• البداية
  • السابق
  • 323 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 43589 / تحميل: 6165
الحجم الحجم الحجم
العمل وحقوق العامل في الإسلام

العمل وحقوق العامل في الإسلام

مؤلف:
العربية

مع اختلاف الاغراض في ذلك، ومع عدم التعيين تبطل المزارعة.

12 - تحديد الارض

ولا بدّ من تحديد الارض التي وقع الاتفاق على زراعتها، ومع عدم بيان التحديد تفسد المزارعة وذلك للزوم الغرر المفسد للمعاملة.

13 - تعيين المصارف

ولا بد من تعيين من يقوم بالمصارف وسائر اللوازم التي تحتاج اليها المزارعة فهل هو صاحب الارض أو الفلاح، ومع الاهمال تبطل المزارعة.

وذهب الشيخ الطوسي الى أن البذر لا بد أن يكون من صاحب الارض خاصة.

هذا موجز الكلام في أحكام المزارعة، وهناك بحوث مهمة ذكرها الفقهاء تتعلق في ضمان حقوق الفلاح وصاحب الارض، وتلزم كلاً منهما أن يسير على وفق ما شرط عليه، وليس لهما أن يخالفا ذلك.

وعلى أي حال فان الفلاح في الاسلام حر كريم غير مستعبد لاحد يملك نتاجه ويستولي على ثمرة أتعابه من دون أن يكون سلطان لأحد عليه.

١٨١

إن أحكام المزارعة في الاسلام تشيد بكرامة الفلاح، وتمنحه الحرية الواسعة، وتحقق ما يصبو اليه من الكرامة.

3 - المساقاة

من الاعمال التي تترتب عليها الملكية في الاسلام هي المساقاة وقد جعلها الاسلام واسطة في الاشتراك مع المالك في ثمر الأصول والاشجار فقد روى يعقوب بن شعيب عن أبي عبد اللّه (ع): سألته عن الرجل يعطي الرجل أرضه، وفيها رمان أو نخل أو فاكهة، ويقول: اسق هذا من الماء، واعمره ولك نصف ما أخرج فقال (ع): لا بأس، وفي صحيح الحلبي قال: أخبرني أبو عبد اللّه (ع) أن أباه حدثه ان رسول اللّه (ص) أعطى خيبراً بالنصف أرضها ونخلها فلما أدركت الثمرة بعث عبد اللّه بن رواحة لاستحصال الثمرة الى غير ذلك من الأحاديث التي دلت على مشروعيتها، ولا بد لنا من ذكر المراد منها وبيان شرائطها، وأحكامها والى القراء ذلك.

1 - معناها

المساقاة في اللغة مشتقة من السقي وهي استعمال شخص في نخيل أو كروم أو غيرها لاصلاحها على سهم معلوم من غلتها، وهذا المعنى مساو للمعنى الشرعي إلا انه يشتمل على شرائط خاصة

١٨٢

يترتب عليها صحة العقد بخلاف المعنى اللغوي فالمغايرة بينهما من هذه الجهة(1) .

2 - شروطها

ويشترط في المساقاة الايجاب والقبول، والبلوغ والعقل بالنسبة للطرفين وأما عدم الحجر لسفه أو فلس فهو شرط بالنسبة لمالك الحقل، كما انه يشترط في الاصول أن تكون مملوكة عيناً أو منفعة فلا تصح إذا كانت مغصوبة، ويشترط في الاصول أن تكون ثابتة مغروسة فلا تصح في الودى (أي الفسيل قبل الغرس) كما انه يشترط تعيين المدة بالاشهر أو السنين فلا يصح الاهمال لأنه يؤدي الى النزاع والخصومة، كما لا بد أن يكون العقد قبل ظهور الثمرة أو بعده ولكن قبل نضوج الثمرة بحيث يحتاج الى سقي وما شاكله من الاعمال، ولا بد أيضاً من تعيين الحصة بأن تكون معينة كالنصف والثلث، كما انها لاتصح فيما اذا جعل لاحداهما مقدار معين والباقي للآخر كما انه يشترط تعيين الاعمال التي يقوم بها المالك والفلاح.

