أدب الطف الجزء ٧

أدب الطف0%

أدب الطف مؤلف:
الناشر: دار المرتضى للنشر
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 328

أدب الطف

مؤلف: العلامة السيد جواد شبر
الناشر: دار المرتضى للنشر
تصنيف:

الصفحات: 328
المشاهدات: 100327
تحميل: 5933


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 328 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 100327 / تحميل: 5933
الحجم الحجم الحجم
أدب الطف

أدب الطف الجزء 7

مؤلف:
الناشر: دار المرتضى للنشر
العربية

السيد ابراهيم الطباطبائي ان الشاعر مدح أبي السيد حسين الطباطبائي ببيتين وكتبهما في ورقة وأعطاها اياه، وهما:

يا بن الرضا بن محمد المهدي يا

من عم أقطار البرية بالندى

ناداك احمد صارخا من دهره

فأجب فديتك ياضيا النادي الندا

فلما قرأها السيد كتب فيها لوكيله: اعط الشيخ احمد بكل سطر دينارا، وسلم الورقة بيد الشيخ فنظرها وأعادها عليه قائلا: يا مولانا أعجم شين شطر لئلا يشتبه عليه فيقرأها سطر، فضحك السيد لنادرته وأعجمها.

٢٤١

الشيخ سالم الطريحي

المتوفى 1293

أمية قد جاوزت حدها

فقم فالضبا سئمت غمدها

الى م النوى وعلينا العدى

تجور ولم نستطع ردها

تحملنا ما لو أن الجبال

تحمل أيسره هدها

تباغت علينا وقد أدركت

على رغم آنافنا قصدها

رمتنا بفادحة لم نزل

نكابد طول المدى وجدها

فما أوقع الدهر من قبلها

ولا موقع مثلها بعدها

غداة ظوامي الضبا في الطفوف

سقت من دمائكم حدها

وجدك ما بينها والخيول

على صدره جعلت وردها

وأسرته حوله بالعرى

ينسج ريح الصبا بردها

ثوت كالاضاحي بحر الهجير

لها الله ما ضمنت لحدها

وفوق المهازل تطوي القفار

نساؤكم غورها نجدها

أسارى تبث الجوى تارة

أباها وآونة جدها

فما بين لا دمة صدرها

تنوح ولاطمة خدها

يذيب الجوى قلبها والسياط

يؤلم قارعة زندها

وزينب تدعو أسى والخطوب

باحشائها قدحت زندها

بني غالب سوموا الصافنات

وانتدبوا للوغى أسدها

بهن مواجيف طلق العنان

تقفوا سلاهبها جردها

قعدتم وأعداؤكم في الطفوف

شفت من أعزتكم حقدها

٢٤٢

فلا عذر حتى نرى بيضكم

رقاب أعاديكم غمدها

لان ضاع وتر بني هاشم

اذا عدمت هاشم مجدها

* * *

الحاج سالم بن محمد علي الطريحي النجفي الرماحي توفي في النجف في حدود سنة 1293 كان فاضلا شاعرا يعاني حرفة التجارة، قاسم ماله بعض اخوانه لوجهه تعالى، وقد ترجم له الكثير من الباحثين منهم العلامة الكبير الشيخ علي كاشف الغطاء في ( الحصون ) والشيخ محمد السماوي في ( الطليعة ) وآل طريح من أقدم الاسر العربية التي استوطنت النجف الاشرف منذ أكثر من أربعة قرون، ومن مشاهيرهم في القرن الحادي عشر الشيخ فخر الدين بن الشيخ محمد علي وهو الجد الخامس لشاعرنا المترجم له ابي محمد الحاج سالم بن محمد علي بن سعد الدين ابن جلال الدين بن شمس الدين بن الشيخ الاجل فخر الدين.

ولد في النجف سنة 1224 هـ ونشأ وشب على حب الكسب وتعاطي التجارة حتى أصبح في أواساط حياته من ذوي الثروة والجاه وسعة الحال وهو الى جنب ذلك يحمل ثروة أدبية لا تقل عن ثروته المادية. وفي سنة 1275 هـ وفقه الله لحج بيت الله الحرام فنظم ارجوزة ذكر فيها ما اتفق له في طريق الحج وما شاهده في الحجاز ونجد، توجد نسخة منها عند أحد المشايخ من أبناء عمه، ووالده شاعرا وقارئا ذاكرا تخرج عليه جماعة من الخطباءمنهم الخطيب الشيخ كاظم سبتى.

