الامام الحسن عليه السلام في مواجهة الانشقاق الأموي

الامام الحسن عليه السلام في مواجهة الانشقاق الأموي0%

الامام الحسن عليه السلام في مواجهة الانشقاق الأموي مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسن عليه السلام
الصفحات: 611

الامام الحسن عليه السلام في مواجهة الانشقاق الأموي

مؤلف: السيد سامي البدري
تصنيف:

الصفحات: 611
المشاهدات: 152946
تحميل: 5264

توضيحات:

الامام الحسن عليه السلام في مواجهة الانشقاق الأموي
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 611 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 152946 / تحميل: 5264
الحجم الحجم الحجم
الامام الحسن عليه السلام في مواجهة الانشقاق الأموي

الامام الحسن عليه السلام في مواجهة الانشقاق الأموي

مؤلف:
العربية

عبادتهعليه‌السلام وخوفه من الله تعالى :

عن المفضل بن عمر ، قال : قال الصادقعليه‌السلام : حدثني أبي ، عن أبيهعليهما‌السلام أن الحسن بن علي بن أبي طالبعليه‌السلام .

كان أعبد الناس في زمانه ، وأزهدهم وأفضلهم ،

وكان إذا حج حج ماشيا ، وربما يمشي حافيا ،

وكان إذا ذكر الموت بكى ، وإذا ذكر القبر بكى ، وإذا ذكر البعث والنشور بكى ، وإذا ذكر المرر على الصراط بكى ، وإذا ذكر العرض على الله تعالى ذكره شهق شهقة يغشى عليه منها.

وكان إذا قام في صلاته ترتعد فرائصه بين يدي ربه عز وجل ،

وكان إذا ذكر الجنة والنار اضطرب اضطراب السليم ، ويسأل الله تعالى الجنة ، وتعوذ به من النار ،

وكانعليه‌السلام لا يقرأ من كتاب الله عز وجل : (يا أيها الذين آمنوا) إلا قال : لبيك اللهم لبيك ، ولم ير في شيء من أحواله إلا ذاكرا لله سبحانه ،

وكان أصدق الناس لهجة ، وأفصحهم منطقا.(1)

وقال لي ابن عساكر عن عبد الله بن العباس قال : ما ندمت على شيء فاتني في شبابي إلا أني لم أحج ماشيا ، ولقد حج الحسن بن علي خمسة وعشرين حجة ماشيا وإن النجائب لتقاد معه.(2)

كرمه وتعاملهعليه‌السلام مع المال :

روى ابن عساكر عن أبي هشام القناد ، قال : كنت أحمل المتاع من البصرة إلى الحسن بن علي وكان يماكسني فلعلي لا أقوم من عنده حتى يهب عمامته ، ويقول : إن أبي حدثني أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : المغبون لا محمود ولا مأجور.(3)

__________________

(1) الشيخ الصدوق ،الأمالي ، ركز الطباعة والنشر في مؤسسة البعثة 1417 هـ ، ص 140.

(2) ابن عساكر ،تاريخ مدينة دمشق ، ج 14 ص 72 ، الذهبي ،سير اعلام النبلاء ، ج 4 ص 387.

(3) ابن عساكر ،تاريخ مدينة دمشق ، ج 14 ص 74.

١٦١

وعن سعيد بن عبد العزيز أن الحسن بن علي بن أبي طالب سمع إلى جنبه رجلا يسأل أن يرزقه الله عشرة آلاف درهم فانصرف فبعث بها إليه.

قال هشام بن حسان ، عن ابن سيرين : إن الحسن بن علي كان يجيز الرجل الواحد بمئة ألف.

قاسم الله تعالى ماله ثلاث مرات وخرج من ماله لله تعالى مرتين.(1)

سأله رجل فأعطاه خمسين ألف درهم وخمسمائة دينار وقال له ائت بحمال يحمللك ، فأتى بحمال فأعطاه طيلسانة فقال هذا كرى الحمال.

وجاءه بعض الأعراب فقال : اعطوه ما في الخزانة ، فوجد فيها عشرون ألف درهم فدفعت إليه ، فقال الأعرابي يا مولاي الا تركتني ابوح بحاجتي وانشر مدحتي؟ فانشأ الحسن يقول :

نحن أناس نوالنا خضل

يرتع فيه الرجاء والامل

تجود قبل السؤال انفسنا

خوفا على ماء وجه من يسل(2)

أقول :

من الواضح ان هذا التصرف من الحسنعليه‌السلام يستهدف الضغط على معاوية وإثارته ليقتدي بالحسن وليكون اكثر كرما منه وبذلك يتحرك المال الذي اكتنزه معاوية في خزانته في المجتمع لقضاء حوائج الناس. ومع ذلك كله فان معاوية لا يلحق بالحسنعليه‌السلام لانهعليه‌السلام قاسم الله عز وجل ثلاث مرات ماله حتى ان كان يعطي نعلا ويمسك نعلا ويعطى خفا ويمسك خفا. وخرج من ماله مرتين (رواه ابن حبيب).(3)

رأفتهعليه‌السلام ونبله تقييمه للنفوس النبيلة :

روي أنهعليه‌السلام كان مارا في بعض حيطان المدينة فرأى أسود بيده رغيف يأكل لقمة ويطعم الكلب لقمة إلى أن شاطره الرغيف ، فقال له الحسن : ما حملك على أن شاطرته

__________________

(1) المزي ،تهذيب الكمال ج 2 ص 590 ـ 591 ، ابن عساكر ،تاريخ مدينة دمشق ج 14 ص 74.

(2) المجلسي ،بحار الانوار ج 43 ص 253 نقل عن المناقب لابن شهر آشوب ص 14.

(3) ومثله عن المدائني المحمودي 9.