هذا مجموع ما ذكره الفقهاء من الشروط المعتبرة في صحة

____________________

1 - الفقه على المذاهب الاربعة 3 - 26.

١٨٣

المساقاة(1) فاذا تخلف بعضها فسدت المعاملة واذا تمت فتصح ويجب على العامل أن يقوم باصلاح الثمرة كحرث الأرض، والحفر التي يحتاج اليها، وتهذيب جريد النخل وذلك بقطع ما يحتاج الى قطعه، وكذا تهذيب أغصان الشجر المضر بقاؤها بالثمرة أو بالاصل، وكذلك تعديل الثمرة بازالة ما يضرها من الاغصان والورق ليصل اليها الهواء، وما تحتاج اليه من الشمس وكذلك يلزمه القيام بكل عمل يؤدي الى اصلاح الاصول واثمارها وليس له أن يساقي غيره إلا أن يأذن له مالك الحقل في ذلك.

وعلى المالك أن يقوم بما شرط عليه وليس له أن يتخلف عنه، كما ان عليه الخراج لأنه موضوع على الأرض والشجر فالمسؤل عنه مالكهما(2) .

واذا ظهرت الثمرة ملك العامل حصته يتصرف بها حيثما شاء من دون أن يكون سلطان لاحد عليه كما انه اذا انقضت المدة التي وقع العقد عليها فان للعامل الحرية التامة في تجديد العقد وعدمه.

هذا موجز البحث في المساقاة، وهي تضمن كرامة الفلاح

____________________

1 - العروة الوثقى 2 - 302 - 303.

2 - الروضة كتاب المساقاة.

١٨٤

ولم يكن بند من بنودها ينافي حريته وحقوقه.

وأما المغارسة فباطلة يقول آية اللّه العظمى السيد أبو القاسم الخوئي في بيان ذلك: المغارسة باطلة وهي أن يدفع أرضاً الى الغير ليغرس فيها أشجاراً على أن يكون الحاصل لهما(1) ولعل ذلك ناشئ من أن الاسلام لا يرتضي أن يكون العمل مع الشجر من شخص واحد والثاني أعني (مالك الارض) يشاركه في النماء.

وعلينا أن نشير الى حالة الفلاح في الاقطاع الأوربي، والى حالته في ظل النظام الشيوعي بعد تصفيته للاقطاع وتحويل المزارع الى الحقول الجماعية التي تملكها الدولة، وهل حقق ذلك رغبة الفلاحين وآمالهم، أو انه لم يحقق أي شيء من رغباتهم، والى القراء بيان ذلك:

2 - الاقطاع الاوربي

إن الاقطاع الأوربي الجائر يسلب كرامة الفلاح ويجعله قناً مستعبداً لصاحب الأرض لا يملك من أمره قليلاً ولا كثيراً ولا بد من الاشارة الى بيان نشأة الاقطاع هناك، والى نظام رق الأرض.

____________________

1 - المسائل المنتخبة رسالة عملية للسيد الخوئي دام ظله.

١٨٥

(أ) نشأة الاقطاع

ويعود السبب في نشأة الاقطاع في أوربا الى ان الامبراطورية الرومانية الغربية بعد حكم ملوك الجرمان لها لم تكن قد نجحت في تكوين سلطتها المركزية، فقد عمد أكثر ملوكهم الى نصضب قادة الجيش حكاماً للاقاليم، وسرعان ما اتخذ هؤلاء الحكام مظاهر الاستقلال، حيث أخذوا يجمعون الضرائب لا لحساب الملك، وإنما لحسابهم الخاص، وبذلك فقد الملوك حتى فرض الضرائب، وانشأوا بعد ذلك المحاكم الاقطاعية التي تحكم باسمهم لا باسم الملك، وبذلك خلعوا عن الملك سلطة القضاء.

وفي نفس الوقت الذي كان فيه الاقطاعيون يستقلون عن السلطة الملكية كانوا يؤكدون استقلالهم على من عهد اليهم بالحكم، وكان الشعب آنذاك مكوناً من فلاحين أحرار يزرعون الأرض لحسابهم الخاص فعمد الحكام الى سلب الاراضي منهم وقد اتخذوا لذلك جملة من الوسائل منها:

1 - المغالاة في الضرائب

وكان الحكام يغالون في وضع الضرائب على الفلاحين الأمر الذي اضطرهم الى الاستدانة حتى تزاكمت عليهم الديون فاضطروا الى تسليم أراضيهم للحكام.

