• البداية
  • السابق
  • 323 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 43604 / تحميل: 6168
الحجم الحجم الحجم
العمل وحقوق العامل في الإسلام

العمل وحقوق العامل في الإسلام

مؤلف:
العربية

عنها، ولا يكتسب بها، وذلك كالذبابة لانها تفضي الى قسوة القلب، وسلب الرحمة من النفس، وانما تكره اذا اتخذها المسلم حرفة وصنعة، لا مجرد فعلها وقد يكون العمل مباحاً ولكن أخذ الاجرة عليه مكروه وذلك كالحجامة، وأخذ الاجرة على تعليم القرآن الكريم، ونسخه، وككسب القابلة، وغير ذلك من الاعمال التي ذكرتها كتب التشريع الاسلامي بالتفصيل.

5 - الاعمال المباحة

والاعمال المباحة وهي لا تكون راجحة، ولا مرجوحة من ناحية الفعل والترك، وذلك كالعمل لزيادة الاموال في غير الجهات الراجحة والمرجوحة.

4 - انواعه

العمل الذي يكون موجباً لملكية العامل، أو لاستحقاق الاجرة عليه على صور وأنواع. وقبل أن نذكر ذلك نود أن نوضح مفهومين يتبناهما الاسلام ويخالف فيها المفاهيم التقليدية الشائعة عندنا الآن:

1 - إن مفهوم العمل والعامل ليس مفهوماً (تجزيئياً)

١٦١

يختص بخصوص العامل في غير القطاع الزراعي بل إنه مفهوم (شامل) لكل عامل يقدم عملاً نافعاً له أو لمجتمعه. فالعامل إذن في المفهوم الاسلامي هو ما يشمل العامل في اللغة الحاضرة والفلاح ايضاً، فاذا ورد عن الاسلام تثمين واشادة بالعمل وبجهود العامل فانه شامل لكلا الحقلين وناظر الى الفلاح والعامل معاً.

2 - وانطلاقاً من هذا المفهوم الشامل الذي يتنباه الاسلام فانه يرى ايضاً أن العامل لا يختص بخصوص الاجير الذي يعمل بأجرة والمزارع الذي لا يملك الارض (كالمفهوم الذي تتبناه الانظمة الحالية) بل إنه يشمل العامل الذي يملك الاداة والمزارع الذي يملك الارض أيضاً وذلك عن طريق التشريعات التي شرعها في هذا المجال والتي تهيئ التملك في أغلب الاحوال، وبسبب من المفاهيم التي أطلقها في أحاديثه حيث نظر فيها كلا من المالك والاجير سواء في الحقل الصناعي أو الحقل الزراعي ونقدم عرضاً لبعضها وهي:

1 - احياء الموات

من الاعمال الموجبة للملكية شرعاً إحياء الارض الموات ولا بد من ذكر بعض الجهات المتعلقة بها وهي:

١٦٢

1 - تعريف الموات

ويقصد بالارض الموات المعطلة التي لا ينتفع بها لانقطاع الماء عنها، أو لاستيلاء المياه والرمول، أو السبخ عليها، أو التفاف القصب أو الاشجار، وغير ذلك من الامور الموجبة لتعطيلها وعدم الانتفاع بها.

2 - معنى الاحياء

والمراد بالاحياء جعل الارض صالحة للانتفاع بها بعد ما كانت معطلة، وذلك بجلب الماء لها ان كانت خالية من الماء أو يتجفيفها بعد ما كانت مغمورة بالماء أو باصلاح سبخها ان كانت سبخة، وغير ذلك من الامور التي توجب الانتفاع بها بعدما كانت غير صالحة للنفع.

3 - ملكية المحيي

وتظافرت الاخبار بملكية المحيي للارض، فقد صح عن النبي (ص) انه قال: « من أحيا مواتاً فهي له » وعن أبي عبد اللّه (ع) ان رسول اللّه (ص) قال: « من غرس شجراً أو حفر وادياً لم يسبقه اليه أحد، أو أحيا أرضاً ميتد فهي له قضاء من اللّه ورسوله » وفي صحيح ابن مسلم « أيما

١٦٣

قوم أحيوا شيئاً من الأرض، وعمروها فهم أحق بها وهي لهم »(1) وفي رواية أخرى عن النبي (ص) « من عمر أرضاً ليست لأحد فهو أحق بها »(2) .

وعن أسمر بن مضرس، قال: أتيت النبي (ص) فبايعته، فقال: من سبق الى ما لم يسبق اليه مسلم فهو له، قال: فخرج الناس يتعادون (أي يسرعون) يتخاطون (أي يضعون على الارض علامات بالخطوط)(3) الى غير ذلك من الاخبار التي دلت بوضوح، على ملكية المحيي للارض.

