أدب الطف الجزء ٧

أدب الطف0%

أدب الطف مؤلف:
الناشر: دار المرتضى للنشر
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 328

أدب الطف

مؤلف: العلامة السيد جواد شبر
الناشر: دار المرتضى للنشر
تصنيف:

الصفحات: 328
المشاهدات: 101378
تحميل: 6061


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 328 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 101378 / تحميل: 6061
الحجم الحجم الحجم
أدب الطف

أدب الطف الجزء 7

مؤلف:
الناشر: دار المرتضى للنشر
العربية

لو لا الامام صدوق النسك يقدمنا

سوى أبيك اماما قط ما اعتبروا

في ( جعفر ) الصادق الهادي اقتدت أمم

صلت عليك وأملاك السما أمروا

ورغب الشيخ المذكور أن يكون قبره قريبا منه فعمر له قبرا من حجرات الصحن مقابلا له وبينهما الطريق ودفن السيد حيدر الحلي بينهما بعد ست سنوات. وأقيمت له المآتم في كل مكان ورثته شعراء النجف والحلة وغيرهما حتى أن السيد حيدر جمع مراثيه ورتبها وجعل لها مقدمة شجية سماها: « الاحزان في خير انسان » تقع في 95 صحيفة واليك أسماء الشعراء الذين أبدعوا في تأبينه ورثائه « 1 » أخوه السيد ميرزا صالح « 2 » أخوه السيد محمد « 3 » أخوه السيد حسين « 4 » السيد حيدر الحلي « 5 » السيد محمد سعيد الحبوبي « 6 » السيد ابراهيم الطباطبائي « 7 » الشيح حمادي نوح « 8 » الشيخ محسن الخضري « 9 » السيد جعفر الحلي « 10 » الحاج حسن القيم « 11 » السيد عبد المطلب الحلي « 12 » الحسين ابن السيد حيدر « 13 » الشيخ عباس الاعسم « 14 » السيد جعفر زوين « 15 » الشيخ حسين الدجيلي « 16 » الشيخ علي عوض « 17 » الشيخ حسون الحلي « 18 » الشيخ محمد التبريزي « 19 » الشيخ حسن مصبح « 20 » الشيخ درويش الحلي « 21 » الشيخ عباس العذاري « 22 » الشيخ محمد الملا. وربما رثاه بعضهم بقصيدتين أو ثلاث.

حياته العلمية والادبية:

أما حظه من العلم والعرفان فهو البحر الذي لا ينزف وقد

٢٦١

أجيز بالاجتهاد والفتوى من والده ومشاهير علماء عصره وقد اجتمعت في ذاته الكريمة المتناقضات فانه جمع الى عظيم الهيبة والعزة ونظافة البزة وترف العيش، تواضع جده النبي وزهد والده الوصي وكان مع شغله الدائم بادراة شؤون الاسرة والبلد واهتمامه بكل صغير وكبير من أمور الناس وابتلائه بمخالطة الحكام وأولي الامر وما أودع الله له من المحبة في قلوبهم والهيبة في عيونهم لا يفوته ورد من أوراده ولا ذكر من أذكاره ولا نافلة من صلاته وما ظنك بمن أصبح موضع الثقة عند والده بحيث ينوب عنه في صلاته وفي كل ما يتعلق به من مهماته. وأما طول باعه في النظم والنثر فحدث ولا حرج. ولولا خوف الاطالة وخشية الملل لذكرنا نماذج من رسائله التي كاتب بها جماعة من العلماء والادباء كخاليه الشيخ مهدي والشيخ عباس والسيد جعفر الخرسان والسيد نعمان الالوسي وآل جميل وغيرهم وكلها تدل على تضلعه في الحكمة والفلسفة والادب والتاريخ واللغة. وقد أثبت سيدنا الامين في « الاعيان » كثيرا من رسائله وقليلا من مراثيه الحسينية ومقاطيعه الشعرية، وكتب في صدر رسالة الى خاله العباس بن علي بن جعفر كاشف الغطاء:

الى الخال الذي في وجنة الدهر غدا خال

ومن فاق على الآل بأقوال وأفعال

وبالسيف وعند الصيف صوام وصوال

ويوم المحل للوافد بالعسجد هطال

هو ( العباس ) والبسام ان جاد وان جال

فلا زال وحيدا بين أهل الفضل لا زال

وكتب اليه أخوه العلامة السيد حسين من النجف الى الحلة وقد

٢٦٢

بلغه عنه أنه كان مريضا:

بنفسي وقل بها أفتديك

( لو أن مولى بعبد فدي )

