصدعا

رمى إمام تقى تهدى الانام به

نور النبوة من لألائه لمعا

رمى فتى كان موصولا برحمته

الاسلام والدين منه البر منتجعا

رمى حسيناً اخا الاحسان خير فتى

قد كان في الناس للمعروف مصطنعاً

لئن يعض بنان الحزن من اسف

ندمت ام لافان الأمر قد وقعا

ايبست من دوحة العلياء غصن علا

قد كان من شجر الأيمان مفترعاً

لهفى لمستشهد في الطف مات وما

غليله بل من ماء وما نقعا

٢١٠

الشيخ مسلم الجصاني

المتوفي ١٢٣٥ هجري

هو الشيخ مسلم بن عقيل الجصاني الأصل، النجفي المسكن، عالم أديب وشاعر لبيب.

ولد في جصان وهاجر إلى النجف كما يظهر من آثاره في دور الشباب واتصل بالسيد محمد مهدي بحر العلوم والشيخ جعفر الجناجي فنال المكان اللائق به عندهما وشارك في معركة الخميس مشاركة فعلية، وقد مر ذكره غير مرة في مختلف تراجم أصدقائه أمثال النحوي والزيني والجامعي والفحام واصحابهم من ابطال المعركة.

ذكره صاحب الحصون في ج ٩ ص ٣١٩ فقال: كان فاضلاً اديباً شاعراً بارعاً تقياً نقياً معاصراً لبحر العلوم والشيخ جعفر وله مطارحات مع ادباء عصره وقد رثى السيد صادق الفحام وعثرت له على مرثية للسيد سليمان الحلي ومطارحات مع الشيخ علي بن محمد بن زين الدين التميمي الكاظمي وغيره كما له مراثي كثيرة للامام الحسين (ع) توفي في حدود ١٢٣٥ في النجف ودفن بها: ومن شعره مخمساً والأصل للصاحب بن عباد في مدح الامام اميرالمؤمنين (ع):

ألم تر ان الشهب دون حصى الغري

فعجها الى وادي الغري المطهر

سألتك بالحي المميت المصور

إذا مت فادفني مجاور حيدر

ابا شبر اعني به وشبر

إمام لأهل الجود اعلى مناره

يزيد ندى لا يصطلي الحب ناره

٢١١

ولما استجار الدين يوماً اجاره

فتى لا يذوق النار من كان جاره

ولا يختشي من منكر ونكير

فيا مخمداً حر الوطيس إذا حمى

ومفترساً بالكرليثاً وضيغماً

اتسلم عبداً للولاء قد انتمى

وعار على حامي الحمى وهو بالحمى

إذا ضل في البيدا عقال بعير

وترجم له السيد الامين في الأعيان فقال: الشيخ مسلم بن عقيل الجصاني ابن يحيى بن عبد ان بن سليمان الوائلي الكناني. توفي سنة ١٢٣٠.