١٨٦

2 - الارهاب

واتخذ الحكام جميع الوسائل الارهابية السافرة لارغام الفلاحين الاحرار على الانصياع لارادتهم في التخلي عن الاراضي وتسليمها اليهم مجاناً، فاستجاب الفلاحون لذلك وسلموا أراضيهم.

3 - الحماية من الغزو

وسعى الكثيرون من الفلاحين الى تسليم أراضيهم الى الحكام لأجل الحصول على حمايتهم من الغزو الخارجي الذي يقوم به الاقطاعيون الآخرون عليهم، فلم يكن لهم بد من الحماية إلا بتسليم الأراضي الى الحكام الذين يتولون السلطة هناك.

2 - نظام رق الأرض

وأقام الاقطاعيون بينهم وبين الفلاحين نظاماً فيما يعود الى الأرض، ويمكن أن نلخص معالمه الرئيسية الى النقاط الآتية:

1 - الارض ملك للاقطاعي الذي تلقى ملكيتها من الملك الذي عينه أو عين أحد آبائه حاكماً يحتفظ لنفسه بجزء من الارض تزرع لحسابه ويكون واردهاً له، وتوزيع بقية الارض بين الفلاحين الذين يلتزمون بزراعة حصته.

2 - يقوم الفلاح بزراعة الحصة التي أعطاها له الاقطاعي

١٨٧

ويلتزم بأن يعطي جزءاً معيناً من زراعته، كما انه يعمل بلا أجر في زراعة الارض التي احتفظ بها السيد لنفسه المسمى بنظام السخرة كما يلزمه بأن يؤدي لسيده خدمات وفرائض عينية أخرى.

3 - ما دام الفلاح يقوم بالتزاماته هذه فلا يملك السيد طرده من المزرعة، ويرث من بعده أولاده حق زراعة الارض على أن لا يؤدي الى تجزئة الحصة ولذلك ساد فيهم نظام توريث الارض للولد الاكبر.

4 - يلتزم الاقطاعي بحماية الفلاحين، وباقامة القضاء بينهم(1) .

5 - يقوم الفلاح بالهدايا لسيده في المناسبات المختلفة من حبوب ودواجن وغيرها ويعمل لخدمة سيده مجاناً في شق الانهار.

هذه بعض العلائق التي أقيمت بين الفلاحين ومالك الارض وهي تجعلهم أقناناً وأرقاء له يوجههم حيثما شاء لا إرادة ولا استقلال لهم في أمورهم.

____________________

1 - دروس في الاقتصاد السياسي ص 25 - 27.

١٨٨

3 - حالة الفلاح

أن حالة الفلاحين في ظل عهد الاقطاع الجائر مما تدعو الى الألم، فقد خيم عليهم البؤس والحرمان، وانتشرت الفاقة في ربوعهم، وصب عليهم الاقطاعيون ألواناً من العذاب والمهانة فأدى ذلك الى وقوع الثورات الهائلة بين صفوفهم مطالبين بكرامتهم وبتحقيق العدالة الاجتماعية في أوساطهم.

إن هذا اللون من الاقطاع الجائر لا يقره الاسلام ولا تربطه أي صلة به، فقد ذكرنا أحكام المزارعة في الاسلام، والمساقاة واحياء الموات وان أغلب بنودها كان من صالح الفلاح، وانه يتمتع بالحرية والكرامة لا سلطان لاحد عليه، وعلينا أن ننظر الى حالة الفلاح في ظل النظام الشيوعي والى القراء ذلك:

3 - في ظل النظام الشيوعي

عندما بدأت الثورة الشيوعية في اكتوبر (1917) كانت الاكثرية الساحقة من الشعب الروسي تتعاطى الزراعة، وقد ساند الفلاحون الشيوعيين في ثورتهم وقدموا المزيد من التضحيات في مساندتها لاجل التخلص من الاقطاعيين، وظلمهم، وكانت أبواق الشيوعية تذيع في أوساطهم ان الثورة الشيوعية من أجل الفلاح ومن أجل تحقيق رفاهيته وسعادته، وان الشيوعية هدفها

