أدب الطف الجزء ٩

أدب الطف0%

أدب الطف مؤلف:
الناشر: دار المرتضى للنشر
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 363

أدب الطف

مؤلف: العلامة السيد جواد شبر
الناشر: دار المرتضى للنشر
تصنيف:

الصفحات: 363
المشاهدات: 120203
تحميل: 6374


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 363 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 120203 / تحميل: 6374
الحجم الحجم الحجم
أدب الطف

أدب الطف الجزء 9

مؤلف:
الناشر: دار المرتضى للنشر
العربية

وأقول للساقي فديتك هاتها

فاذا سكرت من المدام إليّ غن

أيام نلتُ بها المسرة مثل ما

نلتُ المسرّة في ولاء ابي حسن

قل للذي نظم القريض لغيره

متمثلاً في الصيف ضيّعتَ اللبن

أجهلتَ حق محمد في حيدر

قل لي بحقك ( هل أتى ) نزلت لمن

واسرة آل باش تنحدر من صلب عمود الخلفاء العباسيين الذين تربعوا دست الحكم في بغداد، إذ ان الأمير هاشم بن أبي محمد الحسن المستضيئ بالله العباسي هو رأس هذه الاسرة ومنه اخذت ترتفع بحلقات متينة متصلة بدقة واحكام إلى يومنا هذا. وترجم له الخاقاني فقال:

عبدالله ابن الشيخ عبد الواحد ( باش أعيان ) العباسي الملقب بضياء الدين. ولد في البصرة 1263 ه‍. ونشأ بها محباً للخير والعلم والأدب، كان مهيب الطلعة جليل القدر سمح النفس يتفقد الفقير. درس العلوم الدينية على جده لأمه الشيخ أحمد نور الأبصاري وعلى فريق من أعلام البصرة، ولازم الحجة السيد ناصر ابن السيد عبد الصمد والعلامة السيد محمد شبّر الكاظمي، وكانت مجالسه لا تخلو من الحوار العلمي والأدبي. اجتمع بالرحالة السيد محمد رشيد بن داود السعدي فكتب عنه في رحلته ( قرة العين في تاريخ الجزيرة والعراق والنهرين ). تقلّد عدة مناصب في الدولة العثمانية، فقد عُيّن في سنة 1297 عضواً في المحاكم العدلية إلى سنة 1320 ه‍. ووُلي خلالها عدة وظائف منها وكيلاً لرئاسة محكمة الجزاء والشرعية والحقوق ومدعي العموم في البصرة. وعضواً في مجلس المعارف والأوقاف، وعضواً في ادارة الألوية، وتلقى عدة فرامين من السلطان عبد الحميد خان توفي بمسقط رأسه - البصرة - سنة 1340 ه‍. ودفن بمقبرة الاسرة الخاصة في جامع الكواز. له آثار منها رسالة في تراجم أعيان البصرة - توجد في مكتبة الأوقاف العامة ببغداد، وكتاب ( الفتوحات

٤١

الكوازية في السياحة إلى الأراضي الحجازية ) مطبوع، ورسائل اخرى لم تكمل. وله تعليقات كثيرة على مئات الكتب المخطوطة بمكتبة الاسرة الخاصة. خلف أنجالاً ثلاثة: 1 - الشيخ عبد الواحد، 2 - معالي الشيخ صالح المتوفى 1365 ه‍. والد الشيخ عبد السلام، 3 - معالي الشيخ محمد أمين المتوفى 1340 ه‍.

وفي ديوان السيد حيدر قصيدة يهنئ بها الشيخ عبد الله بزواج ولده الشيخ عبد الواحد وأولها:

عجل الصب وقد هبّ طروبا

فتعدّى لتهانيك النسيبا(1)

__________________

1 - عن ديوان السيد حيدر تحقيق الباحث على الخاقاني.

٤٢

الملا على الخيري

المتوفى 1340

قال من قصيدة في الامام الحسينعليه‌السلام :