٢١٢

الحاج هاشم الكعبي

لو كان في الربع المحيل

برء العليل من الغليل

ربع الشباب ومنزل

الأحباب والظل الظليل

لعب الشمال به كما

لعبت شمول بالعقول

طلل يضيف النازلين

شجاؤه قبل النزول

مستأنساً بالوحش بعد

أوانس الحي الحلول

مستبدلا ربما بريم

آخذ غيلا بغيل

لا يقتضي عذرا ولا

يرتاع من عذل العذول

ومريعة باللوم تلحوني

وما تدري ذهولي

خلي أميمة عن ملامك

ما المعزي كالثكول

ما الراقد الوسنان مثل

معذب القلب العليل

سهران من ألم وهذا

نائم الليل الطويل

ذوقي أميمة ما أذوق

وبعده ما شئت قولي

أو من علمت الماجدين

غداة جدوا بالرحيل

آل الرسول ونعم أكفاء

العلى آل الرسول

خير الفروع فروعهم

وأصولهم خير الأصول

ومهابط الأملاك تترى

بالبكور وبالأصيل

٢١٣

ذللا على الأبواب لا

يعدون إذنا للدخول

أبداً بسر الوحي

تهتف بالصعود وبالنزول

عرف الذبيح بهم وما

عرفت قريش بالفضول

من مالك خير البطون

وصنوه خير القبيل

من هاشم البطحاء لا

سلفي نمير أو سلول

من راكبي ظهر البراق

وممتطي قب الخيول

من خارقي السبع الطباق

ومخرسي العشر العقول

من آل أحمد رحمه

الأدنى ومغرسه الأصيل

ركبوا إلى العز المنون

وجانبوا عيش الذليل

وردوا الوغى فقضوا وليس

تعاب شمس بالأفول

هيهات ما الصبر الجميل

هناك بالصبر الجميل

او ما سمعت ابن الببتولة

لو دريت ابن البتول

إذ قادها شعث

الننواصي عاقدات للذيول

طلق الأعنة عاطفات

بالرسيم على الذميل

يطوي بها متن الوعور

معارضا طي السهول

متنكب الورد الذميم

مجانب المرعى الوبيل

طلاب مجد بالحسام

العضب والرمح الطويل

متطلباً أقصى المطالب

خاطب الخطب الجليل

يحدو مأثر قاصراً

عن منتهاها كل طول

شرف تورث عن وصي

أو أخي وحي رسول

ضلت أمية ما تريد

غداة مقترع النصول

رامت تسوق المصعب الهدار

مستاق الذلول

٢١٤

ويروح طوع يمينها

قود الجنيب أبو الشبول

وغوى بها جهل بها

وألغي من خلق الجهول

لف الرجال بمثلها

وثنى الخيول على الخيول

وأباحها عضب الشبا

لا بالكهام ولا ألكليل

خلط البراعة بالشجاعة

فالصليل عن الدليل

للسانه وسنانه

صدقان من طعن وقيل

قل الصحابة غتير أن

قليلهم غير القليل

من كل أبيض واضح الحسبين

معدوم المثيل

من معشر ضربوا الخبا

في مفرق المجد الأثيل

وعصابة عقدت عصابة

عزهم كف الجليل

كبني علي والحسين

وجعفر وبني عقيل

وحبيب الليث الهزبر

ومسلم الأسد المديل

آحاد قوم يحطمون

الجمع في اليوم المهول

ومعارضي أسل الرماح

بعارض الخد الأسيل

يمشون في ظلل القنا

ميل المعاطف غير ميل

وردوا على الظماء الردى

ورد الزلال السلسبيل

وثووا على الرمضاء من

كاب ومنعفر جديل

وسطا العفرنى حين أفرد

شيمة الليث الصؤول

ذات الفقار بكفه

وبكتفه ذات الفضول

وابو المنية سيفه

وكذا السحاب أبو السيول

غرثان أورث حده

ضرب الطلى فرط النحول

صاح نحيل المضربين

فديت للصاحي النحيل

٢١٥

غيران ينتقد الكمي

فليس يقنع بالبديل

يا ابن الذين توارثوا

العليا قبيلا عن قبيل

والسابقين بمجدهم

في كل جيل كل جيل

والطاعني ثغر العدى

والمانعي ضيم النزيل

إن تمس منكسر اللوى

ملقى على وجه الرمول

فلقد قتلت مهذبا

من كل عيب في القتيل

جم المناقب لم تكن

تعطي العدى كف الذليل

كلا ولا أقررت إقرار

العبيد على الخمول

يهدى لك الذكر الجميل

على الزمان المستطيل

ما كنت إلا السيف أبلته

الضرائب بالفلول

والليث أقلع بعد ما

دق الرعيل على الرعيل

والطود قد جاز العلو

فلم يكن غير النزول

والطرف كفكف بعدما

غلب الجياد على الوصول

والشمس غابت بعدما

هدت الأنام إلى السبيل

والماجد الكشاف

للكربات في الخطب الثقيل

حاوي الثناء المستطاب

وكاسب الحمد الجزيل

بابي وأمي أنتم

من بعدكم للمستنيل

لادر بعدكم الغمام

ولا سقى ربع المحيل

من للهدى من للندى

من للمسائل والسؤول

رجعت بها آمالها

عن لا نوال ولا منيل

فغدت وعبرتها تسح

وقلبها حلف الغليل

ثكلى لها الويل الطويل

شجى وإفراط العويل

٢١٦

يا طف طاف على مقامك

كل هتان هطول

وأناخ فيك من السحاب

الغر مثقلة الحمول

وحباك من مر النسيم

بكل خفاق عليل

أرج يضوع كأنه

قد بل بالمسك البليل

حتى ترى خضر

المرابع والمراتع والفصول

كاسي الروابي والبطاح

مطارفا هدل الذيول

قسما بتربة ساكنيك

وما بضمنك من قتيل

أنا ذلك الظامي وصاحب

ذلك الدمع الهطول

لا بعد ينسيني ولا

قرب يبرد لي غليلي

يا خير من لاذ القربض

بظل فخرهم الظليل

وأجل مسؤول أتاه

فنال عاف خير سول

لكم المساعي الغر

والعلياء لامعة الحجول

والمكرمات وما أشاد

الدهر من ذكر جميل

وجميع ما قال الأنام

وما تسامى من مقول

والمدح في أم الكتاب

وما أتى عن جبرئيل

وثناي أقصر قاصر

وأقل شيء من قليل

والعجز ذنبي لا عدو

لي عن أخ البر الوصول

وأنا المقصر كيف كنت

فهل لعذر من قبول

وأرى الكمال بكم فمدح

الفاضلين من الفضول

صلى الإله عليكم

ما جد ركب في رحيل

٢١٧

الحاج هاشم الكعبي

الحاج هاشم بن الحاج حردان الكعبي الدورقى. ولد ونشأ في ( الدورق ) مسكن عشائر كعب بن الأهواز ثم سكن كربلاء والنجف، توفى سنة ١٢٣١.

والكعبي نسبة إلى قبيلة كعب العربية التي تسكن الأهواز ونواحيها، من فحول الشعراء وفي طليعتهم ونظم في رثاء أهل البيتعليهم‌السلام فأكثر وأبدع وأجاد، واحتج وبرهن وأحسن وأتقن، وكل شعره من الطبقة الممتازة.

