أدب الطف الجزء ٦

أدب الطف0%

أدب الطف مؤلف:
الناشر: دار المرتضى للنشر
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 336

أدب الطف

مؤلف: العلامة السيد جواد شبر
الناشر: دار المرتضى للنشر
تصنيف:

الصفحات: 336
المشاهدات: 106749
تحميل: 7501


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 336 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 106749 / تحميل: 7501
الحجم الحجم الحجم
أدب الطف

أدب الطف الجزء 6

مؤلف:
الناشر: دار المرتضى للنشر
العربية

الشيخ عمر رمضان الهيتي الاصل البغدادي المسكن

جاء في المسك الأذفر:

كان في معرفة اللغة العربية لا يطاول وفي معرفة وقائع العرب لا يساجل قرأ سائر العلوم وبرع في المنقول والمفهوم ولا سيما فن الأدب ومعرفة كلام العرب لقد كان يشار اليه فيهما بالبنان، ولا يختصم في ذلك اثنان، وكان في الخط ابن مقلة، وبذلك اعترف كبار زمانه وأقروا له، وقد كتب كثيراً من الكتب الفريدة وجمع بخطه اللطيف عدة مجامع مفيدة وكان له شعر فصيح، وقعت بينه وبين الشاعر الشهير السيد عبدالغفار منافرات ومشاجرات، أفضت بهما إلى المهاجات، فهجا كل منهما صاحبه وعدد عليه عيوبه ومثالبه، وهذه شنشنة من مضى من الآباء وسبق، كما وقع مثل ذلك بين جرير والفرزدق، ولو لا خوف الأطناب لأثبتنا ذلك في هذا الكتاب، ولما انتقل المترجم إلى رحمة الله أسف عليه السيد عبدالغفار غاية الأسف ورثاه بهذه القصيدة

رمينا بأدهى المعضلات النوائب

وفقد الذي نرجو أجل المصائب

إلى أن قال:

فمن لفؤاد راعه فقد إلفه

فاصبح من أشجانه نهب ناهب

وجفن يهل الدمع من عبراته

على طيب الأعراق وابن الاطايب

على عمر الرمضان ذي الفضل والنهى

أحاطت بي الأحزان من كل جانب

٣٠١

أذابت عليه يوم مات حشاشتي

وأمسيت في قلب من الحزن ذائب

بكيت وما يجدي الحزين بكاؤه

وضاقت علي الأرض ذات المناكب

فتى كان فينا حاضراً كل نكبة

فغاب ولكن ذكره غير غائب

وقد كان مثل الشهد يحلو وتارة

لكالصل نفاثاً سموم العقارب

وكم أخبر التجريب عن كنه حاله

ويظهر كنه المرء عند التجارب

لسان كحد السيف ماض غراره

وأمضى كلاحاً من شفار القواضب

وكم صاغ من تبر القريض جمانة

وأفرغ معناه بأحسن قالب

وزانت قوافيه من الفضل أفقه

فكانت كأمثال النجوم الثواقب

وادرك فضل الأولين بما اتى

فقصر عن إدراكه كل طالب

معان بنظم الشعر كان يرومها

أدق إذا فكرت من خصر كاعب

فتى كان يصميني الردى في حياته

ولما توفي كان أدهى مصائبي

فتى ظلت أبكي منه حياً وميتاً

أصبت على الحالين منه بصائب

رعيت له من صحبة كل واجب

ولو كان حياً ما رعى بعض واجبي

سقى الله قبراً ضمه مزنة الحيا

وبلغ في الجنات أعلى المراتب

ولا زال ذاك القبر ما ذر شارق

تجود عليه ذاريات السحائب

توفي رحمه الله تعالى في نيف وخمسين بعد المائتين والألف.

وجاء في سمير الحاظر وأنيس المسافر للشيخ علي كاشف الغطاء ص 310 قال:

مما كتبه المرحوم عمي الشيخ حسن إلى السيد عمر رمضان ولم تقف على أبيات نفس الأسم وهي على سبيل المداعبة.

