أدب الطف الجزء ٩

أدب الطف0%

أدب الطف مؤلف:
الناشر: دار المرتضى للنشر
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 363

أدب الطف

مؤلف: العلامة السيد جواد شبر
الناشر: دار المرتضى للنشر
تصنيف:

الصفحات: 363
المشاهدات: 121919
تحميل: 6652


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 363 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 121919 / تحميل: 6652
الحجم الحجم الحجم
أدب الطف

أدب الطف الجزء 9

مؤلف:
الناشر: دار المرتضى للنشر
العربية

١

٢

٣

٤

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة على أفضل من علِم وعلّم سيد الخلق والصادق بالحق وعلى آل الميامين.

بهذا الجزء وهو التاسع من موسوعة ( ادب الطف ) أحسست بأن عملي قد تحقق نجاحه وأن البذرة قد أثمرت وآتت أكلها، فكثيراً ما سألني الادباء والعلماء عن عدد أجزاء هذه الفكرة وعندما يكون الجواب انها عشرة كاملة يستبطئ البعض تحقيق هذا الأمل وصعوبة انجاز العمل ولهم الحق بذلك إذ كثيراً ما نوى الباحثون والمؤلفون القيام بمهام كثيرة كبيرة وعندما واجهوا الحقيقة واصطدموا بالواقع تراجعوا أو وقفوا.

ولكن اليوم وقد أتمت هذه الموسوعة أجزاءها التسعة ورمت عن كاهلها ما كنت تنوء به من أثقال السنين الماضية وأدت رسالتها بأمانة واخلاص ولم يبق لها إلا جزء واحد يختص بالمعاصرين الذين ما زالوا على قيد الحياة فقد أحرزت نجاحها وحققت مستقبلها وبدأ الباحثون يحرصون على اقتنائها والاعتزاز بها والحمد لله أولاً وآخرا.

المؤلف

٥

تقريض سماحة العلامة السيد حسين نجل المغفور له السيد محمد هادي الصدر

بسم الله الرحمن الرحيم

فضيلة الاخ الكريم الخطيب الكبير البحاثة السيد جواد شُبّر المحترم

تحياتي وأشواقي ودعائي. وبعد فإن أبسط ما تفرضه عليّ أعراف الاخاء الصادق هو أن أبعث اليك بهذه السطور لاهنئك وأُهنئ بك. اهنيك بهذا الجهد الأدبي الضخم الذي بذلته في موسوعتك النفيسة ( أدب الطف ) فجاءت بتوفيق الله وتسديده فريدة الفصول رائعة البنود متكاملة الحلقات، نقية اللون، حلوة البيان، غزيرة المادة، عذبة الاسلوب. وهذا ما تستحق عليه التهنئة.

وإني لأثمّن وأُقدّر ما عانيت في هذا السبيل من متاعب وصعاب لم تثنك عن مواصلة السير حتى قاربت نهاية الشوط بصبر عجيب، وجلد نادر، وعزيمة ماضية، والمهم عندي ان عناءك المتواصل وأتعابك المضنية قد انصبت على موضوع هو في غاية الخطورة والأهمية، وهل هناك شيء أثمن من أن يجنّد المرء طاقاته وإمكاناته ويصل الليل بالنهار ليطلع على الامة بموسوعة جليلة كموسوعتك لا تستهدف إلا خدمة الحسينعليه‌السلام وقضيته ولا تعنى إلا بنفض الغبار المتراكم على تراث ولائي ثمين حجب عن رواد المعرفة والأدب هو في سُداه ولحمته انتصار للحق والفضيلة وتعظيم لأئمة الهدى والرشاد، ودعوة صريحة لانتهاج خط حياتي مشرق يستمد ينابيعه وأصوله من سيرة أبي الأحرار الحسين الشهيدعليه‌السلام ، ولست مبالغاً إذا قلت أن التهنئة لا تصلح إلا على مثل هذا العمل الهادف الجبار.