١٨٩

تمليك الارض للفلاح، والقضاء على الاقطاع، وان الفلاح يجب أن يعيش حراً كريماً يملك نتاجه، وثمرة أتعابه الى غير ذلك من ألوان الدعايات المضللة، ولا بد من ذكر بعض الجهات المتعلقة في ذلك وهي:

1 - منية الفلاح

ان استملاك الارض للفلاحين هي الامنية الكبرى التي تختلج في نفوسهم، والحلم الجميل الذي يداعبهم، وان بغية الفلاح في أي مكان كان هي أن يمنح قطعة من الارض يستغلها بنفسه، ويستفيد من ثمرها ونتاجها، ولو فتشنا عن دخائل نفسه لما كان يروم غير ذلك، وهذه الرغبة هي العامل الاساسي التي دفعت الفلاحين لتأييدهم الشيوعية وبذلهم المزيد من التضحيات في سبيلها.

2 - ضياع أمله

ولما استتب الامر في روسيا الى الشيوعيين، وقبض لينين على زمام الحكم أمر بمصادرة جميع الاراضي، وتمليكها الدولة، وقضي بذلك على أمل الفلاح وبغيته.

إن الاقطاع في روسيا تحول من الافراد الى الدولة، بصورة أفظع من الحالة الاولى، إذ ليس للفلاح أن يأخذ

١٩٠

لنفسه حفنة من الطعام الذي أرهق نفسه في انتاجه فهو يراه بيد الدولة تتصرف فيه ولا يملك من أمره شيئاً سوى النظر اليه مشفوعاً بالحسرات والآلام فان فاه بشيء أو أبدى المعارضة نعت بالتآمر ويساق الى محكمة الشعب لتصدر عليه حكم الاعدام أو الخلود في السجون.

لقد فرض نظام الشيوعية المراقبة الشديدة على الفلاحين خوفاً من تلاعبهم، وسرقتهم للحاصلات الزراعية، كما صب وابلاً من العذاب الأليم على كل من تخلى عن أداء واجبه، ولم ينفذ أوامر الدولة.

3 - الانتفاضة الكبرى

ولما رأى الفلاحون أن النظام الشيوعي قد حطم آمالهم، وأمانيهم وحرم عليهم ملكية الارض التي هي أسمى ما يصبون اليه في حياتهم، قاموا بثورتهم الكبرى، فاحرقوا الحاصلات الزراعية، وحرقوا الحيوانات، وأخذت الشرطة تعاملهم بلغة الرصاص والنار حتى قتل الملايين منهم، وقوبلوا بمنتهى القسوة والعذاب ولكن ذلك لم يثن من عزمهم فقد استمروا في ثورتهم فاضطر لينين الى أن يجيزهم امتلاك بعض الاراضي، وبعض المحاصيل بالرغم من أن ذلك يتنافى مع الفكرة الشيوعية.

١٩١

ولما تولى ستالين مقاليد الحكم حنق على الفلاحين ورأى أن ما أجازه لينين سيقوي فيهم النزعة الاستقلالية والكراهية للحكم المطلق الذي يقتضيه النظام الشيوعي، فصمم على إخضاعهم أو القضاء عليهم، فاعلن في ابريل سنة (1921 م) أول برنامج من برنامج السنوات الخمس الصناعية، وعبأ له جميع القوى، وجميع المواد حتى اذا أشرف هذا البرنامج على نهايته.

كان 70% من الفلاحين قد انخرطوا في سلك الصناعة وبذلك أصبحت طبقة الزراع في مركز ضعيف من حيث أثرها في الاقتصاد القومي.