سلام من محب ليس يسلو

هواك وان تقادمت الليالي

٣٠٢

يحن الى لقاك حنين صادِ

قضى ظمأ الى الماء الزلال

دعاه منه داعي الشوق لما

نوى ضعنا وهم على ارتحال

فكتب السيد عمر في جوابه

شبيه أبيه في عمل وعلم

ويا من لم يزل حسن الفعال

يعز علي والرحمن أني

أرى منك الديار غدت خوالي

خلت منك الديار وان قلبي

وحقك من ودادك غير خالي

سألبس بعد بعدك ثوب حزن

جديد ليس تبليه الليالي

نعم أو أن تهيء لي خيالا

لطيفك لست أقنع بالخيال

٣٠٣

علي بن حبيب التاروتي

احبس ركابك ساعة يا حادي

ذي كربلا فانشق عبير الوادي

لله أشكو زفرة لم يطفها

دمع بصوب كمستهل غوادي

ما لي أراك ودمع عينك جامد

أو ما سمعت بمحنة السجاد

قلبوه عن نطع مسجى فوقه

فبكت له أملاك سبع شداد

وفي آخرها

ابلغ علوج أمية وسمية

أهل الفساد وعصبة الالحاد

وقل اعملوا ما شئتم وأردتم

إن الإله لكم لبا لمرصاد

جاء في أنوار البدرين: هو الشيخ علي بن محمد بن حبيب التاروتي القطيفي كان من شعرائها المجيدين والفصحاء المادحين الراثين وهو أيضاً من العلماء الفاضلين إلا أني لم اطلع على حقيقة أحواله، وذكر له الشيخ يوسف البحراني في ( الكشكول ) قصيدة مطولة عدد فيها مواقف أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، وترجم له العلامة المعاصر الشيخ علي المرهون في كتابه ( شعراء القطيف ) وقال: توفي سنة 1250 أقول ولا بد أن تكون وفاته قبل هذا التاريخ لأنه قال في ترجمته ما نصه: ذكره الشيخ يوسف البحراني في كشكوله فاطرة، وإذا علمنا أن الشيخ يوسف كانت وفاته 1186 أي قبل المترجم بـ 64 سنة ثبت لنا كونه حياً قبل هذا التاريخ.

٣٠٤

الشيخ صادق العاملي

المتوفي 1250

عرج على شاطي الفرات ميمماً

قبر الأغر أبي الميامين الغرر

قبر ثوى فيه الحسين وحوله

أصحابه كالشهب حفت بالقمر

مولى دعوه للهوان فهاجه

والليث ان أحرجته يوماً زأر

فانساب يختطف الكماة ببارق

كالبرق يخطف بالقلوب وبالبصر

صلى الإله على ثراك ولم يزل

روض حللت حماه مطلول الزهر

لم نعثر له على ترجمة وافية سوى أنه توفي بقرية الطيبة من جنوب لبنان وانه عالم فاضل، أديب شاعر ومعروف بالشيخ صادق بن ابراهيم بن يحيى العاملي

٣٠٥

حبيب بن طالب البغدادي

خل النسيب فلست بالمرتاد

لهو الحديث بزينب وسعاد

مالي وكاعبة تكلفني الهوى

شتان بين مرادها ومرادي

واذكر مصاب الطف فهي رزية

فصم الضلال بها عرى الارشاد

يوم أصاب الشرك فيه حشى الهدى

بمسدد الأضغان والأحقاد

يوم غدا فيه على رغم العلا

رأس الحسين هدية ابن زياد

الله اكبر ياليوم في الورى

لبست به الأيام ثوب حداد

يوم به عجت بنات محمد

من مبلغ عنا النبي الهادي

أما الحسين ففي الوهاد وإننا

في الإسر والسجاد في الأصفاد

أهون بكل رزية إلا التي

صدعت بعاشوراء كل فؤاد

لك في جوانحنا زعازع لم تزل

منها تصب من الجفون غوادي

مولاي يا من حبه وولاؤه

حرزي ومدخري ليوم معادى

أينال مني ما علمت شفاءه

ويريد لي سوءاً وأنت عمادي

وعليكم صلى المهيمن ما سرت

نيب الفلا وحدا بهن الحادي

٣٠٦

حبيب بن طالب البغدادي

الشيخ حبيب ابن الشيخ طالب بن علي بن احمد بن جواد البغدادي الكاظمي مسكنا الشيبي المكي أصلا نزيل جبل عاملة كان حياً سنة 1249 شاعر مجيد متفنن خفيف الروح يجمع شعره الرقة والانسجام وأنواع الطرائف. أصله من الكاظمية سكن جبل عاملة ثم عاد إلى الكاظمية وتوفى هناك له شعر كثير ومن شعره قصائد في مدح أهل البيتعليهم‌السلام .