١٦٢

فلم تغابنه فيه بشيء؟ فقال : استحت عيناي من عينيه أن أغابنه. فقال له : غلام من أنت؟ قال : غلام أبان بن عثمان. فقال له : والحائط؟ قال : لابان بن عثمان. فقال له الحسن : أقسمت عليك لا برحت حتى أعود إليك. فمر فاشترى الغلام والحائط وجاء إلى الغلام فقال : يا غلام قد اشتريتك. فقام قائما فقال : السمع والطاعة لله لولرسوله ولك يا مولاي. قال : فقد اشتريت الحائط وأنت حر لوجه الله والحائط هبة مني إليك. قال : فقال الغلام : يا مولاي قد وهبت الحائط للذي وهبتني له.(1)

سعيهعليه‌السلام في قضاء حوائج المؤمنين :

روى ابن عساكر عن أبي حمزة الثمالي عن علي بن الحسين قال : خرج الحسن يطوف بالكعبة فقام إليه رجل فقال : يا أبا محمد اذهب معي في حاجتي إلى فلان. فترك الطواف وذهب معه ، فلما ذهب خرج إليه رجل حاسد للرجل الذي ذهب معه ، فقال : يا أبا محمد تركت الطواف وذهبت مع فلان إلى حاجته؟ قال : فقال له الحسن : وكيف لا أذهب معه؟ ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : من ذهب في حاجة أخيه المسلم فقضيت حاجته كتبت له حجة وعمرة وإن لم تقض له كتبت له عمرة. فقد اكتسبت حجة وعمرة ورجعت إلى طوافي.(2)

تربيتهعليه‌السلام للشباب :

قال محمد بن سعد : أخبرنا مالك بن إسماعيل أبو غسان النهدي ، قال : حدثنا مسعود ابن سعد ، قال : حدثنا يونس بن عبد الله بن أبي فروة ، عن شرحبيل أبي سعيد ، قال : دعا الحسن بن علي بنيه وبني أخيه ، فقال : يا بني وبني أخي ، إنكم صغار قوم يوشك أن تكونوا كبار آخرين ، فتعلموا العلم ، فمن لم يستطع منكم أن يرويه أو يحفظه فليكتبه وليضعه في بيته.(3)

__________________

(1) الخطيب البغدادي ،تاريخ بغداد ج 6 ص 33 ، ابن عساكر ،تاريخ مدينة دمشق ج 14 ص 75.

(2) ابن عساكر ،تاريخ مدينة دمشق ج 14 ص 76.

(3) ترجمة الامام الحسنعليه‌السلام منطبقات ابن سعد القسم المفقود ج 1 ص 292. الدارمي ،سنن الدارمي ،

١٦٣

نشاطهعليه‌السلام اليومي :

قال محمد بن سعد : أخبرنا علي بن محمد ، عن محمد بن عمر العبدي ، عن أبي سعيد : إن معاوية قال لرجل من أهل المدينة من قريش : أخبرني عن الحسن بن علي.

قال : يا أمير المؤمنين ، إذا صلى الغداة جلس في مصلاه حتى تطلع الشمس ، ثم يساند ظهره فلا يبقى في مسجد رسول الله ـصلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ رجل له شرف إلا أتاه فيتحثون.

حتى إذا ارتفع النهار صلى ركعتين ، ثم نهض فيأتي أمهات المؤمنين فيسلم عليهن فربما أتحفنه.

ثم ينصرف إلى منزله ثم يروح فيصنع مثل ذلك.

فقال : ما نحن معه في شيء.(1)

نشاطهعليه‌السلام العلمي :

كان يتتبع ما تفرق من سيرة أبيه ومسائله وخطبه يجمعها من أصحاب أبيه.

إجابتهعليه‌السلام على الأسئلة الفقهية تاكيدا لفتاوى أبيه علي عليه‌السلام :

حدثني أبي قال حدثنا حسين بن حسن قال حدثنا شريك عن خارجة الصيرفي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال سألت الحسن بن علي عن قول علي في الخيار فدعا بربعة فأخرج منها صحيفة صفراء مكتوب فيها قول علي في الخيار.(2)

سفراتهعليه‌السلام إلى الشام وحواراته مع معاوية ورجاله :

روى أبو عثمان الجاحظ قال : دخل الحسن بن عليعليهما‌السلام على معاوية

__________________

الاعتدال دمشق 1349 هـ ، ص 91 ، البخاري ، التاريخ الكبير ، لمكتبة الإسلامية ـ ديار بكر ـ تركيا ، ج 8 ص 281.

(1) ترجمة الامام الحسنعليه‌السلام منطبقات ابن سعد ج 1 ص 297 ، تاريخ مدينة دمشق ج 14 ص 71 ، البلاذري ،انساب الاشراف ج 3 ص 274.

(2) احمد بن حنبل ،العلل ومعرفة الرجال تحقيق : الدكتور وصي الله بن محمود عباس ، دار الخاني الرياض 1408 هـ ، ج 1 ص 346.

١٦٤

وعنده عبد الله بن الزبير وكان معاوية يحب أن يغري بين قريش فقال يا أبا محمد أيهما كان اكبر سنا علي أم الزبير؟ فقال الحسن ما اقرب ما بينهما وعلي أسنّ من الزبير ، رحم الله عليا.

فقال ابن الزبير رحم الله الزبير.

وهناك أبو سعيد بن عقيل بن أبي طالب ، فقال يا عبد الله وما يهيجُك من أن يترحَّم الرجل على أبيه

قال : وأنا أيضا ترحمت على أبي.

قال : أتظنه ندا له وكفؤا.

قل وما يعدِل بهب عن ذلك؟ كلاهما من قريش ، وكلاهما دعا إلى نفسه ولم يتم له.

قال : دع ذاك عنك يا عبد الله إن عليا من قريش ، ومن الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله حيث تعلم. ولما دعا إلى نفسه أتُّبع فيه وكان رأسا ، ودعا الزبير إلى أمر وكان الرأس فيه امرأة ، ولما تراءت الفئتان نكصَ على عقبيه وولى مُدبِرا قبل أن يظهر الحق فيأخذه ، أويدحض الباطل فيتركه ، فأدركه رجلٌ لو قِيسَ ببعض أعضائه لكان اصغر ، فضرب عنقه وأخض سَلَبه وجاء برأسه ، ومضى عليٌّ قُدُما كعادته مع ابن عمه! رحم الله عليا.

فقال ابن الزبير : اما لو أن غيرك تكلم بهذا يا أبا سعيد لعلِم.

فقال : إن الذي تُعرِّض به يرغب عنك.

وكفَّه معاوية فسكتوا.

وأخبرت عائشة بمقالتهم. ومر أبو سعيد بفنائها فنادته يا أبا سعيد انت القائل لابن أختي كذا ، فالتفت أبو سعيد فلم ير شيئا ، فقال إن الشيطان يرانا ولا نراه ،

فضحكت عائشة وقالت لله أبوك ما اذلق لسانك.(1)

سؤددهعليه‌السلام وهيبته وحلمه :

روى ابن عساكر : عن رجل من أهل الشام قال : قدمت المدينة فرأيت رجلا

__________________

(1) ابن أبي الحديد ،شرح نهج البلاغة ج 11 ص 16 ، ابن عبد ربه ،العقد الفريد ج 3 ص 205.

١٦٥

جُهريا كحالة (أي ذا منظرا وهيئة حسنة).

فقلت : من هذا؟

قالوا : الحسن بن علي.