٢٤٣

وهذه روائع من قصائده الحسينية:

عرجا بي على عراص الطفوف

أبك فيها أسى بدمع ذروف

يا عراص الطفوف كم فيك بدر

غاله حادث الردى بخسوف

وهزبر قضى طليق محيا

بين سمر القنا وبيض السيوف

يوم هاجت عصائب الشرك للهيـ

ـجاء تقفوا الصفوف اثر الصفوف

حاولت أن يضام وهو الأبي الضـ

ـيم كهف الطريد مأوى الخوف

شد فيها وكم لطير المنايا

من خفوق على العدى ورفيف

يحسب البيض في الكريهة بيضا

ووشيج القنا معاطف هيف

من لؤي بيض الوجوه أباة الضـ

ـيم أسد العرين شم الانوف

عانقوا المرهفات حتى تهاووا

صرعا في الثرى بحر الصيوف

وبقى ابن النبي لم يرعونا

في الوغى غير ذابل ورهيف

فانثنى للنزال يكتال آجا

لا فوفى بالسيف كل طفيف

كم جيوش يفلها عن جيوش

وزحوف يلفها بزحوف

كلما هم أن يصول عليهم

همت الارض خيفة برجيف

لم يزل يورد المواضي نجيعا

من رقاب العدى بقلب لهوف

فدعاه داعي القضاء فألوى

عن هوان لدار عز وريف

وهوى ثاويا على الترب ما بـ

ـين الاعادي ضريبة للسيوف

فبكته السماء وارتجت الار

ضون والشمس آذنت بكسوف

يا قتيلا تقل سمر العوالي

منه رأسا على سنا الشمس موف

وتسوق العدى نساه أسارى

فوق عجف المطى بسير عنيف

أعلى النيب تنتحي البيد أين النـ

يب والبيد من بنات السجوف

تلك تدعو بمهجة شفها الوجـ

ـد احتراقا وذي بدمع ذروف

اين اسد العرين شم العرانيـ

ـن حماة الورى أمان المخوف

سوموها يا آل غالب جردا

تخبط الارض منكم بوجيف

٢٤٤

وأبعثوها صواهلا عابسات

يملأ الجو نقعها بسدوف

لتروا نسوة لكم حاسرات

جشمتها الاعداء كل تنوف

ولكم أوقفوا بدار ابن هند

من ترى الموت دون ذل الوقوف

وقال من قصيدة:

أيا مدلجا بالذميل العنيف

خفافا شأت بالمسير الرياحا

تجوف الفلا سبسبا سبسبا

وتقطعهن بطاحا بطاحا

أنخها مريحا بوادي الغري

مثيرا لديه بكا ونواحا

وقل يا مبدد شمل الصفوف

اذا ازدحمت يوم حرب كفاحا

لعلك لم تدر يوم الطفوف

غداة غدى دمكم مستباحا

وأعظم ما يقرح المقلتين

ويدمي الفؤاد شجى وانقراحا

مجال الخيول على ابن النبي

ترض قراه غدوا رواحا

وعترته حوله كالنجوم

ينبعث الليل منها صباحا

وقته الردى فتية في النزال

تصافح دون الحسين الصفاحا

ترى البيض بيضا وسمر الصعاد

قدودا وكأس المنية راحا

وراحت تخوض غمار الردى

وتحسب جد المنايا مزاحا

تلقى السهام ببيض الوجوه

بيوم به صائح الموت صاحا(1)

وقال:

أبدار وجرة أم على جيرون

عقلوا خفاف ركائب وضعون

ومنها:

ولرب قائلة ومن عبراتها

ثقلت جوى قطع السحاب الجون

الجيرة تبدي الجوى أم أربع

ورمت بأكناف اللوى وحجون

__________________

1 - عن مخطوط الشيخ عبد المولى الطريحي.