قال الشيخ الطهران في طبقات أعلام الشيعة: هاجر إلى جبل عامل فسكنها وصحب أمراء البلاد ومدحهم بقصائد جيدة ثم عاد إلى العراق في سنة 1243 من ( تبنين ) فنظم أرجوزة طويلة ضمنها ما لاقاه في طريقه وجعلها بمثابة الرحلة أرخ فيها ابتداء سفرته من دمشق وسامراء والكاظميين وكربلاء والنجف وغيرها. رأيناها ضمن مجموعة شعرية. فوفاة المترجم بعد التاريخ ورأيت من شعره ما يدل على حنينه إلى بلده كقوله في آخر قصيدة:

وطني يعز علي إلا أنه

ألف السهام البعد من جور القسي

إن جئتم دار السلام فبلغوا

عني السلام أولى المحل الأقدس

واشرح لهم متن الصحيفة قائلا

إني حملت صحيفة المتلمس

٣٠٧

وقال في أهل البيتعليهم‌السلام :(1)

بني النبي لكم في القلب منزلة

بها لغير ولا كم قط ما جنحا

يلومني الناس في تركي مديحكم

وكم زجرت بكم من لامني ولحا

عذراً بني المصطفى إن عنكم جمحت

قريحتي وهي مثل الزند مقتدحا

فلا أرى الوهم والأفهام مدركة

ما عنون الذكر من أسراركم مدحا

سبقتم الناس في علم ومعرفة

والأمر تم بكم ختماً ومفتتحا

وأنتم كلمات الله إذ رفعت

وآدم مذ تلقى عهدها نجحا

بها عني الذكر في لو كان ما نفدت

فكيف تنفذها أبيات من مدحا

وعندكم علم ما في اللوح مرتسخ

وما جرى قلم الباري به ومحا

لكنما الناس في عشواء خابطة

ليلاً وآثاركم في المعجزات ضحى

إن شاهدوا الحق فيما لا تحيط به

عقولهم جعلوا للحق منتزحا

تجارة الله لم تبذل نفائسها

إلا لمن كان عن غش الهوى نزحا

وربما خاضت الألباب إذ شعرت

ومضاً من النور دون السترقد لمحا

شاموا ظواهر آيات لها وقفت

ألبابهم غير أن الوهم قد شرحا

وهم على خوض ما ألفوه من أثر

كمثل أعمش من بعد رأى شبحا

فليس يدري لتشعيب الظنون به

أسانحاً ما رأى أم بارحاً سرحا

وكلما شيم من آثار معجزة

فإنها رشح ما عن فيضكم طفحا

فالحجب عن سعة الآثار ما بخلت

والحكم في صفة الأسرار ما سمحا

أدنى المديح لكم أن قيل خادمكم

جبريل والملأ الأعلى بكم صلحا

نجا بأسمائكم نوح فقيل لكم

سفن النجاة وأمر الله ما برحا

ورب مدح لقوم عنكم جنحوا

أنشدته حيث عذري كان متضحا

نأتي من الوصف ما لا يدر كون له

معنى ولا شربوا من كاسه قدحا

ولو أتيناهم في حق وصفهم

لأوهم الناس أن الروم قد فتحا

فأين هم عن مدى القوم الذين لهم

صنع المهيمن ممن خف أو رجحا

__________________

1 - عن أعيان الشيعة

٣٠٨

وقال لما زار بسامراء مرقد الإمامين العسكريين سلام الله عليهما:

لله تريك سامراء فاح به

ريح النبوة إشماما وتعبيقا

هنئت يا طرف فيما متعتك به

يد المواهب تأييداً وتوفيقا

لم يطرق العقل باباً من سرائرهم

إلا وكان عن الأفهام مغلوقا

وفي المعاجز والآثار تبصرة

لرائم غرر الإيضاح تحقيقا

هذا الكتاب فسله عنهم فبه

صراحة المدح مفهوماً ومنطوقا

أبصر بعينيك واسمع واعتبر وزن

المعقول واختبر المنقول توثيقا

وجل بطرفك أيماناً وميسرة

وطف بسعيك تغريباً وتشريقا

فهل ترى العروة الوثقى بغيرهم

حيث الولاء إذا بالغت تدقيقا

وهل ترى نار موسى غير نورهم

وهل ترى نعتهم في اللوح مسبوقا

وهل ترى صفوة الآيات معلنة

لغيرهم ما يؤود الفكر تشقيقا

قوم إذا مدحوا في كل مكرمة

قال الكتاب نعم أو زاد تصديقا

أضحى الثناء لهم كالشمس رأد ضحى

وبات في غيرهم كذباً وتلفيقاً

إني وإن قل عن أوصافهم خطري

وهل ترى زمناً ينتاش عيوقا

تعساً لقوم تعامت عن سنا شهب

إيضاحها طبق الأكوان تطبيقا

إن الإمامة والتوحيد في قرن

فكيف يؤمن من يختار تفريقا

يا من إليهم حملت الشوق ممتطيا

أقتاب دجلة لا خيلا ولا نوقا

الماء يحملني والنار أحملها

من لاعج الوجد تبريحاً وتشويقا

أنتم رجائي وشوقي كل آونة

وأنتم فرجي مهما أجد ضيقا

في يوم لا والد يغني ولا ولد

ولا يفرج وفر المال تضييقا

٣٠٩

حسن التاروتي

المتوفي سنة 1250

اللراعبية بالأجرع

صبابة وجد فلم تهجع

أم استوجدت وأتت مورداً

تمضمض منه ولم تكرع

أجارتنا ليس دعوى الأسى

بأن تخضبي الكف أو تسجعي

إلي حمامة جرع الحمى

فليس الشجي كمن يدعى

فأما استطعت حنيناً له

يلف الحنايا والإدعى

ودمع إذا فار تنوره

دماً لم أقل يا جفوني أقلعي

عذيري من فادح كلما

صغى مسمعي شب في أضلعي

وقائلة وزعيم الأسى

يسدد عن قولها مسمعي

أتعنف عينيك في أربع

فقلت وعن عنفي أربعي

سلي أن جهلت ولما تعي

بأن ابن فاطمة قد نعي

غداة رأى الدين في خامل

يجر قناه ولم يرفع

وداع دعاه ائتنا للهدى

ولم يك هيابة إذ دعي

ومن حوله تبع إن دعا

فما حمير من دعا تبع

٣١٠

كان النجوم بهم تهتدي

إذا حلها البدر في مطلع

فحل بوادي الندى لم يجد

أخا ثقة فيه لم يخدع

فما اسطاع من بينهم مرجعاً

وما كان في الأمر بالمرجع

فقالوا أطعنا يزيداً فكن

له طائعاً وامض في مهيع

فقال أطعتم ولما أطع

له وسمعتم ولم أسمع

أبى الله يخضع جيدي له

وسيفي بكفي وجدي معي

فبات وباتوا ومن بينهم

مواعدة القرع بالأقرع

فوطا قلوب ذويه على

لقا أروع في تقى أورع

فمذ دعت الحرب أقرانها

وقارنت العضب بالأخدع

رأيت أولئك من دارع

يؤم الهياج ومن أدرع

دعوا للرماح الا فاشرعي

وبيض الصفاح ألا فاقطعي

يا خيلنا قد أعدت الدجى

فغيبي به تارة واطلعي

فوفى الذمام وأعلى الوفا

نفوس أسيلت على اللمع

وظل فتى لم تهله الألوف