ثم أن كتابك الفريد هذا صدر من أهله ووقع في محله على حدّ تعبير الفقهاء

٦

وهذا ما يدعونا إلى أن نهنئ بك، فالمكتبة العربية كانت تفتقر إلى كتاب يتسم بلون من الاستيعاب والشمول لتراث شعراء العصور عبر امتداداتها الطويلة وعَبر الركام الهائل من انتاج أبنائها ينتقي اللآلئ من الفرائد والقصائد جاعلاً قضية الطف غرضه الرئيس ومطمحه الوحيد، وحين وفقتَ لذلك فقد ملأت فراغاً كبيراً وأسديت للمعنيين بقضايا الطف يداً لا تنسى تضاف إلى بيض أياديك وخدماتك الدينية المشكورة. وهناك شيء آخر لا بد أن أقف عنده قليلاً، ذلك أنك اخترت ( ادب الطف ) موضوعاً لموسوعتك ومن أولى منك بالنهوض بهذا العبء، فما تملكه من القدرات والامكانات لا يملكه الكثيرون من غيرك لممارستك المنبرية الطويلة وخبرتك العريضة.

وشيء جميل والعصر عصر الاختصاص أن يعكف المختصون من رجالنا كل في حقله وميدانه على موضوعات حيوية نافعة ليخرجوا لنا مثل هذه الروائع، لأن ذلك مما يتناغم مع اختصاصاتهم أولاً ومع روح العصر ثانياً ولا أملك في الختام إلا أن أشكرك جزيل الشكر على هديتك الثمينة ضارعاً اليه سبحانه أن يمدّك بكل ألوان التأييد لا كمال هذه الموسوعة القيمة.

واليك ازجي هذه القصيدة تقديراً لجهودك وجهادك:

( عطاء الجواد )

ضمخت منك بالهدى الابرادُ

وزكت همة وطاب جهاد

ان تكن عدتَ باحثاً ألمعياً

فبعلياك تنطق الاعواد

وتساميت مصدراً ( ادب الطف )

فراق الاصدار والايراد

روضة تزدهي بعطر المروءات

فتندى الاغصان والاوراد

وينابيعك الاصيلة رفّت

فاستقى من معينها الوراد

قد ملكت القلوب بالادب السمح

فباهت بجهدك النقّادُ

إن موسوعة الطفوف عطاءٌ

ليس يقوى عليه إلا ( الجواد )

٧

موّن الدين بالخلود ( حسين )

وبلألائه استنار العباد

فدماء الحسين أرسته صرحاً

وهي من شامخ البناء عماد

وفصول الفداء خطّت مساراً

بفتوحاته انتشت أمجاد

صورٌ تجتلى فتمتلئ النفسُ

رواءً ويستطاب الزاد

وبطولات كربلاء نشيد

كل يوم لحونه تستعاد

لوّن الطف صفحة الدهر ألواناً

وللظالمين منها السواد

* * *

في حنايا التاريخ ألف أُوارٍ

ليس يخبو لجمره إيقاد

محن الطف تستبيح البرايا

فتذوب القلوب والاكباد

وجراح الطفوف تدمي ومنها

عبرة إثر عبرة تستفاد

* * *

للحسين الشهيد في كل عصر

شعراء عن نهجه الحق ذادوا

يُستثارون والملاحم غرّ

ويصوغون والنثار رشاد

ولآلي البيان تلمع كالنجم

وضيئاً ويخلد الانشاد

لم يريقوا دماً زكياً ولكن

قد يصون الدم الزكيّ مداد

ولقد ضمّهم كتاب « جوادٍ »

فغدا حافلاً بما يُستجاد

بغداد - الكرادة الشرقية

29 شوال 1397 ه‍.