وراءك عني حسبي اليوم ما بيا

وكُفّي ملامي لا عليّ ولا ليا

أمن بعد يوم ابن النبي بكربلا

يجيب فؤادي للصباية داعيا

غداة ابن هند شبّها نار فتنة

بها عاد جمر الوجد للحشر ذاكيا

وقاد لحرب ابن النبي جحافلا

وأوقدها حرباً تشيب النواصيا

فهبّ لها حامي حمى الدين مفردا

بأهلي وبي أفدي الفريد المحاميا

وما زال للأرواح يخطف سيفه

إلى أن هوى شلواً على الأرض ثاويا

تظلله سمر الرماح وتارة

تهيل عليه العاصفات السوافيا

تريب المحيا في الصعيد معفراً

ثلاثاً على وجه البسيطة عاريا

ومن حوله أشلاء أبناء مجده

دوام بنفسي أفتديها دواميا

وسارت بأطراف الأسنة والقنا

رؤوسهم يجلو سناها الدياجيا

علي بن الملا حمزة الملقب بالخيري، بغدادي الأصل حليّ النشأة والتربية، يقول الشيخ اليعقوبي أن مولده سنة 1270 ه‍. توفي أبوه وهو لم يبلغ الحلم فهبط الحلة وأقام فيها مرتزقاً من كتابة الصكوك والوثائق الشرعية وما شاكل ذلك، قال وفيه ذكاء غريزي وميل فطري لتحصيل الأدب ومعاشرة الادباء

٤٣

فاتصل بآل السيد سليمان وطفق يختلف إلى ندوة شاعر الفيحاء السيد حيدر وتأثر بأدبه فكان من ملازمي داره ورواة أشعاره حتى نسخ الكثير من نظمه ثم صحب ولده السيد حسين وابن أخيه السيد عبد المطلب، ولهما معه مسامرات ومراسلات. وسكن في أواسط عمره قرية ( ذي الكفل )(1) واتصل بزعيمها يومذاك وهو الحاج ذرب بن عباس وهو السادن الرسمي لمرقد ذي الكفل فجعله كاتبه الخاص ونائبه على ادارة الأملاك والوقوف التي تحت تصرفه وتوليته.

وكان رحمه الله بطل الرواية في قصة ( منارة الكفل ) التي هي مضرب المثل، فيقال لكل شيء يغتصب علانية ( ما أشبهه بمنارة الكفل ) وخلاصة القصة كما نقلها اليعقوبي في ( البابليات ) عن المترجم له هي: تقدم الحاج ذرب بعريضة إلى السلطان عبد الحميد في سنة 1305 ه‍. بأن جامع ذي الكفل يعود للمسلمين بدليل وجود منبر ومحراب اسلامي ومنارة للأذان، وأن اليهود تملكوه وبنوا فيه مخازن وبيوتاً وغرفاً يأوى اليها الزائرون منهم في عيد رأس السنة وعيد الكفارة وغيرهما من المواسم، فأنكر اليهود كل ذلك فندبت الحكومة ببغداد رجلاً من موظفيها للكشف عن ذلك فجاء إلى قرية ذل الكفل وجلس في ظل المنارة وكتب تقريراً خلاصته ( أن لا منارة هناك ) فكتب الحاج ذرب إلى الاستانة كراسة صغيرة بحث فيها عن المسجد وحدوده القديمة ومساحته وما فيه الآن من بنايات حديثة لليهود وتاريخ المنارة وموضع المحراب والمنبر وما إلى ذلك ( بخط المترجم له وإملائه ) ورفع ذلك إلى الباب العالي في عهد السلطان عبد الحميد فأوفدت من الاستانة لجنة لحل النزاع واستيضاح الحقيقة ولكنها

__________________

1 - بلدة قائمة على ضفة الفرات اليسرى تقع في منتصف الطريق بين الحلة والكوفة، فيها مدفن نبي الله حزقيال المسمى ب‍ ( ذي الكفل ) وتعرف القرية في المعاجم القديمة ( بئر ملاحة ) ونقل الدكتور مصطفى جواد في مجلة الاعتدال السنة الرابعة عن مزارات السائح الهروي: قبر ذي الكفل وهوحزقيل النبي في موضع يقال له ( برّ ملاحة ) شرقي قرية يقال لها ( قسونات ) وبهذه القرية قبر باروخ استاذ حزقيل ومعلمه، وبها قبر يوسف الربان، واليهود يزورونه، وبها قبر يوشع وليس هذا ابن نون، وبها قبر عزرا وليس هذا عزرا ناقل التوراة الكاتب.

٤٤

عند وصولها بغداد توصل اليها اليهود بالمال وذلك بتوسط صالح دانيال فأيدت التقرير الأول ونفت وجودالمنارة في الكفل من دون أن تصل اليها وبعثت في تأييد قرارها من أخذ صورة فوتوغرافية للقرية في احدى جهاتها التي لا يظهر فيها شكل المنارة التي لا تزال باقية إلى الآن.