قال : فحسدت والله عليا أن يكون له ابن مثله ،

قال : فأتيته.

فقلت : أنت ابن أبي طالب؟

قال : أني ابنه.

فقلت : بك وبأبيك وبك وبأبيك.

قال : وأزم لا يرد إلي شيئا ،

ثم قال : أراك غريبا فلو استحملتنا حملناك ، وإن استرفدتنا رفدناك ، وإن استعنت بنا أعناك.

قال فانصرفت والله عنه وما في الأرض أحد أحب إلي منه.(1)

قال وحدثنا ابن أبي الدنيا حدثني سليمان بن أبي شيخ حدثني أبي صالح بن سليمان قالا قدم رجل من المدينة وكان يبغض عليا فقطع به فلم يكن له زاد ولا راحلة فشكا ذلك إلى بعض أهل المدينة فقال له عليك بحسن بن علي فقال له الرجل ما لقيت هذا إلا في حسن وأبي حسن فقيل له فإنك لا تجد خيرا إلا منه فأتاه فشكا إليه فأمر له بزاد وراحلة فقال الرجل الله أعلم حيث يجعل رسالاته وقيل للحسن أتاك رجل يبغضك ويبغض أباك فأمرت له بزاد وراحلة قال أفلا اشتري عرضي منه بزاد وراحلة.(2)

قصتهعليه‌السلام مع معاوية بن حديج سنة 44 هجرية :

عن علي بن أبي طلحة مولى بني أمية قال حج معاوية بن أبي سفيان وحج معه معاوية بن حديج وكان من أسب الناس لعلي فمر في المدينة في مسجد رسول الله

__________________

(1) ابن عساكر ،تاريخ مدينة دمشق ج 14 ص 75 ، ابن أبي الحديد ،شرح نهج البلاغة ج 18 ص 417.

(2) ابن عساكر ،تاريخ مدينة دمشق ج 14 ص 76.

١٦٦

صلى‌الله‌عليه‌وسلم والحسن بن علي جالس في نفر من أصحابه فقيل له هذا معاوية بن حديج الساب لعليرضي‌الله‌عنه فقال علي بالرجل فأتاه الرسول فقال أجب قال من قال الحسن بن علي يدعوك فأتاه فسلم عليه فقال له الحسن بن عليرضي‌الله‌عنه أنت معاوية بن حديج قال نعم فرد عليه ثلاثا فقال له الحسن الساب لعلي فكأنه استحيى فقال له الحسنرضي‌الله‌عنه أم والله إذا وردت عليه الحوض وما أراك ان ترده لتجدنه مشمر الإزار على ساق يذود المنافقين ذود غريبة الإبل قول الصادق المصدوقصلى‌الله‌عليه‌وسلم وقد خاب من افترى.(1)

وروى ابن عساكر عن عبد الرزاق ، قال : قال لي عبد الله بن مصعب :

كان رجل عندنا قد انقطع في العبادة ، فإذا ذكر عبد الله بن الزبير بكى ، وإذا ذكر عليا نال منه!

قال : فقلت : ثكلتك أمك لروحة من علي أو غدوة منه في سبيل الله خير من عمر عبد الله بن الزبير حتى مات.

وعن عبد الله بن عروة أخبره قال : رأيت عبد الله بن الزبير قعد إلى الحسن بن علي في غداة من الشتاء باردة ، قال : فوالله ما قام حتى تفسخ جبينه عرقا!. قال : فغاظني ذلك فقمت إليه فقلت : يا عم. قال : ما تشاء؟ قلت : رأيتك قعدت إلى الحسن بن علي فما قمت من عنده حتى تفسخ جبينك عرقا! قال : ابن أخي انه ابن فاطمة لا والله ما قامت النساء عن مثله.(2)

وقيل للحسن : فيك عظمة ، فقالعليه‌السلام : بل فيَّ عزة قال الله : «ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين(3) ».

وقال معاوية لعبد الله بن الزبير سنة 44 حين زار المدينة الا ترى الحسن زارني مرة واحدة قال ان مع الحسن مائة ألف سيف لو شاء ضربك بها.

__________________

(1) الطبراني ،المعجم الكبير ج 3 ص 91 ـ 92 حدثنا علي بن إسحاق الوزير الأصبهاني ثنا إسماعيل بن موسى السدوسي ثنا سعيد بن خيثم الهلالي عن الوليد بن يسار الهمداني عن علي بن أبي طلحة مولى بني أمية.

(2) ابن عساكر ،تاريخ مدينة دمشق ج 14 ص 69 ـ 70.

(3) المجلسي ،بحار الانوار ج 43 ص 251.

١٦٧

قال محمد بن إسحاق : ما بلغ احد من الشرف بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما بلغ الحسن بن علي. كان يبسط له على باب داره فإذا خرج وجلس انقطع الطريق فما يمر احد من خلق الله الا جلس إجلالا له فاذا علم قام ودخل بيته فيمر الناس. ونزل عن راحلته في طريق مكة فمشى فما من خلق الله احد الا نزل ومشى حتى سعد بن أبي وقاص فقد نزل ومشى إلى جنبه.(1)

وقال مدرك بن زياد لابن عباس وقد امسك للحسن والحسين بالركاب وسوى عليهما ثيابهما (انت اسن منهما تمسك لهما بالركاب؟ فقال يا لكع وما تدري من هذان؟ هذان ابنا رسول الله اوليس مما انعم الله علي بن ان امسك لهما واسوي عليهما!(2)

قال واصل بن عطاء : كان الحسن بن علي عليه سيماء الأنبياء وبهاء الملوك.(3)

تعليمهعليه‌السلام :

روى الكليني عن عليبن محمد بن بندار ، عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر ، عن عبد الله بن حماد ، عن أبي مريم الأنصاري ، عن أبي برزة الأسلمي قال : ولد للحسن بن عليعليهما‌السلام مولود فأتته قريش فقالوا : يهنئك الفارس ، فقال : وما هذا من الكلام؟ قولوا : شكرت الواهب ، وبورك لك في الموهوب ، وبلغ الله به أشده ، ورزقك بره.(4)

وروى ايضا عن البرقي ، عن بكر بن صالح ، عمن ذكره ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : هنا رجل رجلا أصاب ابنا ، فقال : يهنئك الفارس ، فقال الحسنعليه‌السلام له : ما علمك يكون فارسا أو راجلا؟ قال : جعلت فداك فما أقول؟ قال : تقول : شكرت الواهب ، وبورك لك في الموهوب ، وبلغ أشده ، ورزقك بره.(5)

__________________

(1) المجلسي ،بحار الانوار ج 43 ص 254 نقل عن المناقب.