ويفديك ما منك قد نلته

جميعا وما ملكته يدي

وجودك علة هذا الوجود

وجودك بلغة من يجتدي

وشخصك انسان عين الزمان

ولولاك ضل فلم يهتد

على مضض كم طويت الضلوع

بليلة ذي العائر الارمد

وما بين جنبي ذات الوقود

يشب سناها الى الفرقد

فلو أنها أضرمت للخليل

ونودي - يا نار - لم تبرد

فأجابه سيدنا المترجم:

أبا المرتضى قد غبت عني بساعة

بها الموت أدنى من جبيني الى نحري

فكم ليلة قد بتها متيقنا

بأني ألاقي في صبيحتها قبري

أكابد من طول الليالي شدائدا

كأن الليالي قد خلقن بلا فجر

على حالة لم أدر من كان عائدي

هناك ولم أشعر بزيد ولا عمرو

وما طلبت نفسي سوى أن أراكم

وليس سوى ذكراكم مر في فكري

وله:

الطرف بعدك لا ينفك في سهر

والقلب بعدك لا ينفك في شغل

يعقوب حزنك أبلاه الضنى فعسى

من رد يوسف لطفا أن يردك لي

وكتب الى أخويه العلامتين محمد والحسين بعد شفائه من مرضه:

أيا أخوي الذين هما

أعز على النفس من ناظري

عذرتكما حيث لم تحضرا

ولم يك من غاب كالحاضر

لقد بطشت بي كف السقام

على غفلة بطشة القادر

٢٦٣

فغودرت في لهوان المنون

ولست بناه ولا آمر

فكم ليلة بتها والضنا

ضجيعي كليلة ذي العائر(1)

على أن نفسي تشتاقكم

كشوق الربى للحيا الماطر

تداركني الله من لطفه

فأصبحت في فضله الوافر

وكان - ره - على سرعة خاطره في النظم غير مكثر منه لانه يعد الشعر دون مقامه وليس له من القصائد المطولة سوى ما قاله في أجداده الطاهرين (ع). وقد حدثنا جماعة من معاصريه أنه كان يستقبل هلال المحرم من كل عام بقصيدة يؤبن فيها جده الحسين (ع) وتنشد في المأتم الذي ينعقد في دارهم العامرة طلبا للأجر ومساهمة في تلك الخدمه الكبرى.

أقول وقد جمع الشيخ اليعقوبيرحمه‌الله هذه القصائد في كراسه ونشرها وأسماها بـ ( الجعفريات ) طبعت بمطابع النجف الاشرف سنة 1369 هـ واليك واحدة منها:

سل عن أهيل الحي من وادي النقا

أمغربا قد يمموا أم مشرقا

يقدح زند الشوق في قلبي اذا

ذكرت في زرود ما قد سبقا

وفي لهيب لوعتي وعبرتي

أكاد أن أغرق أو أحترقا

ما أومض البرق بأكناف الحمى

من أرضهم الا وقلبي خفقا

ولا انبرت ريح الصبا من نحوهم

الا شممت من شذاها عبقا

من ناشد لي بالركاب مهجة

قد تبعت يوم الرحيل الانيقا

عهدتها أسيرة بحبهم

فمن لها يوم المسير أطلقا

يا أيها الغادون مني لكم

شوق أذاب الجسم مني أرقا

__________________

1 - العائر: الذي في عينه قذى.

٢٦٤

أبقيتم مضنى لكم لا يرتجى

له الشفا ولا تسليه الرقى(1)

لو يحمد الدمع على غير بني أحمد

منه الدمع حزنا لا رقا(2)

القاتلين المحل ان تتابعت

شهب السنين جمعا وفرقا

والقائدين الجيش يملأ الفضا

رعبا وسكان البسيط رهقا

والباذلين في الاله أنفسا

لاجلها ما في الوجود خلقا

انسان عيني في بحار أدمعي

لما جرى يوم الطفوف غرقا

وبحر أحزاني مديد وافر

لو مد منه البحر ما تدفقا

اذا ذكرت كرب يوم كربلا

تكاد نفسي حزنا أن تزهقا

جل فهان كل رزء بعده

يأتي وأنسى كل رزء سبقا

وعصبة من شيبة الحمد لها

حرب رمت حربا يشيب المفرقا

قادت لها الجيش اللهام عندما

جاش قديم كفرها واتفقا

وقامت الحرب تحييها على

ساق لما منها رأت في الملتقى

فاستقبلت فرسانها باسمة

الثغر بعزم ثابت عند اللقا

واستنهضت قواطعا كم قطعت

رأس رئيس وأبانت مرفقا

ما أغسقت ظلمة ليل نقعها

الا جلا فجر سناها الغسقا(3)

فأحرقت شهب ظباها كل شيطا

ن وغى للسمع منها استرقا

كم مفرد لا ينثني حتى يرى

صحيح جمع القوم قد تفرقا

لله يومهم وقد أبكى السما

له دما طرز فيه الافقا

ما سئموا ورد الردى ولا اتقوا

بأس العدا ولا تولوا فرقا(4)

حتى تفانوا والأسى في مصرع

فيه التقى الدين الحنيف والتقى(5)

__________________

1 - الرقى: جمع رقية العوذة.