٢٤٥

وآها عليك فما ربحت وانما

ذهبت بحلمك صفقة المغبون

فاليك عنها معرضا وعليك في

يوم على الاسلام يوم شجون

يوم ابن فاطم والرماح شوارع

والبيض يرشح حدها بمنون

والخيل عابسة الوجوه بمعرك

غص الفضاء بجيشه المشحون

يثني مكردسها بأروع لم ترم

يمناه غير السيف والميمون

ضنت بصارمه يداه وانه

بالنفس يوم الموت غير ضنين

وأشم عبل الساعدين شمردل

ضخم الدسيعة شامخ العرنين

في معشر بيض الوجوه سوابغ

الايدي مناجيب القرون قرين

تغشى الصفوف بملتقى من هوله

ذكرت أمية ملتقى صفين

حتى دعوا لحضيرة القدس التي

فيها يرون العين رأي يقين

فتناثروا مثل النجوم على الثرى

ما بين منحور الى مطعون

وبقى ابن أم الموت ثمة موقدا

نار الوغى فردا بغير معين

يسطو فتنثال الجيوش كأنما

شاء تنافر من ليوث عرين

ظام يروي من دماء رقابها

في الحرب حد الصارم المسنون

حتى اذا سئم الحياة ونابه

فقدان أكرم معشر وبنين

وافاه سهم كان مرماه الحشا

فأصاب قبل حشاه قلب الدين

فهوى فضجت في ملائكها السما

حزنا عليه برنة وحنين

وثوى على الرمضاء لا بمشيع

يوما لحفرته ولا مدفون

الله أكبر كيف يبقى في الثرى

ملقى بلا غسل ولا تكفين

ويروح للاعداء تورد صدره

من كل نافذة المغار صفون

ما راقبت غضب الاله لجنبه

السامي وموضع سره المكنون

رضت خزائن وحيه بخيولها

بغيا وعيبة علمه المخزون

وأمض داء في الحشا لو لامس

الراهون ضعضع جانب الراهون

سبي الفواطم حسرا ووقوفها

في دار أخبث عنصر ملعون

وقفت بمر أى من يزيد ومسمع

ولهانة تدعو بصوت حزين

٢٤٦

أحسين يا غوث الصريخ وملجأ

العافي وكنز البائس المسكين

أحسين يا عزي يعز عليك أن

تسود من ضرب السياط متوني(1)

وقال:

أهاجتك من ذي النخيل الديار

فهمت وشبت باحشاك نار

أم البرق أومض من بارق

فبادرن منك الدموع الغزار

أراك وقد غالبتك الدموع

لها من مذاب حشك انهمار

لعلك ممن شجته الديار

عداك الحجا ان شجتك الديار

فدعها ولا تك ذا مهجة

أهاجت جواها الرسوم الدثار

وقم باكيا من بكته السماء

وأظلم حزنا عليه النهار

غداة غدى ثاويا بالعرى

يكفنه العثير المستثار

أيا ثاويا وزعت شلوه

عوادي المهار عقرن المهار

لها الويل هل علمت في المغار

على صدره أي صدر يغار

فوالهفة الدين حتى الخيول

لها يا بن طه عليك مغار

حقيق على العين أن تستهل

دما مثلما يستهل القطار

أترضى وجسمك فوق الصعيد

ورأسك فوق الصعاد يدار

وتبقى على الترب لا حفرة

تشق ولا نعش فيه يسار

وأعظم مفجعة في الطفوف

لها في حنايا ضلوعي أوار

ركوب بناتك فوق الصعاب

أسرى تقاذف فيها القفار

حواسر ليس عن الناضرين

لهن بغير الاكف استتار

وله أيضا:

خطب أماد من المعالي جانبا

ودهى فجب من الهداية غاربا

__________________

1 - عن مخطوط الشيخ عبد المولى الطريحي.