إن ملكية المحيي للارض من أفضل الطرق وأصحها لتوزيع الاراضي وعمرانها، وإيصالها الى أكبر عدد ممكن وذلك لجهتين:

« الأولى » إن حلية الاراضي مجاناً من دون أن يكون لأحد حق الاحتكار أو فرض الاجور عليها تؤدي حتماً الى مبادرة جميع المواطنين وقيامهم بالاحياء للظفر بارباحها، الامر

____________________

1 - جواهر الاحكام.

2 - رواه البخاري واحمد.

3 - رواه ابو داود.

١٦٤

الذي يوجب القضاء على البطالة، واستفادة الامة حكومة وشعباً بوارداتها.

« الثانية » إن الاسلام جعل سبب التمليك هو الاحياء، والانسان مهما بلغ من القوة لا يتمكن بحسب العادة أن يحيي أرضاً واسعة، ومن المستبعد جداً لما كان الاحياء حقاً عاماً للجميع أن يقوم شخص باحياء الارض لغيره ويترك نفسه.

إن ملكية المحيي للارض هي أعظم طريق وقائي يقي المجتمع الاسلامي من تضخم الملكيات في الاراضي الزراعية المسماة في العصر الحديث بالاقطاع.

4 - صورها

الارض الموات على صورتين « الاولى » الموات بالاصل وهي على قسمين:

1 - ان المحيي لها لا يعلم مسبوقيتها بالملك لاحد.

2 - ان المحيي لها يعلم عدم تملك أحد لها، وذلك كصفحات الجبال واكثر المفاوز والبراري وما شاكل ذلك.

والحكم في الصورتين عند الشيعة الامامية أنهما ملك للامام عليه السلام عند حضوره وفي زمان (الغيبة) يملكها المحيي من غير فرق بين أن يكون مسلماً أو كافراً، ولا يحتاج الى إذن

١٦٥

من الحاكم الشرعي.

« الصورة الثانية » وهي الاراضي الميتة بالعارض بعد ما كانت مسبوقة بالملك والاحياء، وهي على قسمين:

1 - ما باد عنها أهلها، وصارت بسبب مرور الزمان عليها بلا مالك وذلك كالاراضي الدارسة، والقرى والبلاد الخربة.

والحكم في هذه الصورة أن المحيي يملكها في زمان الغيبة، ولا تعامل معاملة مجهول المالك ولا يحتاج تملكها الى إذن من الحاكم الشرعي بل يملكها المحيي والمعمر بنفس الاحياء والتعمير.

2 - ما كان لها مالك ولكنه مجهول، فيجوز إحياؤها، والقيام بتعميرها، ولكن وقع الخلاف في ملكية المحيي لها فذهب المشهور من الفقهاء الى ذلك، وذهب فريق آخر الى لزوم الفحص عن صاحبها، فان ظفر به فلا بد من مراجعته، والاتفاق معه، وان لم يظفر به فتعامل معاملة مجهول المالك ولا بد فيها من مراجعة الحاكم الشرعي ليرى رأيه فيها.

وهناك صورة أخرى: وهي ما إذا كان المالك معلوماً وأهملها حتى طرأ عليها الخراب، فان أعرض عنها كان لكل أحد احياؤها، والانتفاع بها، وان لم يعرض عنها، ولكنه ترك تعميرها اما لعدم الاعتناء بها، أو لعدم حاجته اليها،

١٦٦

فذهب بعض الفقهاء الى إبطال حقه فيها، ويجوز للغير احياؤها وتملكه لها، وقد تمسكوا بعموم قوله: « من أحيا أرضاً ميتة فهي له » كما استدلوا بصحيحة ابن خالد الكابلي عن الامام الباقر (ع) قال:

« وجدنا في كتاب علي (ع) ان الارض للّه يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين، الى أن قال: وإن تركها أو خربها فأخذها رجل من المسلمين من بعده فعمرها وأحياها فهو أحق بها من الذي تركها »(1) .

والرواية صريحة الدلالة على ملكية المحيي للأرض، وهناك روايات أخرى استدل بها القوم على اثبات ذلك. وأما ما ذهب اليه فقهاء العامة فقد ذكروا ان المحيي للأرض اذا تركها أجل ثلاث سنوات فاذا مضت ولم يقم باحيائها انتزعت منه، وأعطيت لغيره، واستدلوا على ذلك بما ورد من أن الرسول (ص) قال: « عادي الارض للّه وللرسول (ص) ثم لكم من بعد فمن أحيا أرضاً ميتة فهي له، وليس لمحتجز حق بعد ثلاث سنين »(2) ، وقال عمر: « من عطل أرضاً ثلاث

____________________

1 - الروضة كتاب احياء الموات.