حسين السيد

محمد هادي الصدر

٨

غزوة القزويني

المتوفاة 1331

قالت في رثاء الامام سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين (ع) من قصيدة:

أيها المدلج في زيافة

قصدت في سائقيها النجفا

إن توصلت إلى حامي الحمى

في الغريين فأبدي الأسفا

قل له إن حسينا قد قضى

في شفار الكفر محزوز القفا

* * *

هناك جملة من النساء النابهات والأديبات الشهيرات اللاتي ترجمت لهن الكاتبة عائشة تيمور في ( طبقات ربات الخدور ) أما اللاتي هنّ في عصرنا أو قريبات من عصرنا ولهن المكانة المرموقة بالأدب والشعر والكتابة من بينهن صاحبة الترجمة العلوية ( غزوة ) المتوفاة سنة 1331 ه‍. والحاجة هداية بنت العلامة الكبير الشيخ محمد حسن كبّة المتوفى سنة 1336 وقد ترجمنا له سابقاً له وذكرنا شهرة هذا البيت الرفيع الذي خدم الأدب والعلم أكثر من قرن، والحاجة هداية هي والدة الشاعرة ( سليمة الملائكة - ام نزار ) المتوفاة سنة 1373 ه‍. والمصادف 1953 م. وجدة الشاعرة نازك الملائكة، والحاجة هداية تعيش اليوم في بغداد وتنظم الشعر العالي وقد وقفت على باقة فواحة من شعرها مدّ الله في حياة سليلة الأمجاد وسلالة الكرماء الأجواد.

والأديبة المصونة ( آمنة الصدر ) المعروفة ب‍ ( بنت الهدى ) فهي ما زالت

٩

تتحف المكتبة العربية بمؤلفاتها القيّمة وقد طبعت لها ما أنتجه قلمها وبيانها مما يستحق الدراسة.

أما الشاعرة غزوة فهي بنت السيد راضي ابن السيد جواد ابن السيد حسن ابن السيد أحمد القزويني، وجدها السيد جواد هذا هو أخو العلامة الكبير والمجتهد الشهير السيد مهدي الحلي القزويني صاحب التصانيف الكثيرة المتوفى سنة 1300 ه‍. وامها العلوية نازي بنت السيد مهدي المذكور.

ولدت في الحلة في حدود سنة 1285 ه‍. ونشأت في كنف أخوالها الأعلام وأنكبت على الدراسة فدرست العلوم العربية الفقهية وتتبعت مصادر الأدب والشعر بحكم بيئتها وتربيتها، فكانت تحفظ من أخبار العرب وقصصهم الشيء الكثير وتربّت بتربيتها جملة من نساء الاسرة وما يتعلق بها، وقد اقترنت بابن خالها السيد أحمد بن الميرزا صالح القزويني وهو عالم فاضل وأديب شاعر فوجهها بصورة أعمق وجعلها قابلة لهضم محاوراته العلمية في شتى المجالات.

وغزوة شاعرة مقبولة سريعة البديهة مشهود لها بطرافة الأدب وكان لها بذلك كل الفخر إذ أنها عاشت في عصر أشبه بالعصر الجاهلي وحكمه على المرأة ومما أعتقد أنها لم تشاهد في بلدها ومحيطها مَن تحسن الكتابة والقراءة ولا واحدة، وعزّت الكتابة والقراءة على الرجال آنذاك فما حال النساء.

توفيت رحمها الله في شعبان 1331 ه‍. ودفنت في مقبرة الاسرة وأبّنها الشعراء بما يليق بها.

١٠

السيد عيسى الأعرجي

المتوفى 1333

السيد عيسى ابن السيد جعفر ابن السيد محمد ابن السيد حسن ابن السيد محسن صاحب المحصول الحسيني الاعرجي الكاظمي، ترجم له في اعيان الشيعة فقال:

توفي في أواخر شوال سنة 1333 ه‍. في الكاظمية ودفن بها في بعض حجر الصحن الشريف. كان فاضلاً أديباً شاعراً فمن شعره قوله من قصيدة حسينية طويلة:

إلى كم أُمني بالطلا والغلاصم

عطاشى القنا والمرهفات الصوارم

وحتى متى أطوي على الضيم أضلعاً

وأغضي وفي كفّي رمحي وصارمي

ألست إلى البيت المشيد رواقه

نمتني اباة الضيم من آل هاشم

فإن لم أثب في شزّب الخيل وثبة

مدى الدهر يبقى ذكرها في المواسم

فلست الذي في دوحة المجد والعلى

تفرّع قدماً من علي وفاطم

وإن لم أثرها في العجاج ضوامراً

عليها مثار النقع مثل الغمائم

فلست قديماً بالذي راح ينتمي

لعبد مناف في العلى والمكارم

هم القوم إما ان دعوا لفضيلة

فما لهم في فضلهم من مزاحم

ومهما ترى في الدهر منهم مسالماً

فما لابن حرب فيهم من مسالم

بني هاشم أبناء حرب ببغيها

قد ارتكبت منكم عظيم الجرائم

١١

نسيتم غداة الطف أبناء أحمد

على الأرض صرعى من علي وقاسم

فقوموا غضاباً واشرعوها أسنّة

تلوّى على الاكتاف مثل الاراقم(1)

قال الشيخ السماوي في ( الطليعة ): وهي طويلة وله غيرها، توفي في أواخر شوال سنة الف وثلثمائة وثلاث وثلاثين في الكاظميين ودفن بها عند جده المحسن.

وفي مخطوطنا ( سوانح الافكار في منتخب الأشعار ) جزء ثالث صفحة 51 قصيدة في الزهراء فاطمةعليها‌السلام وهي للسيد عيسى الكاظمي، وأولها:

خطب يذيب من الصخور صلابها

ويزيل من شمّ الجبال هضابها

ويقول الشيخ في كتابه ( الطليعة ): انه كان فاضلاً خفيف الروح أديباً، رأيته واجتمعت به فرأيت منه الرجل الحصيف الرأي العالي الهمة المنبسط الوجه واليد وكان شاعراً في الطبقة الوسطى، فمن شعره قوله:

تراءت بليل مشرقات كواكبه

بصبح محياها تجلّت غياهبه

مهفهفة الاعطاف عقرب صدغها

على ملعب القرطين تبدو عجائبه

فبتّ أبث العتب بيني وبينها

وإن هي لا تصغي لما أنا عاتبه

أمخجلة الارام في لفتاتها

سألتك هل أت من العيش ذاهبه

فكم لجّ قلبي يوم بنت بزورة

إذا أفلس المديون لجّ مطالبه

وللشيخ عبد الحسين اسد الله المتوفى 1336 ه‍. والآتية ترجمته مؤرخاً وفاة السيد عيسى إبن السيد جعفر الاعرجي الكاظمي قال:

لله طارقة في الدين ما طرقت

سمع امرئ في الورى إلا وقد فزعا

مذ أقبلت رجّت الغبراء زلزلةٌ

منها وكادت بها الخضراء أن تقعا

قالوا قضى نحبه عيسى قفلت لهم

كلا لقد أخطأوا مرأى ومستمعا

ارخته ( بأبي حياً بهيكله

عيسى بن مريم روح الله قد رفعا )

__________________

1 - عن الطليعة من شعراء الشيعة.

١٢

حسين عوني الشمري

المتوفى 1334

قال من قصيدة في رثاء الامام الحسينعليه‌السلام :

رزء تصاغرت الرزايا دونه

المجد يندب والمكارم تعول

والمقربات على تنوّع جنسها

تبكي خواشع عينهنّ وتهمل

تالله في صدري من الأحزان ما

عنه الجبال الراسيات تزلزل

* * *

هو الشيخ حسين بن ملا عبد الله بن محمد بن أحمد الشمّري نسبة إلى العشيرة المعروفة ب‍ ( شمّر ) الحنفي المذهب البغدادي المولد.