(2) المجلسي ،بحار الانوار ج 43 ص 237 ، الخطيب البغدادي ،تاريخ بغداد ج 14 ص 155 ، ابن عساكرتاريخ مدينة دمشق ج 14 ص 68.

(3) المجلسي ،بحار الانوار ج 43 ص 251.

(4) الكليني ،الكافي ج 6 ص 19.

(5) الكليني ،الكافي ج 6 ص 19.

١٦٨

وروى عن محمد بن الحسن وعلي بن محمد بن بندار ، عن إبراهيم بن إسحاق عن عبد الرحمن بن حماد ، عن أبي مريم الأنصاري رفعه قال : إن الحسن بن عليعليهما‌السلام خرج من الحمام فلقيه إنسان فقال : طاب استحمامك ، فقال : يا لكع وما تصنع بالاست ههنا؟ فقال : طاب حميمك ، فقال : أما تعلم أن الحميم العرق؟ قال : طاب حمامك : فقال : وإذا طاب حمامي فأي شيء لي؟

قال : طهر ما طاب منك ، وطاب ما طهر منك.(1)

حسن خلقهعليه‌السلام :

عن ابن عون عن عمير بن إسحاق قال ما تكلم عندي أحد كان احب إلي إذا تكلم ان لا يسكت من الحسن بن علي وما سمعت منه كلمة فحش قط إلا مرو فإنه كان بين حسين بن علي وعمرو بن عثمان بن عفان خصومة في ارض فعرض حسين أمرا لهم لم يرضه عمرو فقال الحسن فليس له عندنا إلا ما رغم انفه قال فهذا اشد كلمة فحش سمعتها منه قط.(2)

روى ابن سعد قال : جلس رجل إلى الحسن بن علي فقال انك جلست إلينا على حين قيام منا أفتأذن :(3)

__________________

(1) الكليني ،الكافي ج 6 ص 515. بيان : قال الفيروزآبادي : استحم اغتسل بالماء الحار ، وبالماء البارد ضد وقال : ولا يقال «طاب حمامك» وإنما يقال : طابت حِمَّتك بالكسر أي حميمك أي طاب عرقك. انتهى. ولعلهعليه‌السلام قال : ما تصنع بالاست ، على وجه المطايبة لكون الاست موضوعا لأمر قبيح ، وإن لم يكن مقصودا ههنا تنبيها له على أنه لا بد أن يرجع في تلك الأمور إلى المعصوم ، ولا يخترعوا بآرائهم ، ويحتمل أن يكون المراد أن الألف والسين والتاء الموضوعة للطلب غير مناسب في المقام فيكون إشارة إلى أن الاستحمام بمعنى الاغتسال لغة غير فصيحة (بحار الانوار ج 44 ص 341).

(2) ابن عساكر ،تاريخ مدينة دمشق ، ج 14 ص 80 ، ابن سعد ،الطبقات الكبرى القسم الناقص ج 1 ص 279 ، المزي ،تهذيب الكمال ج 2 ص 591 ، الزبير بن بكار ،جمهرة نسب قريش وأخبارها ، ص 24.

(3) ابن سعد ،الطبقات الكبرى ، القسم الناقص ج 1 ص 281 ، ابن أبي شيبة ،المصنف ج 5 ص 243 ، السيوطي ،تاريخ الخلفاء ج 1 ص 225.

١٦٩

طرف من كلماتهعليه‌السلام :

قالعليه‌السلام : ما تشاور قوم إلا هدوا إلى رشدهم.

وقالعليه‌السلام : اللؤم أن لا تشكر النعمة.

وقالعليه‌السلام : لبعض ولده : يا بني لا تواخ أحدا حتى تعرف موارده ومصادره فإذا استنبطت الخبرة ورضيت العشرة فآخه على إقالة العثرة والمواساة في العسرة.

وقالعليه‌السلام : ما أعرف أحدا إلا وهو أحمق فيما بينه وبين ربه.

وقالعليه‌السلام : من أدام الاختلاف إلى المسجد أصاب أحدى ثمان : آية محكمة وأخا مستفادا وعلما مستطرفا ورحمة منتظرة وكلمة تدله على الهدى أو ترده عن ردى وترك الذنوب حياء أو خشية.

ورزق غلاما فأتته قريش تهنيه فقالوا : يهنيك الفارس ، فقالعليه‌السلام أي شيء هذا القول؟ ولعله يكون راجلا ، فقال له جابر : كيف نقول يا ابن رسول الله؟ فقال :عليه‌السلام : إذا ولد لاحدكم غلام فأتيتموه فقولوا له : شكرت الواهب وبورك لك في الموهوب ، بلغ الله به أشُدَّه ورزقك بِرَّه.

وقالعليه‌السلام : إن أبصر الأبصار ما نفذ في الخير مذهبه ، وأسمع الأسماع ما وعى التذكير وانتفع به.

قالعليه‌السلام : إن من طلب العبادة تزكى لها. إذا أضرت النوافل بالفريضة فارفضوها.

وقالعليه‌السلام : اتقوا الله عباد الله وجدوا في الطلب وتجاه الهرب ، وبادروا العمل قبل مقطعات النقمات وهادم اللذات فإن الدنيا لا يدوم نعيمها ولا تؤمن فجيعها ولا تتوقى في مساويها ، غرور حائل ، وسناد مائل ، فاتعظوا عباد الله بالعبر ، واعتبروا بالأثر ، وازدجروا بالنعيم. وانتفعوا بالمواعظ ، فكفى بالله معتصما ونصيرا وكفى بالكتاب حجيجا وخصيما وكفى بالجنة ثوابا وكفى بالنار عقابا ووبالا.

وقالعليه‌السلام : إذا لقي أحدكم أخاه فليقبل موضع النور من جبهته.

ومرَّعليه‌السلام في يوم فطر بقوم يلعبون ويضحكون فوقف على رؤوسهم فقال : إن الله جعل شهر رمضان مضمارا لخلقه(1) فيستبقون فيه بطاعته إلى مرضاته فسبق قوم ففازوا

__________________

(1) المضمار : المدة والأيام التي تضمر فيها للسباق. وموضع السباق.