ولا بالفروقة في المجمع

يرد الكماة كذي لبدة

أغار بسائمه رتع

فليت وما ليت من عله

ولا غالك السهم بالمنقع

ولا شمر الشمر من جهله

لذبحك عن ساعد أكوع

ولا كرت الخيل إصدارها

بمقدس صدرك والأضلع

وياليت فارع رمح بدا

ينؤ برأسك لم يرفع

فقل للسماء وداراتها

وقد وقع القطب منها قعي

وللشهب إن فاخرتك التلاع

فردي النقاب على البرقع

إذا كان نورك من نور من

تلألأ فيها فلا تلمع

متى أشرق البدر في تلعة

وقد كان في الفلك الأرفع

وصارخة إن أراد الحيا

لها الخفض قال أساها أرفع

أتت نحوه وبأحشائها

جوى يوقد النار بالمدمع

٣١١

تقول أخي يا حمي الثغور

غريب بعفرك والأربع

أراك جديلا ويوم الجلاد

بغير قراعك لم يقنع

تغيم فتمطر هام الكماة

وترعد في بارق اللمع

أبيح حماك فلا تمتطي

وبح المنادي فلم تسمع

علام ترشفت من شفرة

مذاقة كاس طلا مترع

لعلك حين هجرت الديار

وآنست فدفدة البلقع

وكلت بأهليك قلب العطوف

واسكنتهم بحمى الأمنع

فخل السرى يا ركاب الوفود

فخبر من السير أن ترجع

فما في القرى لك من مطعم

وما في الثرى لك من مطمع

كان لم يشرع باب الندى

بهن أو الدين لم يشرع

* * *

فيا راكباً ظهر مجدولة

شأت أربع الريح في أربع

تجافى الأباطح حزم الحزوم

وجرعها حزم الأجرع

إذا لمعت نار طور الغري

فأنت بوادي طوى فاخلع

وصل وسلم وصل واستلم

لقدس أبي الحسن الأنزع

وناد وقل يا زعيم الصفوف

ويا قطب دائرة الأجمع

قعدت وفي الطف أم الخطوب

تقعقع في ضنك الموقع

جثت فجثا بازاها بنوك

على ركب قط لم ترفع

فلما تضايق مد السيوف

كمشتبك الأصبع الأصبع

أبيدوا فغصت بهم بقعة

بها غص منهم فم الأبقع

أثر نقعها فحسين قصي

لها رغبة العين والمسمع

فقم فانتظارك ممدودة

وغلة أحشاه لم تقنع

وقد وترته أكف الترات

فأغرقت الرمي بالمنزع

إذا قعد الشمر في صدره

فما لقعودك من موضع

إلام وأهلوك في مهلك

وشمل بناتك لم يجمع

٣١٢

أقام القطيع على رأسها

مقام الملائة والملفع

واقمار أوجههن الذراع

منازلها عوض البرقع

إذا ما اشتكين الظما والطوى

وعز الغياث على المفزع

تنوح الجياع على الساغبات

وتبكي السواغب للجوع

كشكوى الفصال من المرضعات

ونوح الفصيل على الرضع

ألا وأباها واين الغيور

يراهن في السبي كالزيلع

ينازع أجيادها ما جمعن

وجامعة الأسر لم تنزع

تأن من الاين والاغتراب

ينوء بها غارب الأضلع

٣١٣

الشيخ حسن التاروتي

الشيخ حسن التاروتي من نوابغ الشعراء، اشتهر بجودة الشعر، وهو حسن ابن محمد بن مرهون التاروتي، جزل اللفظ جيد السبك، ولعلك تعجب إذا علمت بأنه كان يصيد السمك ويمتهن ذلك ويقوت من الزراعة والسقاية ويتحدث الناس عنه بأنه كان مضيافاً سخي النفس كما كان جميل الوجه حسن الصورة توفى في أواسط القرن الثالث عشر.

فمن شعره في الرثاء:

لمن الشموس الطالعات على قبا

كالشهب إلا أنها فوق الربى

تصبو لها ألبابنا فكأنها

هي معصرات الصفو من عصر الصبا

من لي وقلبي ضاع يوم سويقة

ما بين أفراس الهوادج والخبا

من مبلغ عني الشباب بأنني

من بعده ما عدت إلا شيبا

ضيعت فيه فما بصحف صحيفتي

للحافظين علي إلا مذنبا

أضنتني الأعباء إلا أنني

متمسك بولاء أصحاب العبا

قوم جعلت ولائهم ومديحهم

هذاك معتصماً وهذا مكسبا

أنوار قدس حيث لا فلك يدور

ولا صبح يعاقب غيهبا

ومهللين مكبرين وآدم

من مائه والطين لن يتركبا

نزل الكتاب عليهم فقضوا به

وأبان فضلهم العظيم وأعربا

سلوا له سيفاً وقادوا مقنباً

فعلوا بما فعلوا ونافوا مقنبا

٣١٤

حازوا العلى فاقوا الملا شرعوا الهدى

بلو الصدى نصبو الحبا لزموا الإبا

ما للثناء عليهم وبمدحهم

طه تنوه والمثاني والنبا

سل عنهم الأعراف والأحقاف

والأنفال واسأل هل أتى واسأل سبا

يغنيك قول الله عن ذي مقول

ومديحه عمن أطال وأطنبا

هذا هو الشرف الذي أسرى لهم

من عبد شمس كل عضو كوكبا

حسدوهم نيل المعالي إذ غدوا

أعلى الورى نسباً وأعلى منصبا

ما ذنب أحمد إذ أتى بشريعة

هلا أتوا أصفى للشرايع مشربا

ورضوا بما قد قال في خم وقد

نصب الحدائج ثم قام ليخطبا

فدعا علياً قائلاً من كنت

مولاه فذا مولاه طوعاً أو إبا

ما زال حتى بان من أبطيهما

بلج أراه الجاحد المتريبا

ولووا ببيعته على أعناقهم

حبلاً بآفة نقضهم لن يقظبا

والله لو أوفوا بها لتدفقت

بركاتها غيثا عليهم صيبا

لو لم يحلوا عهدها حل العهاد

بها وما اعتاضوا جهاماً خلبا

من عاذري منهم وقد حسدوا بها

أولى البرية بالنبي وأقربا

الحاكم العدل الرضي المرتضى

العالما لعلم الوصي المجتبى

أسماهم مجداً وأزكى محتداً

وأعفهم أماً وأكرمهم أبا

وأبرهم كفا وأنداهم يداً

واسدهم راياً وأصدقهم نبا

وتقدموه بها ولم يتقدموا

لما رئوا عمر بن ود ومرحبا

في يوم جدل ذا وذاك بضربة

لا خائفاً منها ولا مترقبا

عدلت ثواب العالمين وبوئت

جمع الضلالة خاسراً ما ثوبا

وأبيه لولا بسطة من كفه

دخلوا بها ما أخرجوه ملببا

وتهضموه كاظما حتي قضي

في فرضه بمهند ماضي الشبا

ودعوا إلى حرب الحسين مضلة

الأهواء فاتبعوا السواد الأغلبا

فأتوه لم يرض الهوادة صاحباً

فيهم ولا أعطى المقادة مصحبا

في قتية شرعوا الذوابل والقنا

وتدرعوا وعلوا جياداً شزبا

٣١٥

من كل مخترق العجاج تخاله

فيما أثار من العجاجة كوكبا

ليث قد اتخذ القنا غيلاً كما

كانت له بيض الصوارم مخلبا

ورئوا طوال السمر حين تبوئت

عطفا فظنوها الحسان إلا كعبا

عشقوا القصار البيض لما شاهدوا

بدم الفوارس خدهن مخضبا

حفظوا ذمام محمد إذ لم يروا

عن آله يوم الحفيظة مذهبا

بأبي بأفلاك الطفوف أهله

كانت لها تلع البسيطة مغربا

وبقى الحسين الطهر في جيش العدا

كالبدر في جنح اظلام تحجبا

يسطو بعضب كالشهاب فتنثني

من باسه كالضان وافت أشهبا

عذراً إذا نكصوا فراراً من فتى

قد كان حيدرة الكمي له أبا

هذاك أطعمهم ببدر ممقراً

وبكربلا هذا أغص المشربا

يا من أباح حمى الطفوف بعزمة

ما كان في خلد اللقا أن تغلبا

وأعاد أعطاف السيوف كسيرة

يوم الضراب وفل منها المضربا

كيف افترشت عرى البسيطة هل ترى

أن الحضيض علا فنال الأخشبا

أو زلزلت لما قتلت وأرسيت

بك إذ يخاف على الورى أن يقلا

لم لا وقاك الدهر مولاك الذي

ما فيه من سبب فمنك تسببا

هلا ترى الدنيا بأنك عينها

لم لا وقت عنها لئلا تذهبا

ما للردى لم لا تخطاك الردى

والخطب هلا عن علاك تنكبا

أترى درى صرف الزمان وريبه

ما ذاك حجبه المنون وغيبا

أترى له ترة عليك وللردى