٢٤٧

خطب أطل على الانام بفادح

أشجى الانام مشارقا ومغاربا

وأصاب من عليا نزار أسدها

بأسا فصب على نزار مصائبا

يوم به جائت يغص بها الفضا

عصب تؤلب للكفاح كتائبا

يقتادها عمر بن سعد مجلبا

للحرب فيها شزبا وسلاهبا

حسب الابي يروح منها ضارعا

فأبى الابي فأب منها خائبا

وغدا أبي الضيم يبعث للوغى

أسدا تصول على العداء غواضبا

حسبت حمام الموت سجع حمائم

فيها ومطرد الكعوب كواعبا

وغدت تحطم في الصدور عواسلا

منها وتثلم في النحور قواضبا

حيت بها بيض الظبا فكأنما

حيت من البيض الظباء ترائبا

حتى هوت صرعى فتحسب أنها

أقمار تم في الطفوف غواربا

وبقي ابن أم الموت لم ير صاحبا

بين العدى الا المهند صاحبا

فغدا يمزق سحبها عدوا كما

مزقن أنفاس الشمال سحائبا

ما زال يخطف بالحسام نفوسها

حتى أراها في النزال عجائبا

فهناك حم به القضاء مفوقا

سهما بأوتار المنية صائبا

فهوى فدكدكت الجبال وكورت

شمس الضحى وغدا النهار غياهبا

من مبلغن بني نزار وغالبا

وترت بنو حرب نزار وغالبا

من مبلغن نزار أن زعيمها

نسجت عليه الذاريات جلاببا

من مبلغن نزار أن نساءها

ركبن اسرى هزلا ومصاعبا

٢٤٨

السيد أحمد الرشتي

المتوفى 1295

رزء له الاسلام ضجا

والدين والايمان رجا

رزء له الاملاك تنزل

للعزا فوجا ففوجا

رزء له البيت الحرام بكا

ومن لبا وحجا

رزء له رأس الفخار

بسيف أهل البغي شجا

يا يوم عاشوراء يوم

فيه عرش الله عجا

يوم به سبط النبي

على الثرى ملقا مسجا

لهفي لزينب اذ دعت

يا كافلي أنت المرجا

أدعوك ما لك لا تجيب

وليس لي الاك ملجا

طيب الرقاد هجرته

اذ عذب عيشي صار مجا

أبكت رزيتك الكرام

وأضحكت كلبا وعلجا

قد كنت شمس هداية

فأخترت فوق الرمح برجا

سفن اصطباري قد غرقن

وماج بحر الهم موجا

ضاقت علي فدافد

الدنيا فلم أر قط نهجا

يا راكبا كور النياق

يسج في الادلاج سجا

عرج الى أرض الغري

وعرضن فجا ففجا

والثم ثرى أعتاب حيدر

من به للناس منحا

قل يا علي حسين في أرض

الطفوف بقى مسجا

٢٤٩

طافت به في كربلاء

عصائب فوجا ففوجا

يدعو الاهل راحم

يرجو بيوم الحشر منجا

* * *

السيد أحمد الحسيني الرشتى المقتول سنة 1295، نشأ في بيئة أدبية علمية وتلقى الشعر والادب على أبيه السيد كاظم بن السيد قاسم الحسيني الرشتى، وكانت الزعامة الدينية بهذا البيت وورثها السيد احمد عن أبيه وأصبح ديوانه حافلا بالادباء والشعراء. جاء في ( الكرام البررة ) ما نصه: السيد احمد بن السيد كاظم بن السيد قاسم الحسيني الرشتي الحائري عالم أديب، كان والده أرشد تلامذة الشيخ احمد الاحسائي قام بعده برئاسة الفرقة الشيخية الى أن توفي بكربلاء عام 1259 فقام مقامه ولده المترجم له تلميذ أبيه وانتهت اليه مرجعية قومه الى أن قتل غيلة ليلة الاثنين 17 جمادى الاولى 1295 وقام مقامه ولده قاسم سمي جده.

للشاعر قصائد متفرقة قالها في أغراض شتى وقد تناول في شعره مدح ورثاء أهل البيت صلوات الله عليهم كما رثى الامراء والعلماء، ولشعره أثر كبير في الغزو الوهابي فقد عبر عن هذا الحادث المروع بحسرة ولوعة اذ أهينت حرمة كربلاء وانتهكت قدسيتها سنة 1216 وقتل عشرات الالوف من الابرياء. لذا اندفع السيد احمد يهنئ مدحت باشا قائد الجيش العثماني والذي فتح نجد فقال:

٢٥٠

بدا نور ظل الله يشرق كالصبح

فطبق وجه الارض بالعدل والنجح

مليك على العرش استوى ولعزه

جميع ملوك الارض تعلن بالمدح

ارادته العظمى بنافذ أمره

لقد صدرت كي يبدل الغي بالصلح

الى مدحة المولى الوزير الذي غدا

لسيده ما اختار شيئا سوى النصح

من افتض بكر الفكر في طلب العلى

فجاءته سعيا غير طاوية الكشح

وزير على متن الوزارة قد رقى

أحاط بها خيرا فما احتاج للشرح

قد اقتطفت أهل القطيف ثمارها

تأمله في دوحة العدل والصفح

ومذ فتحت نجد دعا السعد ارخوا

لقد جاء نصر الله يزهر بالفتح

ومن شعره قوله أثناء رحيله الى الحج:

اسائل أهل الحي والدمع سائل

أهل في حماكم للوصول وسائل

منازل كانت بالطفوف عهدتها

تقاصر عنها في السماك منازل

أصعد أنفاسا لذكر أحبتي

وأنى ودوني أبحر وجنادل

فقلبي كالرابور والطرف ماؤه

فواعجبا للماء فيه مشاعل

فكم بابلي اللحظ تاه بحسنه

وهاروت نادى سحري اليوم باطل

أنا البحر فوق البحر والغيث فوقنا

ثلاث بحور ما لهن سواحل

جليسي كتاب والاكارم حولنا

أجالسهم طورا وطورا أساجل

ومن روض أزهار الاحاديث أجتني

ورودا بأكمام يحييه وابل

وفخر بني فهر بنا وبجدنا

فان كنت في شك تجبك القبائل

فما وصف الطائي بعد ظهورنا

ولا ذكرت بكر ولا قيل وائل

فقل للذي رام النجوم بشأونا

تعبت فان البدر لا يتنازل

فان عيرتنا في علانا عصابة

فعير قسا بالفهاهة باقل

( وقال الدجى للشمس أنت خفية

وقال السهى للصبح لونك حائل )

٢٥١

وكم بللت من فيض بحر أكفنا

تفيض عليها أبحر وجداول

يراعي أراع الناس طرا وانني

أراعي حقوقا للعلى وأواصل

( واني وان كنت الاخير زمانه

لآت بما لم تستطعه الاوائل )

فكم قد أقيمت في ثبوت مأثري

شواهد فيما أدعي ودلائل

شموس سعودي أشرقت من بروجها

وكوكب أعدائي بنوري آفل

٢٥٢

الشيخ حمزة البصير

المتوفى 1297

الشيخ حمزة بن ناصر الحلي الشهير بالبصير، شاعر مقبول وأديب نابه، ذكره الشيخ النقدي في الروض النضير فقال: كان شاعرا أديبا أخذ عنه العلم جماعة من شعراء الحلة وتأدب عليه قسم كبير منهم، وقد ذهب بصره على الكبر، يقضي أكثر أوقاته في قرى العذار، وله شعر في مدح أهل البيتعليهم‌السلام ورثائهم جاء في مجموعة صديقه الشيخ محمد الملا الحلي بعض أشعاره، منه في رثاء الصديقة فاطمة الزهراءعليها‌السلام وله بمدح أهل البيت من قصيدة قالها عام 1279:

هم حجج الرحمن آل محمد

مناقبهم لن يحصهن معدد

صنايع باريهم وكل الورى لهم

صنايع والرحمن للكل موجد(1)

بهم نزلت والمرسلات وهل أتى

وطه وذوالقربى واياك نعبد

ولو يهتدي كل الورى بهداهم

ورشدهم لم يلف في الارض ملحد

سيسأل من عاداهم وأحبهم

بيوم به تشقى الانام وتسعد

وله مراث لاهل البيت بأوزان مختلفة يلحنها النواحون. أما قصيدته في الزهراء فاطمة فقد ذكر الشيخ اليعقوبي قسما منها كما ذكر الخاقاني في كتابه ( شعراء الحلة ) هذا القسم.