أديب فاضل له نظم في أغراض متعددة طريفة، وله مؤلفات جليلة في مباحث متفرقة. منها متن في النحو كتبه لولده علاء الدين ووسمه ب‍ ( العلائية ) كما له رسائل في الفقه مختصرة رأيت بعض أوراقها الخطية.

ولد ببغداد سنة 1270 ه‍. ونشأ على يد والده المرحوم وكانت له دروس فيما أتقن من المباحث والعلوم يمليها على طلابه، وقد توفي بمسقط رأسه بغداد سنة 1334 ودفن في مسجد الشيخ الشبلي في الاعظمية، ومن شعره ما قاله في غرض لطيف:

ذهبنا نبتغي والقوم مالاً

لنقضي للمعالي بعض دين

ففاز القوم في مال كثير

واني عدتُ في خفيّ حنين

وما ذنبي سوى اني ( حسين )

( يزيد ) الدهر ظلماً في ( حسين )

فلا تعجب لأيام رمتني

فأهل الفضل اقذى كل عين(1)

__________________

1 - عن كتاب الرجال، حـ 1 ( المخطوط ) للباحث السيد جودت القزويني.

١٣

الشيخ عبد الحسين أسد الله

المتوفى 1336

ما للعيون قد استهلّت بالدم

أفهلّ - لا أهلاً - هلال محرم

حيّا بطلعته الورى نعياً وقد

ردوا عليه تحية بالمأتم

ينعى هلالاً بالطفوف طلوعه

قد حفّ في فلك الوغى بالانجم

يوم به سبط الرسول استرسلت

نحو العراق به ذوات المنسم

أدّى مناسكه وأفرد عمرة

ولعقد نسك الحج لما يحرم

ومن الحطيم وزمزم زمّت به

الأيام وهو ابن الحطيم وزمزم

في فتية بيض الوجوه شعارهم

سمر القنا ودثارهم بالمخذم

يتحجبون ظلال سمرهم إذا

ما الشمس ابيض وجهها للمحرم

يتلمضون تلمض الأفعى متى

نفثت اسنتهم بشهب الانجم

بلغوا بها أوج العلا فكأنها

لصعودهم كانت مراقي سُلّم

متماوجي حلق الدروع كأنها

ماء تزرد بالصبا المتنسم

من كل مفتول الذراع تراه في

وثباته وثباته كالضيغم

جعلوا قسيّ النبل من أطواقهم

وبروا من الاهداب ريش الأسهم

وتسنّموها شمائلاً ما إن بدا

برق تعنّ له ولمّا يعلم

ان أوخدت زفّت زفيف نعامة

واذا خدت سفّت سفيف القشعم

حفوا وهم شهب السماء بسيد

بدر بأنوار الإمامة معلم

حتى اذا ركزوا اللوى في نينوى

وإلى النوى حنّوا حنين متيم

١٤

وحمى الوطيس فأضرموا نار الوغى

وهووا عليها كالطيور الحوّم

وتقلّدوا بيض الضبا هندية

وبغير قرع الهام لم تتثلّم

والى الفنا هزوا قناً خطية

بسوى صدور الشوس لم تتحطّم

فكأن في طرق السنان لسمرهم

سراً بغير قلوبهم لم يكتم

وثنوا خميس الجيش وهو عرمرم

بخميس بأس في النزال عرمرم

حتى ثوت تحت العجاج كأنها الأ

قمار تحجب بالسحاب المظلم

نشوانة بمدام قانية الدما

لغليل أفئدة صواد أوّم

والعالمان تقاسما فرؤوسهم

تنحو السما والارض دامي الاجسم

فثنى ابن حيدرة عنان جواده

طلقا محياه ضحوك المبسم

وسما بعزمته على هام العلا

بسنابك المهر الاغرّ الادهم

ان سلّ متن المشرفي تتابعت

لعداه صاعقة البلاء المبرم

ذا الشبل من ذاك الهزير وإنما

تلد الضياغم كل ليث ضيغم

فسقاهم صاب الردى وسقوه من

راح الدماء عن الفرات المفعم