وعنذئذ رأى ستالين أن الفرصة أصبحت مواتية له للقضاء على الفلاحين المعتزين باستقلالهم وكرامتهم، فأعلن عليهم حملته الشعواء، وقد وجهها - أولاً - الى طبقة « الكولاك » وهم صغار الملاكين من الزراع فصادر أملاكهم، وشردهم عن أوطانهم، ونفى عدداً كبيراً منهم الى اقاصي سيبريا، وأعدم ذوي المكانة منهم، ثم ساق الفلاحين الى المزارع الجماعية قهراً وقد ثار في وجهه جماعة من أقطاب الحزب الشيوعي فلم يرق لهم ذلك الظلم الفاحش الذي صبه على الفلاحين، ولكنه لم يعتن بهم وقال:

١٩٢

« عندما بدأ الحزب حملته الهجومية ضد « الكولاك » واتخذ اجراءات الطوارئ ضدهم قام « بوخاين رابو بكوف » وجماعته يخلعون القناع، ويختلقون نظرية تقضي بأن معركة يجب أن تخف حدتها على أثر كل نصر حققته الاشتراكية، وهم بذلك يكشفون الستار عن عقيدتهم البرجوازية، ويناقضون نظرية لينين »(1) .

أن من لا يبرر ما يرتكبونه من الظلم والاعتداء على المواطنين فهو في منطقهم يميل الى البرجوازية وان كان قطباً من أقطابهم، فالشيوعي الحقيقي هو الذي يجرد نفسه من جميع العواطف الانسانية، ولا يتأثر بما يراه من المجازر وإراقة الدماء التي يقدمها الشيوعيون قرابين في سبيل أهدافهم.

ويؤكد ستالين في حديثه التالي عن لزوم تحطيم « الكولاك » والقضاء عليهم في جميع المجالات قال:

إن مهاجمتنا للكولاك يجب أن لا تعني إلا شيئاً واحداً هو تحطيمهم والقضاء عليهم كطبقة، وبغير ذلك تكون حملتنا مجرد خدش لا يليق بهجوم بلشفي، فمعنى حملتنا على الكولاك

____________________

1 - تاريخ تعاليم المذهب ص 293.

١٩٣

أن نتخذ التدابير الملائمة، ثم نضربهم الضربة القاضية »(1) .

إن الشيوعيين لا يعرفون التسامح والتساهل، ولا يؤمنون إلا بوسائل التدمير والابادة، وقد برهنت أعمالهم في جميع المجالات على ما يتصفون به من القسوة والتنكر لجميع ألوان القيم والأخلاق.

4 - التضييق على الفلاح

ويقضي النظام الشيوعي بضرورة التضييق على الفلاح وعدم منحه قطعة أرض يستثمرها، وقد أعرب لينين عن السبب في ذلك بقوله:

« اذا أقام الفلاح على قطعة من الارض، واستأثر بفائض قمحه، أي القمح الذي لا يحتاج اليه لا لنفسه، ولا لماشيته في حين يظل جميع الآخرين بلا خبز، فان هذا الفلاح يستحيل إذ ذاك الى مستثمر »(2) .

إن النظام الشيوعي يقضي بسلب نتاج الفلاح، ونهب الفائض من أرباح سلعته بحجة انه يكون مستثمراً وانه يوجد في المجتمع الشيوعي من يحتاج الى لقمة العيش فلا بد من سلب

____________________

1 - مقررات لينين ص 270.

2 - مهمات منظمات الشباب تاليف لينين ص 17.

١٩٤

نتاج الفلاح الذي بذل في سبيله جميع جهوده وأتعابه، وأي فرق بعد هذا بين النظام الشيوعي، وبين الاقطاع الفردي ؟!!

إن الفلاح يعيش بائساً فقيراً في ظل النظام الشيوعي لا يجني من أتعابه سوى الكد والألم والحرمان.

5 - عدم ملكيته لآلات الزراعة

ويقضي النظام الشيوعي بعدم جواز تملك الفلاح لآلات الزراعة من المضخات، وأدوات الحرث وآلة الحصاد وغيرها لأنه لو ملكها لاصبح برجوازياً مستثمراً، وذلك يتنافى مع مبادئهم، فلا بد أن يرجع ربح الآلات للدولة فهي التي تستوفيه وتستولي عليه، وليس للفلاح أن يسعى للحصول على ذلك فانه يناهض مبادئهم وقد جاء ذلك في الدستور السوفياتي ما نصه:

« يتألف الاقتصاد الذي يقوم عليه الاتحاد السوفياتي من النظام الاقتصادي الاشتراكي، ومن التملك لأدوات الانتاج ووسائله، وهما اللذان ثبتت دعائمهما بعد تصفية النظام الاقتصادي الرأسمالي، وبعد الملكية الخاصة لأدوات الانتاج ووسائله »(1) .