وقد دوّن المترجم له في مجموعة له كتبها بنفسه لنفسه طائفة من أشعار جماعة من أدباء الحلة كان قد عاصرهم كالكوازين والسيد حيدر وابن عوض وبعض منظوماته في صباه وقليلاً من شعر المتقدمين ويصدر كل قصيدة يثبتها لمعاصريه بقوله:

وقال سلمه الله تعالى، مما يؤكد لنا أنها كتبت في أواخر القرن الثالث عشر ولم يزل مقيماً بالكفل إلى أن توفي يوم الثلاثاء 28 رجب من سنة 1340 ه‍ وحمل إلى النجف الأشرف ودفن فيها وعمره قد أناف على السبعين، ذكر له الشيخ اليعقوبي في البابليات بعض منظوماته ومراسلاته وقصيدتين في الإمام الحسينعليه‌السلام ذكرنا في صدرالترجمة واحدة أما الثانية فمنها:

قذيت لآل محمد عين الهدى

والشرك قد أمسى قرير عيون

فمخضب بالسيف عند سجوده

في كف أشقى العالمين لعين

ومكابد سمّ العدو بمهجة

تفدى النفوس لسرّها المكنون

٤٥

الملا حبيب الكاشانى

المتوفى 1340

قال في مطلع ملحمته التي يرثي بها سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين (ع):

أبسبق القضاء جفّ مدادي

أم بجمر الغضا أُذيب فؤادي

لا ولا للهوى يرفّ فؤادي

أو لليلى وزينب وسعاد

ما تعديت عن طريق السداد

ان قلبي على الحسين قريح

مدمعي بالبكا عليه جريح

وولائي له صحيح صريح

وضجيجي مع الأنين فصيح

رزؤه قد أذاب مني فؤادي

الملا حبيب الله الكاشاني، الفقيه الكبير حبيب الله بن علي مدد الشهير بالكاشاني المتوفى صبيحة يوم الثلاثاء 23 جمادى الآخرة سنة 1340 ه‍. دفن بكاشان وعمره 87 سنة. قال السيد الأمين في الأعيان: له عدة مؤلفات.

توضيح البيان في تسهيل الأوزان، تفسير سورة الاخلاص، تفسير سورة الفاتحة، تفسير سورة الفتح مطبوع، تسهيل المسالك إلى المدارك في القواعد الفقهية وقد الحق هذه المنظومة المتقدمة بالكتاب المذكور.

٤٦

وترجم له البحاثة الطهراني في ( نقباء البشر في القرن الرابع عشر ) فقال: عالم فقيه ورئيس جليل ومؤلف مروج مكثر، اشتغل بالتصنيف والتأليف في أنواع العلوم وفنونها وكان مكثراً فقد بلغت عدة تصانيفه مائة وثلاثين كتاباً ورسالة وذلك إلى سنة 1319 ه‍. وقد عاش بعد هذا التاريخ 21 سنة والله العالم بما ألّفه خلال تلك المدة فمن مؤلفاته، لباب الألقاب، رجوم الشياطين في ردّ البابية و ( منتقد المنافع في شرح المختصر النافع اثنا عشر مجلداً فرغ منها في سنة 1294 ه‍. ( توضيح البيان في تسهيل الأوزان، رياض الحكايات في الأمثال والقصص، عقايد الايمان في شرح العديلة، ومن منظوماته الفارسية ( نصيحة نامه، وشكاية نامه ) ومن منظوماته العربية منية الاصول في الدراية، ومنظومة في علم المناظرة واخرى في علم الصرف واخرى في النحو اسمها ( درة الجمان ) إلى غير ذلك من المنظوم والمنثور الفارسي والعربي.