2 - الخراج لابي يوسف: ص 65.

١٦٧

سنين لم يعمرها فجاء غيره فعمرها فهي له »(1) ، وقال عمر: (من أحيا أرضاً ميتة فهي له، وليس لمحتجز حق بعد ثلاث سنين).

وعلى أي حال فان تشريع الاسلام لملكية موات الارض يعود بالخير والفائدة للجميع ويقضي على الفقر والحرمان.

2 - الزراعة وأهميتها

الزراعة من العناصر الرئيسية التي تتوقف عليها الحياة العامة، وقد نظر الاسلام اليها نظرة بالغة الاهمية فدعا اليها وحث عليها، فقد قام الرسول الاعظم (ص) بنفسه يغرس النخل. وكذلك عمل الامام أمير المؤمنين وأبناؤه الطيبون من بعده في حقل الزراعة ليبينوا للمسلمين أن لا حياة لهم الا بالعمل والانتاج.

لقد حث الاسلام على عمران الأرض بالزرع والغرس لأنها كانت المصدر الوحيد لثروة الأمة في ذلك العصر، وجاء في عهد الامام أمير المؤمنين (ع) الى مالك الاشتر عامله على مصر ما نصه:

____________________

1 - الخراج ليحيى بن آدم: ص 91.

١٦٨

وليكن نظرك في عمارة الارض أبلغ من نظرك في استجلاب الخراج لأن ذلك لا يدرك الا بالعمارة، ومن طلب الخراج بغير عمارة أخرب البلاد، وأهلك العباد »(1) .

ان الاسلام يأمر بعمران الارض ليظفر الانسان بخيراتها ونعمها حتى يسلم من البؤس، والفاقة. يقول الامام أمير المؤمنين (ع):

ان معائش الخلق خمسة: الامارة، والعمارة، والتجارة والصدقات، الى أن قال: وأما وجه العمارة فقوله تعالى: (هو الذي انشأكم من الارض واستعمركم فيها) فأعلمنا سبحانه انه قد أمرهم بالعمارة ليكون ذلك سبباً لمعائشهم بما يخرج من الارض من الحب والثمرات، وما شاكل ذلك مما جعله اللّه معائشاً للخلق(2) .

لقد تظافرت الاخبار الكثيرة بفضل الزراعة والحث عليها فعن أبي عبد اللّه (ع) قال: سئل النبي (ص) أي الاعمال خير ؟ فقال: زرع يزرعه صاحبه وأصلحه، وأدى حقه يوم

____________________

1 - نهج البلاغة محمد عبده 4 / 106 - 107.

2 - الوسائل: كتاب المزارعة.

١٦٩

حصاده(1) وسأل رجل الامام الصادق (ع) فقال له:

جعلت فداك، اسمع قوماً يقولون: ان الزراعة مكروهة ؟!

فقال (ع): ازرعوا، واغرسوا فلا واللّه ما عمل الناس عملاً أحلّ، ولا أطيب منه(2) وعن مالك بن أنس قال: قال رسول اللّه (ص) ما من مسلم يغرس غرساً أو يزرع زرعاً، فيأكل منه طير أو انسان أو بهيمة الا كان له به صدقة(3) .

وقال الامام الصادق (ع) « الكيمياء الاكبر الزراعة » وقال (ص): من أحيا أرضاً ميتة، ثقة باللّه عز وجل، واحتساباً كان حقاً على اللّه سبحانه وتعالى أن يغنيه، وان يبارك له »(4) ودخل (ص) على أم ميسر الانصارية في نخل لها، فقال (ص) لها:

- من غرس هذا النخل أمسلم أم كافر ؟ ؟

- بل مسلم.

- لا يغرس مسلم غرساً، لا يزرع زرعاً، فيأكل منه انسان

____________________

1 - العروة الوثقى 2 - 285 طبع بيروت.

2 - الوسائل.

3 - صحيح البخاري كتاب المزارعة.

4 - الترغيب والترهيب للحافظ اسماعيل بن محمد.

١٧٠

أو دابة، أو سبع الا كانت له به صدقة(1) .

وعن جابر ان رسول اللّه (ص) قال: من كانت له أرض فليزرعها أو ليمحنها أخاه(2) .

الى غير ذلك من الاخبار والاحاديث التي حثت على الزراعة.