حتى إذا ما المطمئنة نفسه

بالوحي ناداها الجليل أن اقدمي

أضحى يجود بنفسه، وفؤاده

بمشعّب السهم المحدد قد رُمي

فتناهبوه فللظبا أشلاؤه

وحشا الفؤاد لسمرها والاسهم

ملقى ثلاثاً في الهجير تزوره

الاملاك بين مقبّل ومسلّم

وأجال جري الصافنات رحىً بها

من صدره طحنت دقيق الاعظم

بأبي عقائله الهواتف نوّحاً

ما بين ثاكلة واخرى أيّم

سلبت رداها واللثام أُميط عن

وجه بأنوار الجلال ملثّم

ومن الحديد عن الحليّ استبدلت

طوقاً لجيد أو سوار المعصم

وتصيح يا للمسلمين ألا فتى

يحمي الذمار ولا ترى من مسلم

مسبية مسلوبة مهتوكة

حملت على عجف النياق الرسّم

فتخال أوجهها الشموس وإنما

صبغت بحمر مدامع كالعندم

ومن الطفوف لارض كوفان إلى

نادي دمشق بها المطايا ترتمي

١٥

بأبي رضيع دم الوريد فطامه

في سهم حرملة ولما يفطم

فكأن نبلته محالب امه

وكأن ما درّت لبان من دم

إذ أنس لا أنسى العفرني ثاوياً

حلو الشمائل حول نهر العلقمي

ثاو وعين الشمس لم ترَ شخصه

مذ غاب في صعد القنا المتحطم(1)

آل اسد الله اسرة علمية برز فيها خلال القرنين الأخيرين عدد من رجال العلم والأدب وفي طليعتهم جدهم الاعلى فقيه عصره المعروف الشيخ اسد الله الكاظمي التستري المتوفى سنة 1234 ه‍. الذي عرفوا به وانتسبوا اليه. وكان من جملة من اشتهر منهم مترجمنا الفقيه الاديب الشيخ عبد الحسين ابن الشيخ محمد تقي ابن الشيخ حسن ابن الشيخ اسد الله الكاظمي. ولد في النجف الأشرف سنة 1283 ه‍. أيام كان أبوه يسكنها للدراسة وطلب العلم وقضى سني الطفولة هناك، ثم حل في الكاظمية - تبعاً لأبيه - وهو في الحادية عشرة من العمر، وبدأ فيها دراسته وتعلّمه على ضوء المنهج الدراسي السائد حينذاك وكان والده العلامة الشيخ محمد تقي هو الاستاذ الأكبر له خلال هذه المرحلة، وبدافع من ذكائه وألمعيته وجد في نفسه القدرة على البحث والتأليف فكتب رسالة في الاستثناء سماها ( المقابيس الغراء ) كما كتب كرّاساً في تفسير حديث ( اتباع النظرة النظرة ) وفي سنة 1310 ه‍. عاد إلى النجف لغرض الدراسة العليا والتخصص في علوم الدين على يد اعلام الشريعة فدرس على الفقيه الشيخ رضا الهمداني وغيره وكتب خلال مكثه في النجف حاشية على مباحث القطع من كتاب القطع من كتاب الرسائل في اصول الفقه للشيخ مرتضى الانصاري. وعاد إلى الكاظمية بعد إكمال دراسته العالية في سنة 1324 ه‍. فاذا به الفقيه البارز والمدرّس المرموق والفاضل المشهود له بالفضيلة، واتجهت به همته بعد عودته فقام بشرح كتاب استاذه الآخوند الخراساني في اصول الفقه شرحاً يقوم بمهمة ايضاح غوامض الكتاب وتبيان دقائقه وتفصيل ما أجمل فيه وفي غرة ربيع الثاني سنة 1330 ه‍ أتمّ كتابة الجزء الأول من الشرح المذكور وسماه ( الهداية في شرح

__________________

1 - مجلة البلاغ الكاظمية، السنة الخامسة.