٤٧

السيد أبو بكر بن شهاب

المتوفى 1341

براءة برٍّ في براء محرم

عن الله والسلوان من كل مسلم

فأيّ جنان بين جنبي موحد

بنار الأسى والحزن لم يتضرّم

وأي فؤاد دينه حب أحمد

وقرباه لم يغضب ولم يتألم

على دينه فليبكِ من لم يكن بكى

لرزء الحسين السيد الفارس الكمي

توجه ذو الوجه الأغر مؤدياً

لواجبه لم يلوه لحيُ لوّم

فوازره سبعون من أهل بيته

وشيعته من كل طلق مقسّم

فهاجت جماهير الضلال وأقبلت

بجيش لحرب ابن البتول عرمرم

وحين استوى في كربلاء مخيماً

بتربتها أكرم به من مخيّم

وساموه إعطاء الدنية عندما

رأوا منه سمت الخادر المتوسم

وهيهات أن يرضى ابن حيدرة الرضا

بخطة خسف أو بحال مذمّم

أبت نفسه الشماء إلا كريهة

يموت بها موت العزيز المكرّم

هو الموت مرّ المجتنى غير أنه

ألذّ وأحلى من حياة التهضم

وقارع حتى لم يدع سيف باسل

بمعترك الهيجاء غير مثلّم

وصبّحهم بالشوس من صيد قومه

نسور الفيافي من فرادي وتوأم

أتاح له نيل الشهادة راقياً

معارج مجدٍ صعبة المتسنم

هي الفتنة الصماء لم يلف بعدها

منار من الايمان غير مهدم

فيا أسرة العصيان والزيغ من بني

أمية من يستخصم الله يخصم

٤٨

هدمتم ذى أركان بيت نبيكم

لتشييد بيت بالمظالم مُظلم

ولم تمحَ حتى الآن آثار زوركم

وتصديقه ممن عن الحق قد عمي

ولا بدع أن حاربتم الله إنها

لشنشنه من بعض أخلاق أَخزم

ونازعتم الجبّار في جبروته

ولكنه من يرغم الله يرغم

نبيّ الورى بعد انتقالك كم جرى

ببيتك بيت المجد والمنصب السمي

دهتهم ولما تمضِ خمسون حجة

خطوب متى يلممن بالطفل يهرم

فكم كابد الكرار بعدك من قلىً

وخلف إلى فتك الشقي ابن ملجم

وصبّت على ريحانتيك مصائب

شهيد المواضي والشهيد المسمم

ضغائن ممن أعلن الدين مكرهاً

ولولا العوالي لم يوحد ويسلم

أضاعوا مواثيق الوصية فيهم

ولم يرقبوا إلا ولا شكر منعم

فسق غير مأمور إلى النار حزبهم

إذا قيل يوم الفصل ما شئت فاحكم

حبيبي رسول الله إنا عصابة

بمنصبك السامي نعز ونحتمي

لنا منك أعلى نسبة باتباعنا

لهديك في أقوى طريق وأقوم

ونسبة ميلاد فم الطعن دونها

على الرغم مغتصٌ بصاب وعلقم

نعظم من عظمت ملئى صدورنا

ونرفض رفض النعل من لم تعظم

لدى الحق خشن لا نداجي طوائفاً

لديهم دليل الوحي غير مسلم

سراعاً إلى التأويل وفق مرادهم

لرفع ظهور الحق بالمتوهم

هل الدين بالقرآن والسنة التي

بها جئت أم أحكامه بالتحكم

ولكن عن التمويه ينكشف الغطا

لدى الملك الديّان يوم التندم

السيد أبو بكر بن شهاب العلوي الحسيني الحضرمي ينتهي نسبه إلى الإمام أبي عبدالله الحسينعليه‌السلام .

ولد سنة 1262 ه‍. بقرية حصن آل فلوقة أحد مصائف تريم من بلاد

٤٩

حضر موت وتوفي ليلة الجمعة 10 جمادى الأول سنة 1341 ه‍ ( بحيدر اباد دكن ) من بلاد الهند. كان عالماً جليلاً حاوياً لفنون العلوم مؤلفاً في كثير منها، قوي الحجة ساطع البرهان، أديباً شاعراً مخلصاً في ولائه لأهل البيتعليهم‌السلام ، ونظم منظومته المسماة ( ذريعة الناهض إلى علم الفرائص ) وعمره نحو 18 سنة وله مصنفات في العلوم تناهز الثلاثين. هو شاعر اليمن الأول في زمانه وترك بعده ديواناً ضخماً يضم مختلف أنواع الشعر، فمن مدائحه للرسول الأعظم قصيدته التي مطلعها.

لذي سلم والبان لولاك لم أهوى

ولا ازددت من سلع وجيرانه شجوى

وفيها يقول:

ألا يا رسول الله يا من بنوره

وطلعته يستدفع السوء والبلوى

ويا خير من شدّت اليه الرحال من

عميق فجاج الأرض تلتمس الجدوى

اليك اعتذاري عن تأخر رحلتي

إلى سوحك المملوء عمّن جنى عفوا

على أن خمر الشوق خامرني فلم

يدع فيّ عرقاً لا يحنّ ولا عضوا

وأني لتعروني لذكراك هزة

كما أخذت سلمان من ذكرك العروا

وما غير سوء الحظّ عنك يعوقني

ولكنني أحسنت في جودك الرجوا

وها أنا قد وافيت للروضة التي

بها نيّر الايمان ما انفك مجلّوا

وقفت بذلي زائراً ومسلماً

عليك سلام الخاضع الرافع الشكوى

صلاة وتسليم على روحك التي

اليها جميع الفخر أصبح معزوا

عليك سلام الله يا من بجاهه

ينال من الآمال ما كان مرجوا

عليك سلام الله يا من توجهت

إلى سوحه الركبان تطوي الفلا عدوا

سلام على القبر الذي قد حللته

فأضحى بأنوار الجلالة مكسوا

اليك ابن عبد الله وافيت مثقلاً

بأوزار عمرٍ مرّ معظمه لهوا

* * *

٥٠

وكقصيدته المهملة التي أولها:

ساد رسلَ الله طه أحمد

مصدر الكل له والمورد

كما يضم هذا التيار في أطوائه مراثيه ومدائحه لآل البيت الكرام، فمن جياد مراثيه لأمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام قصيدته التي أولها:

قفا وانثرا دمعا على الترب أحمراً

وشقّا لعظم الخطب أقبية الكرى

ومن جيد مديحه لأمير المؤمنين (ع) قصيدته التي أولها:

خذوا الحذر أن تطوّفوا بخيامها

وأن تجهروا يوماً برد سلامها

ومن جيد مراثيه للامام الحسينعليه‌السلام قصيدته التي أولها:

براءة برّ في براء محرم

عن اللهو والسلوان من كل مسلم

وكذلك مدائحه لآل البيت الطاهر المنبّه في ديوانه في الصفحات: 41 و 46 و 49 و 51 و 52 وسواها. ومما يصنف في هذا التيار قصائده الطائفية ومحاججاته المذهبية. وهذه القصائد وأغلبها برهان عقلي يطفح بها الديوان.

في بعض قصائده الدينية يكشف عن عميق إيمانه بوحدة المسلمين على اختلاف طوائفهم:

ها كل طائفة من الإسلام مذعنة

بوحدة فاطر الأكوان

وبأن سيدنا الحبيب محمداً

عبد الاله رسوله العدناني

وامام كل منهم في دينه

أخذاً ورداً محكم القرآن

فإلهنا ونبينا وكتابنا

لم يتّصف بالخلف فيها اثنان

والكعبة البيت الحرام يؤمها

قاصي الحجيج لنسكه والداني

وصلاة كل شطرها وزكاته

حتم وصوم الفرض من رمضان

أفبعد هذا الاتفاق يصيبنا

نزغ ليفتننا من الشيطان

٥١

واستمع اليه في هجاء السلفية والذين سُمّوا بالوهابية يقول:

أرشد الله شيعة ابن سعود

لاعتقاد الصواب كي لا تعيثا

فرقة بالغرور والطيش ساروا

في فجاج الضلال سيراً حثيثا

جسّموا شبّهوا وبالأين قالوا

لوّثوا أصل دينهم تلويثا

من يعظم شعائر الله قالوا

إنه كان مشركاً وخبيثا

ولهم بعد ذاك خبط وتهو

يس تولى مجدهم والمريثا

أو يقل ضرني فلان ونجّا

ني فلان يرونه تثليثا

وإذا ما استغاث شخص بمحب‍

وبٍ إلى الله كفروا المستغيثا

لابن تيمية استجابوا قديماً

وابن عبد الوهاب جاء حديثا

اعرضوا عن سوا الحقيقة يبغ‍

‍ون بما يدعون مهداً أثيثا

وتعاموا عن التجوز في الأسن‍

‍اد عمداً فيبحثون البحوثا

أوليس المجاز في محكم الذكر

أتانا مكرراً مبثوثا

وتسموا أهل الحديث وها هم

لا يكادون يفقهون حديثا

ويقول في ( البخاري ):

قضيه أشبه بالمرزئه

هذا البخاريّ أمامُ الفئه

بالصادق الصدّيق ما احتج في

صحيحه واحتجّ بالمرجئه

ومثل عمران ابن حطان أو

مروان وابن المرأة المخطئه

مشكلة ذات عوار إلى

حيرة أرباب النُهي ملجئه

وحق بيت يممته الورى

مغذّه في السير أو مبطئه

إن الإمام الصادق المجتبى

بفضله الآيُ أتت منبئه

أجلّ مَن في عصره رتبةً

لم يقترف في عمره سيئه

قلامة من ظفر إبهامه

تعدل من مثل البخاري مئه

٥٢

وله من قصيدة أسماها ( النبأ اليقين في مدح أمير المؤمنين الإمام عليعليه‌السلام ):