2 - رقأ الدمع جف. وسكن.

3 - الغسق: ظلمة أول الليل.

4 - فرق: الفزع والخوف.

5 - الاسى جمع أسوة القدوة وتأسوا آسى بعضهم بعضا.

٢٦٥

غص بهم فم الردى من بعد ما

كان بهم وجه الزمان مشرقا

فكم خليل من بني أحمد ألقاه

بنار الحرب نمرود الشقا

وكم ذبيح من بني فاطمة

يرى الفنا في ربه عين البقا

وكم كليم قد تجلت للورى

أنواره مذ خر يهوى صعقا

يا خائضا أمواج تيار الفلا

كأنه البرق اذا تألقا

من فوق مفتول الذراع سابح

قد عز شان شأوه أن يلحقا

يكاد أن يخرج من اهابه

اذا تولى مغربا أو مشرقا

لوكان لا يهوى الانيس في السرى

رأيته لظله قد سبقا

وطائر الخيال لو رام بأن

يجري على منواله لحلقا

عج بالبقيع ناعيا لأهله

مهابط الوحي وأعلام التقى

قل يا بني فهر الألى سيوفهم

أوهت قوى الضلال حين استوسقا

والمرغمين يوم بدر بالظبى

معاطس الشرك وآناف الشقا

والفاتحين يوم فتح مكة

بقضبهم للدين بابا مغلقا

حي على الحرب فقد القحها

بالطف أبناء العتاة الطلقا(1)

عادت بها هدرا دماؤكم لدى

رجس عن الدين القويم مرقا

ورأس سبط أحمد يهدى لمن

يوما بشرع أحمد ما صدقا

والطاهرات من بنات فاطم

لم تبق منها النائبات رمقا

لا عذب الماء الفرات لامرئ

على ولا آل النبي خلقا

ولا سقى الرحمن صوب عفوه

من منه أبناء النبي ما سقى

وآعجبا يقضي الحسين ظاميا

وماؤه القراح ما ترنقا

__________________

1 - يشير الى قول النبي (ص) يوم الفتح لاهل مكة اذهبوا فأنتم الطلقاء وكان منهم أبو سفيان وابنه معاوية.

٢٦٦

وللسماء كيف لم تهو على الغبر

ا وقد هوى الحسين صعقا

والارض ما ساخت بأهليها وقد

ثوى عليها عاري الجسم لقى

يا لك من رزء به قلب الهدى

شجوا بنيران الهموم احترقا

وفادح أبكى السموات العلى

دما به جيد الاثير طوقا

عسى يديل الله من أمية

يوما لقاؤه يشيب المفرقا

بحيث لم تلف لها من ملجأ

ينجي ولا في الارض تلقى نفقا

٢٦٧

الشيخ صادق أطيمش

المتوفى 1298

قال يرثي الحسين (ع):

أرق بالطف وكف الدمع سكبا

فقد أمسى به الاسلام نهبا

غداة أقامت الهيجاء حرب

وآل أمية بالطف حربا

رمت حزب الاله به وقادت

عليهم من بني الطلقاء حزبا

سطت فسطا أبو الاشبال فردا

وأوسعهم بها طعنا وضربا

الى أن خر في البيدا صريعا

وأظلم يومه شرقا وغربا

ألا أبلغ سراة المجد كعبا

وعدنان الاولى ولوي عتبا

أتعلم بابن فاطمة ذبيحا

سقته من نجيع النحر شربا

وهل تدري كرائمه أسارى

تجوب بهن صعب العيس سهبا

وأن ستورها عنها أميطت

وقد هتك العداة لهن حجبا

* * *

الشيخ صادق بن الشيخ احمد أحد أعلام الفضل ورجال الادب، وهو أشهر رجال هذه الاسرة وأول من اشتهر منها بالعلم هاجر الى النجف على عهد والده فاشتغل بطلب العلم ودرس على علماء عصره فأصبح أحد أعلام النجف علما وفضلا وأدبا ثم كر راجعا الى بلاده بعد أن حاز رتبة الاجتهاد ونزل في الارض العائدة الى جده فأخذ بمجامع القلوب وأقبلت عليه الوجوه