__________________

1 - يشير الى قول الامامعليه‌السلام : نحن صنايع ربنا والناس بعد صنائع لنا. أي نحن الذين أدبنا الله تعالى وأفاض علينا من كمالاته، ونحن تولينا تهذيب الناس وتعليمهم وتأديبهم وفي الحديث الشريف: أدبني ربي

٢٥٣

الشيخ مهدي حجي

المتوفى 1298

لا تلمني على البكا والعويل

لمصاب بكته عين الرسول

لست أنسى ركائبا لنزار

صاح فيها حادي القضا بالرحيل

فامتطت للوغى متون عراب

أرسلتها ضوابحا في الخيول

وانتضت للكفاح بيض صفاح

صاقلات تفل حد الصقيل

وغدت تحصد الرؤوس لوي

من بني حرب في القراع المهول

ودعاها القضا فلبت وخرت

سجدا كالنجوم فوق الرمول

لهف نفسي لهم على الترب صرعى

من شيوخ لهاشم وكهول

وقتيل لآل فهر خضيب

بدماه نفسي الفدا للقتيل

الشيخ مهدي بن الشيخ صالح بن الشيخ قاسم بن الحاج محمد ابن أحمد الشهير بحجي الطائي الحويزي الزابي النجفي. شاعر فاضل وأديب كامل. وآل حجي أسرة علمية أدبية، وقد سبقت ترجمة والده الشيخ صالح الكبير، كتب عنه البحاثة علي الخاقاني في ( شعراء الغري ) ونقل عن الشيخ محمد رضا الغراوي انه كتب ديوانه الذي جمعه ولده الشيخ صالح وهو يقرب من خمسة آلاف بيتا. ولكنه فقد ولم يبق له أثر، وروى له كثيرا من أدبه الفصيح ولونا من أدبه الشعبي من ( الموال ) و ( القصيد ) و ( البوذية ).

٢٥٤

السيد موسى الطالقاني

المتوفى 1298

مهج بنيران الفراق تذاب

فيجود فيها للجفون سحاب

ومنها:

أنخ الركاب فانما هي بقعة

فيها لأحمد قد أنبخ ركاب

واعقل قلوصك انما هو مربع

ضربت لآل الله فيه قباب

يا نازلين بكربلا كم مهجة

فيكم بفادحة الكروب تصاب

ما فيكم الا عميد سرية

في الروع لا نكل ولا هياب

ومعانق سمر الرماح كأنها

تحت العجاج كواعب أتراب

بطل ينكره الغبار وعابد

ما أنكرته الحرب والمحراب

شهب بضيء بها المحارب في الدجى

وهموا لابطال الحروب شهاب

كم موقف لهم به خرس الردى

رعبا وضاقت بالكماة رحاب

وجثوا لشارعة الرماح بمعرك

كادت تزول به ربى وهضاب

عثرت بأشراك المنية منهم

شيب يزينها النهى وشباب

وثووا ثلاثا لا ضريح موسد

لهم يشق ولا يهال تراب

وسطا الهزبر ففر جند ضلالها

من بأسه وتفرق الاحزاب

أسد يفر الموت خيفة بطشه

وله الأسنة في الكريهة غاب

ريان أفئدة الصوارم قد قضى

ظمآن يرنو الماء وهو عباب

شاء الاله بآن يراه مجدلا

وعليه من فيض الدما جلباب

٢٥٥

ثاو على الرمضاء غير موسد

تحنو عليه قواضب وحراب

وبنات وحي الله ما بين العدى

تطوى بهن فدافد وشعاب

أسرى تساق على النياق حواسرا

ولهن من حلل العفاف حجاب

نهب قفار البيد ناحل جسمها

بالسير واستلب القلوب مصاب

ومروعة تدعو الكفيل وما لها

الا بقارعة السياط جواب(1)

* * *

هو السيد موسى بن السيد جعفر بن السيد علي بن السيد حسين الطالقاني النجفي. ولد في النجف سنة 1250 هـ وكانت وفاته سنة 1298 ودفن بالنجف.

معروف بالفضل والادب وله ديوان يحتوي على شعره بمختلف المناسبات. ومن شعره قصيدة رائية يمدح بها الميرزا باقر بن الميرزا خليل الرازي النجفي ويهنئه بزفاف ولديه الشيخ صادق والميرزا كاظم ومن شعره أيضا قوله:

أحباي قد ضاق رحب الفضا

علي وأظلم غرب وشرق

ومذ راعني هول ليل النوى

تيقنت أن القيامة حق

فكم ليلة بتها ساهرا

وللريح حولي رفيف وخفق

وقد جال في الجو جيش الغمام

وطبل الرعيد بعنف يدق

فيخفق قلبي لخفق الرياح

ويسكب جفني اذا لاح برق

سهرت وقد نام جفن الخليل

ونحت وغنت على الدوح ورق

وحق لها دون قلبي العنا

واني بالنوح منها أحق

فما غاب عن عينها الفها

ولا هاجهن الى الكوخ شأوق

وطبع أخيرا ديوانه بمطابع النجف، وأعقب الشاعر الاديب السيد محمد تقي المتوفى سنة 1354 وتأتي بعون الله في الجزء الآتي تراجم لأسرة آل الطالقاني.