تحفظ الخطباء شعره وترويه في مجالس العزاء وتشنف به الأسماع. له ديوان أكثره في الأئمةعليهم‌السلام . ومن شعره المقصورة وكأنه عارض بها مقصورة ابن دريد التي تنيف على مائتين وخمسين بيتاً يذكر في أولها حكماً وأمثالا وفي وسطها حماسة وفي آخرها مديح أهل البيتعليهم‌السلام واحداً بعد واحد أولها:

يا بارقا لاح على أعلى الحمى

أأنت أم أنفاس محروق الحشا

قال الشيخ أغا بزرك الطهراني: الحاج هاشم بن حردان بن اسماعيل الكعبي الدورقي من العلماء الفضلاء والشعراء والمشاهير، هاجر من الدورق إلى كربلاء فحضر على علمائها عدة سنين وصار من أهل والفضل والعلم البارزين وبرع في الشعر وفنون الأدب حتى عد في مصاف شيوخه والمشاهير من أعلامه وله ديوان كبير ومعظم شعره في رثاء أهل البيتعليهم‌السلام ، ولا سيما مراثي سيد الشهداءعليه‌السلام وشعره رقيق منسجم، ولم أقف على مشايخه

٢١٨

ويحتمل أن يكون من تلاميذ الشيخ حسين العصفوري. رأيت بخطه ( هداية الأبرار ) للشيخ حسين بن شهاب الدين الأخباري كتبه لنفسه ودعا لها بالتوفيق وتاريخ فراغه منه سنة ١٢٠٧ توفى سنة ١٢٣١. انتهى عن ( الكرام البررة ).

لقد مضى على وفاة الشاعر الكبير أكثر من مائة وستين عاماً وشعره يعاد ويكرر في محافل سيدالشهداء ويحفظه المئات من رجال المنبر الحسيني وهو مقبول مستملح بل نجد الكثير يطلب تلاوته وتكراره وكأن عليه مسحة قبول وهذا ديوانه الذي يضم بين دفتيه عشرين قصيدة حسينية أو أكثر لقد طبع وأعيدت طبعاته والطلب يتزايد عليه، فهذه رائعته التي عدد فيها مواقف الإمام أمير المؤمنين البطولية تهتز لها القلوب وتدفع بالجبناء ليكونوا شجعاناً وتنهض بهممهم ليصبحوا فرساناً وهي تزيد على ١٥٠ بيتاً ففي مطلعها يقول:

أرأيت يوم تحملتك القودا

من كان منا المثقل المجهودا

إلى أن يصف مفاداة الإمامعليه‌السلام للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ومبيته على فراشه ليلة الهجرة فيقول:

ومواقف لك دون أحمد جاوزت

بمقامك التعريف والتحديدا

فعلى الفراش مبيت ليلك والعدى

تهدي إليك بوارقا ورعودا

فرقدت مثلوج الفؤاد كأنما

يهدي القراع لسمعك التغريدا

فكفيت ليلته وقمت مفادياً

بالنفس لا فشلا ولا رعديدا

واستصبحوا فرأوا دوين مرادهم

جبلاً أشم وفارساً صنديداً

رصدوا الصباح لينفقوا كنز الهدى

أو مادروا كنز الهدى مرصودا

٢١٩

وقال:

وغداة بدر وهي أم وقائع

كبرت وما زالت لهن ولودا

فالتاح عتبة ثاوياً بيمين من

يمناه أردت شيبة ووليدا

فشددت كالليث الهزبر فلم تدع

ركناً لجيش ضلالة مشدوداً

ولخيبر خبر يصم حديثه

سمع العدى ويفجر الجملودا

يوم به كنت الفتى الفتاك

والكرار والمحبو والصنديدا

من بعد ما ولى الجبان

براية الإيمان تلتحف الهوان برودا

ورأتك فابتشرت بقربك بهجة

فعل الودود يعاين المدودا

فغدوت ترقل والقلوب خوافق

والنصر يرمي نحوك الأقليدا

وتبعتها فحللت عقدة تاجها

بيد سمت ورتاجها الموصودا

وجعلته جسراً فقصر فاغتدت

طولى يمينك جسرها الممدودا

وأبحت حصنهم المشيد ولم يكن

حصن لهم من بعد ذاك مشيدا

وفي آخرها يتخلص لبطولة الإمام الحسين يوم كربلاء إلى أن يقول:

لله مطروح حوت منه الثرى

نفس العلى والسؤدد المفقودا

ومجرح ما غيرت منه القنا

حسناً ولا أخلقن منه جديدا

قد كان بدراً فاغتدى شمس الضحى

مذ ألبسته يد الدماء لبودا

يا بن النبي الية من مدنف

بعلاك لا كذباً ولا تفنيدا

ما زال سهدي مثل حزني ثابتاً

والغمض مثل الصبر عنك طريدا

تأبى الجمود دموع عينى مثلما

يأبى حريق القلب فيك خمودا

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336