١٧٠

وقصر آخرون فخابوا. فالعجب كل العجب من ضاحك لاعب في اليوم الذي يثاب فيه المحسنون ويخسر فيه المبطلون وأيم الله لو كشف الغطاء لعلموا أن المحسن مشغول بإحسانه والمسيء مشغول بإساءته ، ثم مضى.(1)

قال أبو بكر محمد بن كيسان الأصم : قال الحسن ذات يوم لأصحابه : إني أخبركم عن أخ لي كان من أعظم الناس في عيني ، وكان عظيم ما عظمه في عيني صغر الدنيا في عينه ، كان خارجا عن سلطان بطنه فلا يشتهي ما لا يجد ، ولا يكثر إذا وجد ، وكان خارجا عن سلطان فرجه ، فلا يستخف له عقله ولا رأيه ، وكان خارجا عن سلطان جهله فلا يمد يدا إلا على ثقة المنفعة ، ولا يخطو خطوة إلا لحسنة ، وكان لا يسخط ولا يتبرم ، كان إذا جامع العلماء يكون على أن يسمع أحرص منه على أن يتكلم ، وكان إذا غلب على الكلام لم يغلب على الصمت ، كان أكثر دهره صامتا ، فإذا قال يذر القائلين ، وكان لا يشارك في دعوى ، ولا يدخل في مراء ، ولا يدلى بحجة ، حتى يرى قاضيا يقول ما لا يفعل ، ويفعل ما لا يقول ، تفضلا وتكرما ، كان لا يغفل عن إخوانه ، ولا يستخص بشيء دونهم. كان لا يكرم أحدا فيما يقع العذر بمثله ، كان إذا ابتدأه أمر ان لا يرى أيهما أقرب إلى الحق نظر فيما هو أقرب إلى هواه فخالفه. رواه ابن عساكر والخطيب.

وقال أبو الفرج المعافى بن زكريا الحريري : ثنا بدر بن الهيثم الحضرميّ ثنا علي بن المنذر الطريفي ثنا عثمان ابن سعيد الدارميّ ثنا محمد بن عبد الله أبو رجاء ـ من أهل تستر ـ ثنا شعبة بن الحجاج الواسطي عن أبي إسحاق الهمدانيّ عن الحارث الأعور أن عليا سأل ابنه ـ يعني الحسن ـ عن أشياء من المروءة ،

فقال : يا بني ما السداد؟ قال : يا أبة السداد دفع المنكر بالمعروف ،

قال : فما الشرف؟ قال : اصطناع العشيرة وحمل الجريرة.

قال : فما المروءة؟ قال : العفاف وإصلاح المرء ماله.

قال : فما الدنيئة؟ قال : النظر في اليسير ومنع الحقير.

__________________

(1) ابن شعبة الحراني ، تحف العقول ، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة 1414 هـ ، ص 167.

١٧١

قال : فما اللوم؟ قال : احتراز المرء نفسه وبذله عرسه.

قال : فما السماحة؟ قال : البذل في العسر واليسر.

قال : فما الشح؟ قال : أن ترى ما في يديك سرفا وما أنفقته تلفا.

قال : فما الإخاء؟ قال : الوفاء في الشدة والرخاء.

قال : فما الجبن؟ قال : الجرأة على الصديق والنكول عن العدو.

قال : فما الغنيمة؟ قال : الرغبة في التقوى والزهادة في الدنيا.

قال : فما الحلم؟ قال : كظم الغيظ وملك النفس.

قال : فما الغنى؟ قال : رضى النفس بما قسم الله لها وإن قلّ ، فإنما الغنى غنى النفس.

قال : فما الفقر؟ قال : شره النفس في كل شيء.

قال : فما المنعة؟ قال : شدة البأس ومقارعة أشد الناس.

قال : فما الذل؟ قال : الفزع عند المصدوقية.

قال : فما الجرأة؟ قال : موافقة الأقران.

قال : فما الكلفة؟ قال : كلامك فيما لا يعنيك.

قال : فما المجد؟ قال : أن تعطى في الغرم وأن تعفو عن الجرم.

قال : فما العقل؟ قال : حفظ القلب كل ما استرعيته.

قال : فما الخرق؟ قال : معاداتك إمامك ورفعك عليه كلامك.

قال : فما الثناء؟ قال : إتيان الجميل وترك القبيح.

قال : فما الحزم؟ قال : طول الأناة ، والرّفق بالولاة ، والاحتراس من الناس بسوء الظن هو الحزم.

قال : فما الشرف؟ قال : موافقة الإخوان ، وحفظ الجيران.

قال : فما السفه؟ قال : اتباع الدناة ، ومصاحبة الغواة.

قال : فما الغفلة؟ قال : تركك المسجد وطاعتك المفسد.

قال : فما الحرمان؟ قال : تركك حظك وقد عرض عليك.

قال ثم قال علي : يا بني سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول :

١٧٢

«لا فقر أشد من الجهل ، ولا مال أفضل من العقل ، ولا وحدة أوحش من العجب ، ولا مظاهرة أوثق من المشاورة ، ولا عقل كالتدبير ، ولا حسب كحسن الخلق ، ولا ورع كالكف ، ولا عبادة كالتفكر ، ولا إيمان كالحياء ، ورأس الإيمان الصبر ، وآفة الحديث الكذب ، وآفة العلم النسيان ، وآفة الحلم السفه ، وآفة العبادة الفترة ، وآفة الطرف الصلف ، وآفة الشجاعة البغي ، وآفة السماحة المن ، وآفة الجمال الخيلاء ، وآفة الحب الفخر» ثم قال علي : يا بني لا تستخفن برجل تراه أبدا ، فان كان أكبر منك فعدّه أباك ، وإن كان مثلك فهو أخوك ، وإن كان أصغر منك فاحسب أنه ابنك. فهذا ما سأل على ابنه عن أشياء من المروءة».(1)

أقول : ورواه المزي ثم قال بعده قال القاضي أبو الفرج المعافى بن زكريا : في هذا الخبر من جوابات الحسن أباه عما سائله عنه من الحكمة وجزيل الفائدة ما ينتفع به من راعاه وحفظه ورعاه ، وعمل به ، وأدب نفسه بالعمل عليه وهذبها بالرجوع إليه ، وتتوفر فائدته بالوقوف عنده ، وفيما رواه في أضعافه أمير المؤمنين ، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم مالا غنى لكل لبيب عليم ، ومدره حكيم عن حفظه وتأمله ، والمسعود من هدي لتقبله ، والمجدود من وفق لامتثاله وتقبله.