علي أخي المختار ناصر دينه

وملّته يعسوبها وإمامها

وأعلم أهل الدين بعد ابن عمه

بأحكامه من حلّها وحرامها

وأوسعهم حلماً وأعظمهم تقى

وأزهدهم في جاهها وحطامها

وأولهم وهو الصبي اجابة

إلى دعوة الإسلام حال قيامها

فكل امرئ من سابقي امة الهدى

وان جلّ قدرا مقتد بغلامها

أبي الحسن الكرار في كل مأقطٍ

مبدد شوس الشرك نقّاف هامها

فتى سمته سمت النبي وما انتقى

مواخاته إلا لعظم مقامها

فدت نفسه نفس الرسول بليلة

سرى المصطفى مستخفياً في ظلامها

له فتكات يوم بدر بها انثنت

صناديد حرب أدبرت في انهزامها

سقى عتبة كاس الحتوف وجرّع

الوليد ابنه بالسيف مرّ زؤامها

وفي أحد أبلى تجاه ابن عمه

وفلّ صفوف الكفر بعد التئامها

بعزم سماويٍ ونفسٍ تعودت

مساورة الأبطال قبل احتلامها

أذاق الردى فيها ابن عثمان طلحة

أمير لواء الشرك غرب حسامها

وعمرو بن ود يوم أقحم طرفه

مدى هوّة لم يخش عقبى ارتطامها

دنا ثم نادى القوم هل من مبارزٍ

ومن لسبنتي عامر وهمامها

تحدّى كماة المسلمين فلم تجب

كأن الكماة استغرقت في منامها

فناجزه من لا يروع جنانه

إذا اشتبّت الهيجاء لفح ضرامها

وعاجله من ذي الفقار بضربةٍ

بها آذنت أنفاسه بانصرامها

وكم غيرها من غمة كان عضبه

مبدّد غماها وجالي قتامها

به في حنين أيّد الله حزبه

وقد روّعت أركانه بانهدامها

سل العرب طراً عن مواقف بأسه

تجبك عراقاها ونازح شامها

٥٣

وناشد قريشاً من أطلّ دماءَها

وهدّ ذرى ساداتها وكرامها

أجنّت له الحقد الدفين وأظهرت

له الودّ في اسلامها وسلامها

ولما قضى المختار نحباً تنفست

نفوس كثيرٍ رغبة في انتقامها

أقامت ملياً ثم قامت ببغيها

طوائف تلقى بعد شرّ أثامها

قد اجتهدت قالوا وهذا اجتهادها

لجمع قوى الإسلام أم لانقسامها

أليس لها في قتل عمّار عبرة

ومزدجر عن غيها واجترامها

أليس نجمٍ عزمه الله أمضيت

إلى الناس إنذاراً بمنع اختصامها

بها قام خير المرسلين مبلغاً

عن الله أمراً جازماً بالتزامها

هو العروة الوثقى التي كلُ مَن بها

تمسك لا يعروه خوف انفصامها

أما حبه حب النبي محمد

بلى وهما والله أزكى أنامها

شمائل مطبوع عليها كأنها

سجايا أخيه المصطفى بتمامها

حنانيك مولى المؤمنين وسيد الـ

ـمنيبين والساقي بدار سلامها

فلي قلب متبول ونفس تدلّهت

بحبك يا مولاي قبل فطامها

وداد تمشي في جميع جوارحي

وخامرها حتى سرى في عظامها

هو الحب صدقاً لا الغلوّ الذي به

يفوه - معاذ الله - بعض طغامها

ولا كاذب الحب ادعته طوائف

تشوب قلاها بانتحال وئامها

تخال الهدى والحق فيما تأوّلت

غروراً وترميني سفاهاً بذامها

وتنبزني بالرفض والزيغ إن صبا

إليك فؤادي في غضون كلامها

تلوم ويأبى الله والدين والحجى

وحرمة آبائي استماع ملامها

فاني على علمٍ وصدق بصيرةٍ

من الأمر لم أنقل بغير زمامها

ألا ليت شعري والتمني محببٌ

إلى النفس تبريداً لحرّ أوامها

متى تنقضي أيام سجني وغربتي

وتنحل روحي من عقال اغتمامها

وهل لي إلى ساح الغريين زورة

لأستاف رياً رندها وبشامها

٥٤

إذا جئتها حرمت ظهر مطيتي

وحرّرتها من رحلها وخطامها

واني على نأي الديار وبينها

وصدع الليالي شعبنا واحتكامها

منوط بها ملحوظ عين ولائها

قريب اليها مرتوٍ من مدامها

اليك أبا الريحانتين مديحة

بعلياك تعلو لا بحسن انسجامها

مقصرة عن عشر معشار واجب الث‍

‍ناء وإن أدّت مزيد اهتمامها

ونفثة مصدور تخفق بعض ما

تراكم في أحنائه من حمامها

وأزكى صلاة بالجلال تنزلت

من المنظر الأعلى وأزكى سلامها

على المصطفى والمرتضى ما ترنمت

على عذبات البان ورق حمامها

وقال من قصيدة في مدح أهل البيتعليهم‌السلام :