٢٦٨

والاعيان من تلك الانحاء فصار من المراجع في القضاء والفتيا وكان شهما هماما سخيا كريما مرجعا لامراء المنتفك يرجعون اليه ويأخذون برأيه، جلب قلوب الناس بتقواه وسماحته وكرم أخلاقه ولما امتاز به من أمهات الغرائز علا شأنه وارتفع ذكره فقصده أهل الفضل من ذوي الحاجات والمعوزين قال معالي الشبيبي عنه: كان فقيها كبيرا وأديبا ضليعا وصارت اليه الرئاسة والامامة في تلك الديار ( ديار المنتفك ) وله بها ضياع ومزارع معروفة الى اليوم وهو جد الشبيبي الكبير لأمه وهو الذي قام بتربيته وكان كثير الرعاية له والعناية به حريصا على تربيته وتهذيبه.

وكان شاعرا مجيدا شعره سلس اللفظ فخم المعنى خفيف على السمع.

توفي سنة 1299 في الغراف ونقل الى النجف ودفن فيها وخلف عدة أولاد أكبرهم وأشهرهم الشيخ باقر وهو ممن هاجر الى النجف واشتغل بتحصيل العلم حتى صار من أهل الفضل وكان والد المترجم له الشيخ احمد هو أول من هاجر الى النجف وغرس بذرة العلم في هذه الاسرة على عهد الشيخ الكبير صاحب كشف الغطاء وكان من أهل العلم.

أقول ومقبرته المدفون بها تقع في محلة البراق احدى محال النجف، ورأيت في كتب النسب سلسلة نسبه فهو صادق بن محمد ابن احمد بن اطيمش الربعي نسبة الى ربيعة القبيلة العربية الشهيرة في التاريخ ورأيت في بعض المخطوطات مراسلات ومكاتبات كثيرة وله مراث في الائمة الطاهرينعليهم‌السلام كما روى السماوي في ( الطليعة ) ذلك.

٢٦٩

ناصر بن نصر الله

المتوفى 1299

أرقنى رزء لآل المصطفى

حتى لذيذ الغمض مقلتى جفا

رزء الحسين السبط سبط احمد

خير بني حوا علا وشرفا

له أنسه يجوب كل فدفد

يشق منه صفصفا فصفصفا

وأبأبي معفرا على الثرى

ورأسه في الرمح يتلو المصحفا

أفلاكها تعطلت لفقده

أملاكها تبكي عليه أسفا

أندية العلم ألا فاندرسي

عميدها مربعة لقد عفا

العالم الشيخ ناصر بن احمد بن نصر الله أبو السعود القطيفي، له شعر كثير في مراثي الامام الحسين (ع) وله منظومة في الاصول الخمسة. وآل نصر الله وآل أبي السعود قبيلتان عريقتان في النسب لهم الزعامة ولمع منهم أدباء وشعراء وصلحاء ومنهم المترجم له، قال في ( أنوار البدرين ): هو من المعاصرين وقد قرأ علي كثيرا من شعره توفي سنة 1299 وتاريخ وفاته ( تبكي المدارس فقد ناصرها ).

وللمترجم له ولد اسمه الشيخ عبدالله بن الشيخ ناصر، ذكره صاحب انوار البدرين بعد ترجمة أبيه فقال: وله ولد صالح فاضل عالم اسمه الشيخ عبد الله سلمه الله له شعر كثير في الرثاء على سيد الشهداء وله منظومة في صاحب العصر والزمان وله قصيدتان في رثاء شيخنا العلامة الصالح الرباني وكان ممن قرأ عليه وحضر لديه. انتهى.