وتراً فراقبه وذاك تطلبا

قل للمثقفة الجياد تحطمي

وتبوئي بالكسر يا بيض الضبا

والجاريات تجر فضل لجامها

قد آن بعد صهيلها أن تنحبا

من ذا يوم هياجها، من ذا يثير

عجاجها، من ذا يقود المقنبا

لا يطلب الوفد الثرى وعلى الثرى

مثواك قد ملأ التراب المتربا

يا محكمات البينات تشاكلي

قد أمسك الداري الخبير عن النبا

٣١٦

قد أظلم النادي وضل عن الهدى

سارنحى منهاجه وتشعبا

من أين للساري النجا ودليله

في الهالكين ونجمه الهادي خبا

رزء متى استنهضت سلواني له

والصبر ذاك أبا، وهذا أنبا

وحصان خدر ما تعودت الأسى

من قبل أن يلج الحصان المضربا

قامت تردد رنة لو أنها

في القاسيات الصم كانت كالهبا

منهلة العبرات لو لا أنها

جمر لقام بها الكلا واخصوصبا

تدعو وقد طافت بمصرع ماجد

أبت المعالي أن تراه متربا

٣١٧

ابراهيم بن نشرة البحراني

بعد سنة 1250

هلا وفيت بأن قضيت كما وفى

صحب ابن فاطمة بشهر محرم

قوم ترى لسيوفهم وأكفهم

في الخصم والعافين واضح ميسم

من كل وضاح الفخار لهاشم

يعزى علا ولآل غالب ينتمي

تخذ المواضي حلية وثباته

ثقة له عن صارم أو لهذم

وإذا هم سمعوا الصريخ تواثبوا

ما بين سابق مهره أو ملجم

نفر قضوا عطشاً ومن أيمانهم

ري العطاش يجنب نهر العلقمي

أسفي على تلك الجسوم تقسمت

بيد الظبا وغدت سهام الأسهم

قد جل بأس ابن النبي لدى الوغى

عن أن يحيط به فم المتكلم

إذ هد ركنهم بكل مهند

وأقام مائلهم بكل مقوم

ينحو العدى فتفر عنه كأنهم

حمر تنافر عن زئير الضيغم

ويسل أبيض في الهياج كأنه

صل تلوى في يمين غشمشم

قد كاد يفني جمعهم لولا الذي

قد خط في لوح القضاء المحكم

حتى إذا ضاق الفضاء بعزمه

ألوى به للحشر غير مذمم

سهم رمى أحشاك يابن المصطفى

سهم كبد الهداية قد رمى

يا ثم زولي يا صفاح تثلمي

يا فعم غوري يا رماح تحطم

يا نفس ذوبي يا جفون تقرحي

يا عين جودي يا مدامعنا اسجم

٣١٨

لم أنس زينب وهي تدعو بينهم

يا قوم ما في جمعكم من مسلم

إنا بنات المصطفى ووصيه

ومخدرات بني الحطيم وزمزم

ما دار في خلدي مجاذبة العدى

مني رداي ولا جرى بتو همي

قد أزعجوا أيتامنا قد أججوا

بخيامنا لهب السعير المضرم

الشيخ ابراهيم بن محمد بن حسين آل نشرة الماحوزي البحراني أصلاً النجفي مسكناً ومدفناً كتب عنه في ( شعراء الغري ) فقال: ذكره حفيده الشيخ محمد علي التاجر البحراني في كتابه ( منتظم الدرين في تراجم أعيان القطيف والاحساء والبحرين ) فقال: كان عالماً فاضلاً وأديباً كاملاً وشاعراً قديراً، ورعاً صالحاً وجل شعره في أهل البيتعليهم‌السلام ، ولم أعثر له على ذكر في الكتب إلا ما يوجد من شعره في بعض المجاميع الخطية المحتكرة لدى مالكيها، وقد وقفت له على قصيدتين واحدة في الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام والثانية في سيد الشهداء أبي عبداللهعليه‌السلام انتهى.

٣١٩

الشيخ حسين نجف

المتوفى 1251

هذه كربلاء ذات الكروب

فاسعداني على البكا والنحيب

ههنا نسكب الدموع دماء

ونشق القلوب قبل الجيوب

ههنا مصرع الكرام من الآل

ومثوى الشهيد مثوى الغريب

الحسين الإمام وابن علي

والبتول الزهراء وسبط الحبيب

لهف نفسي عليه حين ينادي

مستغيثا ولا يرى من مجيب

ظاميا يشتكي غليل أوام

فسقوه حد القنا المذروب

بأبي من ظفرن فيه ذئاب

ذاك وهو الهزبر ليث الحروب

بأبي من بكت عليه السماوات

بدمع من الدما مسكوب

بأبي آله على الترب صرعى

قد كستهم ريح الصبا والجنوب

يا لها فجعة لرزء عظيم

أذكت النار في الحشى والقلوب

ليس يشفى غليل وجدي إلا

عند فوزي بنصرة المحجوب

٣٢٠