من غرامي بقرطها والقلاده

ان أمت مغرماً فموتي شهاده

غادة حلّ حبها في السويدا

ورمى سهمها الفؤاد فصاده

وإذا عرّج النسيم عليها

هزّ تلك المعاطف الميّاده

زارني طيفها ومنّ بوعد

هل ترى الطيف منجزاً ميعاده

ليس إلا لها وللنفر البيض

بنظم القريض يجري جياده

يا غريباً بأي وادٍ أقاموا

من فسيح البلاد صاروا عهاده

آل بيت الرسول أشرف آل

في الورى أنتم وأشرف ساده

أنتم السابقون في كل فخرٍ

أسس الله مجدكم وأشاده

أنتم للورى شموس وأقما

ر إذا ما الضلال أرخى سواده

أنتم منبع العلوم بلا ريب

وللدين قد جعلتم عماده

أنتم نعمة الكريم علينا

إذ بكم قد هدى الإله عباده

لم يزل منكم رجال وأقطا

ب لمن اسلموا هداةً وقاده

أنتم العروة الوثيقة والحبل

الذي نال ماسكوه السعاده

سفن النجاة أن هاج طوفا

ن الملمات أو خشينا ازدياده

٥٥

وبكم أمن أمة اخير إذ أن‍

‍تم نجوم الهداية الوقاده

اذهب الله عنكم الرجس أهل

البيت في محكم الكتاب أفاده

وبتطهير ذاتكم شهد القر

آن حقاً فيا لها من شهاده

مَن يصلي ولم يصلّ عليكم

فهو مبدٍ لذي الجلال عناده

معشرٌ حبكم على الناس فرض

أوجب الله والرسول اعتماده

وبكم أيها الأئمة في يو

م التنادي على الكريم الوفاده

يوم تأتون واللواء عليكم

خافقٌ ما أجلها من سياده

والمحبون خلفكم في أمان

حين قول الجحيم هل من زياده

فاز والله في القيامة شخصٌ

لكم بالوداد أدى اجتهاده

كل من لم يحبكم فهو في الن‍

‍ار وان أوهنت قواه العباده

هكذا جاءنا الحديث عن الها

دي فمن ذا الذي يروم انتقاده

كل قالٍ لكم فأبعده الل‍

‍ه وعن حوضكم هنالك ذاده

خاب من كان مبغضاً أحداً من‍

‍كم ومن قد أساء فيه اعتقاده

ضلّ من يرتجي شفاعة طه

بعد أن كان مؤذياً أولاده

آل بيت الرسول كم ذا حويتم

من فخار وسؤددٍ وزهاده

أنتم زينة الوجود ولا زل‍

‍تم بجيدِ الزمان نعم القلاده

فيكم يعذب المريح ويحلو

وبه يسرع القريض انقياده

كيف يحصي فخاركم رقم أقلا

م ولو كانت البحار مداده

أُنتم أُنتم حلول فؤادي

فاز والله من حللتم فؤاده

وأنا العبد والرقيق الذي لم

يكن العتق ذات يوم مراده

أرتجي الفضل منكم وجدير

بكم المنّ بالرجا وزياده

فاستقيموا لحاجتي ففؤادي

مُخلص حبّه لكم ووداده

إنّ لي يا بني البتول اليكم

في انتسابي تسلسلاً وولاده

خلفتني الذنوب عنكم فريداً

فارحموا عجز عبدكم وانفراده

فلكم عند ربكم ما تشاؤو

ن وجاه لا تختشون نفاده

٥٦

السيد هاشم كمال الدين

المتوفى 1341

المرء يحسب أنه مأمون

والموت حق والفناء يقين

لا تأمن الدنيا فإن غرورها

خدع الأوائل والزمان خؤن

ما مرّ آن من زمانك لحظة

إلا وعمرك بالفنا مرهون

وإذا غمرت بنعمة وبلذة

لا تنسينك حوادثا ستكون

وإذا بكيت على فراق أحبة

فلتبك نفسك أيها المسكين

لا بدّ من يوم تفارق معشراً

كنت الوجيه لديهم وتهون

والناس منهم شامت لم يكترث

فيما دهاك ومنهم محزون

وترى من الهول الذي لاقلّه

تذرى الدموع محاجر وعيون

فكأنه اليوم الذي في كربلا

يوم به طاها النبي حزين

يوم به السبع الطباق لعظمه

قد دكها بعد الحراك سكون

وتجلببت شمس الضحى بملابس

سوداً تجلبب مثلهن الدين

يوم به فرد الزمان قد اغتدى