__________________

1 - عن الديوان.

٢٥٦

السيد ميرزا جعفر القزويني

المتوفى 1298

سأمضي لنيل المعالي بدارا

وأطلب فوق السماكين دارا

يطالبني حسبي بالنهوض

وأن لا أقر بدار قرارا

تقول لي النفس شمر وسر

مسير همام عن الضيم سارا

فما أنت باغ بهذا القعود

تظمى مرارا وتروى مرارا

فقلت سأخلع توب الهوان

وأدمي الاكف دماء غزارا

وأجلبها كل طلق اليدين

يؤجج في دارة الحرب نارا

وأنصب نفسي مرمى الحتوف

اذا ما تنادى الرجال الفرارا

كيوم ابن أحمد والعاديات

تثير بأرجلهن الغبارا

غدات حسين بأرض الطفوف

وبحر المنايا عليه استدارا

أتت نحوه مثل مجرى السيول

حرب بخيل ملأن القفارا

تحاوله الضيم في حكمها

ويأبى له السيف الا الفخارا

فأقسم اما لقاء الحمام

أولا يرى للأعادي ديارا

بآساد ملحمة لا تكاد

تعرف يوم الهياج الحذارا

وغلب اذا ما انتفضوا للوغى

أباحوا رقاب الاعادي الشفارا

بكل كمي تسير النفوس

على صفحتي سيفه حيث سارا

وذي عزمات يخال الردى

اذا سعر الحرب كاسا عقارا

فدى لسراة بني غالب

حمام العدو اذا النقع ثارا

حماة النزيل كرام القبيل

اذا صوح العام أرضا بوارا

٢٥٧

تداعوا صباحا لورد المنون

فانتثروا في الصعيد انتثارا

بنفسي بحور ندى غيضت

وكان يمد نداها البحارا

بنفسي بدور هدى غيبت

ومنها هلال السماء استنارا

بنفسي جسوما بحر الهجير

ثلاث ليال غدت لا توارى

بنفسي رؤوسا بسمر القنا

يطاف بهن يمينا يسارا

وطفلا يكابد حر الأوام

وآخر يلقى المواضي حرارا

وحسرى تصعد أنفاسها

فتعرب عما أسرت جهارا

ترى قومها جثما في العراء

فينهمر الدمع منها انهمارا

فيا راكبا ظهر غيداقة

طوت قطع البيد دارا فدارا

بأخفافها تترامى الحصى

فتقدح كالزند منها شرارا

أنخها صباحا بجنب البقيع

وناد حماة المعالي نزارا

بأن دماء بني الوحي قد

أطلت لدى آل حرب جبارا(1)

وان ابن أحمد منه العدى

تبل سنانا وتروي غرارا

ونسوته فوق عجف النياق

تحملهن الاعادي أسارى

يطفن بها فدفدا فدفدا

ويقطعن فيها ديارا ديارا

تقول وقد خلفت في الثرى

جسوما لاكفائها لا توارى

ألا أين هاشم أحمى الورى

ذمارا وأزكى البرايا نجارا

لتنظر ما نال منا العدى

فتعدو على آل حرب غيارى

وتروي صدى بيضها من دما

عداها وتطلب بالثار ثارا

ألا يا بني الطهر يا من بهم

يغاث الانام اذا الدهر جارا

اليكم بني الوحي من ( جعفر )

بديعة فكر بكم لا تجارى

تباري النجوم بألفاظها

وان هي قد أصبحت لا تبارى

وصلى عليكم اله السماء

ما فلك الكائنات استدارا

__________________

1 - جبار بالضم الهدر والباطل.