قال المزي تابعه أبو عمر خشيش بن أصرم البصري ، عن أحمد بن عبد الله الحبطي. أخبرنا به أبو الحسن ابن البخاري ، قال : أنبأنا أبو سعد ابن الصفار ، قال : أخبرنا أبو عبد الله الفزاري ، قال : أخبرنا أبو عثمان الصابوني ، قال : حدثنا الأستاذ أبو منصور محمد بن عبد الله بن حمشاذ ، قال : حدثنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبيد الله الجرجاني ، قال : حدثنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد المؤمن الجرجاني بجرجان ، قال : أحسب عليكم هذا الحديث بمئة حديث.(2)

المبحث الثاني مراحل حياته عليه‌السلام

ولد الحسن في 15 رمضان من السنة الثالثة من الهجرة وتوفي في صفر أو ربيع الأول

__________________

(1) ابن كثير ،البداية والنهاية ، ج 8 ص 40. ورواه المزي فيتهذيب الكمال .

(2) المزي ،تهذيب الكمال ج 6 ص 241.

١٧٣

سنة 50 هـ ، وقيل سنة 49 هـ وقيل سنة 51 هـ والأول اشهر وقد اخترناه في هذا البحث وبذلك يكون قد عاش 47 سنة تقريبا تفصيلها كما يلي :

سبع سنوات مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

خمس وعشرون سنة عاش مع أبيه عليعليه‌السلام في محنته مع الخلفاء في المدينة.

خمس سنوات مع بيعة أبيه في حكمه.

سبعة شهور نم بيعته حاكما.

عشر سنوات في عهد صلحه (سنوات مرجعيته الدينية المستقلة عن السلطة).

طفولتهعليه‌السلام مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله سبع سنوات :

ولد الحسن بن عليعليهما‌السلام في المدينة ليلة النصف من رمضان وكان يشبه النبي(1) صلى‌الله‌عليه‌وآله وسأل النبي علياً إن كان قد سماه فقال : ما كنت لأسبقك باسمه يا رسول الله فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : وما كنت لأسبق ربّي باسمه ، فأوحى الله إليه : أنَّ علياً منك بمنزلة هارون من موسى فسمه باسم ابن هارون قال : وما اسم ابن هارون؟ قال : شُبَّر ، قال : لساني عربي ، قال : سمِّه الحسن فسمّاه الحسن.(2)

أخذه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من فور ولادته فأذن في أذنه اليمنى وأقام في أذنه اليسرى ثم عق عنه وحلق رأسه وتصدق بزنة شعره فضة فكان وزن درهما وشيئا وأمر فطلي راسه طيبا وسنت بذلك سنة العقيقة والتصدق بوزن الشعر.

روى ابن عساكر عن شعبة ، قال : سمعت بريد ابن أبي مريم يحدث عن أبي الحوراء قال : قلت للحسن بن علي : ما تذكر من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ؟ قال : أذكر من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم أني أخذت تمرة من تمر الصدقة فجعلتها في في قال : فنزعها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم بلعابها فجعلها في التمر ، فقيل : يا رسول الله ما كان عليك من هذه التمرة لهذا الصبي؟ قال : إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة.(3)

__________________

(1) الطبري ،تاريخ الطبري ج 2 ص 68.

(2) المجلسي ،بحار الانوار ج 43 ص 177.

(3) احمد بن حنبل ،مسند احمد ج 2 ص 345 ، ابن حبان ،صحيح ابن حبان ، تحقيق شعيب الأرنؤوط ،

١٧٤

قال : وكان يقول : دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ، فإن الصدق طمأنينة وإن الكذب ريبة.

قال : وكان يعلمنا هذا الدعاء : اللهم اهدني فيمن هديت ، وعافني فيمن عافيت ، وتولني فيمن توليت ، وبارك لي فيما أعطيت ، وقني شر ما قضيت ، إنك تقضي ولا يقضى عليك ، إنه لا يذل من واليت.(1)

وروى الدولابي قال حدثنا أحمد بن يحيى نا عبد الحميد بن صالح نا أبو شهاب عن مسعر عن أبي مصعب السلمي قال : حدثني ثلاثة رجال منهم : الحسن بن علي : أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يقول : «اللهم أقلني عثرتي واستر عورتي وآمن روعتي واكفني من بغى علي وانصرني ممن ظلمني وأرني ثاري منه».(2)

وروى أيضا حدثنا أبو جعفر ـ أحمد بن يحيى الصوفي نا إسماعيل بن صبيح اليشكري نا صباح بن واقد الأنصاري عن سعد الإسكاف عن عمير بن مأمون عن الحسن بن علي قال : سمعت جدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : من صلى الفجر فجلس في مصلاه إلى طلوع الشمس ستره الله من النار.(3)

وروى أبو نعيم قال : حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ، حدثنا يوسف القاضي ، حدثنا أبو الوليد الطيالسي ، حدثنا مبارك بن فضالة : حدثنا الحسن ، حدثني أبو بكرة قال : كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم يصلي بنا فيجئ الحسن ـ وهو ساجد ـ صبي صغير حتى يصير على ظهره ـ أو رقبته ـ فيرفعه رفعا رفيقا فلما صلى صلاته قالوا : يا رسول الله إنك لتصنع بهذا الصبي شيئا لا تصنعه بأحد؟! فقال : إن هذا ريحانتي وإن ابني هذا سيد وعسى الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين.(4)

__________________

مؤسسة الرسالة 1993 م ، ج 2 ص 39 ، الطبراني ،المعجم الكبير ج 3 ص 76 ، أبو يعلى الموصلي ،مسند أبي يعلى ج 5 ص 167.

(1) ابن عساكر ،تاريخ مدينة دمشق ، ج 14 ص 6.

(2) محمد بن أحمد الدولابي ،الذرية الطاهرة النبوية ، تحقيق سعد المبارك الحسن ، الدار السلفية ـ الكويت 1407 هـ ، ص 118 ـ 119.

(3) محمد بن أحمد الدولابي ،الذرية الطاهرة النبوية ص 119.

(4) أبو نعيم ،حلية الأولياء ج 2 ص 44.