١٦

الكفاية ) ثم عرض مسوّدة الكتاب على فقيه العصر الشيخ محمد تقي الشيرازي إمام الثورة العراقية فاعجب به وكتب له تقريضاَ، وقد تمّ طبع الجزء الأول من الكتاب بمطبعة الآداب ببغداد سنة 1331 ه‍. وكتب المؤلف على صفحته الاولى هذه الأبيات:

ما انفك يا بن العسكري تمسكي

أبداً بحبلٍ من ولاك متين

أقسمت أن أهدي اليك هدية

ولقد عزمت بأن أبرّ يميني

هذا الكتاب هدية مني لكي

أُعطى كتابي سيدي بيميني

نظم الشعر في مقتبل عمره وعالج أكثر ألوان الشعر من غزل ونسيب ووصف إلى تهان ومدائح ومراث، ومن اجتماعيات واخوانيات إلى اخريات في المناسبات الدينية، ومن قصائد عمودية وموشحة إلى مقطعات مخمّسة ومشطرة، وفي مجموع شعره نماذج رائعة تدل على شاعريته وسلامة ذوقه. ترجم له البحاثة الشيخ محمد حسن آل ياسين في مجلة البلاغ الكاظمية وجمع ما تسنّى له العثور عليه من شعره من غزل ومديح ورثاء وتخاميس وتشاطير وما جاء في أهل البيت وفي الحسين خاصة كما ترجم له الشيخ السماوي في ( الطليعة من شعراء الشيعة ) وذكر قصيدة من غزله واليكم بعض ما جاء في الترجمة، قال الشيخ السماوي:

فاضل أخذ الفضل عن أب فأب وتنقل اليه بالنسب وزانه بالحسب وضمّ اليه الأدب فهو فقيه اصولي صميم غير فضولي له كتب مصنفة في العلمين ومدائح في آل البيت النبوي كثيرة وأكثر منها مراثي الحسين، عاشرته فرأيت منه امرءاً سليم الجانب صافي النية كثير الحافظة متنسكاً تقياً فمن شعره قوله مصدراً ومعجزاً قصيدة في مديح النبي (ص) مهملة.

وله كثير من التصدير والتعجيز في الأئمةعليهم‌السلام وقصائد غرر في مراثي الحسين (ع) ولد سنة الف ومايتين وسبع وثمانين وتوفي في أواسط ربيع الآخر من سنة الف وثلثمائة وستة وثلاثين في الكاظميين ودفن بها مع أبيهرحمه‌الله .

الطليعة ج 237 / 1

١٧

السيد مصطفى الكاشاني

المتوفى 1336

السيد مصطفى بن الحسين الحسيني الكاشاني الطهراني النجفي. ترجم له الشيخ السماوي في الطليعة فقال: فاضل العصر علماً وبحره فضلاً وطوده حلماً واديب باللسانين نثراً ونظماً، رأيته شيخاً قد حلّ الدهر سبكه وترك له تقاه ونسكه ولكن لم يستطع مقاومة همته العالية فهو اليوم واقف نفسه لقضاء حوائج الاخوان عند السلطان دافع نفسه في مضائق لا يصلها كل انسان، له ديوانا شعر: ديوان بالفارسية وديوان بالعربية كله مديح لأهل بيت النبوةعليهم‌السلام فمنه قوله:

شمت برق الحمى وآنست نارا

فاحبسا العيس كي نحيي الديارا

يا نسيم الحمى أفضت دموعي

وفؤادي رميت فيه شرارا

فذكرت الحمى ومعهد انس

وشذى من نسيمه اسحارا

وزماناً بالرقمتين تقضى

فجرت أدمعي له مدرارا

كم قلوب بليل جعدك ضلّت

وهي فيه مكبلات أسارى

خلّ عنك النسيب يا صاح كم ذا

تذكر الحي والحمى والديارا

وحسن الفخر والعلى بعلي

واقضين في مديحه الاوطارا

انت شرفت زمزماً والمصلى

بل وركن الحطيم والمستجارا

حازت الكعبة التي خارها الله

بميلادك السعيد فخارا

١٨

لو على الارض منك قطرة علم

نزلت عادت القفار بحارا

انت مولى الورى بما نصّ خير

الرسل يوم الغدير فيك جهارا

ايها المرتضى فداؤك كل الكون

لا زلت للورى مستجارا

رمد قد أذلني عند عام

وتداويت فيه منه مرارا

لم يزدني الدواء إلا سقاما

لم يفدني العلاج إلا خسارا

فأعد نورها فانك مولى

قد ملكت الاسماع والابصارا

قال: وهي طويلة اخبرني ولده الفاضل السيد ابو القاسم ان اباه السيد مصطفى رمدت عيناه وعجز الأطباء عنها وأيسوا منها حتى استجار بأمير المؤمنين وولده الحسين فأخذ من تراب قبريهما واكتحل به فبرئتا كما ذكر في شعره وكما رأيته أنا صحيحاً سوياً ومن شعره:

أشمس افق تبدت أم محياك

والمسك قد ضاع لي أم نشر رياك

سريت والليل داج جنح ظلمته

ثم اهتديت ببرق من ثناياك

رميت قلبي بسهم اللحظ فاتكة

اما علمت بأن القلب مثواك

فتكت بالصب من هذا الصدود فمن

بالصد أوصاك او بالفتك افتاك

كذي فقار عليٍّ يوم سلّ على

اصحاب بغي وإلحاد واشراك

مولى الأنام الذي طافت بحضرته

كرام رسل اولي عزم واملاك

معارج المصطفى الافلاك يصعدها

ومنكب المصطفى معراجه الزاكي

وكل قصائده طوال وله غير ذلك من مراث حسينية. ولد سلمه الله في حدود سنة الف ومائتين وستين كما اخبرني به ولده المذكور وقد جاء نعيه إلى النجف وانه توفي بالكاظمين لليلتين بقيتا من شهر رمضان من سنة 1332.

أقول: ترجم الكثير من الباحثين وذكروا أن وفاة المترجم له كانت في سنة 1336 ه‍. ليلة الثلاثاء 19 رمضان وذلك في بلد الكاظمية ولعل الشيخ السماوي اشتبه عليه أو زلّت جرّة القلم، فالسيد ممن خرج في سنة 1333 ه‍.

١٩

إلى الجهاد متجهاً البصرة والشعيبة وقد أبلى بلاءاً حسنا هناك كاخوانه أمثال السيد الداماد وشيخ الشريعة والسيد مهدي الحيدري واخوانهم المؤمنين وكان المترجم ممن يؤخذ برأيه وتدبيره وعند رجوعه أقام بالكاظمية وكان الوجه الناصع في البلد تأتم به الناس في صلاته، ترجم له الشيخ حرز الدين في ( معارف الرجال ) فقال: السيد مصطفى ابن السيد حسين بن محمد علي بن محمد رضا الحسيني الكاشاني الطهراني المولود حدود سنة 1266 ه‍. في كاشان ونشأ في بيت والده العالم الجليل كما قرأ بعض المقدمات عليه وانتقل إلى أصفهان لطلب العلم ثم إلى طهران ثم بعد اداء فريضة الحج حط رحله في النجف الأشرف وفي اخريات أيامه أصبح مشهوراً بالتحقيق في الاصول وفي نظري أنه اصولي أعمق منه فقيهاً واستقل بالتدريس بالنجف. وكان شاعراً أديباً نظم الشعر العربي الجيد والفارسي في المديح والرثاء للأئمة المعصومين. وكانت داره بالنجف حافلة بالعلماء والوجهاء دمث الأخلاق لين الجانب بعمق وتفكير ودهاء وعلى جانب عظيم من السخاء والمروءة والذوق العربي والسليقة الممدوحة.

أقول: وذكر الشيخ جملة من مؤلفاته.

* * *

٢٠