٢٧٠

السيد مهدي القزويني

المتوفى 1300

حرام لعيني أن يجف لها قطر

وان طالت الايام واتصل العمر

وما لعيون لا تجود دموعها

همولا وقلب لا يذوب جوى عذر

على أن طول الوجد لم يبق عبرة

وان مدها من كل جارحة بحر

كذا فليجل الخطب وليفدح الاسى

ويصبح كالخنساء من قلبه صخر

لفقد امام طبق الكون رزؤه

وناحت عليه الشمس والانجم الزهر

وماجت له السبع الطباق ودكدكت

له الشامخات الشم وانخسف البدر

ورجت له الارضون حزنا وزلزلت

وضجت على الافلاك املاكها الغر

وقد لبست أكناف مكة والصفا

عليه ثياب الحزن وانهتك الستر

يصول عليهم صولة حيدرية

متى كر في أوساط دارتهم فروا

بغلب رقاب من لوي تدفعوا

الى الموت لا يلوي لديهم اذا كروا

أطل عليهم والمنايا شواخص

وعين الردى فيها نواظرها شزر

وما الموت الا طوع كف يمينه

له وعليه ان سطا النهي والامر

الى أن ثوى تحت العجاج تلفه

برود تقي من تحتها الحمد والشكر

فتى كان للاجي مغيثا ومنعة

وغيثا لراجيه اذا مسه الضر

فتى رضت الجرد المضامير صدره

فأكرم به صدرا له في العلى الصدر

* * *

٢٧١

أبو جعفر معز الدين محمد بن الحسن المدعو بالسيد مهدي الحسيني الشهر بالقزويني من أشهر مراجع الامامية وزعمائها العظام الذين نهضوا بزعامة التقليد والمرجعية العامة في أواخر القرن الثالث عشر بعد وفاة شيخ الطائفة الشيخ مرتضى الانصاري - ره ـ. وانما قدمنا ذكر ولده السيد ميرزا جعفر على ذكره لانه سبق أباه في الوفاة بعامين.

جاء في ( البابليات ): ولد المترجم - ره - سنة 1222 هـ في النجف الاشرف وبها حصل ما حصل من العلوم العقلية والنقلية وقد أخذ عن فطاحل أساتذة عصره فمنهم العلامة الفقيه الشيخ موسى وأخوه الشيخ علي والشيخ حسن أنجال الاستاذ الاكبر الشيخ جعفر كاشف الغطاء، وعمه السيد باقر والسيد علي والسيد تقي آل القزويني، ونال مرتبة الاجتهاد بشهادات واجازات ممن ذكرناهم وهو ابن 18 سنة.

وقال سيدنا الحجة المؤتمن أبو محمد الحسن بن الهادي آل صدر الدين الكاظمي في تكملة أمل الامل - فلما بلغ المترجم تسع عشرة سنة أجازه العلامة السيد محمد تقي القزويني تلميذ السيد محمد المجاهد الطباطبائي وكتب له اجازة مبسوطة رأيتها مجلدة تاريخها 18 محرم سنة 1241 وقد أثنى عليه ثناء حسنا. 1 هـ.

وابتدأ من ذلك العهد بالتصنيف ولم يزل حتى بعد كبر سنه وشيخوخته مكبا على البحث والتدريس والمذاكرة والتأليف وهو مع ذلك في جميع حالاته محافظ على أوراده وعباداته في لياليه وخلواته مدئبا نفسه في مرضاة ربه وما يقر به الى الفوز بجواره

٢٧٢

وقربه لا يفتر عن اجابة المؤمنين في دعواتهم وقضاء حقوقهم وحاجاتهم وفصل خصوماتهم في منازعاتهم حتى انه في حال اشتغاله في التأليف ليوفي الجليس حقه والسائل مسألته والطالب دعوته ويسمع من المتخاصمين ويقضي بينهم بعد الوقوف على كلام الطرفين فما أولاه بما قال فيه الكواز الكبير من قصيدة:

يحدث أصحابا ويقضي خصومة

ويرسم منثور العلوم الغرائب(1)

وهاجر الى الحلة حوالي سنة 1253 وقد تجاوز عمره الثلاثين وبقي الى أواخر العقد التاسع من القرن المذكور فأخذت قوافل الزائرين من مقلديه من ايران وغيرها تتردد الى الحلة لزيارته - بعد اداء مراسيم زيارة العتبات المقدسة - حتى تغص فيهم الدور والمساكن، الامر الذي اضطره الى القفول الى النجف والاقامة فيها وأولاده في خدمته عدا السيد ميرزا جعفر فانه بقي في الحلة ليقوم مقام ابيه في المهمات والمراجعات حتى توفي بها في حياة والده.

وقد تعرض لذكر سيدنا المترجم العلامة الجليل الشيخ ميرزا حسين النوري في « دار السلام » و « جنة المأوى » و « النجم الثاقب » و « الكلمة الطيبة » و « المستدرك ». ونقل نص ما قاله عنه صاحب كتاب « المآثر والآثار » - بالفارسية - بعنوان « الحاج سيد محمد مهدي القزويني الاصل الحلي المسكن ». نقل المحدث القمي الشيخ عباس في « الكنى والالقاب » عن شيخه النوري ما نصه:

__________________

1 - عن رسالة السيد حسين القزويني في أحوال السيد المترجم له.