١٧٥

وروى الحاكم في المستدرك : عن عبد الله بن شداد بن الهاد ، عن أبيه قال : خرج علينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم في إحدى صلاتي العشي الظهر أو العصر وهو حامل أحد ابنيه الحسن أو الحسين فتقدم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فوضعه عند قدمه اليمنى فسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم سجدة أطالها ، قال أبي : فرفعت رأسي من بين الناس فإذا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ساجد وإذا الغلام راكب على ظهره فعدت فسجدت فلما انصرف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم قال الناس : يا رسول الله لقد سجدت في صلاتك هذه سجدة ما كنت تسجدها أفشيء أمرت به أو كان يوحى إليك؟ قال : كل ذلك لم يكن إن ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته.(1)

وفي تهذيب الكمال : قد رأيت الحسن بن علي يأتي النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو ساجد فيركب ظهره فما ينزله حتى يكون هو الذي ينزل ، ويأتي وهو راكع فيفرج له بين رجليه حتى يخرج من الجانب الآخر.(2)

روى ابن عساكر بسنده عن نصر بن علي أنا علي بن جعفر بن محمد حدثني أخي موسى بن جعفر عن أبيه جعفر عن أبيه محمد بن علي عن علي بن الحسين عن أبيه عن جده أن النبي أخذ الحسن والحسين فقال من احبني واحب هذين وأباهما وأمهما كان معي في درجتي يوم القيامة. قال ابن عساكر : أخرجه الترمذي عن نصر بن علي.(3)

وروى أيضا بسنده عن سفيان عن زبيد عن شهر بن حوشب عن أم سلمة أن النبي جلل عليا وحسنا وحسينا وفاطمة كساء ، ثم قال : اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي ، اللهم اذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، فقالت أم سلمة قلت يا رسول الله أنا ، وأنا منهم؟ قال انك إلي خير.(4)

وروى عن عطية عن أبي سعيد الخدري عن أم سلمة قالت نزلت هذه الآية في بيتي( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) الأحزاب / 33

__________________

(1) الحاكم النيسابوري ،المستدرك ، ج 3 ص 183.

(2) المزي ،تهذيب الكمال ، ج 2 ص 586.

(3) ابن عساكر ،تاريخ مدينة دمشق ، ج 14 ص 33.

(4) ابن عساكر ،تاريخ مدينة دمشق ، ج 14 ص 34.

١٧٦

قلت : يا رسول الله الست من أهل البيت؟ قال انك إلى خير ، انك من أزواج رسول الله ، قالت : وأهل البيت رسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين.(1)

وروى عن سالم بن أبي الجعد عن قيس بن أبي حازم عن حذيفة بن اليمان قال : بت عند رسول الله ليلة فرأيت شخصا فقال لي النبي هي رأيت قلت نعم ، قال فإن ملكا هبط عليَّ من السماء لم يهبك عليَّ إلا ليلتي هذه فبشرني أن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة. قال الراوي وحدثونا به انه قال وأبوهما خير منهما.(2)

وروى عن أبي إسحاق عن زيد بن ارقم قال أني لعند رسول الله إذ مرَّ علي وفاطمة والحسن والحسين.

فقال رسول الله : أنا حربٌ لمن حاربهم وسلمٌ لمن سالمهم.(3)

وروى عن عبد الرحمن بن أبي ذئاب حدثني عبد الله بن الحارث بن نوفل حدثني أبو سعيد الخدري أن رسول الله دخل على ابنته فاطمة وابناها إلى جانبها وعلي نائم فاستسقى الحسن فأتى رسول الله ناقة لهم تحلب فحلب منها ثم جاء به فنازعه الحسين أن يشرب قبله حتى بكى فقال يشرب أخوك ثم تشرب فقالت فاطمة كأنه آثر عندك منه؟

قال : ما هو بآثر عندي منه وانهما عندي بمزلة واحدة ، وانك وهما وهذا المضطجع معي في مكان واحد يوم القيامة.(4)

احداث سنوات محنة أبيهعليه‌السلام مع الخلفاء (خمس وعشرون سنة) :

قال في ينابيع المودة أخرج الدارقطني : إن الحسن جاء لابي بكررضي‌الله‌عنهما وهو على المنبر ، فقال : انزل عن مجلس أبي وفي رواية عن منبر أبي. فقال : صدقت ، والله إنه لمجلس أبيك. ثم أخذه وأجلسه في حجره وبكى. فقال عليرضي‌الله‌عنه : أما والله ما كان عن رأيي. فقال : صدقت ، والله ما اتهمتك.(5)

__________________

(1) ابن عساكر ،تاريخ مدينة دمشق ، ج 14 ص 42.

(2) ابن عساكر ،تاريخ مدينة دمشق ، ج 14 ص 43.

(3) ابن عساكر ،تاريخ مدينة دمشق ، ج 14 ص 51.

(4) ابن عساكر ،تاريخ مدينة دمشق ، ج 14 ص 56.

(5) القندوزي ،ينابيع المودة ، تحقيق سيد علي جمال أشرف الحسيني ، دار الأسوة للطباعة والنشر 1416 هـ ، ج 2 ص 465.

١٧٧

انسحبت ظلامة أبيه فلم يرع الخلفاء حقه وحق أبيه ، وتبنوا تقديم عبد الله بن عباس في المجتمع.(1)

اما الرواية التي تقول انهعليه‌السلام كان في جيش الفتوح زمن عثمان فهي موضوعة.

احداث سنوات حكم أبيهعليه‌السلام خمس سنوات :

حضر الجمل وصفين والنهروان. ولم يسمح عليعليه‌السلام له ولا لأخيه الحسين ان يشتركا في القتال واثر عنه كلامه فيهما في يوم صفين : أملكوا عني هذين الفقيين ، أخاف أن ينقطع بهما نسل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .(2)

عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : أقبلنا مع الحسن وعمّار بن ياسر من ذي قار(3) حتى نزلنا القادسيّة ، فنزل الحسن وعمّار ونزلنا معهما ، فاحتبى(4) عمّار بحمائل سيفه ، ثمّ جعل يسأل الناس عن أهل الكوفة وعن حالهم قال : فلمّا دخل الحسن وعمّار الكوفة اجتمع إليهما الناس ، فقام الحسن فاستنفر الناس ، فحمد الله وصلّى على رسوله ، ثمّ قال : أيّها الناس! إنّا جئنا ندعوكم إلى الله ، وإلى كتابه ، وسنّة رسوله ، وإلى أفقه من تفقّه من المسلمين ، وأعدل من تُعدّلون ، وأفضل من تُفضّلون ، وأوفى مَن تُبايعون ، من لم يعِبْه القرآن ، ولم تُجَهِّلْه السنّة ، ولم تقعد به السابقة. إلى من قرّبه الله تعالى إلى

__________________

(1)أقول : وقد دفع أمير المؤمنين ابن عباس ابن يساير عمر في رغبته ان يقربه ، وعلمه ماذا يستفيد من هذا التقريب من تصريحات ينتزعها منه في أوقات الانبساط ، روى البخاري بسنده عن يحيى بن سعيد قال سمعت عبيد بن حنين يقول سمعت ابن عباس يقول أردت أن اسأل عمر عن المرأتين اللتين تظاهرتا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فمكثت سنة فلم أجد له موضعا حتى خرجت معه حاجا فلما كنا بظهران ذهب عمر لحاجته فقال أدركني بالوضوء فأدركته بالإداوة فجعلت أسكب عليه ورأيت موضعا فقلت يا أمير المؤمنين من المرأتان اللتان تظاهرتا قال ابن عباس فما أتممت كلامي حتى قال : عائشة وحفصة. فهو ينتظر حالة انشراح عمر سنة كاملة حتى يسال سؤالا قد اعده في ذهنه والسؤال يرتبط بقوله تعالى( إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّـهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّـهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَٰلِكَ ظَهِيرٌ (4)) التحريم / 4.