إن الحيلولة بين الفلاح وملكية المزرعة وأدواتها تؤدي حتماً الى شل الانتاج الزراعي، وعدم إقبال الفلاح على العمل

____________________

1 - الدستور السوفياتي المادة الرابعة ص 3.

١٩٥

بطيب نفس، ولهذا السبب قام الفلاحون هناك باتلاف مواشيهم وحرق مزارعهم انتقاماً من القوانين الجائرة التي فرضت عليهم.

6 - إجباره على العمل

ويجبر الفلاح على الزراعة، وليس له أن يتخلى عنها وقد أعرب ستالين عن ذلك بتصريحه عام (1936) قال:

« يجب أن يكون مفهوماً أن نظام المزارع الجماعية لا يعني مجرد احتكار الدولة لكل مصادر الانتاج الزارعي، فحسب، بل يعني أيضاً جعل العمل شرطاً أساسياً للحصول على لقمة العيش فنحن لا نقيم المزارع الجماعية لتطعيم المتطفلين ».

إن النظام الشيوعي لو كان يواكب الفطرة الانسانية ويتفق مع ميول الناس لما احتاجت روسيا الى تطبيقه بالجبر والاكراه، ولما التجأت الى الوسائل غير الطبيعية في جميع مشاريعها.

7 - حرمانه من الأجور الاضافية:

إن الأجور الاضافية حق طبيعي لكل إنسان يعمل في غير الوقت المستأجر عليه في المزرعة أو في المعمل، ولكن النظام الشيوعي يقضي بان لا يمنح الفلاح الأجور الاضافية(1)

____________________

1 - الزراعة السوفياتية تأليف انيسمون ص 32.

١٩٦

وهذا غاية ما يتصور من الظلم والغبن للفلاح.

9 - عدم الحرية:

وليس للفلاح الحرية في جميع شؤونه، وإنما تدير أموره جمعية الكولخزين العامة فهي التي تضع له البرامج ليسير عليها وليس للفلاح الحرية في انتخاب أعضائها، وإنما ينتخبهم الحزب الشيوعي لتكون الجمعية أداة طيعة بيد الحزب تخدم مصالحه، وتنفذ غباته، وقد صرح خروشوف بضرورة انتخاب أعضاء هذه المؤسسة من قبل الحزب الشيوعي فقال:

« لقد أصبح كل شيء يتوقف على كفاءة الحزب الادارية منها والزراعية، وبالدرجة الاولى على حسن اختيار رؤساء الكولخزات »(1) .

إن الفلاحين ليس لهم بأي حال أن ينتخبوا ممثلين عنهم يطالبون برغباتهم وبما يصبون اليه، وانما الحزب الشيوعي ينتخب من يشاء ويفرضه على الفلاحين ليكون ممثلاً له لا لهم.

إن الفلاح في ظل النظام الشيوعي يذيب نفسه في كيان الدولة، ولا يتلقى إلا الخيبة والخسران لا أمل له في العيش الرغيد، ولا نصيب له من الرفاهية والدعة فهو مستعبد للدولة.

____________________

1 - بيان اللجنة المركزية الشيوعية في المؤتمر العشرين 108 - 109

١٩٧

تسلبه اختياره وتقضي على اصالة رأيه، وتوجهه حيث تشاء.

لقد استغلّ الشيوعيون سوء الحالة الاقتصادية التي مني بها الفلاح وإرهاق الاقطاعيين له وسيلة الى بث أضاليلهم ونشر اكاذيبهم بين الفلاحين فاذاعوا ان النظام الشيوعي يضمن لهم الحياة الطيبة الكريمة، وان الأرض بما فيها من غرس وأشجار مع آلات الزراعة هي ملك لهم فلا استغلال لجهودهم ولا سلطان لاحد عليهم الى غير ذلك من ألوان الدعايات الكاذبة التي تلبس الحق بالباطل وتموه على البسطاء والكادحين.

١٩٨

١٩٩

العامل

1 - في ظل النظام الرأسمالي

2 - في ظل النظام الشيوعي

3 - في ظل النظام الإسلامي

٢٠٠