فرداً وليس له هناك معين

ما بين أعداء عليه تجمعت

منها الجوانح ملؤهن ضغون

طمع العدو بأن يسالم مذعنا

فأبى الوفاء وسيفه المسنون

وسطا يفرق جمعهم بمهند

فيه الرؤوس عن الجسوم تبين

٥٧

ظمآن يمنع جرعة من مائها

والماء للوحش السروب معين

حفت به اسد العرين وما سوى

سمرالعواسل والسيوف عرين

ضعفوا عديداً والعدا أضعافهم

وبدوا جسوما والقلوب حصون

تركوا الحياة بكربلاء وأرخصوا

تلك النفوس وسومهن ثمين

وحموا خدوراً بالسيوف وبالقنا

فيها ودائع أحمد والدين

لم أنسهن إذ العدا هتكت ضحى

منها الخبا وكفيلهن طعين

حسرى تجاذبها الطغاة مقانعاً

من تحتها سرّ العفاف مصون

وتعجّ تندب ندبها وحميّها

والجسم منه في الصعيد رهين

من للنساء الحائرات بمهمه

لم تدر موئلها وأين تكون

السيد هاشم هو الأخ الأكبر، للشاعر الشهير السيد جعفر، المترجم له في جزء سابق من هذه الموسوعة، جاء مع أخيه إلى النجف لاستكمال الفضيلة، فدرس على جماعة من علماء عصره علمي الفقه والاصول، ولما توفي أخوه السيد جعفر سنة 1315 ه‍. انتقل بعده بسنتين إلى الكوفة حوالي سنة 1318 ه‍. فكان أحد أفاضلها الذين يرجع اليهم في المسائل الشرعية وأحد أئمة الجماعة بها في مسجد قريب من داره يعرف بمسجد النجارين، وكان وقوراً حسن الطلعة بهي المنظر مهيباً في مجلسه وحديثه. ولد في قرية السادة - من أعمال الحلة الفيحاء - سنة 1269 ه‍. فهو أكبر من شقيقه السيد جعفر بثمان سنين ولأخيه المذكور فيه مدائح وله معه مراسلات مثبتة بديوانه منها قوله وقد بعث بها اليه من النجف إلى الحلة كما في الديوان.

يا أيها المولى الذي أصفيته

ودي وإخلاصي وصفو سرائري

يا هاشماً ورث العلى من هاشم

فسما على بادي الورى والحاظر

أهوى لقاك وبيننا بيداء لا

بالخفّ نقطعها ولا بالحافر

وتهزني الذكرى اليك محبة

فكأن قلبي في جناحي طائر

٥٨

وكانت وفاته بالكوفة آخر شعبان سنة 1341 ه‍. وله أراجيز ومنظومات عديدة في الفقه كالطهارة وأحكام الأموات وغير ذلك ذكرها الشيخ آغا بزرك في ( الذريعة ) وقد جمع ديوان أخيه السيد جعفر المطبوع في صيدا - لبنان سنة 1331 ه‍. ورثاه بقصيدتين مطلع الاولى:

ببينك لا بالماضيات القواضب

أبنت فؤادي بل أقمت نوادبي

ومطلع الثانية:

مضيت وخلّفت القذا بمحاجري

وأججت نيران الأسى بضمائري

ترجم له الخاقاني في شعراء الغري وذكر ألواناً من شعره ونثره ومراسلاته وأدبياته.

٥٩

السيد جواد مرتضى

المتوفى 1341

حتى مَ مِن سكر الهوى

أبداً فؤادك غير صاحي

فنيَ الزمان ولا أرى

لقديم غيّك من براح

يمّم قلوصك للسرى

واشدد ركابك للرواح

ما الدهر إلا ليلة

ولسوف تسفر عن صباح

قم واغتنمها فرصة

كادت تطير بلا جناح

مت قبل موتك حسرة

فعساك تظفر بالنجاح

أو ما سمعت بحادث

ملأ العوالم بالنياح

حيث الحسين بكربلا

بين الأسنة والرماح

يغشى الوغى بفوارس

شوس تهيج لدى الكفاح

متقلدين عَزائماً

أمضى من البيض الصفاح

وصل المنية عندهم

أحلى من الخود الرداح

يتدافعون إلى الوغى

فكأنهم سيل البطاح

هتفت منيتهم بهم

فتقدموا نحو الصياح

وثووا على وجه الصعي‍

‍د كأنهم جزر الأضاحي

قد غسلوا بدم الطلا

بدلاً عن الماء القراح

٦٠