(2) ابن أبي الحديد ،شرح نهج البلاغة ج 1 ص 184.

(3) ذُوقار : موضع بين الكوفة وواسط ، وهو إلى الكوفة أقرب ، فيه كان «يوم ذي قار» بين الفرس والعرب (تقويم البلدان : 292).

(4) الاحتباء : هو أن يضمّ الإنسان رجليه إلى بطنه بثوب يجمعهما به مع ظهره ، ويشدّه عليها (النهاية : 1 / 335).

١٧٨

رسوله قرابتين : قرابة الدين ، وقرابة الرحم. إلى من سبق الناس إلى كلّ مأثره. إلى من كفى الله به رسوله والناس متخاذلون ، فقرب منه وهم متباعدون ، وصلّى معه وهم مشركون ، وقاتل معه وهم منهزمون ، وبارز معه وهم مُحجِمون ، وصدّقه وهم يُكذّبون. إلى من لم تُردّ له رواية ولا تُكافأ له سابقة ، وهو يسألكم النصر ، ويدعوكم إلى الحقّ ، ويأمركم بالمسير إليه لتوازروه وتنصروه على قوم نكثوا بيعته ، وقتلوا أهل الصلاح من أصحابه ، ومثّلوا بعمّاله ، وانتهبوا بيت ماله ، فاشخصوا إليه رحمكم الله ، فمُروا بالمعروف ، وانهَوا عن المنكر ، واحضروا بما يحضر به الصالحون.(1)

قال أبو مخنف : حدثني جابر بن يزيد ، قال : حدثني تميم بن حذيم الناجي ، قال : قدم علينا الحسن بن عليعليه‌السلام وعمار بن ياسر ، يستنفران الناس إلى عليعليه‌السلام ، ومعهما كتابه ، فلما فرغا من قراءة كتابه ، قام الحسن ـ وهو فتى حدث ، والله اني لأرثي له من حداثة سنه وصعوبة مقامه ـ فرماه الناس بأبصارهم وهم يقولون اللهم سدد منطق ابن بنت نبينا فوضع يده على عمود يتساند إليه ، وكان عليلا من شكوى به ، فقال : الحمد لله العزيز الجبار ، الواحد القهار ، الكبير المتعال ، (سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار). أحمده على حسن البلاء ، وتظاهر النعماء ، وعلى ما أحببنا وكرهنا من شدة ورخاء. واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، أمتن علينا بنبوته ، واختصه برسالته ، وأنزل عليه وحيه ، واصطفاه على جميع خلقه ، وأرسله إلى الإنس والجن ، حين عبدت الأوثان وأطيع الشيطان ، وجحد الرحمن ، فصلى الله عليه وعلى آله وجزاه أفضل ما جزى المسلمين.

أما بعد فإني لا أقول لكم إلا ما تعرفون ، إن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ـ أرشد الله أمره ، وأعز نصره ـ بعثني إليكم يدعوكم إلى الصواب ، وإلى العمل بالكتاب ، والجهاد في سبيل الله ، وإن كان في عاجل ذلك ما تكرهون ، فإن في آجله ما تحبون إن شاء الله. ولقد علمتم أن عليا صلى مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وحده ، وأنه

__________________

(1) شرح نهج البلاغة عن أبي مخنف عن موسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه ج 14 ص 225 ـ 226 ، وقد تقدم الخبر.

١٧٩

يوم صدق به لفي عاشرة من سنه ، ثم شهشد مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله جميع مشاهده. وكان من اجتهاده في مرضاة الله وطاعة رسوله وآثاره الحسنة في الإسلام ما قد بلغكم ، ولم يزل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله راضيا عنه ، حتى غمضه بيده وغسله وحده ، والملائكة أعوانه ، والفضل ابن عمه ينقل إليه الماء ، ثم أدخله حفرته ، وأوصاه وحده ، والملائكة أعوانه ، والفضل ابن عمه ينقل إليه الماء ، ثم أدخله حفرته ، وأوصاه بقضاء دينه وعداته ، وغير ذلك من أموره ، كل ذلك مِنْ مَنِّ الله عليه. ثم والله ما دعا إلى نفسه ، ولقد تداك الناس عليه تداك الإبل الهيم عند ورودها ، فبايعوه طائعين ، ثم نكث منهم ناكثون بلا حدث أحدثه ، ولا خلاف أتاه حسدا له وبغيا عليه. فعليكم عباد الله بتقوى الله وطاعته ، والجد والصبر والاستعانة بالله والخفوف إلى ما دعاكم إليه أمير المؤمنين. عصمنا الله وإياكم بما عصم به أولياءه وأهل طاعته ، وألهمنا وإياكم تقواه ، وأعاننا وإياكم على جهاد أعدائه. واستغفر الله العظيم لي ولكم. ثم مضى إلى الرحبة ، فهيا منزلا لابيه أمير المؤمنين. قال جابر : فقلت لتميم كيف أطاق هذا الغلام ما قد قصصته من كلامه فقال ولما سقط عني من قوله أكثر ، ولقد حفظت بعض ما سمعت.(1)

قال أبو مخنف في كتاب وقعة الجمل : وقال عمرو بن أحيحة يوم الجمل في خطبة الحسن بن عليعليه‌السلام بعد خطبة عبد الله ابن الزبير :

حسن الخير يا شبيه أبيه

قمت فينا مقام خير خطيب

قمت بالخطبة التي صدع الله بها

عن أبيك أهل العيوب

وكشفت القناع فاتضح الأمر

وأصلحت فاسدات القلوب

لست كابن الزبير لجلج في القول

وطاطا عنان فسل مريب

وأبى الله أن يقوم بما قام به

ابن الوصي وابن النجيب

إن شخصا بين النبي ـ لك الخير

وبين الوصي غير مشوب(2)

بيعته وحكومتهعليه‌السلام سبعة اشهر :

بويع الحسنعليه‌السلام على الحكم الإسلامي بعد وفاة ابيهعليه‌السلام في الحادي والعشرين من

__________________

(1) ابن أبي الحديد ،شرح نهج البلاغة ج 14 ص 226.

(2) ابن أبي الحديد ،شرح نهج البلاغة ج 1 ص 136.

١٨٠