٢٧٣

السيد الاجل السيد مهدي القزويني الحلي ذكره شيخنا صاحب المستدرك في مشايخ اجازته بالتعظيم والتجليل بعبارات رائقة ثم قال: وهو من العصابة الذين فازوا بلقاء من الى لقائه تمد الاعناق صلوات الله عليه، ثلاث مرات وشاهد الآيات البينات والمعجزات الباهرات ثم ذكر انه ورث العلم والعمل عن عمه الاجل الاكمل السيد باقر صاحب سر خاله بحر العلوم وكان عمه أدبه ورباه وأطلعه على أسراره وذكر انه لما هاجر الى الحلة صار ببركة دعوته من داخل الحلة وأطرافها من طوائف الاعراب قريبا من مائة الف نفس اماميا مواليا لاوليا الله ثم ذكر كمالاته النفسية ومجاهداته وتصانيفه في الدين وغير ذلك قال: وكنت معه في طريق الحج ذهابا وايابا وصلينا معه في مسجد « الغدير » و « الجحفة » وتوفي - ره - في 12 ع 1 سنة 1300 قبل الوصول الى السماوة بخمسة فراسخ تقريبا وظهر منه حينئذ كرامة باهرة بمحضر جماعة من الموافق والمخالف. انتهى ملخصا. وقال المؤرخ السيد حسون البراقي في آخر كتاب « الدرة الغروية » عند ذكر وفيات جماعة من علماء عصره: ومنهم السيد الهمام والحبر القمقام صاحب العلوم العجيبة والتصانيف الغريبة السيد مهدي القزويني فانه توفي عند رجوعه من بيت الله الحرام على بعد فرسخين من السماوة في طريق « السلمان » وجاءوا به عصر يوم الاحد الـ 25 من ربيع الاول وكانت وفاته عصر الثلاثاء الـ 13 من الشهر المذكور من سنة 1300 ودفن قرب عمه السيد باقر القزويني.

رثاه السيد حيدر الحلي بقصيدته الرنانة التي استهلها بقوله:

أرى الارض قد مارت لامر يهولها

فهل طرق الدنيا فناء يزيلها

٢٧٤

ومنهم العلامة السيد محمد سعيد الحبوبي بقصيدته العصماء التي مطلعها:

سرى وحداء الركب حمد أياديه

وآب ولا حاد لهم غير ناعيه

آثاره ومؤلفاته:

المترجم له تصانيف جمة في الفقه وأصوله والرياضيات والطبيعيات والتفسير وغير ذلك ما بين كتب ورسائل، فمنها في الفقه، بصائر المجتهدين في شرح تبصرة المتعلمين للعلامة الحلي وهو كتاب شافي وافي مبسوط في الاستدلال كثير الفروع غزير الاحاطة لا سيما في المعاملات استوفى فيه تمام الفقه في ضمن خمسة عشر مجلدا من أول الطهارة الى آخر الديات عدا الحج. ومختصر هذا الكتاب: وقد اختصره في ضمن ثلاث مجلدات وهو على اختصاره كثير النفع لا يكاد يشذ عنه فرع مع الاشارة الى الدليل، مواهب الافهام في شرح شرايع الاسلام: في سبع مجلدات وهو كتاب في الاستدلال مبسوط لا يكاد يشذ عنه فرع مع الاشارة الى الدليل، مواهب الافهام في شرح شرايع الاسلام: في سبع مجلدات وهو كتاب في الاستدلال مبسوط لا يكاد يوجد في كتب المتأخرين أبسط منه جمع فيه بين طريقة الاستدلال والتفريع وما يقتضي له التعرض من أحوال رجال الحديث. نفائس الاحكام برز منه أكثر العبادات والمعاملات وهو حسن التأليف واسع الدائرة لا ينفك عن الاشارة الى أدلة الاحكام مع ما اشتملت عليه مقدمته من المسائل الاصولية، واليه يشير السيد حيدر الحلي في احدى قصائده:

له « نفائس » علم كلها درر

والبحر يبرز عنه أنفس الدرر

لو أصبحت علماء الارض واردة

منه لما رغبت عنه الى الصدر

القواعد الكلية الفقهية: حسن الترتيب جاعلا للقواعد كلا

٢٧٥

في بابه للسهولة على طلابه، فلك النجاة في أحكام الهداة: وافية بتمام العبادات، وسيلة المقلدين الى احكام الدين برز منها كتاب الطهارة والصلاة والصوم والاعتكاف حسنة الاختصار، رسالة في المواريث بتمام أحكامه جيدة التفريع، رسالة في الرضاع وتسمى اللمعات البغدادية في الاحكام الرضاعية، رسالة تشتمل على بيان أحوال الانسان في عوالمه وما يكون فيه سببا في تكليف غيره من الاحكام الشرعية الفقهية وهي آخر تأليفاته وتصنيفاته وعليها جف قلمه الشريف كتبها في مكة المشرفة، منسك في أحكام الحج كبير، منظومة في الفقه برز منها تمام العبادات، شرح اللمعة الدمشقية برز منه أكثر العبادات على اختصار ولم يتمه.