____________________

1 - صحيح مسلم.

2 - صحيح البخاري.

١٧١

١٧٢

1 - الفلاح في النظام الاسلامي

١٧٣

1 - منزلة الفلاح وحقوق

وأشاد الاسلام بالفلاح، ورفع من مكانته، وأعطاه وساماً، من أسمى أوسمة الشرف في الدنيا والآخرة، فقد روى يزيد بن هارون، قال سمعت أبا عبد اللّه (ع) يقول:

« الزارعون كنوز الأنام، يزرعون طيباً أخرجه اللّه عز وجل، وهم أحسن الناس مقاماً، وأقربهم منزلة، يدعون المباركين ».

وهل هناك منزلة أرفع من هذه المنزلة، فهم كنوز الأنام، وأقرب الناس منزلة عند اللّه كما يدعون بالمباركين يوم القيامة.

ويكفي للدلالة على أهمية الفلاح ان مهنته من أعمال الانبياء، فقد روى محمد بن عطية، قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

« إن اللّه عز وجل اختار لأنبيائه الحرث والزرع كيلا يكرهوا شيئاً من قطر السماء ».

١٧٤

وروى الواسطي، قال: سألت جعفر بن محمد (ع) عن الفلاحين فقال (ع):

« الزارعون كنوز اللّه في أرضه، وما في الاعمال شيء أحب الى اللّه من الزراعة، وما بعث اللّه نبياً إلا زراعاً إلا إدريس فانه كان خياطاً »(1) .

الى غير ذلك من الاخبار التي دلت على تكريمه، وتبجيله وان له المنزلة الكريمة، والمكانة العليا في الاسلام.

2 - الفلاح وملكية الارض

ان الاسلام يهدف في مخططه التشريعي العام الى جعل الفلاح مالكاً للأرض أو مسيطراً على رقبتها وزمامها يتنعم بخيراتها ومحصولاتها الزراعية المتنوعة وذلك بتشريعة (لاحياء الموات) وجعله سبباً للتملك أو الحق الخاص الذي بواسطته يتجرد من سيطرة الاشخاص الآخرين ومشاركتهم له في الخيرات والثمرات. وذلك فبدلاً من أن يذهب الفلاح ليستأجر نفسه في أرض غيره تهيئ له الدولة ما يساعده على الاستقلال من المشاريع العامة في إحياء الاراضي بل ان طبيعة هذا التشريع تساعد على جعل الكل في الغالب مالكين لرقبة

____________________

1 - الوسائل.

١٧٥

الارض أو للحق الخالص فيها، حيث أن التشريع الاسلامي يهيئ الفرص للمسلمين وعليهم استغلالها لصالحهم ولصالح المستقبل الذي ينتظرهم.

3 - العناية به

واعتنى الاسلام بالفلاح عناية بالغة والزم الدولة بالتخفيف عنه في أخذ الخراج منه فيما اذا شكى ثقلاً أو علة في أرضه وقد جاء في عهد الامام أمير المؤمنين (ع) لعامله مالك الاشتر قال فيه:

« فان شكوا ثقلاً(1) أو علة(2) أو انقطاع شرب أو بالة(3) أو إحالة أرض اغتمرها غرق(4) أو أجحف بها عطش خففت عنهم بما ترجو أن يصلح به أمرهم، ولا يثقلن عليك شيء خففت به المؤونة عنهم، فانه ذخر يعودون به عليك في عمارة بلادك وتزيين ولايتك مع استجلابك حسن ثنائهم، وتبجحك باستفاضة العدل فيهم معتمداً فضل

____________________

1 - ثقلاً: المراد به المال المضروب من الخراج.

2 - علة: المراد بها نزول آفة سماوية اضرت بزرعهم.

3 - بالة: المراد شكايتهم من انقطاع ما يبل الارض من ندى او مطر

4 - اغتمرها: أي عمها الغرق.

١٧٦

قوتهم(1) بما ذخرت عندهم من إجمامك(2) لهم، والثقة بما عودتهم من عدلك عليهم في رفقك بهم فربما حدث من الأمور ما اذا عولت فيه عليهم من بعد احتملوه طيبة أنفسهم به فان العمران محتمل ما حملته وإنما يؤتى خراب الأرض من إعواز أهلها »(3) .

إن الدولة الاسلامية ملزمة بالعناية بالفلاح، وملزمة بتوفير العيش الرغيد له ولأفراد عائلته، وذلك بما سنه من الضمان الاجتماعي فيما اذا لم تف غلتهم بما يحتاجون اليه، وبالاضافة الى ان الاسلام يسعى بكل جهوده في سبيل أن يكون الفلاح مالكاً للأرض، وذلك بتشريعه لاحياء الموات الذي تقدم الكلام في بيانه على نحو التفصيل.