٢٥٨

جاء في ( البابليات ) هو أبو موسى جعفر بن معز الدين المهدي ابن الحسن بن أحمد الحسيني القزويني، الحلي مولدا ومنشأ ومسكنا. قال عنه معاصره شيخنا الاجل العلامة الشيخ علي آل كاشف الغطاء « ره » في « الحصون »: ( كان عالما فقيها أصوليا منشئا بليغا رئيسا جليلا مهابا مطاعا لدى أهالي الحلة مسموع الكلمة عند حكامها وأمرائها. ولما هاجر أبوه الى النجف في أواخر حياته استقل هو بأعباء الرئاسة في الحلة وأطرافها، فكان فيها مرجع الفقراء وموئل الضعفاء تأوي الى داره الالوف من الضيوف من أهل الحضارة والبادية التي مرجعها لواء الحلة لاجل حوائجهم وهو يقضيها لدى الحكام وولاة بغداد غير باخل بجاهه، وكان ثبت الجنان طلق اللسان يتكلم باللغات الثلاث: العربية والتركية والفارسية ودرس العلوم اللسانية في الحلة وحضر مدة مكثه في النجف على خاله الشيخ مهدي بن الشيخ علي في بحوثه الفقهية وفي الاصول على الشيخ مرتضى الانصاري والملا محمد الايرواني وبعد رجوعه الى الحلة حضر عند والده كما حضر عنده جماعة من فضلاء الحلة. وله من المؤلفات « التلويحات الغروية » في الاصول و « الاشراقات » في المنطق وغيرهما وكان أغلب اشتغاله في حسم الخصومات وقضاء حوائج الناس مما ترك ألسن الخاصة والعامة تلهج بالثناء عليه الى اليوم وكانت الدنيا زاهرة في أيامه وعيون أحبابه قريرة في حياته ) اهـ.

وقد ذكره خاتمة المحدثين الشيخ النوري في « دار السلام » بعبارات تدل على علو مقامه. وأنبأنا سيدنا الاستاذ الاعظم شقيقه السيد محمد عن عمر أخيه المترجم له يوم وفاته كان خمسا وأربعين سنة فيكون مولده سنة 1253 وهي السنة التي

٢٥٩

توفي فيها جده لأمه الشيخ علي بن الشيخ جعفر ومن هنا يظهر لك السهو الذي ورد في ترجمته في « أعيان الشيعة » من كونه « تخرج بخاله الشيخ علي » لان الشيخ علي جد المترجم لا خاله. وولادته سنة وفاة جده، فكيف يكون تخرج عليه، والصحيح انه تخرج بخاله الشيخ مهدي بن الشيخ علي كما ذكرنا آنفا، ومما يؤكد لدينا أن مولده كان في الحلة قوله في فقرات نثرية من رسالة طويلة بعث بها الى خاله وأستاذه المهدي يخبره بوصوله الى الحلة عائدا اليها من زيارة النجف ويصف استقبال الحليين له: « وطلعت علينا هوادي الخيل وجرت الينا أبناء الفيحاء مثل مجرى السيل فأمطنا بتلك الارض نقاب التعب وشققنا بها قميص النصب ثم دخلنا بابل وحللنا تلك المنازل:

بلاد بها حل الشباب تمائمي

وأول أرض مس جلدي ترابها

أجاب داعي ربه أول المحرم سنة 1298 في الحلة وحمل نعشه على الرؤوس والاعناق الى النجف وما مروا فيه بمكان الا واستقبل مشيعا بالبكاء والعويل ودفن في رأس الساباط مما يلي « التكية » من الصحن الحيدري. وقد حدثنا الوالدرحمه‌الله عما شاهده في النجف يوم ورود جثمانه اليها مما لم يتفق مثله لعظيم مات قبله وخرج الناس لتغسيله في بحيرة النجف في الموضع المعروف بـ ( البركة ) ولما رجعوا به للصلاة عليه في الصحن الحيدري تقدم والده المهدي وأم الناس للصلاة فانصدعت الجماهير أيما انصداع وارتفعت الاصوات بالنحيب من كل جانب فعندها تقدم العالم الرباني الشيخ جعفر الشوشتري وأم الجماعة ليسكن هيجان الناس وصلى أبوه عليه مأموما بصلاة الشيخ والى ذلك أشار الشيخ حمادي نوح في مرثيته له:

٢٦٠