وأما كتبه الاصولية فمنها: الفرائد: برز منه من أول الاصول الى آخر النواهي خمس مجلدات ضخام مبسوطة جدا على طريقة المتأخرين، الودائع: واف بتمام المسائل الاصولية سلك فيها مسلك القدماء في التأليف، المهذب: جمع في كلمات التوحيد الآغا البهبهاني مرتبا لها من أول علم الاصول الى آخر التعادل والتراجيح مع تهذيب منه وتنقيح واختيارات وزيادات، الموارد: هو متن حسن الاختصار تام، شرح قوانين الميرزا القمي برز منه جملة من الادلة العقلية وبعض التعريف واشتمل على فوائد جليلة، رسالة في حجية خبر الواحد، منظومة وافية بتمام علم الاصول حسنة السبك جيدة النظم سماها السبائك المذهبة، رسالة في آيات الاصول مبتكرة في بابها فيها كل آيه يمكن ان يستدل بها على مطلب أصولي من أول المبادئ اللغوية الى آخر التعادل والتراجيح والكثير منها لم يذكره الاصوليون بكتبهم، رسالة في شرح الحديث المشهور بحديث ابن طاب المروي

٢٧٦

عن الامام الصادق (ع) وقد أشار الى هذا الحديث السيد بحر العلوم في منظومته حيث يقول:

ومشي خير الخلق بابن طاب

يفتح منه أكثر الابواب

وحيث أن الكثرة في لسان الشرع تحمل على الثمانين استنبط منه - ره - ثمانين بابا أربعين في الاصول وأربعين في الفقه.

وله كتب ورسائل في علوم متفرقة منها: مضامير الامتحان في علم الكلام والميزان برز منه علم الميزان وتمام الامور العامة وأكثر الجواهر والاعراض، آيات المتوسمين في أصول الدين في ضمن مجلدين، قلائد الخرائد في أصول العقائد(1) ، القلائد الحلية في العقائد الدينية، رسالة في أبطال الكلام النفسي.

وله في التفسير: رسالة في تفسير الفاتحة، تفسير سورة القدر، تفسير سورة الاخلاص، رسالة في شرح الحديث المشهور: حب علي حسنة لا تضر معها سيئة، رسالة في شرح كلمات أمير المؤمنين (ع) من خطبة من نهج البلاغة وهو قوله (ع): لم تحط بها الاوهام بل تجلى لها بها وبها امتنع عنها واليها حاكمها(2) ، مشارق الانوار في حل مشكلات الاخبار، شرح جملة من الاحاديث المشكلة كحديث: من عرف نفسه فقد عرف ربه، وغيره وليته أتمه، الصوارم الماضية في تحقيق الفرقة الناجية واليه يشير السيد حيدر الحلي في قصيدة يمدحه فيها:

فاستلها صوارما فواعلا

فعل السيوف ثكلت أغمادها

رسالة في أجوبة المسائل البحرانية، رسالة في أسماء قبائل

__________________

1 - أقول طبع أخيرا في مطابع بغداد بتحقيق السيد جودت القزويني.

2 - طبعت بعنوان « النور المتجلي في شرح كلام أمير المؤمنين علي » بتحقيق السيد جودت القزويني.

٢٧٧

العرب مرتبة على الحروف الهجائية، كتاب الاقفال وهو متن في علم النحو في غاية الاختصار. قال ولده العلامة السيد حسين فيما كتبه عنه من ترجمة حياته وبيان مؤلفاته: - هذا ما وقفنا عليه من تصانيفه الموجودة المحفوظة واما ما لم نقف عليه مما عرض له التلف لكونه تداولته أيدي المشتغلين للمطالعة والمراجعة فمن ذلك الفوائد الغروية في المسائل الاصولية. وكتاب معارج النفس الى محل القدس في الاخلاق والطريقة. ومنظومة تسمى مسارب الارواح في علم الحكمة، وكتاب معارج الصعود في علم الطريقة والسلوك، وكتاب مختصر للامور العامة والجواهر والاعراض في علم الكلام. وشرح منظومة تجريد العقائد. وكتاب قوانين الحساب، في علم الحساب. ومنها شرح ألفية ابن مالك في النحو. ومنها كتاب المفاتيح في شرح الاقفال في النحو ايضا وحاشية على المطول للتفتازاني. وحاشية على شرح التفتازاني في الصرف وجميعها لم تقف منها على رسم ولا سمعنا منها سوى الاسم تلف جلها بسبب تفرق أوراقها عند المشتغلين واضمحلالهم في الطاعون. 1 هـ.