4 - المزارعة وشروطها

المزارعة من العقود اللازمة وهي طريق لاشراك الفلاح مع مالك الأرض في النماء والثمر فيما اذا لم تساعده الظروف على تملك قطعة من الأرض أو باعها لحاجة وعوز أو لغير ذلك

____________________

1 - أي متخذاً زيادة قوتهم عماداً لك تستند اليه عند الحاجة.

2 - إجمامك: أي اراحتك لهم.

3 - نهج البلاغة محمد عبده 4 - 107.

١٧٧

فيشترط في تحققها أمور ان تمت صحت.

1 - الايجاب والقبول:

ولا بد من الايجاب والقبول في الزراعة بين مالك الأرض والفلاح (فالايجاب) كقول المالك: زارعتك أو سلمت اليك الارض، ونحو ذلك من الالفاظ الدالة عليه. و (القبول) كقول الفلاح قبلت، وما شاكل ذلك، ويكفي فيه القبول الفعلي.

2 - البلوغ

وهو شرط بالنسبة لمالك الارض والفلاح فلا يصح العقد مع غير البالغ مطلقاً إلا مع وليه.

3 - العقل

ولا يصح العقد مع فاقد العقل سواء أكان مالكاً للأرض أم فلاحاً.

4 - الاختيار

وهو شرط في صحة العقد، فلا يصح مع الكره والاجبار ويظهر أثر ذلك جلياً بالنسبة للفلاح، فقد جعل الاسلام له الحرية والاختيار كي لا يكون أداة مسخرة بيد مالك الارض يفرض عليه ما يشاء من الشروط، وبذلك يقف الفلاح مع صاحب الارض وقفة الاخ مع أخيه لا تمايز لاحدهما على الآخر.

١٧٨

5 - عدم التحجير

ونظراً لمكانة المال في الاسلام فقد فرض التحجير على أموال الشخص ومنعه من التصرف فيها فيما اذا كان مصاباً بالسفه أو بالافلاس فلم يجز جميع معاملاته المالية، وهو شرط بالنسبة لمالك الارض، أما بالنسبة الى الفلاح فانه غير شرط فيه، وذلك لأنه ليس ثمة تصرف مالي كي يحجر عليه.

6 - اشتراك النماء

ولا بد أن يكون النماء مشتركاً بينهما، فلو جعل الكل لأحدهما لا تصح المزارعة، ولعل ذلك من أقوى العوامل النفسية فيدفع الفلاح الى مضاعفة جهوده برغبة وشوق لكي تعطى الارض ثمارها، فان كل مجهود يبذله يضاعف استفادته الخاصة من الارض، كما انه من أقوى العوامل لربطه بمزرعته فهو ليس إنساناً طارئاً عليها لا علاقة له بها فان النماء مشترك بينهما.

7 - اشاعته

ولا بد أن تكون الحصة المشروطة للفلاح أو لمالك الارض مشاعة في جميع النماء، فلا يصح أن يختص أحدهما بنوع خاص دون الآخر، لأن ذلك يؤدي لان يهتم الفلاح بالحصة

١٧٩

المشاعة أو بحصته ويهمل بقية المزرعة وبذلك يحرم المالك والمجتمع من نتاج الارض.

8 - تعيين الحصة

ولا بد من تعيين حصة الفلاح بمثل النصف أو الثلث ونحو ذلك، فلو قال صاحب الارض للفلاح: أزرع هذه الارض على أن يكون لك أو لي شيء من حاصلها لا تصح المزارعة وتبطل.

9 - تعيين المدة

ولا بد من تعيين مدة الزراعة بالاشهر أو السنين أو الفصل الذي يكون فيه الزرع، ومع عدم التعيين تبطل المعاملة.

10 - قابلية الارض

ولا بد أن تكون الارض التي يقع عليها العقد قابلة للزرع ولو بالعلاج فلو كانت سبخة لا يمكن الانتفاع بها، أو كان يستولي عليها الماء قبل إدراك الحاصل لا تصح المزارعة، ولعل اشتراط ذلك ناشئ من احترام الاسلام لجهود الفلاح ولكي لا تذهب أتعابه أدراج الرياح اذا جعل قابلية الارض للزرع والانتاج شرطاً أساسياً في صحة العقد ونفاذه.

11 - تعيين المزروع

ولا بد من تعيين نوع الزرع كالحنطة والشعير وغيرهما

١٨٠