وقد كتب العلامة الحجة السيد حسين القزويني المتوفى 1325 ترجمة لوالده سيدنا المترجم له في رسالة خاصة تتضمن مراحل حياته أطلعني عليها الشاب البحاثة السيد جودت السيد كاظم القزويني. وقد رأيت له جملة قصائد في رثاء الامام الحسين (ع) منها قصيدة مطلعها:

أهاشم لا للبيض أنت ولا السمر

ولا أنت للقود الهجان ولا المهر

وأخرى أولها:

مصاب يعيد الحزن غضا كما بدا

قضى أن يكون النوح للناس سرمدا

وما أنتجت أم الرزايا بفادح

بمثل الذي في كربلا قد تولدا

٢٧٨

الشيخ لطف الله الحكيم

المتوفى 1300

لطف الله بن يحيى بن عبدالله بن راشد بن علي بن عبد علي ابن محمد الحكيم الخطي. كان فاضلا تقيا ورعا له أياد بيضاء أوجبت محبته في القلوب، له مراث كثيرة في أهل البيت، فمن شعره هذه المرثية:

ألغير كاظمة يروق تغزلي

حيا الحيا ساحاته من منزل

واذا كلفت به وغصن شبيبتي

غض وصبغة صبوتي لم تنصل

وظباه كن أوانسا لي تبتغي

وصلا فتعمل حيلة المتوصل

حتى انجلى ليل الشباب وبان صـ

ـبح الشيب فوق مفارقي كالمشعل

فنسيت بعدهم العقيق ولعلعا

والمنحنى وربيع دارة جلجل

وجذبت من يد صاحبي كفي على

( سقط اللوى بين الذحول فحومل )

وطلبت من كرم الكريم وسيلة

لرضاه في حالي وفي مستقبلي

حتى اهتديت لخير كل وسيلة

باب النجاة ونجحة المتوسل

المصطفى والمرتضى وبنوهما

الابرار خير مكبر ومهلل

أهل النبوة والامامة والكرامة

والشهادة والمقام الاكمل

وسمعت واعية الطفوف وما جرى

فيها من الرزء العظيم المهول

أبكي الحسين وآله في كربلا

قتلوا على ظمأ دوين المنهل

ماتو وما بلوا حرارات الحشا

الا بطعنة ذابل أو منصل

يا كربلا ما أنت الا كربة

ذكراك أحزنني وساق الكرب لي

٢٧٩

مذ أقبل الجيش اللهام كأنه

قطع الغمام وجنح ليل أليل

بأبي وبي أنصاره من حوله

كالشهب تزهو في ظلام القسطل

أفديه وهو مخاطب أنصاره

يدعوهم بلطيف ذاك المقول

يا قوم من يرد السلامة فليجد

السير قبل الصبح وليترحل

فالكل قال له على الدنيا العفا

والعيش بعدك يا ربيع الممحل

أنفر عنك مخافة الموت الذي

لا بد منه لمسرع أو ممهل

والله طعم الموت دونك عندنا

حلو كطعم السلسبيل السلسل

فجزاهم خيرا وقال ألا انهضوا

هيا سراعا للرحيل الاول

فتوطئوا الجرد العتاق وجردوا

البيض الرقاق بسمر خط ذبل

من كل صوام النهار وقائم

جنح الظلام يزينه النسب العلى

من فوق كل أمون عثرات الخطى

صافي الطلاء مطهم ومحجل

ما زال صدر الدست صدر الر

تبة العليا صدر الجيش صدر المحفل

يتطاولون كأنهم أسد على

حمر فتنفر كالنعام الجفل

ومضوا على اسم الله بين مكبر

ومسبح ومقدس ومهلل

يتسابقون الى المنون تسابق الهـ

ـيم العطاش الى ورود المنهل

حتى قضوا فرض الجهاد وصرعوا

فوق الوهاد كشهب أفق أفل

صلى الاله عليهم وسلامه

وسقى ثراهم صوب كل مجلجل

ايضاح

سبق وان ترجمنا في الجزء الخامس للشيخ لطف الله بن محمد بن عبد المهدي بن لطف الله بن علي البحراني الجد حفصي ونسبنا القصيدة المذكورة له، ثم ترجمنا في الجزء الخامس ايضا لحفيده: الشيخ لطف الله بن علي بن لطف الله، والان يأتي دور سميهما والمتأخر عنهما في الزمن.

٢٨٠